تجمع المغرب وموريتانيا علاقات عريقة تستمد قوتها من الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين، فضلا عن إطار قانوني ما فتئ يتعزز بفضل الاتفاقات في مختلف المجالات واللقاءات المتكررة بين قيادتي البلدين. هذه اللقاءات التي تكرست أكثر بالزيارة الأخيرة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس لموريتانيا شهر يونيو الفائت وذلك عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي عرفتها الجارة الموريتانية. ورأى المراقبون حينها أن زيارة جلالة الملك لموريتانيا في تلك الظرفية تحمل دلالات عميقة، من أهمها: حرص المغرب الأكيد على استقرار موريتانيا وأمنها والمحافظة على دورها المتميز كقطب استقرار وتوازن وأمن في منطقة المغرب العربي. وفي سياق الاستمرارية التي شهدتها العلاقات بين البلدين شكلت الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى موريتانيا من 10 إلى 12 شتنبر ,2001 وتلك التي قام بها للمغرب الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في أبريل من عام ,2000 محطتان بارزتان لإرساء دعائم وأسس صلبة لهذه العلاقات، وإعطاء دفعة جديدة للتعاون بين البلدين وتمتينه في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتعتمد العلاقات المغربية الموريتانية على إطار قانوني ينظمها، حيث شكلت معاهدة الأخوة وحسن الجوار الموقعة بين البلدين في يونيو 1970 اللبنة الأولى للتعاون بين البلدين وإطارا يساهم في تفعيل عمل المؤسسات الاقتصادية قصد الرقي بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى التحديات التي تفرضها العولمة والمنافسة الدولية ومحطة أساسية لتقوية الاندماج المغاربي. ثم شهدت مسيرة التعاون الثنائي والمبادلات دفعا عمليا بعد انعقاد اللجنة العليا المشتركة المغربية الموريتانية لدوراتها الثلاث، والتي تميزت بالانتظام والجدية، على التوالي في أبريل 2000 ويناير 2002 وماي ,2003 وهي المبادرة التي أطلقها قرار مشترك من قائدي البلدين جلالة الملك محمد السادس والرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع في أعقاب الزيارة الرسمية التي قام بها إلى المغرب الرئيس الموريتاني من 26 إلى 28 أبريل 2000 وذلك بهدف تفعيل آليات التعاون المشترك. كما شهد التعاون الاقتصادي بين البلدين نقلة نوعية بعد المساهمة الفعالة للمغرب في مشروع إنجاز طريق نواكشوط نواذيبو في عام ,2000 كما فازت اتصالات المغرب بصفقة شراء معظم الأسهم في رأسمال الشركة الموريتانية للاتصالات موريتيل عام ,2001 ويعد هذا الشكل من التعاون مرحلة متقدمة في الشراكة الاقتصادية والتجارية بين المغرب وموريتانيا، ومثالا حيا على التطور الكبير الذي يشهده التعاون بينهما. وفي ما يخص التعاون المغربي الموريتاني في مجال التجهيزات الأساسية والذي كان خلال العشر سنوات الأخيرة ينحصر في مجال الموانئ، فقد عرف قفزة نوعية منذ انعقاد اللجنة العليا المشتركة، حيث توسع ليشمل بصفة خاصة ميدان الطرق ويشهد بوادر مشجعة للتعاون في ميداني الأرصاد الجوية والمياه. وفي ما يتعلق بالتعاون الثقافي والعلمي بين المغرب وموريتانيا فإن اتفاق التعاون الموقع بهذا الصدد بنواكشوط في 10 فبراير 1972 يمثل الإطار القانوني للتعاون بين البلدين في هذه المجالات. وخلال انعقاد الدورة الثالثة للجنة العليا المشتركة تم التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون خلال سنوات 2003 و 2004 و .2005 وعلى الرغم من إرادة التعاون المعبر عنها في عدة مناسبات فإن التعاون الثقافي بين البلدين ارتكز أساسا على استقبال الطلبة الموريتانيين بالمغرب وإرسال مدرسين مغاربة إلى موريتانيا. وقد بلغ عدد الطلبة الموريتانيين بالمغرب برسم السنة الدراسية 20012000 ما مجموعه 381 طالبا موزعين على تخصصات الطب 11 والعلوم 65 والحقوق 39 والآداب 32 والمتدربون .102 ويتابع العدد الباقي دراستهم في المعاهد والمدارس العليا والتقنية بالمملكة. ويصل عدد الطلبة الموريتانيين الممنوحين 345 طالبا. وبرأي المراقبين فإن العلاقات المغربية الموريتانية توجد حاليا في وضعية ممتازة، وأن الاندماج الاقتصادي بين الجانبين قد بلغ مرحلة متقدمة بفضل تنوع ودينامية هذه العلاقات التي أصبحت نموذجا للتعاون جنوب جنوب.