كان على جريدة التجديد، لتتحول من الإصدار الأسبوعي أو النصف الأسبوعي إلى الإصدار اليومي، أن تسير في اتجاه بناء مؤسسة/مقاولة حديثة تستطيع أن تدخل عالم المنافسة الإعلامية وتجد لها موقع قدم وسط بحر من الجرائد اليومية والأسبوعية التي تصدر بالمغرب. وبما أنها جريدة غير مستقلة تتحدث بلسان حركة دعوية وتخاطب فئة معينة من المغاربة، واتخذت قرارا بالصدور اليومي، فكان من الضروري أن تعمل على إعادة هيكلة المؤسسة، خاصة على مستوى الموارد البشرية، هذه الأخيرة هي الركن الأساس الذي تراهن عليه أي مقاولة حديثة من أجل تطوير نفسها. في هذا السياق أجرت المؤسسة مباراة لاختيار أجود المحررين أو على الأقل الذين لهم القابلية للتمكن من أدوات العمل الصحفي في مدة وجيزة، وإخضاعهم للتكوين والتدريب في أفق خوض مغامرة الإصدار اليومي. ومع انطلاق ماكينة هذا الإصدار، التي لا بد وأن تشتغل بالطاقة الخلاقة لكل العاملين بالمؤسسة، ومن الطبيعي جدا أن تبرز لدى هؤلاء أثناء أدائهم مهامهم، بعض الحاجيات والمطالب التي يستوجبها العمل. وأمام تزايد هذه الحاجيات، بدأت فكرة تأسيس هيئة نقابية تجمع كل العاملين في إطار واحد وتوحد كلمتهم في تعاملهم مع إدارة المؤسسة، وتداول هذه الفكرة مجموعة من الصحافيين في البداية، بعد ذلك تم تعميم الفكرة على باقي الأطر، وفي النهاية انعقد جمع عام بالمؤسسة في شهر ماي من سنة ,2002 انبثق عنه مولود جديد هو:المكتب النقابي لصحيفة التجديد (منصت). ويعتبر هذا الميلاد في حد ذاته عملا فريدا بكل المقاييس، لأنه خرج من رحم جريدة إسلامية ناطقة بلسان حركة دعوية وهي حركة التوحيد والإصلاح، وهذا له دلالات عميقة، أبرزها أنها تنم عن وعي ونضج هذه الحركة، التي ارتضت أن تعمل وفق القوانين الجاري بها العمل في المغرب، وذلك بقبولها بهذا الوافد الجديد، وتفهمها لضرورات وجود العمل النقابي في إحدى مؤسساتها. وما ساعد على تأسيس الهيأة النقابية المذكورة هو أن بعض المسؤولين بالجريدة يمارسون العمل النقابي على المستوى الوطني، فكان من المنطقي أن يتقبلوا الفكرة، لأنها تنسجم تماما مع إيمانهم بالعمل النقابي، وهكذا نظمت (منصت) عدة أنشطة داخلية لم تشكل أية حساسية ولم تقابل بأي رد فعل سلبي. وبغض النظر عن مسار التجربة والتعثرات التي يمكن أن تقف في وجهها نظرا لجدتها، يمكن القول إنها استطاعت أن تستمر في الوجود، بتجديد مكتبها ووضع الثقة في المسؤولين عنه، ومرت ببعض المحطات الصعبة، استطاعت أن تثبت وجودها وتحقق بعض المطالب، وإن كانت ما زالت في حدودها الدنيا. تحاول (منصت) أن تؤسس عملها على مبدإ التوافق والتفاهم المتبادل مع المسؤولين في إطار البحث المستمر عن الحلول الممكنة لكل المشاكل التي تعترض العمل بالجريدة، مع الاستعداد الدائم للتضحية من أجل إنجاح المشروع الإعلامي الإسلامي، وفي الوقت نفسه تسعى للحفاظ على استقلاليتها والتجائها إن اقتضى الحال إلى الأساليب النضالية المشروعة التي تكفلها القوانين. وتعزز دور المكتب النقابي، بسهره إلى جانب الإدارة على تنظيم انتخابات مندوبي الأجراء التي جرت في المغرب أخيرا، وأسفرت العملية عن اختيار مندوبين ونائبين لهما، الأمر الذي سيقوي ويطور العمل النقابي بالمؤسسة، ويمنحه السند القانوني. وعلى الصعيد الخارجي، شارك صحافيون من التجديد في المؤتمر التأسيسي لفيدرالية الصحافيين المغاربة، والآن تعتبر (منصت) أحد مكونات هذه الفيدرالية، بالإضافة إلى انضمامها إلى منظمة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وتشكيلها لما يسمى قطاع الإعلام والصحافة داخل المنظمة، ومشاركتها في بعض الاستحقاقات الانتخابية التي شهدها المغرب أخيرا، خاصة المتعلقة بهيأة المأجورين. وتبقى التجربة التي نتحدث عنها في طور النمو، وتحتاج إلى مزيد من العمل والتطوير، لتراكم فيها الإيجابيات وتتخلى عن السلبيات. وحسب بعض الشهادات، فإنه من الصعب تأسيس عمل نقابي داخل جريدة معينة بالمغرب، ومع ذلك تكون التجديد قد كسبت هذا الرهان، بانتقالها إلى الإصدار اليومي، وبناء مؤسسة حديثة تعمل وفق القوانين وتستوعب العمل النقابي، وكل ذاك من أجل تطوير العمل الإعلامي الإسلامي بالمغرب. عمر العمري: الكاتب العام لمنصت