السعيد بن سديرة هو عميل جزائري مسخر من طرف الطغمة العسكرية ببلاده لتنفيذ مهمة مزدوجة في الفضاء الافتراضي وفي الشبكات التواصلية: المهمة الأولى هي مهاجمة المغرب والمغاربة عبر "البروباغندا المغرضة"، التي يتوهم عبد المجيد تبون وسعيد شنقريحة أنها سلاح فعال ضمن حروب الجيل الرابع أو الحروب غير النمطية الجديدة. أما المهمة الثانية التي ينهض بها السعيد بن سديرة فتمثل في تنفيذ استراتيجية الوقيعة "wedge strategy" التي يراهن عليها النظام العسكري الجزائري لمنع تكوين تحالفات للمعارضين بالخارج على شبكات التواصل الاجتماعي، وإضعاف هذه التحالفات بعد نشوئها من خلال الوقيعة بين أطرافها، وهذه الإستراتيجية القديمة مستوحاة من نظرية المؤرخ العسكري الصيني "Sun Tzu" الذي يقول فيها "عندما يكون خصومك متحدين، اعمل على تقسيمهم.. واعمل على التفريق بين خصمك الرئيسي وحلفائه.. اجعلهم يشعرون بالشك تجاهه حتى ينفصلوا عنه". ومن يطالع هذه المهمة المزدوجة المسنودة لسعيد بن سديرة يدرك جيدا بأن الرجل يسدي مهمة استخباراتية مكشوفة ومفضوحة، وبوسائل حقيرة تصل حد المتاجرة بزوجته على مذبح الشرف، وفبركة فيديوهات جنسية قديمة، وتسجيل المعارضين الجزائريين والطعن في شرفهم ووطنيتهم، علاوة على مهاجمة رموز المملكة المغربية بقاموس يمتح من قنوات المياه الآسنة. هذا هو السعيد بن سديرة كما يعرفه المغاربة والجزائريين على حد سواء! والمشكل ليس في حقارة هذا الرجل وخيانته، التي تجري بذكرها الركبان، وإنما المشكل الحقيقي هو في ارتباطاته المشبوهة مع بعض المغاربة الذين قرروا أن يشكلوا "مصدرا" لدعايته المغرضة ضد بلدهم المغرب. فالسعيد بن سديرة اعترف في أكثر من مناسبة بتواصله مع وهيبة خرشش، الضابطة الهاربة بالولايات المتحدةالأمريكية، بل أقر صراحة بأنه ينسق معها وأنه على اتصال دائم معها. وهذه الاعترافات تدفعنا للتساؤل عن طبيعة العلاقة التي تجمع بعميل مفضوح للمخابرات العسكرية الجزائرية مع مواطنة مغربية مقيمة بأمريكا؟ فهل هي علاقة تجنيد وعمالة لاستهداف المغرب؟ أم أنها علاقة تسخير مباشر في حملات البروباغندا الممنهجة التي تراهن عليها الجزائر للمساس بصورة المغرب ومؤسساته الوطنية؟ ويبقى المثير للانتباه في هذا الصدد هو أن السعيد بن سديرة لم يكشف عن اعترافاته الصريحة بعلاقته المشبوهة بالشرطية الهاربة وهيبة خرشش إلا في فصل الصيف الماضي! أي في الوقت الذي جمدت فيه المعنية بالأمر قناتها على اليوتيوب وأوقفت مؤقتا عمليات الاستهداف الافتراضي لشخصيات أمنية مغربية. وقد رأى العديد من المتابعين أن هذا الاختيار الزمني لاعترافات السعيد بن سديرة، لم يكن عرضيا أو اعتباطيا وإنما كان مقصودا من طرف المخابرات الجزائرية لإرغام وهيبة خرشش على الوفاء "بالتزاماتها" ومواصلة ممارسة البروباغندا المغرضة ضد مراكز الثقل داخل هرم السلطة المغربية. وبالفعل، فقد تحقق لهم هذا الهدف المنشود من خلال الخرجة الأخيرة لوهيبة خرشش، وإن حاولت هذه الأخيرة أن تلتف عن الحقيقة عندما زعمت بأن موجبات رجوعها لليوتيوب كانت بسبب الرد على تصريحات الشاب أدم الدحماني المعروف باختياراته الجنسية المثلية. وبصرف النظر عن تقاطع والتقائية مشاريع "الخيانة" بين السعيد بن سديرة (العميل الجزائري) وبين كل من يرتمي في براثنه من المغاربة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا بإلحاح: هو من تولى الوساطة بين وهيبة خرشش والسعيد بن سديرة؟ وبتعبير آخر من هي الجهة التي اضطلعت بمهمة التقريب بين عميل جزائري وشرطية مغربية معزولة تحركها خلفيات انتقامية؟ من يعرف وهيبة خرشش جيدا يعلم بأنها كانت مجرد "أداة" في يد النقيب السابق محمد زيان، الذي تكلف بتهريبها من المغرب بطريقة غير شرعية حسب اعترافات اليوتيوبرز أنور الدحماني. وانطلاقا من هذه العلاقة العضوية الثابتة، يخلص رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى الجزم بأن محمد زيان هو الذي قد يكون توسط بين وهيبة خرشش والسعيد بن سديرة، خاصة وأن هذا الأخير كان ينهل كل معلوماته الزائفة من التصريحات التي كان يدلي بها محمد زيان لدنيا فيلالي على مواقع التواصل الاجتماعي. فاتحاد المصالح وتوافق المقاصد بين محمد زيان والسعيد بن سديرة، خصوصا في استهداف المؤسسة الأمنية المغربية، هو الذي يعضد هذا الطرح ويجعل محمد زيان هو المشتبه فيه الرئيسي في دفع وهيبة خرشش للارتماء في أتون السعيد بن سديرة ومن يقف وراءه داخل الاستخبارات الجزائرية. لكن ما يشكل مدعاة للتوجس والارتياب، هو أن يكون السعيد بن سديرة قد وصل بخيوط الخيانة لبعض الأشخاص الذين كانوا يقفون وراء وهيبة خرشش، وكذاك الذين يتشاركون معها في مخطط الدعاية المغرضة على شبكات التواصل الاجتماعي. والمهم بالنسبة لنا كمغاربة، فإن مصدر التوجس الحقيقي لا يأتي ممن يتشاركون مع وهيبة خرشش في مخطط البروباغندا، مثل النصاب زكرياء مومني والإرهابي محمد حاجب والمخادعة دنيا فيلالي وغيرهم، فهؤلاء فضحتهم أفعالهم وكشفتهم أمام العالم، لكن التوجس الحقيقي يتمثل في أولئك الذين يتدثرون بالعتمة داخل المغرب، مثل محمد رضى، والذي ترجح تقارير إعلامية متطابقة أنه هو الذي كان يكتب لوهيبة خرشش موادها البئيسة التي كانت تستهدف بها المغرب والمغاربة.