قال عبد الحميد جماهري مدير نشر جريدة الاتحاد الاشتراكي، إن الأممالمتحدة عبر قرار مجلس الأمن 2654، حشرت الجارة الجزائر في زاوية حادة. وفي عموده ضمن عدد يومي السبت والأحد من جريدة الاتحاد الاشتراكي، بعنوان "الأممالمتحدة تحشر الجزائر في زاوية حادة"، كتب فيه جماهري ما يلي: حشرت الأممالمتحدة عبر قرار مجلس الأمن 2654 الجارة الجزائر في زاوية حادة.. عندما خطت خطوات جديدة باتجاه تحقيق الانتصار الدولي الساحق للحكم الذاتي. أولا: لم يكتف قرار مجلس الأمن، الذي جاء أكثر دقة ووضوحا في لغته، بتسمية الجزائر كطرف في النزاع المفتعل، بل دعاها إلى المساهمة في الوصول إلى الحل السياسي المتوخى، بدون الحديث عن أي أفق آخر للموائد المستديرة. ثانيا: بتكريسه للموائد المستديرة كطريق وحيدة في البحث عن هذا الحل، يجب القول إن مجلس الأمن قد اختار القرار كطريقة في الرد على الجارة الشرقية، بعد أن كانت قد عبرت عن رفضها لمضمون القرار السابق عليه 2602، من حيث إعلان انسحابها من الموائد المستديرة وإعلانها رفض القرار بدعوى انحيازه للمغرب وعدم توازنه، ثم بمباركتها إعلان البوليزاريو عن خروجها من اتفاق إطلاق النار. ثالثا: يعتبر القرار أن كل التحركات المحمومة والعداء المعلن للجزائر ضد المغرب، لم تؤت أكلها، بل نبه القرار إلى خطورة استمرار التصعيد من جهة شرق الجدار، والذي تتحمل الجزائر وصنيعتها البوليساريو مسؤولية الحفاظ على وقف إطلاق النار فيه. رابعا: تم إقبار خيار الاستفتاء، كأفق محتمل للحل، بعد أن حصل شبه إجماع حول مقترح الحكم الذاتي وتحديد مرجعيات القضية في النصوص والقرارات التي بدأت مع سنة 2007، سنة التقدم الرسمي بالمقترح لدى الأممالمتحدة، بل يعدهذا التدقيق ردا على كل النزوعات التي تريد أن تعود بالأممالمتحدة إلى الوراء والتخلي عن التراكم الذي تحقق في القضية. الجزائر خامسا، صارت مطالبة بالتجاوب مع الإرادة الدولية بخصوص وضعية اللاجئين، وأبنائنا وبناتنا في تيندوف. ونحن نذكر بالصراخ الذي اعتمده ممثل الجزائر في الأممالمتحدة على هامش اللجنة الرابعة عندما اعتبر بأن الإحصاء لا يمكن أن يتم إلا بشرط تنظيم الاستفتاء، وهو موقف غريب ولا زمني ومتجاوز، حيث جميع اللاجئين يتم إحصاؤهم بدون شرط مسبق،لا هروب إلى الوراء. واتضحت نية الجزائر في إخفاء المعطيات الديموغرافية والمونوغرافية المتعلقة بالساكنة هناك... المحتجزين اليوم تحت الأضواء في العالم، وهو تحول حقيقي يتجاوز المعطى الحقوقي إلى الحق في الحياة، نظرا لما يتعرضون له. تقرير الأمين العام تحدث عن دراسة قامت بها مفوضية اللاجئين والبرنامج الأممي للأغذية الذي صار يتحدث عن أوضاع جد مأساوية، أفضت إلى التقزم في الولادات الجديدة، وكشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي عن دراسة استقصائية للتغذية وبعثة التقييم المشتركة لعام 2022 عن ارتفاع معدل فقر الدم وسوء التغذية الحاد العالمي والتقزيم بين الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات في المخيمات القريبة من تيندوف.. والأنكى أن هذا الوضع سيزداد تفاقما وليس منظورا أن يتغير نحو الأفضل، وذلك بشهادة أخرى على لسان السيد غوتيريس... فقد عبر باسمه: يساورني القلق إزاء استمرار تدهور الحالة الإنسانية في مخيمات اللاجئين... بل قال إن «الوضع أصبح مقلقا بشكل متزايد مع وجود تهديدات خطيرة قصيرة الأجل». هذا في الوقت الذي تدعو الميليشيات إلى شراء أسلحة جديدة منها الطائرات المسيرة وتستعرض عضلاتها العسكرية وتهدد بتفجير الوضع... القرار الأممي دعا دي ميستورا إلى العمل انطلاقا مما تحقق واستكمال مجهودات سلفه ومنها الموائد المستديرة في جنيف 2028 وجنيف 2019. وبالتالي إصرار الأممالمتحدة على المضي قدما في التوافق السياسي وتحديد المرجعية الجديدة ابتداء من 2007 وتعزيز الحل السياسي دينامية من داخل مجلس الأمن هو إفشال دولي لكل رغبات التأزيم التي تسعى إليها الجارة سواء في شمال إفريقيا أو عبر بعض عواصم العالم... النقطة السادسة تتمثل في تحميل البوليساريو مسؤولية التشويش على الإمداد الآمن المنتظم للمؤن والمعدات للمينورسو في تأدية مهامها. وهو ما يعني استمرار المينورسو في مهامها بعد أن كانت الميلشيات قد أعلنت من جانب واحد إبطالها للاتفاق الذي أبرمته مع الأممالمتحدة في 1991، وظنت أنها يمكن أن تحدد مهام المينورسو وسقف عملها وطبيعته، وهو أمر أكدت الأممالمتحدة أنه ليس بيد البوليزاريو ولا الجزائر. الزاوية الحادة تبينت أيضا من خلال التصويت، فقد كانت الجزائر تعول على العلاقات الاستراتيجية الجديدة مع فرنسا وتحولاتها في شمال إفريقيا لكي تجني موقفا داخل مجلس الأمن، والحال أن فرنسا بقيت على موقفها وإن لم تقم بتفسير التصويت كما العادة، ونفس الشيء بالنسبة لروسيا التي حافظت على موقفها السابق بعدم التصويت، وهو موقف موجه ضد حاملة القلم أكثر من المغرب.. وخلاصة القول إن الجزائر بين خيارين: إما الامتثال للإرادة الدولية أو مواصلة سياسة لي الذراع ورهان القوة، بدون مقومات لذلك، لا ديبلوماسيا ولا إنسانيا ولا قانونيا. من جهة المغرب، القرار خطوة أخرى إضافية جديدة نحو المزيد من الدعم الدولي للحكم الذاتي، والالتفاف حوله بعد تسجيل 90 مساندة رسمية واضحة وقوية له، وفتح 30 قنصلية في العيون والداخلة، وأزيد من 85 ٪ من دول العالم لا تعترف بالكيان الوهمي.. كما هو خطوة لتدقيق طبيعة النزاع بما هو نزاع إقليمي مفتعل يوجد قرار الحل فيه بيد الجزائر وليس صنيعتها..