على ضوء أهم التجارب الدولية المقارنة الدكتور محمد الغالي أستاذ السياسات العامة جامعة القاضي عياض، كلية الحقوق، مراكش [email protected] المحاور: 1- مبادرة الحكم الذاتي: إستراتيجية النهوض من أجل رخاء شعوب منطقة المغرب العربي 2- حجية المبادرة المغربية في طرح الفقه الدستوري و القانوني لنظرية الحكم الذاتي 3- تطبيقات الحكم الذاتي في التجارب الدولية المقارنة 4- خلاصة تقييمية للنموذج المغربي على ضوء التجارب الدولية المقارنة تأتي هذه المداخلة في سياق التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي يعرفها النظام المغربي، وكذلك تماشيا مع الرهانات و التحديات التي بات يطرحها عامل تدبير المجال بما يتماشى و مقومات الحكامة . فبعد التجربة الطويلة التي قطعها المغرب في مجال اللامركزية من خلال الجماعات المحلية والتي سيطر عليها مفهوم المجال بالمعنى الإداري، تأتي التطورات لتلقي بنقاش رسمي وعمومي يطرح المجال بالمعنى السياسي والاقتصادي كعنصر أساسي لإعادة ترتيب العلاقة بين المركز والمحيط . فعلى المستوى الاقتصادي باتت الحاجة أكثر إلحاحا في الإجابة عن المتطلبات التنموية المتزايدة للمواطنين في مجالات التعليم، الصحة، السكن، الشغل؛ وعلى المستوى السياسي في مواجهة المخططات التي تستهدف النيل من مغربية الصحراء الغربية عبر تنفيذ إصلاحات مؤسساتية متقدمة من خلال إعادة النظر في طبيعة نظام الجهوية، و ذلك بإعطائه منظورا يعتمد مقاربات تنموية حداثية تعتمد على المشاركة المباشرة و الفعلية للسكان المحليين في تدبير شؤونهم عبر مؤسسات بارزة تسمح للمواطنين وللتكتلات الجماعية بالتدخل الفعال في تدبير الشؤون المحلية عبر سياسة مجالية متميزة . مقصد لم تفرضه ظروف عفوية أو عارضة بل شكل تتويجا لجهود دستورية بذلت منذ أول دستور سنة 1962 الذي نص في فصله (93) على أن الجماعات المحلية بالمملكة هي العمالات و الأقاليم و الجماعات و شدد الفصل (94) من نفس الدستور على أن الجماعات المحلية تنتخب مجالس مكلفة بتدبير شؤونها تدبيرا ديمقراطيا طبق الشروط التي يحددها القانون؛ و اعتبر الفصل (87) من دستور 1972 أن الجماعات المحلية بالمملكة هي العمالات و الأقاليم و الجماعات الحضرية و القروية4؛ و تقدم دستور 1992 في فصله (94) باعتبار أن الجماعات المحلية بالمملكة هي الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات الحضرية و القروية، و نفس الشيء أكده دستور 1996 في فصله (100) والذي بناء عليه صدر الظهير الشريف رقم 84-97-1 صادر في 23 من ذي القعدة 1417 (02 أبريل 1997)بتنفيذ القانون رقم 96-47 المتعلق بتنظيم الجهات. 1) مبادرة الحكم الذاتي :استراتيجية النهوض من أجل رخاء شعوب منطقة المغرب العربي سلم السفير المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأممالمتحدة السيد المصطفى ساهل يوم الأربعاء 11 فبراير 2007 بنيويورك إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون، نص المبادرة المغربية بشأن التفاوض لتخويل الصحراء حكما ذاتيا. تنص مبادرة مشروع الحكم الذاتي خاصة في موادها 12 و 13 و 14 و 15 على منح أقاليم الصحراء الغربية و ضعا تنظيميا متميزا يعتمد على منح السكان سلطات واسعة في تدبير شؤون حياتهم العامة و ذلك على أساس الاعتراف بوجود هيآت تنفيذية و تشريعية و قضائية متميزة عن نظيراتها في المركز وفق المبادئ و القواعد الديمقراطية، وتقوم هذه السلطات في الميادين التالية: الإدارة المحلية و الشرطة المحلية و محاكم الجهة و التخطيط الجهوي و تشجيع الاستثمارات و التجارة و الصناعة و السياحة و الفلاحة، و ميزانية الجهة و نظامها الجبائي و البنى التحتية، و السكن و التربية و الصحة و التشغيل و الرياضة و الضمان الاجتماعي و الرعاية الاجتماعية و التنمية الثقافية من خلال النهوض بالتراث الثقافي الصحراوي الحساني و البيئة . و تعتمد موارد جهة الحكم الذاتي على الضرائب و الرسوم و المساهمات المحلية المقررة من لدن الهيآت المختصة للجهة، و العائدات المتأتية من استغلال الموارد الطبيعية المرصودة للجهة و جزء من العائدات المحصلة من طرف الدولة و المتأتية من الموارد الطبيعية الموجودة داخل الجهة و الموارد الضرورية المخصصة في إطار التضامن الوطني و عائدات ممتلكات الجهة. و في المجال الدبلوماسي تباشر الدولة مسؤوليتها في مجال العلاقات الخارجية بتشاور مع جهة الحكم الذاتي للصحراء، وذلك بالنسبة لكل القضايا ذات الصلة المباشرة باختصاصات هذه الجهة. ويجوز لجهة الحكم الذاتي للصحراء، بتشاور مع الحكومة، إقامة علاقات تعاون مع جهات أجنبية بهدف تطوير الحوار والتعاون بين الجهات. و تحتفظ الدولة المغربية باختصاصات حصرية تعتبر من مقومات السيادة لاسيما العلم و النشيد الوطني و العملة و المقومات المرتبطة بالاختصاصات الدستورية و الدينية للملك بصفته أميرا للمؤمنين و الضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية و للحريات الفردية و الجماعية و الأمن الوطني و الدفاع الخارجي و الوحدة الترابية، و العلاقات الخارجية و النظام القضائي للمملكة. و تماشيا مع جو الانفتاح الديمقراطي الذي تعرفه المملكة بعد المصادقة على دستور 1996 فان سكان الجهة يتمتعون بكافة الضمانات التي يكفلها الدستور المغربي في مجال حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا (المادة 15) . و تماشيا مع الثقة التي حظي بها النظام المغربي لدى المؤسسات الدولية، بفضل الجهود الجماعية في بناء مجتمع ديمقراطي صدر قرار نوعي لمجلس الأمن بالإجماع تحت رقم 1745 في يوم الاثنين 30/04/2007 يدعو للتفاوض المباشر بشأن الصحراء، دعوة تجد مبررها في الجهود الاقتصادية و الاجتماعية التي يقوم بها المنتظم الأممي في النهوض بأوضاع الأمم خدمة للهدف السامي المتمثل في تحقيق التنمية التي تستجيب لحاجيات و متطلبات السكان في العيش الكريم من خلال السكن اللائق، و التعليم الأنسب و الكفء، و الصحة السليمة، و الشغل الشريف والمضمون، و التي لا تنفصل عن الجهود السياسية في حل المنازعات و التوترات و الخلافات خدمة لنفس الأهداف. تبرز كل هذه المعطيات مجتمعة مدى مشروعية مبادرة الحكم الذاتي في الانسجام مع الفكر الاستراتيجي للمنظمات الحكومية الدولية التي عبرت عنه مجموعة من التقارير المشخصة للوضعية غير اللائقة لتجمع بلدان المغرب العربي في سلم الترتيب الدولي على أساس مؤشرات التنمية و التي من بين عواملها تضييع فرص الاندماج والتأهيل الحقيقي للمنطقة، نتيجة لتعطيل دور هذا التجمع الإقليمي داخل محيطه الجيوستراتيجي، بفضل نزاع لا يخدم سوى ثقافة التشتت و البلقنة و الانغلاق، وسط محيط دولي لا يؤمن سوى بقوة التكتلات الاقتصادية الكبرى الحكومية و غير الحكومية الجهوية كما هو الشأن بالنسبة للتجربة الأوروبية في هذا المجال ، لتبقى كلفة اللامغرب عربي بسبب استمرار هذا النزاع باهضة، و تعاكس المصالح الاستراتيجية لشعوب المنطقة. 2) حجية المبادرة المغربية في طرح الفقه الدستوري و القانوني لنظرية الحكم الذاتي يطرح الفقه الدستوري و السياسي في نظرية الحكم الذاتي، مسألة إعادة النظر في بنية المجال الترابي للدولة، و تغيير نمط التدبير السياسي و المحلي للسلطة المركزية بالتخلي عن المنطق التقليدي لنظرية التوزيع العمودي للسلطة و اعتماد مقاربة جديدة في تصور بنية السلطة و توزيعها على أسس أفقية و عمودية بمعنى تقلص المركزية السياسية و بروز أنظمة قانونية مستقلة، و دستورية جديدة. ارتبطت راهنية الحكم الذاتي في التجارب الدستورية المقارنة بإنتاج المشروعية السياسية بناءا على توافقات بين السلطة المركزية لامتصاص النزعة الاستقلالية للمجالات الهامشية و بناء حدود وطنية ذات طبيعة قومية تضمن استمرارية الهوية و الأمة المكونة للمجال الترابي. فيشكل مفهوم المجال حلقة أساسية في استيعاب مبادرة الحكم الذاتي كمشروع يقدم نموذجا مثالا، منبثقا من مكونات التجربة الانسانية المغربية من خلال أبعاد: 1- الاقليم (البحري، البري، الجوي)؛ 2- الانسان؛ 3- الثقافة (نظام القيم). التي تساعدنا على اعطاء المفهوم التركيبي الآتي للمجال (le territoire) إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل فهل النموذج المغربي للحكم الذاتي استعاب البنيات المكونة للمجال بتمايزاته الثقافية (القبلية) و الترابية، و وفق منظور يضمن و يستشرف الافاق المستقبلية لتحقيق التنمية المستدامة لسكان الاقليم اعتمادا على مبدا التحديد الذاتي؟. تطرح النظريات الدستورية والسياسية، السياسية الترابية العامة للدولة على أساس إعادة ترسيم المجال الترابي و تحديث بنياته التقليدية على نحو يضمن استمرارية السلطة السياسية و عدم تجزئة سيادة الدولة، و عليه من هذا المنظور تمثل الجهوية السياسية أرقى مستويات اللامركزية لاعتبارين أساسيين: أ) وجود سلطة جهوية متمايزة عن سلطة الدولة نتيجة الاعتراف بوجود سلطة مستقلة عن السلطة المركزية تمكن النخبة السياسية الجهوية من امتلاك سلطة مقابلة، أي سلطة التأثير على القرار السياسي المجالي؛ ب) تستمد مرجعية الحكم الذاتي في الدولة الفيدرالية أو الدولة الموحدة مشروعيتها من أصل السلطة و روح التعددية السياسية و الثقافية و هاجس الاندماج السياسي و الاجتماعي. 3) تطبيقات الحكم الذاتي في التجارب الدولية المقارنة أفرزت التجارب الدولية في هذا المجال تطبيقات يرجع الاختلاف فيها الى المنطق المتحكم في كيفية توزيع السلطة بين المركز و الوحدات اللامركزية والتي تظهر من خلال حملها أسماء حيث تنعت هذه الوحدات في سويسرا بالكانتونات؛ و في ألمانيا باللاندر؛ و في اسبانيا الوحدات المستقلة، و في روسيا الجمهوريات؛ و في بلجيكا الأقاليم؛ و في جنوب افريقيا و كندا بالمقاطعات .و يتم التمييز بين أنماط في كيفية تحديد العلاقة بين السلطة المركزية و الوحدات اللامركزية و تكمن في: 1- النمط المتعلق بمنح المبادرة كقاعدة عامة للوحدة اللامركزية والإشراف للسلطة المركزية؛ 2- النمط المتعلق بمنح التأطير كقاعدة عامة للسلطة المركزية و المبادرة للسلطة المحلية؛ 1- النمط المتعلق بمنح المبادرة كقاعدة عامة للوحدة اللامركزية والإشراف للسلطة المركزية تحليل النموذج الألماني يعطي سلطة القرار في الأصل لللاندرات، وليس للسلطة المركزية، بحيث تتوفر على اختصاصات تهم كافة الميادين، التشريعية و التنفيذية و القضائية. و يميز في هذا السياق بين ثلاث أنواع من مجالات التشريع: أ) التشريع الحصري. يمنح الاتحاد سلطة الانفراد بممارستها دون سواه و تتمثل في: الشؤون الخارجية؛ الدفاع؛ شرطة الجمارك والحدود؛ المواصلات الجوية؛ البريد والمواصلات اللاسلكية؛ النقل السككي، سن بعض الضرائب. ب) التشريع التنافسي يمنح للولاية التشريع في المجالات التي لا يثيرها، و لا تدخل في المرجعية الخلفية المولدة للاتحاد (أي لا تتطلبها الضرورة المؤسسة للاتحاد )، كالمجالات التي تهم الحياة التنموية المحلية والجهوية، كالتنظيم الترابي ونظام الجماعات المحلية وإعداد التراب و التنمية الاقتصادية والتعليم والثقافة والصحة العامة.. و في مجالات التحقيق الجنائي والدفاع عن النظامين الفدرالي أو المتعلق باللاندر . ت) التشريع الإطاري يبقي للولاية حق المبادرة من اجل طلب تطوير نص تشريعي فدرالي لضمان مواكبته و ملاءمته، فيعتمده الاتحاد من خلال البوندستاغ حفاظا على توازن اللاندر . خلاصة: يبقى تدخل الاتحاد أسمى من تدخل الولاية وذلك للحفاظ على التوازن والتلاؤم القانزني والاقتصادي بين الولايات، حيث يشترط الدستور المساواة في شروط المعيشة بين كافة الولايات الاتحادية، لهذا فان السياسات العمومية الاقتصادية، التي تدخل في هذا الشأن من خلال ضمان التوازن بين مستوى العيش، يبقى من احتكار الاتحاد. ينعت هذا النوع من الحكم بالفدرالية التعاونية حيث تتشارك الحكومة الفدراليّة وحكومة الولاية في المسؤوليّات لضمان عمل البرامج الوطنية فالحكومات المحلية لا تستمد وجودها وسلطاتها من الحكومة الفدراليّة. وبالتالي يعتبر هذا النمط من الجهوية بالأرقى و الأكثر تقدما في الاعتراف بوجود وحدات مجالية متميزة عن كيان الدولة . 2- النمط المتعلق بمنح التأطير كقاعدة عامة للسلطة المركزية و المبادرة للسلطة المحلية؛ أقر الدستور الاسباني لسنة 1978 مبدأ التوزيع الإقليمي للسلطة، أي انشاء مركز قانوني خاص بالأقاليم و القوميات، يطلق عليه دولة الجماعات المستقلة ، مبني على: 1- مبدأ الوحدة (وحدة الدولة الاسبانية)؛ 2- مبدأ المساواة بين الجماعات أو الوحدات المستقلة و الأفراد؛ 3- مبدأ التضامن بين الجماعات المستقلة. مبادئ يسهر على تطبيقها و احترامها البرلمان الاسباني (الكورتيس) من خلال توفير الاطار التشريعي العام المناسب لذلك. تتمتع الوحدة المستقلة بسلطات أصلية تشريعية و تنفيذية و قضائية متميزة عن السلطات التي تتوفر عليها السلطة المركزية و التي لا تخرق مبدأ سيادة الدولة، ويتحقق ذلك عبر التوفر على مؤسسات: 1- البرلمان المحلي؛ 2- الحكومة المحلية؛ 3- قضاء الجماعات أو الوحدات المستقلة. تشمل السلطات الموزعة بين السلطة المركزية والوحدات المستقلة ثلاثة مجالات: 1- مجال الدولة المحجوز؛ مجال الوحدة المستقلة؛ مجال مشترك. لم ينص الدستور الاسباني حفاظا على مبدأ التوافق السياسي الذي عرفته اسبانيا تجاوزا لآثار الحرب الأهلية على الحد الأدنى من الصلاحيات الممنوحة للوحدات المستقلة و انما ترك ذلك مفتوحا على ارادتها و مبادرتها من خلال أنظمتها الأساسية المحلية (بمثابة دستور محلي)، مع مراعاة المقتضيات الدستورية التي يلعب البرلمان والحكومة و القضاء على المستوى الفدرالي دور المؤطر و المحدد حفاظا على الانسجام و التضامن و الوحدة بين مختلف الوحدات الاقليمية. فحفاظا على المصلحة العامة تملك الدولة بارادتها المنفردة تعديل الصلاحيات الموجودة في الأنظمة الأساسية للوحدات المستقلة. تعطي الجهوية السياسية نموذجا في الحكم ينبني على مبدأ نقل السلطات من المركز الى وحدات مجالية تتمتع بالشخصية المعنوية الكاملة التي تجعل منها كيانا عاما قائم الذات مستقلا تمام الاستقلال في تدبير الشؤون و ممارسة السيادة داخليا في مستوياتها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية..لكن هذا المستوى السيادي يبقى محدودا بالأفق الذي لا يجعل من الوحدة المجالية مالكة للشخصية الدولية لأنها ليست موضوعا للقانون الدولي بل تبقى شخصا من أشخاص القانون الداخلي العام في بنية و نسق النظام السياسي . التساؤل يبقى مادام المبدأ يتعلق بتوزيع تقاطعي للسلطات في الجهوية السياسية كالتالي: ما هي السّلطات والوظائف الحصريّة أو المحجوزة التي تحتفظ بها الحكومة المركزية أو الفدراليّة لنفسها؟ تتمثل هذه السلطات في الآتي : إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل 4) خلاصة تقييمية للنموذج المغربي على ضوء التجارب الدولية المقارنة بناء على هذه النماذج الدولية المقارنة المتقدمة و الرائدة في مجال الجهوية السياسية و التي تتوخى عقلنة العلاقات بين المركز و الكيانات الكوكبية المحيطة، بتقريب سلطة القرار على نحو يضمن الاعتراف بالخصوصيات الإقليمية و وجود بنية مؤسساتية مستقلة تتمثل في حكومة إقليمية و برلمان و جهاز قضائي ينظم شؤونها الدستورية و الإقليمية فسلطة الحكم الذاتي في مشروع المبادرة المغربية تشكل نموذجا فريدا يضمن توزيعا تقاطعيا للسلطة في مختلف مستوياتها التشريعية و التنفيذية و القضائية بين المركز و اقليم الصحراء، ينطلق من مقومات أساسية تتمثل في : 1- احترام الثوابت الحضارية في منطقة شمال افريقيا التي لعبت الدولة المغربية دورا محددا في بنائها و تأسيسها؛ 2- الالتزام الأخلاقي و الاستراتيجي في احترام آمال الشعوب المغاربية في الوحدة و التقارب و تحقيق التنمية المستدامة التي تضمن كرامة المواطن المغاربي؛ 3- تعزيز روح التوافق الوطني بين مكونات النظام السياسي المغربي التي تمأسست مع روح دستور 1996 الذي عرف اجماع مختلف القوى السياسية الفاعلة عليه في سبيل تأسيس مجتمع ديمقراطي حداثي واعيا بحقوقه و التزاماته تجاه المجتمع الدولي. فيعتمد النموذج المغربي في روح فلسفته على الواقعية التي تتمثل في عدم التفريط في مقومات النجاح و ضمان التنمية البشرية المستدامة و العادلة في توزيع الاختصاصات بين الاقليم و السلطة المركزية، و على المرونة في أخذ المبادرات البناءة من طرف الوحدة الاقليمية المتمتعة بالحكم الذاتي مراعية في ذلك المبادئ الأساسية التالية: 1- الوحدة: تشمل وحدة الدولة والوطن و التراب؛ 2- التوازن: يقوم على تحديد الاختصاصات الحصرية المنوطة بالدولة مع تمكين المؤسسات الجهوية من الصلاحيات الضرورية للنهوض بمهامها التنموية؛ 3- التضامن: باعتماد تقسيم ناجع يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا . الإحالات: 1- حول أهمية دور الجهة، يراجع الجهة والجهوية، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية ، أعمال الندوة التي نظمتها شعبة القانون العام بكلية الحقوق، مراكش، يومي 10-11 مارس 2000. 2- يراجع في هذا السياق المسألة الجهوية بالمغرب، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، دراسات ووثائق، مواضيع الساعة، عدد 52/2006 3- Fatima CHAHID : Territorialisation des politiques publiques, collection manuel et travaux universitaire, publication de la revue marocaine d'administration locale et de développement N° 63/2005 منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، الطبعة الأولى 1997 ص: 15 4- 5- منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، الطبعة الأولى 1997 ص: 127 6- نص المبادرة المغربية بشأن التفاوض لتخويل الصحراء حكما ذاتيا التي سلمها السفير المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى الأممالمتحدة السيد المصطفى ساهل يوم الأربعاء 11 فبراير 2007 بنيو يورك إلى الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون. 7- حول الحكم الذاتي وعلاقته بالقانون الدولي يمكن الرجوع الى: ذ. محمد بوبوش: الحكم الذاتي في القانون الدولي، دلالاته النظرية وتطبيقاته الدولية، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية ماي-يونيو 2009 عدد 86 ص 115-136 8- L'Autonomie des collectivités territoriales en Europe : une source potentielle de conflits ?, Texte réunis par hèlène PAULIAT ? PRESSES UNIVERSITAIRES DE LIMOGES 9- L'Autonomie des collectivités territoriales en Europe : une source potentielle de conflits ?, Texte réunis par hèlène PAULIAT ? PRESSES UNIVERSITAIRES DE LIMOGES 10- يراجع الدستور الفدرالي الألماني لسنة 1949 خصوصا الفصول 70-71 11- للاطلاع على تجارب أخرى مثلا التجربة الايطالية يراجع: عبد اللطيف بكور، الجهوية السياسية الايطالية كمرجعية لإفراز صيغة الحكم الذاتي المرتقب بالأقاليم الجنوبية. المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية ماي-يونيو 2008 عدد 80 12- يراجع، عبد المجيد السملالي: الجهوية في ألمانيا، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية العدد6/ 2005 يراجع، عبد الحق المرجاني: الجهوية ونظام تمويلها، رسالة لنيل دبلوم السلك العالي، المدرسة الوطنية للادارة العمومية، السلك العالي، الفوج 22/1992. 13- الدستور الاسباني لسنة 1978 المواد 147-153. يراجع مثلا كذلك النظام الأساسي للجماعة المستقلة لكطالونيان المواد 36-39. 14- يراجع، أحمد السوداني: النظام الجهوي الاسباني (الجماعات المستقلة)، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية. 15- يراجع في هذا الاطار كذلك، فريد خالد: سياسات الجهوية بين اكراهات التنمية المحلية ومتطلبات المراقبة المجالية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا العمقة في القانون العام، كلية الحقوق مراكش 2000/2001. 16- 16 حول خيار الجهوية السياسية في المغرب يراجع: عبد اللطيف بكور، خيار الجهوية السياسية بالمغرب بين متطلبات المرحلة ومحدودية التطبيق، للاطلاع على تجارب أخرى مثلا التجربة الايطالية يراجع: عبد اللطيف بكور، الجهوية السياسية الايطالية كمرجعية لإفراز صيغة الحكم الذاتي المرتقب بالأقاليم الجنوبية. المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية شتنبر-أكتوبر 2006 عدد 70 117-132 17- يراجع الخطب الملكية: الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء 06 نونبر 2008. الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء 06 نونبر 2009. الخطاب الملكي 03 يناير 2010