بدأت القصة يوم أشرقت فيه الشمس و أضحى الفصل ربيعا. في هذا اليوم أعلنت وسائل الإعلام نقلا عن البيت الأبيض ما لم يسبق أن شاهده إنسان مما حفز بالأمم المتحدة إلى حشد كل طاقاتها و إعلان حالة طوارئ عالمية على سطع الأرض و لأول مرة في تاريخ الكوكب الأزرق لتتناقل مختلف وسائل الإعلام الدولية المرئية منها و السمعية و المكتوبة النبأ كما أعلنت مكبرات الصوت بلغة واحدة أن حورية من حوريات الجنة غادرت الفردوس لتضع قدميها على كوكب الأرض و بما أن الحوريات لا تسكن الا الجنة فقد أثار هذا النبأ الضجة في نفوس البشر و زلزل قلوبهم و شلت حركة الطرقات... أثار الوضع الجديد فوضى عارمة هي الأولى من نوعها ليختلط الحابل بالنابل كان هذا الخبر كالصاعقة هزم الجميع ليهرع بهم تاركين خلفهم أشياءهم فالأشياء في هذه اللحظة التاريخية لا تساوي شيئا أمام عظمة هذه اللحظة التي لن تتكرر أبدا فلم يسبق أن رأى احدهم حورية إنها المرة الأولى و الأخيرة فهرع الجميع للاستمتاع برؤية الحورية سواء مباشرة ممن حالفهم الحظ أو عبر الشاشات العملاقة في الساحات العمومية فالحدث جليل و يستحق كل هذا العناء . اخذ السكان يقتربون متدافعون من الحورية التي تحيط بها هالة من النور بيضاء البشرة شعر حريري متطاير لباس ابيض لم تصنعه يد من قبل و وجنتاها فاكهتين لم يشتهيهما انس و لا جان شفتيها عنقود من المرمر عيناها سماء صافية كل واحد يقدم أثمن ما يملك ليقدمه قربانا لرسول السماء لم يسبق أن اختارت السماء حورية من حوريات الجنة لتكون رسولها على سطح الأرض ليتقدم الحشد الملوك و الأمراء يتبعهم قادة العالم و ما تبقى من سلالة البشر ليقدموا تحت قدمي الحورية نفيس المعادن من ماس و مرجان و ياقوت و من الملوك و الأمراء من رفع من على رأسه تاج الملك ليتحول إلى واحد من الناس ليكون ككل الناس ليقدمه إلى حوريته الساحرة ليغدو الكل في ترقب لما سيأتي فتقدم الجميع فلم يبق الا شاب في ريعان الشباب بجسمه النحيل و شعره الأسود الحريري يتقدم نحو الحورية في صمت بخطوات ثقيلة و في خجل كبير حاملا بيده اليمنى وردة حمراء و بيده اليسرى قلبه الصغير . تأملته الحورية كما تأملت الهدايا و القرابين الملقاة تحت قدميها تأملت الملوك و الأمراء و السفهاء و العابثين كيف غدوا كلابا تستعطف الرضا عادت لتتأمل الشاب الذي يقف مندهشا حائرا عن مكانته بين كل هؤلاء الملوك و الأمراء و أشيائهم عيون الجمهور تكاد تلتهم الحورية و عيني الحورية مستقرة بعيني الشاب و عيني الشاب تتأملان الحورية في صمت و دهشة و هي تقترب منه بخطى بطيئة تتطلع إليه تبتسم تدنو من الشاب الذي شلت حركته و الذي اختطف من نفسه كما اختطف الجميع في حب و حنان و بصوت هادئ كأنه عزف منفرد على آلة الكمان تقول الحورية : أنا اسمي رشيدة و أنت ؟ بصوت خافت : خالد انا اسمي خالد تتناول الحورية الوردة تبتسم تشبك يدها بيده يختفيان لتكتب الحورية النهاية .