. وتعلل المسؤولون في مؤسسات التعليم العالي بوصول أوامر مؤكدة على محاربة ما تسميه السلطات ب"الزي الطائفي"، خاصة في المؤسسات التعليمية. وقال حارس كلية الآداب بمنوبة في ضواحي العاصمة التونسية، "لقد أمرني كاتب عام الكلية، بكل حزم، بمنع الطالبات اللاتي يضغن غطاء للرأس من الدخول، مهما كانت الأسباب". وتعتمد السلطات التونسية في تطبيقها لهذا الأمر على المنشور 108 الصادر منذ عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة ووزيره الأول محمد مزالي، والذي يمنع منعا باتا ارتداء الحجاب، باعتباره زيا طائفيا، ولا يمت للشعب التونسي بأي صلة. وقالت الطالبة هالة المصمودي (21 عاما) "لقد فوجئت بمنعي من تجاوز الباب الرئيس لكلية الحقوق بتونس، بسبب ارتدائي للحجاب، واشترط علي بواب الكلية نزع غطاء الرأس، حتى أستطيع تقديم أوراق اعتمادي للإدارة". وأضافت طالبة الحقوق "أنا مضطرة للاستجابة لهذا القرار المجحف، ولكني اعتبره ظلما.. ظلما كبيرا، وليس له أي تفسير". وقالت هدى (25 عاما) إنها منعت وكل زميلاتها المحجبات من دخول كلية العلوم. وأضافت قائلة "كان هناك إصرار كبير على منعنا من الدخول..، تعللوا بالأوامر، ولم يعطونا أي وثيقة تثبت ذلك. قالوا إن ما نرتديه زي طائفي، ولا أعرف من أين جاءت الطائفية إلى تونس؟". وواصلت هدى احتجاجها بالقول "لا أعرف ما هو الجرم الذي ارتكبته، حتى أمنع من الدراسة.. أنا أعبر عن قناعتي الذاتية والدينية، ولا اعتقد أني أضررت بأي كان". ويعتقد الملاحظون أن الحكومة التونسية اتخذت قرارا بمحاربة المحجبات، لأنها تقرن بين عودة مظاهر التدين، والخوف من عودة الحركة الإسلامية. وقد أصدر وزير التعليم العالي منشورا منذ نهاية السنة الماضية يطالب فيه عمداء الكليات بتطبيق حازم للمنشور 108. ولكن المنظمات الحقوقية التونسية اعتبرت هذه الإجراءات اعتداء على الحرية الشخصية. وقالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إن منع الطالبات المحجبات من حق التعلم، وإحالتهن على مجالس التأديب، اعتداء على حرية التدين، وحرية اللباس، وهي حقوق مكفولة في كل المواثيق والمعاهدات الدولية. يذكر أن الشارع التونسي شهد انتشارا ملحوظا، في السنوات الأخيرة لمظاهر التدين، وخاصة ارتداء الحجاب، وهو ما اعتبرته أوساط حكومية ويسارية تهديدا لمكاسب المرأة التونسية. ولكن بعض المحللين يعتبرون ارتداء الحجاب أمر عادي في مجتمع عربي ومسلم، وأنه جاء كردة فعل على فشل الخيارات الثقافية والاجتماعية السائدة، وتأثرا ببعض ما تبثه الفضائيات العربية من دروس فقهية. وكانت مجموعة نسائية علمانية، تطلق على نفسها اسم "نساء ديمقراطيات"، قد طالبت قبل أسابيع الحكومة التونسية بالتدخل لمنع الحجاب، وهو ما أثار ردود فعل سلبية تجاه موقف هذه الجمعية، واعتبر الصحافي التونسي المخضرم صلاح الدين الجورشي موقف هذ المنظمة "سقطة سياسية كبيرة"، ودعاها إلى العدول عنه. قدس برس