تحل علينا ذكرى استشهاد محمد اكرينة يوم24 أبريل و روحه الطاهرة تملأ أرجاء هذاالوطن الذي بكى رحيله وبكى المغاربة معه ،لأنه كان يكافح من أجل هذاالوطن ، من أجل تحريره و من اجل كرامته ،من أجل الكادحين، من أجل المحرومين ، منأجل الشباب و حقه في الحرية و الديمقراطية . لقد كان رحيل محمد اكرينة في ذلكاليوم ، يوم 24 أبريل 1979 ، يوما أسودا بالنسبة لكل المناضلين و المناضلات في الحركة الاتحادية الأصيلة على الصعيدين الوطنيو الخارجي . لقد اهتزت غضبا في ذلك اليوم كما تهتز لكل الشهداء . وارتبك النظام وفقد الصواب حيث لم يجد لفعلته الشنيعة أي جواب.و أصبح دم اكرينة حدا بين النظامو الشباب المغربي المناضل . لماذااغتيل محمد اكرينة ؟ و من كان وراء اغتياله؟ وفي أي سياق تماغتياله ؟ إنها أسئلةنطرحها حتى لا يطغى على جريمة الاغتيال عاملالاختزال أو النسيان كما يريد النظام والذين تكفلوا بإنصاف الضحايا ودويهم و إنصاف الوطن . و سنتناول هذه الجريمة منحيث المداخل التالية: 1 مدخل ربيع 1979 و الأحداث العالمية 2 مدخل ربيع 1979 و الوضع في المغرب 3 مدخل اغتيال محمد اكرينة وربيع سنة 1979 1 كان ربيع سنة 1979 مرحلة تشكل ذروةالحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي سابقا و المعسكرالغربي بقيادة الولاياتالمتحدة الأمريكية.حيث عرف هذا الربيع مجموعة من المتغيرات علىمستوىالخريطة السياسية العالمية. لقد شكل انتصار الثورة الإيرانية علىنظام رضا بهلوي ، شاه إيران في 22 مارس 1979 ، نقطة تحول بالنسبةللسياسة الأمريكية بمنطقة فارس ،بفقدانها حليفا استراتيجيا بالمنطقةو مارافق ذلك من تفاعلات على مستوى العلاقة الأمريكية السوفيتية و قضيةالرهائنالأمريكان من طرف الطلبة الإيرانيين ، الشيءالذي جعل أمريكاتتجه نحو دعم صنيعتها إسرائيل وجعلها تلعب دور الدر كي فيالخليج والشرق الأوسط ، عوض نظام الشاه، وذلك عبر التوقيععلى اتفاقية "كامبديفيد" بينالسادات و بيغن، حماية للكيان الصهيوني، هذه الاتفاقية التيأعادت الكفاح الفلسطيني إلىنقطة الصفر و ضرب الوحدة العربية. وكردفعللدول الرفد ( العراق، سوريا ، الجزائر ، ليبيا و اليمن ) تم نقلالجامعةالعربية من مصر إلى تونس مع تعليق عضوية مصر و مقاطعتها . هذاالوضع أثر على يسار العالمالعربي حيث تحركت آلة قمع كل التظاهراتالمناهضة للاتفاقية على مستوى الدول الحليفةلأمريكا و منها المغرب،مقابل تنشيط آلة التطبيع مع الكيان الصهيوني. ولقد اضطرت أمريكا إلىمراجعة سياستها اتجاه حلفائهابالدعم المادي و لمعنوي و المخبراتي ،وبالمقابل يسبمر الاتحاد السوفيتي في دعم المقومة النيكاراغويانية( نسبةإلى نيكاراغوا) التي تأكدانتصارها في ربيع 1979، مما جعل أمريكا حليفااستراتجيا آخر وهو الدكتاتور "سموزا " بأمريكا الجنوبية. و اتجاه الجيشالسوفيتي إلى أفغانستان لدعمحليفها الرئيس الأفغاني نجيب الله. في خضم هذه التفاعلات يتم توزيع الأدوار بين الدول الحليفة لأمريكا من أجل دعمالمعارضة الأفغانية بالعتاد و المتطوعين تحت ذريعة الجهاد ضد الشيوعية و الإلحاد.و في هذا الاتجاه بادرت السعودية بالمال و العتاد و البشر لدعم معارضة نجيب الله وشكلت جسرا للمتطوعين الموفدين من طرف النظام المغربي و النظام المصري و الأردني. ومن تم بدأ ت سلسلة التضييق على الحريات على مستوى الوطن العربي من المحيط إلى الخليج .وذلكحتى لا تتجدر الأفكار التحررية وسط الشباب ، تلك الأفكار المناهضة للصهيونية وللاستعمار الجديد بقيادة أمريكا. 2 ربيع1979 و الوضع في المغرب تميزت هذهالفترة من سنة 1979 بعدة أحداث أهمها ارتفاع حدة المعارضة للنظام على جميع المستويات.فعلى المستوى السياسي لم يقبل الشعب المغربي من النظام خدمة المطامع الأمريكية في الشرق الوسط و في شمال إفريقيا ،حينماشجع النظام السادات على المضي في اتجاه القبول باتفاقية كامب ديفد، و استقباله للشاه الإيراني المخلوع بعدما لمتقبل استقباله أية دولة . مما ضاعف من حدة الاحتجاجات التي يقودها الطلبة في الجامعات و المعاهد و التلاميذ في المدارس و الثانويات على الصعيد الوطني، و تزايدالمعارضين له بالنسبة لحق الشعب المغربي في الصحراء و جعله في عزلةدبلوماسية في إفريقيا و في أرويا الشرقية و في الوطن العربي ( سوريا ، اليمن ،الجزائر ، ليبيا ، إيران و فلسطين ) . أمام هذا التصعيد يضطر الراحل الحسن الثاني إلى إجراء تعديل حكومي يكون بموجبه المعطيبعبيد وزيرا أولا و إدريس البصري وزيراللداخلية قائلا فيهم لقد وجدت رجلينمهمين لمعالجة الوضع كما عرفت الفترة سلسلة من الإضرابات التي قادتها الكنفدراليةالديمقراطية للشغل في قطاع التعليم و في قطاع الصحة (7مارس 79) توجت بالإضرابالعام الذي كان مسرح الاعتقالات و الطرد والتعذيب و المعروف بأحداث 9 ،10 و 11 أبريل . لقد واجه النظام هذه التطورات .لم يجد النظام المغربي أمام الأوضاع الداخلية وأمام تصاعد الأصوات الديمقراطية و التحررية في الداخل و في الخارج إلا نهج سياسةالقمع و المحاكمات الصورية في صفوف الطلبة و العمالو الأساتذة و رجال الصحة. في هذه الظروف تتم عملية اغتيال محمد اكرينة. و هنا يطرح السؤال لماذا تم اغتيال محمد اكرينة ؟ 3 مدخل اغتيال محمد اكرينة وربيع سنة 1979 تأتي عمليةاغتيال محمد اكرينة في إطار سلسلة الجرائمالتي ارتكبها الاستعمار الفرنسي و الاسباني في حق الشباب المقاوم من أمثال "الزرقطوني " و هي جرائم ظل يرتكبها النظام المخزني عن طريق الاغتيالات الفردية والجماعية، منذ بداية الاستقلالحتى الآن، في صفوف المعارضة و في صفوف الشباب . فأحداث 23مارس 1965 لخير دليل على ما يكنهالنظام المخزني للشباب، لأنه لا يريد شبابا واعدا،مطالبا للحرية و الديمقراطية ،مناصرا للشعوب المضطهدة . و هنا نطرح السؤال لماذااغتيل محمد اكرينة ؟. لقد اغتيل لأنه برز كفكر و كإرادة و كسلوك نضالي مسئول. ولأنه كانشابا ثوري الطبع و قوي الإرادة، يربط بين دور الشباب في بناء الوعي الجماهيري بقضاياه المصيرية و بين فعله في الحقل السياسي و بين دوره في التغيير الجدريللنظام القائم على التبعية المطلقة للإمبريالية و للصهيونية ، حتى أصبح في اعتقادالنظام المخزني، أنه يشكل عليه خطرا ،من خلال فكره الثاقب و تحليله العلميللواقع المغربي، خاصة و أنه تحدى عامل الخوف و ما يجري حوله من اعتقالات و من محاكمات . لقد شكل محمد اكرينة و معه الشباب المغربي المناضل عقدة للحسنةالثاني الراحل ، في التعاطي مع الوضع الداخلي و في تهدئته ، و من تم بدأ التخطيط لثني هذا الشاب عن المضي بعيدا في معارضته و في تحركاته ، لأنه كانبالأساس من الطلبة و التلاميذ الأكثر دينامكية و أكثر تأثيرا في الأوساط الشعبية. و من الشباب الذين أعلنواعن رفضهم المطلق لأي شكل من أشكال التطبيع مع النظام المخزني و مع الرجعية و فلولها و مع الكيان الصهيوني .وكان ارتباطه بالقضية الفلسطينية ارتباطاعضويا أكده من خلال تحركاته بمناسبة يومالأرض ، ذلك اليوم الذي سيكون بداية تنفيذالمخطط المخزني، بوضع الشهيد في صلباهتمامات المخابرات المخزنية من حيث تحركاته و علاقاته و كلماته في جموع التلاميذ و الشباب و في وسط الشبيبة الاتحادية ،وما كان يتميز به من صدق نضالي ومنذكاء و من نكران للذات و من صلابة ، فيأفق إسكات صوته و إطفاء نوره . و لن يكونذلك إلا باغتياله كفكر و كثورة و كقيادة واعدة للشباب المغربي وليس كنفس ، على يد المخابرات و البوليس المخزني و بمشاركة أعوان الداخلية و بمباركة العدالة في هذه البلاد .لقد كان اغتيال محمداكرينة بمثابة اغتيال للشباب المغربي و الشباب الفلسطيني و العربي بشكل عام ،كاستجابة للمخطط الصهيوني المعلن عنه في مؤتمره الأول (1897 ) ، وكهدية للإمبريالية التي تسعىعبر العالم اغتيال أصوات الشباب الثوري في العالم العربي و الإسلامي. لم يعد محمداكرينة شهيد الحركة الاتحادية الأصيلة ، بل أصبح شهيد الشعب المغربي و شهيد الشعب الفلسطيني .