يعتبر سوق السمك بالجملة ببني ملال من المشاريع الملكية التي قوبلت بجيوب مقاومة للحد من نشاطاتها وأدوارها الكبرى في حماية مستهلكي الأسماك والحفاظ على جودتها طبقا لمعايير السلامة الصحية، كما يهدف المشروع إلى إحداث فرص عمل مهمة على مستويات عدة، إضافة إلى ضمان تسويق الأسماك سواء الطازجة أو المجمدة في ظروف ممتازة. وكذا الرفع من المعدل الضعيف في نسبة استهلاك الأسماك والذي لا يتعدى ك كيلو غرام للفرد بجهة بني ملال-خنيفرة، مقابل 16 كيلوغرام للفرد كمعدل وطني، كما اعتبر المشروع كذلك قيمة اقتصادية مضافة بالجهة، ومع توالي السنوات ومنذ 2014 حينها حظي المشروع بإعطاء انطلاقة من طرف ملك البلاد، أثناء زيارة جلالته للجهة، حيث واجه المشروع صعوبات كبيرة، كان أهمها تحالف لوبي إنتفاعي، لا هم له سوى ما يجنيه من أرباح حد الثراء الفاحش، وبالتالي سعوا بكل الوسائل إلى تجميد مهام ومبادئ تأسيس المشروع، وخرقهم السافر واليومي للمقتضيات القانونية المنظمة لكافة عمليات الصيد والبيع بالمنشأ أو التسويق بكل أصنافه، وأمام تنامي هذه الظاهرة، وإلحاق شبه شلل تام لمشروع سوق السمك بالجملة، وتقليص أدواره في أحيان عدة إلى درجة الصفر، فقد تمت تعبئة قوية للفاعلين بتوجيه وإشراف ومواكبة من والي جهة بني ملال-خنيفرة لمواجهة تجارة الأسماك المهربة في المدينة، والتي تتم أغلبها في أماكن معتمة وهامشية تحت جنح الظلام، ولم تكن إرادة والي الجهة وحدها كافية لوقف النزيف، فقد كان صارما في التأكيد على انخراط كل الأطراف المعنية بالمصلحة الفضلى للمواطن وللقانون المنظم، والاحتكام إليه وتنزيله على أرض الواقع كل من موقع مسؤولياته. وفي هذا السياق فقد انعقد يوم الأربعاء 25 ماي 2022 بقاعة الاجتماعات بباشوية مدينة بني ملال، لقاء موسع حول تفشي ظاهرة البيع خارج المسلك القانوني وعدم احترام تجار السمك بالجملة لمقتضيات الاجتماعات السابقة. وذلك بطلب من إدارة سوق السمك بالجملة بالمدينة وبتوجيهات من والي جهة بني ملالخنيفرة، إذ هناك طموحات كبيرة تحدوا مختلف الفاعلين لإعادة الإعتبار لسوق الجملة، وجعله مركز جهويا في تزويد الجهة بالمنتوجات البحرية. وتمخض عن هذا اللقاء الذي ترأسه باشا المدينة بحضور عدد من المتدخلين، مجموعة من التوجيهات والقرارات منها الإلتزام باحترام عملية التسويق من الساعة الرابعة صباحا حتى الساعة السابعة صباحا بدل الثامنةالتي كانت في وقت سابق، مع التشديد على ملئ والتوقيع على الالتزام المقرر في المادة 52 من النظام الداخلي ( الكميات الغير المباعة). حيث أن هذه الأسماك التي تغادر سوق السمك، يجب أن تباع خارج نفوذ المدينة . وهي خطوة تروم إفراد سوق الجملة كمصدر للتوزيع وتزويد المدينة بالمنتوجات البحرية ، للقطع مع الأسواق الهامشية، التي ظلت تشكل عائقا أمام تطور السوق . كما شدد اللقاء على إلزامية المراقبة البيطرية القبلية، قبل الولوج إلى الأسواق الأسبوعية. وتفعيل المراقبة بالسدود الأمنية. حيث تم التأكيد خلال اللقاء على ضرورة مواكبة المصالح الأمنية والدركية للمجهودات التي تبدل في هذا الصدد عبر تشديد المراقبة بالسدود الأمنية. فيما تمت المطالبة بضرورة التعجيل بتنزيل دفتر التحملات الخاص بتجارة السمك بالتقسيط بالمدينة. ويأتي هذا الإجتماع أياما بعد مصادقة المجلس الجماعي لمدينة بني ملال خلال دورته العادية لشهر ماي الجاري، على إتخاذ مقرر جماعي يقضي بتحديد اللائحة المرجعية لأسعار السمك الأبيض والسطحي بسوق الجملة للسمك بالمدينة، وذلك تماشيا مع توصيات اللجنة الاستشارية لتسير سوق السمك بالجملة، كما تم التصويت على دفتر تحملات يخض المحلات المستغلة لبيع السمك الطري بالتقسيط. وتسود حالة من التعبئة على مستوى مختلف دواليب القرار بالمدينة ، لإعادة الإعتبار لسوق السمك بالجملة، في أفق إعادة هيكلة وتنظيم هذا القطاع بمدينة تتوفر على سوق واعد. حيث الرهان على الحد من الفوضى التي تشهدها تجارة السمك. وتكريس احترام معايير السلامة الصحية والجودة في هذه التجارة. وذلك بما يضمن تزويد ساكنة بني ملال بمنتوج سمكي دو جودة عالية وعبر مسالك قانونية وبأثمنة مقبولة. وبالرغم من كل هذه المجهودات، والتداولات والإقتراحات، والمقررات الداعمة لتطبيق القانون، يظل السؤال الجوهري والمركزي الذي لم تتم الإجابة عليه بل حتى ملامسة أطراف الجواب عليه، وهو لماذا لم يتم إعتماد السلطات الأمنية والقضائية المقاربة الزجرية طبقا للقانون، إسوة بالعديد من المدن المغربية والتي وضعت بذلك حدا لكل الخروقات القانونية وذرائعها، والتستر من وراء مبررات مفتعلة وواهية والهادفة إلى إبقاء الحالة على ما هي عليه، وتحقيق أهداف إنتفاعية وذاتية دون مراعاة للقانون ولصحة المواطنين. ومن الأسئلة الحارقة كذلك في مجال حماية المستهلك هو لماذا لم يتم تسجيل ولو حالة واحدة للعديد من المخالفات والتجاوزات للقانون التي تقع يوميا، سيما شاحنات الأسماك التي تعبر السدود القضائية أو تلك التي تجد لها مستقرا بالمدينة وتركن بأحياء ومناطق معلومة، وهو ما يعتبر خرقا صارخا وسافرا لقانون حرية الأسعار والمنافسة، وكذا القانون 12/15 المتعلق بالصيد الغير القانوني والغير المنظم والغير المصرح به، وكذلك تنزيلا للقانون 14/08 والمتعلق بتجارة السمك بالجملة والمرتبطة بحصول التاجر على إعتماد خاص (رخصة بيع) من طرف الجهات المختصة. وهو ما يضمنه كذلك الاحترام المفروض قانونا للسمك القانوني للتوزيع والبيع، والذي لا يتحقق سوى بخضوع المنتوج للمراقبة البيطرية والتي يقوم بها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وهو الأمر الذي يعتبر مدخلا أساسيا، لإخضاع جميع عمليات تجارة الأسماك للقانون وبالتالي حماية المستهلك. وحسب والي الجهة، فإن تحقيق هذا الورش التجاري، لا يمكن أن يصل إلى الأهداف المرجوة وإعطائه آفاق أرحب، دون تعبئة جماعية وشاملة لكل الأطراف. وفي هذا الصدد فإن ذلك يتوقف بالأساس على من عاتقه مسؤولية تطبيق القانون خاصة السلطات الأمنية وبتنسيق مع السلطات القضائية المختصة، مع ضرورة تفعيل دور المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بشكل دائم ومستمر، وتفعيل دورالشرطة الإدارية، وكذا إحداث خط أخضر للإبلاغ عن الخروقات والتجاوزات التي تقع وضبطها في حالة تلبس قصوى.