رمت بنا الأقدار إلى منطقة* القويسحات* الواقعة بين منطقتي دكالة والرحامنة شرق مدينة أربعاء العونات،باشرنا العمل كالمعتاد بعدما وقعنا محضر الدخول وتعرفنا إلى رئيس المؤسسة والسيدات والسادة العاملين بمجموعتنا المدرسية والسيد عون الخدمة ووجوه أخرى صادفناها في الطريق دون أن أنسى زميلنا(م.ب) الذي يعمل بدوره أستاذا بالوحدة المدرسية البعيدة جدا وهو بالمناسبة رفيقنا في الطبشورة وفي المكان الذي حللنا به. زميلنا الأستاذ استقبلنا استقبالا عجيبا عنوانه البصق والسب والشتم لالشيء سوى لأننا نرتدي سروال الدجينز وبذلة رياضية وندخن سجائر من نوع المارلبورو دون أن ننسى واجبنا الديني ومن غير أن ننسى كذلك عبارة*الله يعفو علينا من السيجارة*. كان البصق إشارة البداية لحرب مريرة ومعاكسة غريبة قدر لنا أن نعيشها ونعايش فصولها لمدة شهر تقريبا. زميلنا المشؤوم أمطرنا بمجموعة من الاقتراحات والأوامر العجيبة كان أبرزها: اسكن في القسم ،ودرس المستويين الأول والثاني، ولاتتكلم مع أمهات وأباء وأولياء التلاميذ. تمالكنا إحساس غريب بالغبن والاحتقار وحسبنا أنفسنا في ثكنة عسكرية لا في مؤسسة تربوية..زميلنا المشؤوم عاود الكرة وأكد على وجوب مقاطعة السكان وذات صباح من أصباح أيلول نطق قائلا: - اعلم يامعلمي أن السيد قائد العونات ابن بلدي..؟؟ ضحكنا، وأجبناه ببساطة: *وليكن السيد قائد العونات ابن بلدك،فما المشكلة؟ بل الأكثر من ذلك وليكن السيد عامل الإقليم صهرك أومن أقاربك،فما علاقتي بالموضوع..نحن مغاربة وكل واحد منا يقوم بواجبه. - تواصلت المعاكسة وانتقل زميلنا إلى السرعة الثانية واستراتيجية جديدة عنوانها:* لاقي السلوكة* وفي هذا كذب علينا واتهمنا بالسب والقذف في شخص رئيس المؤسسة.وماهي إلا أيام قليلة حتى اجتمعنا بالسيد المدير ولما وضع المسكين أمام الأمر الواقع أنكر وتخلص بطريقته الشيطانية وانسحب مهزوما..لم يقف زميلنا بسلوكاته وردود أفعاله عند هذا الحد بل اتهمنا بمهاجمة مسكنه الوظيفي وتكسير براده وكؤؤوسه وزجاج النوافذ،ونسي الأستاذ أنه قام بالإساءة إلى جمالية الفضاء وقام باستبدال شباك نافذتي حجرتنا الدراسية في تصرف غريب يؤكد أن الوحدة المدرسية جزء من مزرعته العجيبة،وقام بكتابة أشياء غريبة وأحضر الحجارة رغبة منه في مباشرة عملية البناء والربط الكهربائي دون سابق إعلان..كما قام ذات صباح من أصباح أكتوبر بالدخول إلى حجرتنا الدراسية وسرق منا صورا وبطاقات وقام المشؤوم بمسح ماكتبناه وماكنا نقوم بتحفيظه للصغار،وأخبرنا السيد المدير بما حدث وعاين أحد المواطنين فعلته الشنيعة،وأنبأنا أخرون أن هذا الأستاذ غريب الأطوار يصدر الفتاوي ويحلل ويحرم مايريد مستغلا في ذلك تسامح السكان وبساطتهم واحترامهم الكبير لرجل التعليم..صاحبنا استغل زواجه من الدوار ليعيث في الأرض فسادا واستطاع جر صهره إلى اللعبة وباشرا مهام الشرطة القضائية وقاما بجمع بطائق التعريف الوطنية ليعملوا*العصا فالرويضة* ويمنعونا من العمل بشكل عادي..لقد صار هدفهم إبعادنا من هذه الوحدة المدرسية وكأننا عبيد أو كأننا قدمنا إلى هنا من وطن أخر. تواصلت رحلة المعاناة مع هذا المخلوق ،وواصل مسيرة الاحتقار والتعسف علينا وعلى المتعلمين وعلى الأباء وتمكن من تمويه الجميع وحرم الصغار من الدروس بحيله الشيطانية،واستطاع أن يقاوم بمساعدة تلميذتين من تلامذته،فقد كان يكتب تاريخ اليوم في الصباح الباكر وينسحب ليموه الزائر،كما كان لايتردد في مهاجمة كل من يقدم لنا يد المساعدة ويقول له: *لاتستقبله ،اجري عليه* - صاحبنا المشؤوم تابع خروقاته وطالب المتعلمين بإحضار مبالغ مالية لبناء المدرسة،وبقي يردد عبارة: *اعلم يا معلمي أنك أخر من التحق..؟؟ وطالبنا بالامتناع عن التدخين وانتدب تلميذا بريئا ليبلغنا خطابه،وكان ردنا حاسما بعد اعتذارنا للتلميذ،وأجبناه بلغة بسيطة يفهمها كل المغاربة :سير* ت...د*، مع إضافة عبارة مؤداها أنه إذاكان يعادي شركات التبغ فالمشكلة مشكلته ، أما أن ندخن أولا فهذا شأننا..علما أن زميلنا كانت له حكايات مع *السبسي والمطوي* لسنتين متتاليتين كما أكد لنا شباب من أبناء القويسحات. - صبرنا وأخبرنا المسؤولين وتجنبنا المحضور في مكان بعيد ورائع،وكابدنا متسلحين بالدعاء والصلاة،وأخبرنا رئيسنا المباشر بمايقع وبمسلسل المظالم التي مورست في حقنا..صحيح أننا بكينا وانهمرت دموعنا ،وظننا أنفسنا غرباء في وطننا ،أو كما لوجئنا إلى هنا إلى مهمة أخرى غير مهمة التدريس..تناسينا همومنا الأخرى،وطالبنا بالتحقيق النزيه في الذي نتعرض له. - في الصباح الموعود حضرت لجنة نيابية إلى مركزية المؤسسة برئاسة السيد المفتش(خ.ح) والمسمى*سيدهم عاشور* ومعهما السيد المدير وصرحنا بما حدث ويحدث لنا مع أغرب أستاذ صادفناه في حياتنا..تنفسنا الصعداء لما وضع المشؤوم أمام الأمر الواقع..صب كل غضبه على المدير وألصق به كل شيء،واعترف بدخوله إلى قاعة أستاذة تعمل بإحدى الوحدات المدرسية التابعة لمجموعتنا في خرق سافر للقانون،علما أن المعنية بالأمر متزوجة وحامل... غادرنا ،و في اليوم الموالي انتظرنا حضور لجنة ثانية..هذه الأخيرة لم تفعل، وتحملنا عناء الانتظار لساعات،وانسحبنا تحت وابل من أمطار الخير التي عمت المنطقة. وفي لحظة تفكير عميق ،تذكرنا ما فعله القذافي بشعبه وبأبناء جلدته ،وكيف حول كل شيء إلى خراب،وكيف أخبرنا من طرف صديقنا الجديد* جواد *أن العقيد قتل..تذكرنا كل المدن الليبية التي تعرضت للقصف وكل الأماكن التي فعلت بها كتائب القذافي فعلتها..وتذكرنا مافعله الأستاذ المشؤوم بوحدتنا المدرسية وكيف وصفناها سابقا ببناية من بنايات مصراتة، وتأكد لنا أن مدرسة العقيد الذي وصف شعبه بالجرذان مدرسة ممتدة،لها أبناؤها ومناصروها،لكن مع ذلك فمصيرهم لاولن يخرج عن المأل الذي أل إليه صاحب* زنقة زنقة*..تجربة مريرة لكن مفيدة جعلتنا نتعرف إلى أناس كثر ،ونكسب أصدقاء جددا من سائقي الطاكسيات وباعة الجرائد، وبعض الأسماء التي تنتمي إلى وزارتنا المحترمة والتي تمارس في الميدان..ومن هؤلاء أستاذة حاولت أن تبريء ساحة الظالم وهي بعيدة عن الأحداث بعشرات الكيلومترات، أجبناها ببساطة : من فضلك يا أختي تأكدي أن ما نقوله صحيح، واعلمي أن الأدلة موجودة ،واعلمي كذلك أننا لسنا من كوكب أخر ..لقد جئنا إلى هنا من أجل العمل..وصاحبكم *عيق بزاف واحتقرنا كثيرا.. *والتفاصيل مؤلمة والسيناريو أعقد وفك رموز ما يجري ليس من اختصاصك. واصل المشؤوم مسلسل خروقاته وحماقاته التي يشهد بها الجميع هنا في* القويسحات* باستثناء صهره الملعون صاحب الدراجة النارية الصفراء، لقد هاجم مواطنا وطالب أخرين بمقاطعتنا .. وتبين لنا أن المكيدة وخيوط اللعبة الدنيئة التي بدأت فصولها مع بداية هذا الموسم الدراسي كانت تستهدفنا وتريد بنا شرا، وتأكد لنا بالملموس أن إخواننا في دروب مهنة المصاعب لن يقبلوا بمثل هذه التلاعبات، وأن أخرين – سامحهم الله - يتلذذون بمعاناة بعض إخوانهم ،كما أن فئة أخرى تهتم أكثر بالتحليل النفسي وتصدر أحكاما جاهزة دون أن تعلم عمق المشكلة المهزلة التي أ رغمتنا على طرح عدة تساؤلات،منها: - كيف يسمح لأمثال هذا المربي بخرق القانون وتحويل مؤسسة عمومية إلى مزرعة؟ - كيف يسمح لأمثال هذا *اللي مامربيش* بمعاداة أستاذ جديد ، وإمطاره بنصائح غريبة لايقبلها عاقل؟ - كيف يسمح لأمثال هذا المخلوق غير المتخلق بإصدار الفتاوى والإساءة إلى كل شيء بمن فيهم زملاءه في المهنة؟ - -كيف يسمح لأمثال هؤلاء بالتسبب في إغلاق مدرسة على الحدود بين دكالة والرحامنة بحيل شيطانية وحرمان عشرات الأسر من حقها في إرسال أبنائها إلى مدرسة قريبة؟ - ترى من سمح لأمثال هذا المخلوق العجيب بتنصيب نفسه ناطقا باسم الدوار دون تفويض من أحد؟.. وماهي الجهة الكفيلة بحمايتنا من شرور هذا العالم العجيب؟ ..تساؤلات كثيرة جعلتنا نسأل الله تعالى أن يجنبنا شرور أنفسنا وشرور أمثال هذا الشرير الذي عذبنا كثيرا وتسبب لنا في خسارات وأخر علينا متعة التدريس لأيام كثيرة،ومنها أيام سوداء لن تمحى من ذاكرتنا ،أيام فهمنا فيها الكثير، واستفدنا فيها من صداقات ونعتنا فيها بأوصاف غريبة من طرف اللئام ،وطبعا عشنا فيها لحظات ممتعة نزلنا فيها ضيوفا على الكرام،دون أن ننسى محفظتنا القديمة التي رمينا بها بعيدا في ركن وضيع وزاوية الحجرة الدراسية التي تحتضن سريرا ومجموعة كتب ومكتبا وصورا استطعنا الحفاظ عليها بعد أن اشترينا قفلا حديديا وأفلحنا في الحصول على شيء من الراحة ،وأقنعنا الأسر البعيدة بضرورة إرسال فلذات أكبادها إلى المدرسة ،مع وعد قاطع من طرفنا بتعويض الجميع ما فات،ونسيان ما حدث مع الذي يسمى *أستاذ التعليم الابتدائي* وللتذكير فقط،فنحن لسنا هنا للتباكي أو للاستجداء، وإنما ننقل الحقائق كما هي، وهدفنا وضع القاريء الكريم في صورة ما يجري في عز الشعار الذي تبنته وزارتنا الكريمة: *جميعا من أجل مدرسة النجاح* .. دون أن ننسى، طبعا، تهنئة الجميع بعيد الأضحى المبارك ،وفي انتظار صرخة قادمة مدوية ومزلزلة بحول الله تعالى. -