جاء في كتاب الإمتاع و المؤانسة :-- وعد رجل بعض إخوانه أن يهدي إليه بغلا،فطال مطله،فأخذ قارورة و بال فيها و جاء إلى الطبيب و قال: انظر إلى هذا الماء،هل يهدي إلي بعض إخواني بغلا----ص 198 لذلك فكرت في كم القوارير التي علينا ملؤها و أخذها إلى الشواف لكي يلقي عليها إطلالة في انتظار الذي لا يأتي في انتظار تلك الكلمات الرنانة التي لها أيامها السبعة القريبة هل علينا أن نرقب الإصلاح في قوارير بولنا؟هل علينا أن ننتظر إصلاح الإصلاح بالإصلاح فنكون كمن يملأ الفراغ بالفراغ؟إن أوصالنا ممزقة في كل الاتجاهات الوعي السياسي في حدوده الدنيا،الشباب ركب الايرباص الورقي و لا أحد يدري أين ستتلاشى قطع مستقبله،الأسرة وعاء لا أكثر أما الذي يربي فهو ميلودي و غنوة و الذهبية و مهند و برنامج التكليخ العالمي إميسن،الرياضة ذات يوم قررت أن أسجل نفسي في ناد رياضي و لأنني لا أحب العنف فقد تجنبت نوادي الكاراطي و كمال الجسم فماذا وجدت في هذه المدينة السعيدة السحرية من السحر لأنها مسحورة منذ زمن على عدم النمو إسوة بمثيلاتها لا نوادي لكرة السلة الطائرة كرة اليد الطاولة الشطرنج الملاكمة ...ففكرت ربما أنهم ينتظرون حتى تبنى القاعة المغطاة...بغطاء لا عين شافت لا قلب وجع.؟أما التعليم فإذا كان الشواف سيرى شيئا فلا أظن أنه قادر على إبصار قدر التعليم في ظل هذه الضبابية التي يتيه فيها الجميع المعلمون تتقيح أيامهم في صقيع الغربة و عدم التكيف ألسنتهم تلهج بلعن القدر القاسي الذي قذف بعشرينات سنواتهم إلى مفاجأة يبلعونها كل يوم و هم أمام الأعمال الهرقلية لتدريس مستويات وحدة مدرسية بأكملها فتتآكل أحلامهم في الجبل و تنبت صلعة اليأس و الحركة في كل مكان من انتظاراتهم و تتالى أفواج التلاميذ المغلوبين على أمرهم و المدرسة مصنع لم يعد ينتج شيئا سوى الهواء الذي يصفر في أرجاء القاعات الخالية من المدرسين أو المليئة ببعضهم هل تحرك مصالح التخطيط ساكنا؟هل تحاشيه الوزارة لجيوش الباحثين السوسيولوجيين لإنقاذ الوضع؟طبعا لا و الخلاصة إذا كان رجال التعليم حطب التاريخ فإنه يحترق للأسف دون أن يدفئ أحدا و عقول شبابنا ليس فيها إلا الرماد.أما السياسة فإن جهابذة العلوم السياسية يحارون في تشخيص وضعيتها بالمغرب و بمدينتنا طبعا فلا أحد يعلم هل سيحصل على القاعة هل باللاص أم بالراي و كأننا في لعبة روندا ليس هناك تصور مضبوط لخدمة المدينة للنهوض بها و إنما هي حرب على المقعد لا هوادة فيها و أحزاب من كل نوع اليسار اليميني المحافظ- اليمين الإسلامي للوسط --اليسار الليبرالي الراديكالي تخربيقة إيديولوجية حتى أن المواطن يفقد الذاكرة السياسية لا أحد يقرأ البرامج و لا أحد عاد يكتبها و بشر يمشون على الجليد و آخرون يتجمدون في الماء تحتهم و الأمل الكبير آت للجميع :الإصلاح و إصلاح الإصلاح لكن الخطة ضاعت على مخطوط جزيرة الكنز عند القراصنة بعصابة على العين و مخطاف مكان اليد و هم يجوبون البحار الآن ليأتونا بالإصلاح و عندما سيصلون إلى الصندوق سيجدون ورقة صغيرة مكتوبا فيها ما يلي: --- آه يا حبيبتي عبثاً أستردُّ شجاعتي وبأسي المأساة ليست هنا في السوط أو المكتب أو صفارات الإنذار إنها هناك في المهد.. في الرَّحم فأنا قطعاً ما كنت مربوطاً إلى رحمي بحبل سرّه بل بحبل مشنقة-----محمد الماغوط--- كولونيل [email protected]