كثيرا ما أتساءل.. لماذا أكتب؟!... ما الجدوى من باقة كلمات أخطها كل مرة على مذكرتي؟ ما الذي يدفعني إلى البوح بما تسره أعماقي و أكتمه في داخلي؟!..... ثم أرى الغضب يتجلى واضحا في أعين المتلاعبين بالعقول و يهتف: ويحك أيتها الفتاة! مالك و للكتابة؟! لست سوى امرأ' ستنتهي في النهاية إلى بيت رجل قد لا تعرفه فيصبح لها زوجا، لترعى أطفاله، و تغسل ثيابه، و تقبل أقدامه لينقذها من قبضة المجتمع الذي لا يرحم، و يضمن لها معاشا تعول عليه بعد وفاة والديها، اجعلي المطبخ عالمك، و التلفاز أنسك، و الثرثرة التافهة هوايتك، أو كما يقال بالدارجة المغربية: "كولي القوت و تسناي الموت!" دعي الكتابة للرجال و انصرفي لخدمة العيال !.. هذا مطلبهم، و ما أصعبه من مطلب! عذرا أعزائي، سأتحمل نتائج وقاحتي و أرد على كلامكم الذي يعلو و لا يعلى عليه فأقول:"ليس هذا اختياري!" لكل من يخشى دوي قلمي الصامت عندما يداعب مذكرتي، لكل من يخشى رأيا حقا يعلو به صوتي، لكل من يخشى ألمي و أملي و حيرتي، لكل من يهاب صخبي و صمتي.. أهدي هذه الكلمات (للكاتبة: سعاد الصباح): قد كان بوسعي، مثل جميع نساء الأرضِ مغازلةُ المرآة أن أحتسي القهوة في دفء فراشي وأُمارس ثرثرتي في الهاتف دون شعورٍ بالأيّام.. وبالساعاتْ قد كان بوسعي أن أتجمّل.. أن أتكحّل أن أتدلّل.. أن أتحمّص تحت الشمس وأرقُص فوق الموج ككلّ الحوريّاتْ قد كان بوسعي أن أتشكّل بالفيروز، وبالياقوت، وأن أتثنّى كالملكات قد كان بوسعي أن لا أفعل شيئاً أن لا أقرأ شيئاً أن لا أكتب شيئاً أن أتفرّغ للأضواء.. وللأزياء.. وللرّحلاتْ.. قد كان بوسعي أن لا أرفض أن لا أغضب أن لا أصرخ في وجه المأساة قد كان بوسعي، أن أبتلع الدّمع وأن أبتلع القمع وأن أتأقلم مثل جميع المسجونات قد كان بوسعي أن أتجنّب أسئلة التّاريخ وأهرب من تعذيب الذّات قد كان بوسعي أن أتجنّب آهة كلّ المحزونين وصرخة كلّ المسحوقين وثورة آلاف الأمواتْ .. لكنّي خنتُ قوانين الأنثى واخترتُ ..مواجهةَ الكلماتْ خولة العمراني الرباط في 02.04.2013 على الساعة 13:26