أولا وقبل كل شيء ، أطلب منك النزول من برجك العاجي حتى أضمن تفهمك واستيعابك لما سأكتبه. لا داعي لأن أبوح لك بهويتي.يكفي أني أعرفك حق المعرفة،وان هدفي تصحيح بعض الاوضاع. إنك ياسيدي أستاذ/معلم سابقا،و طالما اشتكيت من جبروت المفتش، فهل نسيت؟ نعم نسيت، ما دمت تعيد نفس التصرفات والتي سأقوم بسرد بعضها: ألا تسكن بعيدا عن مقر عملك بمئات الكيلومترات،ولا تزور المؤسسات المشكلة لمنطقتك التربوية إلا لماما. وربما تنقضي السنة الدراسية ولا تعرف حتى الممرات المؤدية إلى هذه المؤسسات وكذلك الاساتذة العاملين بها؟ إن زياراتك لهذه المؤسسات مجرد مرور،لم أستطع إيجاد صفة مناسبة له. فكيف يعقل أن تزور أربع مجموعات مدرسية بفرعياتها في زمن قياسي(من التاسعة صباحا إلى الثالثة او الرابعة زوالا) "تطلع" فيه على أعمال مجموعة كبيرة من الاساتذة بطريقة يطلق عليها بعض هؤلاء "الجلبة" تشبيها بعملية تلقيح الاطفال في المستوصفات. بعد هذه الزيارات، ألا توزع التقاريرالتي أنجزتها على باقي أيام الدورة، مستبلدا الأساتذة، متيقنا أن لا أحد منهم سيحتج على هذا الامر ما دامت نقطته امتيازا، ومادام المدير يشهد معك زورا على تاريخ الزيارة. كل هذا لأنك لن تعود إلى هذه النيابة إلا منتصف الدورة الثانية على الاقل. كثيرا ما صرحت أنك لن تقوم بأية زيارة إذا لم توفر لك وسيلة نقل، أي سيارة المصلحة. وإذا افترضنا انها ستوفر لك خلال يومين في الشهر، أستعمل فقط خلال هذين اليومين؟ ,ماذا ستفعل خلال الايام الاخرى؟ ألا تعلم أنك ستبرر ما يروج في الاوساط التعليمية بأنك حصلت على تقاعد مبكر وتمضي جل أوقاتك في المقاهي أو بين المدارس الخصوصية؟ ألهذا تم تكوينك في المركز لمدة ثلاث سنوات بل سنتين؟ ألم تعلم أن هناك من هو في حاجة إليك؟ أتستطيع أن تعامل الاساتذة نفس التعامل، أم تحابي الصديق وابن الجيران رغم ثبوت تقصيرهم وتهاونهم في آداء الواجب؟ للأسف،رغم أنك جد متشدد في تعاملك مع أغلب الاساتذة، إلا أنك تساهلت كثيرا لما وجدت ان الاستاذ موضوع البحث من معارفك بل وتعانقت معه على مرأى السيد المدير والاساتذة. أهكذا يمكن إعادة الامور إلى نصابها خصوصا وأن مثل هذه التصرفات تضع مصداقية الهيئة في الميزان؟ ألا ترفض الجلوس مع الاستاذ في المقهى وتشكل مع بعض زملائك مجموعات/ فئات والأسرة التعليمية تشكو من الانقسام وترفض التفتيت؟ أانت في حاجة إلى أن أذكرك أنك كنت أستاذا/معلما وينبغي أن تبقى كما كنت؟ أأصبت بالغرور وتنكرت لماضيك، أم تخاف من نقاشات تحط من كبريائك؟ لك كامل الحرية في أن تختار من تجالس، ولك الحق في ألا تجالس كل سفيه، أو مقصر متهاون. بل اعلم أن من بين الاساتذة من سيصبح زميلا لك مستقبلا، لذا تواضع لله، فمن تواضع لله رفعه. سمعنا أن زميلا لك ذو سلوكات لا تليق بالمربي والمؤطر،ولا يليق بنا أن نذكرها في هذا المقام. وأنت تعلم علم اليقين أن هذا الاتهام ليس مجانيا ولا مجانبا الصواب و كما يقول المثل:"لا دخان بدون نار". ما الذي وقع إذن؟ هناك من المفتشين من يظن أنه يمكنه استغلال "سلطته" لتحقيق مآرب بعيدة عن كل ما هو تربوي. أيرضيك سيدي أن ينتسب مثل هؤلاء إلى الهيئة التي تنتسب إليها؟ أيرضيك أن يكون بينكم من يسلك سلوكات مشينة تسيء إليه شخصيا ، إلى هيئتكم وإلى كل الفاعلين التربويين بمجرد أن يغير إطاره من استاذ/معلم إلى مفتش. أين ردود فعلك عندما تسمع مثل هذا؟ نسمع أن زميلا آخر لك يظن أن عمله هو التجوال بين مكاتب النيابة متأبطا ملفات مطلبية شخصية وأخرى نقابية. تارة يلج مكتب النائب وتارة أخرى مكتب رئيس مصلحة ونسي أن عمله في الميدان للوقوف على المشاكل التي تتخبط فيها المؤسسات ويحاول إيجاد حلول لها.وكثيرا ما يحقق بعض مآربه نتيجة إصراره وخوف أو حذر الآخر، وحتى لو كان حاضرا في الميدان، فلن يغنيه شيئا لان فاقد الشيء لا يعطيه. أتنكر أن زميلا لك كان يزور مقر عمله ثلاثة أيام فقط في السنة وبتواطؤ تام من بعض المسؤولين في النيابة، والذين ينصحونه بعدم طلب الاستفادة من التقاعد النسبي، ذلك لأنهم يستفيدون من بعض خدماته؟ أيمكنك احتساب أجرته ؟ إنها بعملية بسيطة أكثر من أربعة ملايين سنتيما في اليوم ،نعم أربعون ألف درهم في اليوم،ربما أكبرمن أجرة ميسي، أحد لاعبي كرة القدم المشهورين عالميا . بئس المثل والقدوة وساء ما يعملون. نعلم أن زميلا آخر لك، لكونه مفتشا ، يظن أن سيارة المصلحة ينبغي لها أن تقله من وإلى منزله ولا يبذل جهدا كباقي المفتشين للذهاب إلى النيابة. وعلى السائق المسكين أن يرضخ للأمر نزولا عند رغبة السيد المفتش. وعند وصولك إلى المؤسسات،ليس في أوقات دخول التلاميذ بالطبع، لا يمكنك معرفة من يواظب ومن يتأخر، رغم أن هذا ليس من اختصاصك. وما تصر عليه، هو أن تكون الوثائق معدة إعدادا جيدا لا غير. فهل تمكنت يوما من تقويم مستوى التلاميذ بإعداد أنشطة تقويمية تبين لك مدى استيعابهم لما يقدم لهم؟ أما زميلك الآخر، فكثيرا ما حدثني أنه يتجنب زيارة هذه المؤسسة أو تلك لان فيها فلانا أو فلانا. لماذا؟ لانه يعلم علم اليقين أن هؤلاء لا يقومون بمهمتهم كما يجب. وحتى يتجنب صداع الرأس، يعمل بالمثل القائل "وكم حاجة قضيناها بتركها" وهو يبرر تصرفه هذا بأنه حتى ولو قام بعمله حسب ما يمليه عليه ضميره والقانون ،فلن يجد عند المسؤولين آذانا مصغية، فهمهم هو أن يسود الهدوء المؤسسات والنيابة ، و شعارهم "ياك الامور هانية والتلاميذ في الاقسام" أما ماذا يفعل التلاميذ وهل يستفيدون فذاك آخر ما سيفكرون فيه. لكن، إذا كان المسؤولون "يسلكون" (فعل سلك بتشديد اللام) فأنت يا سيدي المفتش هو الحارس المفترض لهذه المنظومة؛ وأنت من تعول عليه الأسر المغربية لمراقبة كل الفاعلين التربويين وحتى المسؤولين بمن فيهم الوزير. ولطالما طالبت بالاستقلالية الوظيفية؟ فماذا تعني لك وهل تمارسها في أدنى تجلياتها؟ لماذا لا تمارس سلطتك التربوية وتحاول التغيير ما استطعت؟ أنت تعلم ما يلزمك فعله، وهل يستطيع أحد أن يثنيك عنه. انفض عنك غبار الكسل والخوف وقم بواجبك إرضاء لله وابصم بصمة إيجابية في تاريخ هذه المنظومة. إن المنظومة سيدي المفتش في حاجة إلى من يقيم علاقات إنسانية طيبة مع الأساتذة والمجتمع المدرسي بمختلف عناصره ،إلى من يحترم الآخرين ويتقبل آراءهم،إلى من يوفر أجواء المحبة والمودة داخل الاوساط التعليمية،إلى من يساوي بين جميع من يتعامل معهم،إلى من يقدر على تلمس مشكلات الاساتذة واحتياجاتهم واحترام خصوصياتهم ،و تشجيعهم وتحفيزهم على الإبداع والابتكار ،وعلى مساعدتهم على التواصل مع كل عناصر العملية التعليمية ولاسيما التلاميذ. المنظومة سيدي في حاجة إلى من يتحلى بالأخلاق الرفيعة ليكون قدوة لمن يتعامل معهم، إلى من يتصف بالحرص والمواظبة والإتقان في العمل، وهي كذلك في حاجة إلى من يقول كلمة الحق في الوقت المناسب حتى لو تعلق الامر بأعز الناس لديه، إلى من يقوم الاعوجاجات مهما صعبت ومهما تعددت، إلى من يبادر ويتحدى العوائق مهما كثرت ومن أي مصدر كانت. تحيات غيور على المنظومة التربوية