تعاون أمني بين المغرب وإسبانيا يطيح بإرهابي موال ل"داعش"    بايتاس: متوسط التساقطات المطرية بلغ 113,9 ميلمتر إلى حدود 19 مارس    المغرب يعزز مكانته كمركز جوي عالمي: انطلاق أشغال محطة جديدة بمطار محمد الخامس    وزارة الصناعة والتجارة تكشف مستجدات مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية بأصيلة    لليوم الثاني على التوالي.. احتجاجات حاشدة في تركيا ضد ديكتاتورية أردوغان (فيديوهات)    ترامب يوقع على قرار لإغلاق وزارة التعليم    اليابان أول منتخب يتأهل إلى كأس العالم 2026    نقابة المهن الموسيقية تمنع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    أمن الرباط يوقف سائق سيارة دبلوماسية لوّح بمسدس بلاستيكي في وجه سائق طاكسي    المغرب يدين بأشد العبارات خرق وقف إطلاق النار وتجدد الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة    إسرائيل توسع العملية البرية في غزة    السياسة الخارجية الجزائرية: بين تناقض المواقف وضغوط المصالح    4 ملاعب مغربية تحتضن "كان U17"    هذه تفاصيل أشغال مجلس الحكومة    أرباح "سنلام" 418 مليون درهم    عمرو خالد: هذه شفاعات كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم تنجي من أهوال يوم القيامة    وزان .. حجز 94 ألفا و728 قرصا مخدرا وثلاثة كلغ من الكوكايين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بحرية سبتة تنتشل جثة في مرحلة متقدمة من التحلل    رئيس الحكومة يترأس مراسم التوقيع على اتفاقية استثمارية مع المجموعة الصينية "صنرايز" الرائدة في صناعة النسيج    مجلس الحكومة يصادق على مرسوم يتعلق بمدونة السير    مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي .. المغرب يدعو إلى ذكاء اصطناعي إفريقي أخلاقي وسيادي    سجن عكاشة يرد على ادعاءات سجين سابق    العتاد المتهالك للجيش الجزائري يستمر في حصد الأرواح بعد تحطم طائرة سوخوي    المحكمة الإدارية بالرباط تعزل رئيس مقاطعة حسان إدريس الرازي    الفيدرالية المغربية للإعلام والمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز يناديان بإيقاف نزيف الانتحال والرذاءة واللامهنية في الصحافة    المغرب يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    بوعلام صنصال يواجه 10 سنوات سجنا    القسام تقصف تل أبيب برشقة صاروخية    أساتذة "الزنزانة 10" يهددون بالرباط بإضراب مفتوح بسبب ملف الترقية    فنلندا أسعد دولة في العالم للمرة الثامنة على التوالي    تأجيل محاكمة مبديع إلى أبريل المقبل    مستجدات محاكمة كريمين والبدراوي    أخبار الساحة    سؤال الجمال    الراضي وهبة محمود تضعان خارطة الطريق للتعاون الثقافي المغربي – المصري    المغرب يمنع رسميا ذبح إناث الأغنام والماعز حتى نهاية مارس 2026    دراسة: محبي السهر أكثر عرضة للتفكير السلبي والاكتئاب    عمر الهلالي يكشف تأثر والديه بعد استدعائه للمنتخب المغربي    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    الأمم المتحدة.. بنيويورك، التنديد بانتهاكات حقوق النساء في مخيمات تندوف    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    توقيف شاب ببيوكرى للاشتباه في تورطه في السياقة الاستعراضية وتعريض مستعملي الطريق للخطر    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    تصفيات مونديال 2026: الصحراوي والطالبي يلتحقان بمران المنتخب عشية مباراة النيجر بعد تعافيهما من الإصابات    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    هذه تدابير مفيدة لجعل المنزل ملائما لمرضى الحساسية    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنطق الفاسد عند أحمد عصيد 1/7
نشر في أزيلال أون لاين يوم 17 - 03 - 2015

لم يدر بخلدي يوما أن أؤلف في مسألة العلمانية والديمقراطية والإسلام، لأن الموضوع أنهك بحثا، ولأن هناك كتابات كثيرة تشفي الغليل، لكن الذي حمسني على أن أقدم على هذا الأمر ندوة.
نعم، كانت ندوة حاضر فيها الأستاذ أحمد عصيد بدمنات، وكانت بعد عصر السبت من واحد وثلاثين خلين من شهر ماي، سنة ألفين وأربعة عشر. وكان موضوعها: "العلمانية وحقوق الإنسان: بين الكوني والوطني". و لقد هالني ما سمعت من نسق حجاجي أقل ما يوصف به: أنه ضعيف الحجة قليل البرهان منعدم الحيلة. ولم يكتف الأستاذ بهذا، بل تعداه إلى اللمز والغمز ووصف الخصوم بالجهال، و اتهمهم بالتلفيق والتضليل واستغلال الدين لتحقيق أهداف شخصية.
لقد كان أكثرَ كلام الأستاذ نتائجُ خاطئة لمقدمات صحيحة، ولقد أوغل في إفساد المنطق، حتى ظننت أنني ما كنت أسمع أحمد عصيد، الذي شغل الناس وملأ القنوات والصحف. ألهذه الدرجة قلَّ متاعك ونضب زادك وغار ماؤك فالتجأتَ إلى التضليل؟
وكي لا أفتري على الأستاذ كذبا ولا أتهمه بهتانا دون بينة، ها أنتم اقرؤوا منطق الأستاذ وتتبعوا حججه الضاحدة. و لا يغرنكم قولي هذا ومقدمتي هذه في تصديق قولي، بل حكموا عقولكم، فإنْ كذب مقالي فارموا به عرض الحائط، وإن صدق فلا يجرمنكم شقاقي أن تقبلوا الحق، فهو أحق أن يُتبع والله المستعان.
يدعي الأستاذ في سؤال له أنه لا توجد دولة تحكم بالشريعة نستطيع أن نقدمها كمثال للتقدم، وتحدى الحاضرين في غطرسة عجيبة بأن يجيبوه. و لقد خلص الأستاذ الكريم من حجته الفاسدة هذه إلى ضرورة ترك الحكم بالدين، و أخذ الأحكام التنظيمية للناس من منتخبات عقولهم، فالأرضي يحكمه الأرضي، والغيبي يحكمه الغيبي، وهذه عين العلمانية. لذلك سألته أثناء مداخلتي: أي عصر تقصد؟ أتريد أمثلة من هذا العصر فقط لأن هذا سيخدم برهانك الفاسد؟ أم تريد أمثلة من تاريخ الإسلام كله؟ وهو ما لن يخدم البتة حجتك.
و لأن الأستاذ لم ينتبه لفخي فقد أجاب بأنه يريد أمثلة من الحاضر، فوقع في الشَّرَك فاتضح الحق. وإن الناظر المدقق ليكتشف في سؤاله فسادا، وكي نجيبه نطرح أيضا السؤال التالي: هل هناك أصلا دولة إسلامية تحكم بالشريعة الإسلامية؟ فإن أجاب كما أجاب: السودان، قلت: أ في الشريعة الإسلامية قانون جنائي فقط، أم أنها قوانين شاملة للمجالات جميعها؟:
فأرني دولة إسلامية واحدة في عصرنا تحكم بالشريعة الإسلامية كاملة؟ أرني دولة إسلامية واحدة تجمع الزكاة وتعطيها للفقراء، وتعطي الفقير ما يحتاجه، ويشعر فيها المرء بأنه يعيش في عدل يُمَكنه من مقاضاة من يشاء ولو كان رأس الدولة، أرني دولة إسلامية واحدة تحرم الربا ولا تتعامل به في مصارفها الوطنية أو في معاملاتها مع المصارف الدولية، أرني دولة إسلامية واحدة تطبق الشريعة الإسلامية في قانون البيوع والرهن والإيجار؛ وكلنا نعرف سلف الله والإحسان الذي نتحايل به على الشرع. ثم أرني دولة إسلامية واحدة تحكم الشريعة الإسلامية في العلاقات الدولية، بل أرني دولة إسلامية واحدة تطبق القانون الجنائي بحذافيره؛ هذا القانون الذي ما فتئتم - معشر العلمانيين - تُشَهرون به وتركبونه حصان طروادة تشويها للشريعة.
أ ئذا اتضح كذبك وعدم قدرتك الإتيان بدولة واحدة تطبق الشريعة الإسلامية في كل ما سبق، فكيف تريد أن تقنعني بأن من الضروري ترك الشريعة لأن تطبيقها جرنا إلى الويلات التي نعيشها؟ أليس المنطق يقول: إن عدم تطبيقها هو الذي جرنا إلى هذا الظلم المحلي حيث التفقير والتهميش، والدولي حيث الاحتقار والاستضعاف من قوى العالم المتغطرسة؟ أليس هذا مدعاة إلى ضرورة العودة إلى تطبيقها لا تركِها؟
لا توجد دولة إسلامية واحدة تحكم بالشريعة الإسلامية الكاملة: لذلك لا حق لك في الاستدلال بهذا البناء الحجاجي، لأن ما تدعيه سببا في فساد وخراب الدول الإسلامية هو أصلا غير موجود. بل إن حججك تفضي كلها إلى عكس ما تريده، وتدعو كلها إلى نتيجة نقيضة لما توصل إليه عقلك المبدع، ألا وهي: ضرورة العودة للحكم بالشريعة الإسلامية.
و اقرأ ابن خلدون في مقدمته، بلِ اقرأ فهرس مقدمته فقط، ثم أخبرني بعنوان واحد فيه: أن خراب الدول بتحكيم الشريعة. و في انتظار ذلك سأقرأ لك أيها الأستاذ الفاضل بعض العناوين من المقدمة، وانظر إن كانت تخدم ادعاءك أم تبطله:
( فهرس مقدمة ابن خلدون، ص 785)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.