مدن الشمال تستعد لإستقبال جلالة الملك    النصيري يسجل من جديد ويساهم في تأهل فنربخشه إلى ثمن نهائي الدوري الأوروبي    الحسيمة.. تفكيك شبكة إجرامية متورطة في تنظيم الهجرة السرية والاتجار بالبشر    استعدادات لزيارة ملكية مرتقبة إلى مدن الشمال    أداء مؤشر "مازي" في بورصة البيضاء    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته    الذهب يتجه لتسجيل مكاسب للأسبوع الثامن وسط مخاوف من رسوم ترامب الجمركية    التضخم في المغرب يسجل 2%.. والأسماك واللحوم والخضر تقود ارتفاع الأسعار    شي جين بينغ يؤكد على آفاق واعدة لتنمية القطاع الخاص خلال ندوة حول الشركات الخاصة    القضاء يرفض تأسيس "حزب التجديد والتقدم" لمخالفته قانون الأحزاب    مضمار "دونور".. كلايبي يوضح:"المضمار الذي سيحيط بالملعب سيكون باللون الأزرق"    الجيش يطرح تذاكر مباراة "الكلاسيكو" أمام الرجاء    عامل إقليم الحسيمة ينصب عمر السليماني كاتبا عاما جديدا للعمالة    إطلاق المرصد المكسيكي للصحراء المغربية بمكسيكو    كيوسك الجمعة | المؤتمر الوزاري العالمي الرابع للسلامة الطرقية يفي بجميع وعوده    باخرة البحث العلمي البحري بالحسيمة تعثر على جثة شاب من الدار البيضاء    المندوبية السامية للتخطيط تعلن عن ارتفاع في كلفة المعيشة مع مطلع هذا العام    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    نتنياهو يأمر بشن عملية بالضفة الغربية    إطلاق أول رحلة جوية بين المغرب وأوروبا باستخدام وقود مستدام    المغرب يحافظ على مكانته العالمية ويكرس تفوقه على الدول المغاربية في مؤشر القوة الناعمة    انتخاب المغرب رئيسا لمنتدى رؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية    توقعات أحوال الطقس ليومه الجمعة    تراجع احتمالات اصطدام كويكب بالأرض في 2032 إلى النصف    الولايات المتحدة تبرم صفقات تسليح استراتيجية مع المغرب    إسرائيل تتهم حماس باستبدال جثة شيري بيباس وبقتل طفليها ونتانياهو يتعهد "التحرك بحزم"    فضاء: المسبار الصيني "تيانون-2" سيتم اطلاقه في النصف الأول من 2025 (هيئة)    عامل إقليم الجديدة و مستشار الملك أندري أزولاي في زيارة رسمية للحي البرتغالي    كيف ستغير تقنية 5G تكنولوجيا المستقبل في عام 2025: آفاق رئيسية    محامون: "ثقافة" الاعتقال الاحتياطي تجهض مكتسبات "المسطرة الجنائية"    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    "بيت الشعر" يقدّم 18 منشورا جديدا    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    "حماس" تنتقد ازدواجية الصليب الأحمر في التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين    "مطالب 2011" تحيي الذكرى الرابعة عشرة ل"حركة 20 فبراير" المغربية    حادثة سير مميتة على الطريق الوطنية بين طنجة وتطوان    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    السلطات تحبط محاولة نواب أوربيين موالين للبوليساريو دخول العيون    الجيش الملكي يواجه بيراميدز المصري    أهمية الحفاظ على التراث وتثمينه في صلب الاحتفال بالذكرى ال20 لإدراج "مازاغان" ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو    مجموعة أكديطال تعزز شبكتها الصحية بالاستحواذ على مصحة العيون ومركز الحكمة الطبي    محكمة إسبانية تغرّم لويس روبياليس في "قبلة المونديال"    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    ثغرات المهرجانات والمعارض والأسابيع الثقافية بتاوريرت تدعو إلى التفكير في تجاوزها مستقبلا    غشت المقبل آخر موعد لاستلام الأعمال المشاركة في المسابقة الدولية ل "فن الخط العربي"    إطلاق النسخة التاسعة للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في المجال الفلاحي والقروي    سينما المغرب في مهرجان برلين    الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    حصيلة عدوى الحصبة في المغرب    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    دراسة تكشف عن ثلاثية صحية لإبطاء الشيخوخة وتقليل خطر السرطان    صعود الدرج أم المشي؟ أيهما الأنسب لتحقيق أهداف إنقاص الوزن؟"    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقدمة في فنون التحرير الصحفي
نشر في أزيلال أون لاين يوم 15 - 03 - 2009

يأتى فن التحرير الصحفى أحد الأركان والفنون المهمة التى إعتمدت عليها صناعة الصحافة أمس واليوم ومستقبلاً على اعتبار أن قوام أى صحيفة أو مجلة يقوم على ثلاثة هياكل رئيسية هى:
(1) القسم الإدارى.
(2) القسم التحريرى.
(3) القسم الفنى.
والقسم الإدارى يقوم بالمهام الإدارية داخل الصحيفة أو المؤسسة الإعلامية ويشمل رئيس مجلس الإدارة والإدارات التابعة له من إدارة إعلانات، ووحدة شئون عاملين، وإدارة الحسابات والمخازن ، وإدارة السيارات، ووحدة التوزيع والمرتجعات ، وموظفين الأمن والحراسة ، والسعاه وغيرهم.
أما القسم التحريرى فهو يشمل رئيس التحريرالذى ُيعد وفق القانون المسئول عن كل ما يتم نشره من موضوعات وأخبار على صفحات الجريدة أو المجلة التى يرأس تحريرها، وبالتالى فهو يحاسب عن كل ما يتم نشره فى الصحيفة التى يترأس تحريرها من ناحية، ومعه كاتب الخبر أو الموضوع أو المقال من ناحية أخرى، ويعاون رئيس التحرير جهاز تحريرى كامل يضم نواب رئيس التحرير، ومدير التحرير ورؤساء الأقسام والمحررين الصحفيين بأقسام الصحيفة المختلفة، وهذه المهمة لا علاقة لها بكل ما يتصل بمهام الإدارة داخل الصحيفة أو المؤسسة .
أما القسم الفنى فيتمثل فى السكرتارية الفنية وهم القائمين على إخراج وتنفيذ صفحات الجريدة والاطمئنان على الأفلام قبل إعداد الزنكات ثم عمليتى الطباعة بجانب المصورين ومهندسى الطباعة، حيث يقوم هذا القسم بكل ما هو فنى داخل الصحيفة ولا علاقة له بالنواحى الإدارية أو التحريرية.
ومن هذا التصنيف يتضح أن القسم التحريري يمثل العمود الفقرى فى أى عملية صحفية أو إعلامية ، حيث لا توجد صحيفة دون أن يقوم على إعدادها مجموعة من المحررين الصحفيين فهم يقومون على جمع المادة الصحفية من مصادرها المختلفة ثم تسليمها إلى رئيس القسم التابعين له ، وبعد ذلك يختار منها ما يشاء، ويؤجل منها ما يشاء أيضاً، وبعض الموضوعات قد يتم استبعادها لعدم صلاحيتها للنشر، أو أن مضمونها لا يتفق وسياسة تحرير الصحيفة، أو خبر أو موضوع لا يرتقى إلى النشر حيث يوجد للنشر ما هو أفضل وأحسن. فن التحرير الصحفى:
تشير معاجم اللغة إلى أن \"تحرير الشيء\" أى كتابته ، ومعنى التحرير أى الكتابة، ويقولون تحرير صحفى يعنى الكتابة فى الصحفية، والمعنى فن الكتابة للصحف، حيث أنه باستطاعة أى إنسان أن يكتب ويحرر موضوعات ، ولكن ليس كل ما تم تحريره أو كتابته يصلح للعمل الصحفى .
ومن هنا يمكن تعريف التحرير الصحفى على أنه:
فن نقل الوقائع والأحداث المهمة على صفحات الجريدة ، حيث لا ترصد الصحف إلا كل ما هو مهم ومثير ويترجم الأحداث اليومية بصورة أقرب إلى الموضوعية ، على الرغم من أن الموضوعية ُتعد من القيم النسبية فى الكتابة للصحف والمجلات ، فليست فى تحرير الصحف أخبار أو موضوعات يتم تحريرها بموضوعية كاملة ، دون حذف أو إضافة بعيداً عن تدخلات المحرر الصحفى نفسه ، أو رئيس القسم المباشر التابع له المحرر الصحفى ، أو حتى السياسة التحريرية والتى تمثل مجموعة المبادىء والقيم والقوانين والتشريعات التى تحكم عملية الكتابة لكل العاملين بالصحيفة بما فيهم رئيس التحرير نفسه، وُكتاب المقالات الذين تستعين بهم الصحيفة ضمن أبوابها المختلفة .
وعلى هذا فإن علم التحرير الصحفى يقوم أساساً على فن صناعة الكلمة والقدرة على صياغتها واختيار أفضل الكلمات والألفاظ الأقرب إلى التعبير الصحيح عن الحدث أو الواقعة التى يرصدها المحرر الصحفى .
وبالتالى فإن الكلمة التى نصف بها قطاً غير الكلمة التى نصف بها أسداً، كما أن الكلمة التى تنقل وقائع مباراة لكرة القدم من ملعب رياضى بالقاهرة
غير الكلمة التى تنقل وقائع حريق قطار ، أو إنهيار عمارة سكنية ، أو غرق سفينة ركاب فى البحر ، أو سقوط طائرة بكل من فيها فى المحيط . ومن هنا فإن الكلمات التى تم توظيفها واستخدامها فى الأخبار والموضوعات التى أعقبت حصول الفريق المصرى لكرة القدم على كأس الأمم الإفريقية بعد فوزه على ساحل العاج فى المباراة النهائية بإستاد القاهرة ، ليست هى بطبيعة الحال مثل الكلمات والعبارات التى عبرت عن غرق العبارة المصرية (السلام 98) وهى على بُعد ساعة من ميناء سفاجا ؛ مع أن الحدثين كانا فى فترة زمنية واحدة، فما تم كتابته عن العبارة المصرية الغارقة بكل من فيها من مواساه وحزن على ضحايا الركاب المفقودين ، وحسرة وألم أهليهم وذويهم ، والعمل على سرعة صرف التعويضات (150 ألف جنيه لكل متوفى) و(15 ألف لكل ناجى) كان يقابل هذا كله أزمة المنتخب القومى مع الفرق الإفريقية ، واستعدادات المنتخب المصرى لساحل العاج ، وأزمة أحمد حسام (ميدو) مع المدرب حسن شحاتة بعد رفضه الخروج من مباراة السنغال ، وربما نسى الناس مأساة العبارة المصرية ومن كانوا عليها وأصبح الحديث عن رد فعل (ميدو) غير اللائق مع المدرب حسن شحاتة.
ومن هنا يمكن القول أن الإعلام عموماً (صحافة – إذاعة – تليفزيون) لعب دوراً مهماً عندما قام بنشر وبث قيماً وموضوعات من شأنها أن تخفف من حجم الكارثة أو الواقعة التى كانت مسيطرة على عقول واهتمامات الشعب بكاملة، وبالتالى فإن الصحف تتنافس فيما بينها بمقدار ما تتميز الصحف عن نظيراتها فى تحرير موادها الصحفية، فليس معنى أن تزداد مبيعات صحيفة وتحقق رواجاً بالسوق أنها أفضل من غيرها ، ولو تم الأخذ بهذا المعيار لقلنا أن جريدة (النبأ) المستقلة كانت تحقق فى يوم ما توزيعاً فاق كل الصحف القومية والحزبية ، كما أن جريدة (الدستور) استطاعت فى أعدادها الأولى بعد عودتها أن تحقق توزيعاً لم يحدث من قبل، إلا أنه وبعد أن أصبحت جريدة يومية هبط توزيعها إلى معدل يجعلها من الصحف التى يقبل عليها القراء بجانب نسب تكاد تكون متفاوته مع صحف أخرى مثل (المصرى اليوم – الوفد - العربى – وصوت الأمة – والأسبوع – والميدان – والجمهورية الأسبوعى – وأخبار اليوم – وأهرام الجمعة).
ورغم أن الخبر هو الخبر، والمعلومة بكل تفاصيلها تتناولها كل الصحف وتضعها ضمن أولويات النشر لديها ، إلا أن صياغة المعلومة ذاتها قد يختلف من صحيفة لأخرى، كما يختلف من محرر لآخر وفى الصحيفة الواحدة ؛ وبالتالى فالقيم التى يحملها الخبر أو المعلومة الجديدة يعاد ترتيب ألفاظها ومضمونها لتتفق مع سياسة تحرير كل صحيفة من الصحف التى فى طريقها لنشر الحدث أو الواقعة أو المعلومة .
كما أن قيم الخبر ذاته قد يختلف من وسيلة لأخرى ، فالإذاعة مثلاً لابد أن يرتكز تفوقها فى عملها ونقلها للأحداث والوقائع على دقة تحرير مادتها الإعلامية قبل إذاعتها، حيث يقوم المذيع قبل الحديث أمام الميكرفون بإعداد النص وتجهيزه والتأكد من مخارج الحروف والألفاظ لديه حتى يتأكد من سلامة النطق الجيد قبل إذاعتها على الجمهور بلا أخطاء.
أما تحرير الخبر التليفزيونى فيكاد يختلف حيث أنه وعلى الرغم من قيمة الحدث أو المعلومة وسرعة نقلها للجمهور فى التو واللحظة ، إلا أن الجانب المصور يصبح هو المهم مع المادة التحريرية المعبرة عن الحدث أو الواقعة، حيث يغلب الجانب المصور على الجانب التحريرى ، وبالتالى فالمذيع التليفزيونى يميل إلى اختيار الكلمات التى تعطى المضمون بسرعة ، حيث يتم اختصار كلمات الحدث ليكون دور الكاميرا هو المهم، فالجمهور الذى عرف بغرق العبارة المصرية بالبحر الأحمر لا يحتاج إلى كلمات تعبيراً عن الحدث بأكثر ما هو فى حاجة إلى رؤية ما يتم من عمليات إنقاذ لركاب العبارة الذين تم انتشالهم قبل أن تلتهمهم الأسماك المتوحشة بالبحر، وذلك وفق الرؤية التى تؤكد أن الصورة قد تعوض القارئ عن الكثير من الكلمات والمعانى ، هذا بالنسبة للصورة الصماء، فما هو الحال لو كانت الصورة متحركة وتدور الكاميرا فى جوانب المكان لتنقل بكل التفاصيل ما يحدث دون حجب للمعلومات المتداولة عن الحدث ذاته. وعلى هذا فإن تحرير المادة الصحفية تكاد تكون مختلفة من وسيلة إعلامية لأخرى، وذلك وفق ما تتسم به كل وسيلة عن أخرياتها من إمكانيات وخصائص حيث تقوم كل وسيلة بإبراز أفضل عناصرها لنقل الأحداث والوقائع للجمهور الذى ينتظر الجديد عن الحدث، وإن كان الكل قد يتفق على أن الحدث نفسه لابد وأن يكون مهماً ومثيراً ويستحوذ على اهتمام الجمهور عند نشره ،أو إذاعته، أو رؤيته تليفزيونياً.
ومن هنا يصبح الخبر هو المعلومة الجديدة التى لن يعرفها القراء أو الجمهور من قبل والرغبة فى الإحاطة الكاملة بكل تفاصيلها، ونظراً لما للكلمات من تأثيرات مختلفة وبما تثيره من معانى ومفاهيم متباينة فإن الأخبار والموضوعات الصحفية ترتبط بثلاثة أنواع من الصحف هى:
(1) الصحف المحافظة:
وهى الصحف التى تلتزم تقريباً بالجدية والاتزان والموضوعية فيما تنشره من أخبار وموضوعات، وفيما تستخدمه من أساليب فنية فى تجهيز وإخراج الصحيفة.
(2) الصحف الشعبية:
وهى تلك الصحف التى تميل إلى أن تأخذ بالطابع الجماهيرى، والنزول إلى مستوى القراء، بما فى ذلك القارئ العادى ، وتسعى إلى جذب أكبر عدد من القراء وبالتالى تقوم على نشر كل ما يثير اهتمامات القراء وذلك باستخدام الأساليب الجذابة فى كتابة الموضوعات والأخبار وصياغة العناوين المصاحبة لهما ، وكذلك البهرجة فى الإخراج الفنى للصفحات، وعلى هذا فقد غالت وتمادت بعض الصحف المصرية والعربية فى السير فى هذا الاتجاه ، وعرفت بصحف الفضائح أو الصحافة الصفراء، أو القبرصية ، أو صحافة الإثارة ، أوالصحف الطائفية .
(3) الصحف المعتدلة :
وهى الصحف التى تسعى إلى أن تقف فى ( الوسط ) بين الصحف المحافظة والصحف الشعبية، وتأخذ من الإثنين معاً ؛ حيث تأخذ من الصحف المحافظة بعض ما تلتزم به من جدية واتزان فى اختيار الأخبار والموضوعات وأساليب وطرق الإخراج الفنى للصفحات، وتأخذ كذلك من الصحف الشعبية بعض أساليبها فى جذب أكبر عدد من القراء عن طريق العناوين المثيرة ، والصور الملفتة للنظر ذات الاتساعات الكبيرة، والألوان الجذابة بما يدفع القراء إلى متابعتها ، والحرص على شراء كل عدد يصدر منها.
وبخلاف التقسيم السابق فإن تحرير الخبر فى الدول المتقدمة يختلف بصورة كبيرة عن الأسلوب والطريقة التى يتم بها تحرير الخبر بها فى الدول النامية، حيث ما يزال الفرق شاسعاً، وأن الحرية الصحفية فى الدول المتقدمة تكاد تعكس الصورة الحقيقة لوضع الصحافة فى الدول النامية.
ماهى الصحافة:
تعرف الصحافة على أنها مطبوع دورى يصدر بصفة منتظمة ، وتحت عنوان ثابت وينشر الأخبار والموضوعات السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية والرياضية والاقتصادية ويشرحها ويعلق عليها، وهى تختلف بالتالى عن الدورية الصحفية. فالدورية كما عرفتها منظمة اليونسكو (Unisco) هى كل المطبوعات التى تصدر على فترات محددة أو غير محددة ، ولها عنوان واحد ينظم جميع حلقاتها، ويشترك فى تحريرها العديد من الكتاب والمحررين الصحفيين ويقصد بها أن تصدر إلى مالا نهاية. وقد قسمت منظمة اليونسكو الدوريات الصحفية إلى فئتين هما:-
(1) الصحف News paper:
وهى الجرائد ومنها الصحف اليومية ، والصحف غير اليومية (مرتين فى الأسبوع أو أكثر ) ، أو الصحف الأسبوعية، أو حتى النصف شهرية.
(2) المجلات Magazines:
وتنقسم إلى مجلات عامة تهم المثقف العام وتتناول كل مجالات الحياة المختلفة ، وأخرى متخصصة فى علم من العلوم المختلفة كالطب، الرياضة، الأدب، الفن، السينما، الاقتصاد، المرأة، الطفل، الشباب، ....) أما الدوريات العامة فهى تلك الصحف والمجلات التى تصدر فى مواعيد منتظمة تحت عنوان واحد سواء أكانت يومية أو أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية.
والصحافة بهذا المعنى لا تعمل من فراغ، ولكن تدخل مع بقية النظم والمؤسسات الاجتماعية الأخرى القائمة فى المجتمع فى شبكة محكمة من العلاقات التبادلية فيما بينها.
ومن ناحية أخرى تخضع الصحيفة فى ممارستها لوظائفها وفى كافة عملياتها لطبيعة البناء الاجتماعي والسياسى السائد فى المجتمع، باعتبار أن هذه الطبيعة هى التى تحدد نمط ملكية المؤسسات الصحفية وأساليب إدارتها، ويفرض الخط الفكرى والأيديولوجي الذى تعمل الصحافة فى إطاره، ويحدد الوظائف والمهام التى تؤديها فى المجتمع ومن ناحية أخرى يمثل البناء الاجتماعي والسياسى مصدراً مهماً من مصادر المعلومات التى تستقى منه الصحافة الوقائع والأحداث، ويؤثر بالتالى على نوعية ما يتم طرحه فى الصحافة من أفكار ومفاهيم.
ورغم ما سبق لا يمكن تجاهل الدور الذى تلعبه المؤسسات الصحفية حيث تؤثر على الأنظمة الاجتماعية والسياسية القائمة، فالحدث الذى حمل الإساءة للرسول (ص) من بابا الفاتيكان أو فى الصحافة الدانماركية دفع الصحف المصرية بكل توجهاتها وميولها إلى رد فعل قوى تجاه ما تم نشره من رسوم كاريكاتيرية تسيء إلى الإسلام والإعلان عن مقاطعة البضائع والمنتجات الأوربية، والمطالبة باعتذار رسمى للمسلمين فى كل دول العالم ، وكذلك احتجاج بعض الدول الإسلامية وقامت بسحب سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية من دولة الدانمارك وغيرها من الدول التى أعادت نشر هذه الصور فى صحفها، مما يؤكد طبيعة العلاقة القوية بين الصحيفة من ناحية والأنظمة السياسية والإجتماعية القائمة فى المجتمع من ناحية أخرى.
فإذا كانت الصحيفة تتأثر بطبيعة المجتمع التى تعمل فى إطاره فإن قدرة الصحيفة على القيام بمهامها وتحقيق اتصال فعال يتوقف على ما يدور داخل هذه الصحيفة أو المؤسسة التى تصدر منها حيث يحكم عملياتها فى ذلك العديد من القيود والقواعد والتنظيمات فضلاً على ما تفرضه متطلبات العمل والنشر، وملء الصفحات التى تضمها الصحيفة كما أن الصحيفة مطالبة فى نفس الوقت بتقديم إنتاج صحفى متميز بعيداً عن التكرار والتفاصيل البعيدة عن اهتمامات القراء، وهى ضغوط تفرض على العمل داخل المؤسسات الصحفية وتؤثر فى النهاية على المنتج الصحفى، فضلاً عن الضغوط التى تتعلق بعامل الوقت والإمكانات المتاحة، والمنافسة الصحفية، وسياسة الصحيفة وتأثير النظام السياسى للدولة على الأنظمة الإعلامية التى تعمل فى إطاره بما يدفع إلى تجنب الاصطدام به، وانتقاء المواد الصحفية قبل نشرها لتفادى ما سبق الإشارة إليه.
هذا فضلاً عن أن كل صحيفة شخصية تميزها عن غيرها من الصحف تحريرياً وإخراجياً، كما أن لكل فرد شخصيته المتميزة والمتفردة، ولكل أمة شخصيتها القومية وهويتها الخاصة.
وعلى هذا فإن شخصية الصحيفة تحددها سياستها التحريرية من ناحية وجمهور القراء الذى تخاطبه من ناحية ثانية وأسلوبها التحريرى والإخراجى من ناحية ثالثة، فقد يجد المحرر الصحفى والجهاز التحريرى نفسه سيل من التساؤلات التى لا حدود لها حول المفيد وغير المفيد، والصالح وغير الصالح من الأخبار حيث يحسم الأمر فى النهاية القناعات الذاتية للعاملين بكل صحيفة ومدى فهمهم للواقع الحضارى والاحتياجات الأساسية للمجتمع الذى ينتمون إليه، حيث أن هذه القناعة وهذا الفهم لا يتأثر من فراغ وإنما هو وليد سياق اجتماعي وثقافى ومؤسسى معين يحدد رؤى العاملين بكل صحيفة ويوجه عملية انتقاء ونشر الأخبار بحيث تأتى فى النهاية تعبيراً عن هذا السياق وإفرازاً له .
الدكتور مجدي الداغر
*مدرس الإعلام والصحافة بكلية الآداب – جامعة المنصورة
المصدر: موقع الصحفي العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.