ما إن يدخل المال الفاسد الى مجال الا أفسده ولما دخل للإنتخابات قفز بسعر الصوت الانتخابي في "بورصة شراء الذمم" فأصبحت هذه الظاهرة واضحة وجلية، لا يمكن حجبها وإنكارها والكثير من الناس من يدافع عنها ويعتبرها فرصة لكسب دريهمات تعينه على الزمن ناسيا أنه بذلك أنه يسلم مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة لشرذمة فاسدة مستعدة لبيع الوطن بكامله من اجل الإغتناء وتحقيق مصالحها الخاصة . إن عملية شراء الاصوات ما هي إلا عملية لشراء كرامة المواطن وتغييب إرادته ومصادرة رأيه مقابل مال أو منصب يحصل عليه المغيب رأيه وإرادته في المستقبل . مادام هناك من يشتري، فهناك من سيبيع ما لم تتوحد الجهود في توعية الناس لمحاربة هاته الظاهرة . يجب اعتماد وسائل التثقيف والضرب بيد من حديد على كل من يثبت تورطه في البيع والشراء مع إستعمال كل الوسائل التقنية للرصد والمراقبة . والعملية الانتخابية التي تشوبها تشوهات وسلبيات كبيرة هي عملية انتخابية فاشلة،ستؤدي بالضرورة الى ديمقراطية مشوهة جينيا . إن السياسي المثقف لا يحتاج للمال ليشتري الاصوات،فالصدق والثقافة والاخلاق والنزاهة مقومات تجعله يخوض معترك السياسة دون حاجة للمال ... ومسؤوليته تتجلى في تنمية الوعي الديمقراطي . لذا لن يتم القضاء على ظاهرة شراء الاصوات،ما لم يتم توعية الناخب بحرمة بيع صوته من أجل مقابل مادي من جهة، وما لم تستيقظ وسائل الاعلام من سباتها لتكشف عن هذه الجريمة اللا أخلاقية من جهة أخرى، لكن السؤال من يتحمل مسؤولية إستعمال المال الفاسد : الأحزاب التي لا تراقب مرشحيها ولا تعمل على تكوينهم ويهمها فقط حصد النجاح وبالتالي تكوين طبقة سياسية فاسدة . أم أن الوعي السياسي للناخبين غير كاف وهو ما يجعلهم عرضة لأخد المال الفاسد . أم الدولة التي تغمض عينيها وتترك المال الفاسد يحصد الأخضر واليابس أم إنزواء المثقفين و تركهم للمجال السياسي للأعيان أم كل هذه العوامل تكاملت في ما بينها فأنتجت واقعا سياسيا بئيسا .