أكد الدكتور محمود الزهار، عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة السلامية حماس أن غياب قادة الحركة عن الظهور في وسائل الإعلام بعد اغتيال قادتها لا يعني تراجع وضع الحركة لا إن نشاطاتها العسكرية والسياسية تواصلت لشكل أظهر تفوق الحركة على التنظيمات الأخرى.وقال في حديث ل"التجدد" إن الشعب الفلسطيني أدرك الخدعة الكبيرة المسماة أوسلو ووسائلها ومنها التنسيق الأمني، كما أن قوة حماس التنظيمية والتسليحية باتت عائقا أمام أي محاولة لاستهداف الحركة. وشدد الزهار على أن الحوار الفلسطيني لم ينقطع لحل المشاكل اليومية للفلسطينيين التأسيس للفترة الحرجة التي تنتهي بانتخابات تمثيلية حقيقية للشعب الفلسطيني. وأعلن استعداد حركته للمشاركة في الانتخابات البلدية بشروط، مشيرا إلى أن قرار المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية تقف أمامه عوائق. وأكد أن مهمات حماس لن تتوقف بانسحاب جزئي من هنا أو هناك، كما أنها لن تسمح لكائن من كان أن يهضم حقها. وفيما يلي نص الحوار كاملا مع الدكتور الزهار: الاغتيالات لم تؤثر على الحركة * تعرضت حركة حماس لضربات متلاحقة استشهد واعتقل وجرح خلالها عدد من قادتها وكوادرها، فيما غاب آخرون عن الظهور، فكيف أثر ذلك على الحركة وكيف تصف قوتها الآن؟ من الحقائق هو أن الحركة ( حماس ) كانت هدفا للعدو الصهيوني وكان من نتيجة هذا الاستهداف المركز استشهد عدد كبير من قادتها السياسيين والعسكريين الأمر الذي أدى إلى احتجاب العديد من الظهور الإعلامي ..غير أن الحركة كانت قد وضعت هذا الأمر في حساباتها فكانت الأطر التنظيمية تفرز على الفور من يملأ الفراغ، ولذلك لم تتأثر الحركة بصورة جذرية، واستمرت النشاطات العسكرية والسياسية ...و لا يعني غياب بعض رموز الحركة الإعلامي تراجع وضع الحركة بل على العكس فإن الاستطلاعات تؤكد تقدم حماس لتكون رقم واحد بين التنظيمات ..كما أن الإقبال على الحركة وعلى المساجد والمشاركة في المسيرات يشهد نموا كبيرا ..و عن قوة الحركة العسكرية فإن مثال بيت حانون خير دليل، كما أن الانذرات اليومية الساخنة في الضفة الغربية دليل أخر. الاتصالات الأمنية جريمة * ما هو موقف حماس من بدء الاتصالات الأمنية بين السلطة وإسرائيل؟ خيار المفاوضات يعني الاتصال بالعدو على مستويات عدة، وهذا أحد أهم الأسباب التي أدت إلي وضع السلطة الفلسطينية الحالي وتدهور التأييد الشعبي والرأي العام تجاهها، ولازلنا ننصح بعدم تكرار تجارب أثبتت فشلها. ونحن نعتبر الاتصالات الأمنية التي تفضي إلى إعطاء معلومات جريمة. الأمن ليس بالسلاح * هل تعتقدون أن السماح للشرطة الفلسطينية بنشر الأسلحة في الضفة سيساهم في وضع حد للتردي الأمني في الأراضي الفلسطينية؟ التردي الأمني لم ينتج عن غياب السلاح، فدول أوروبا ودول العالم المستقرة لا تستخدم السلاح في أي شارع، لأن الأمن ينتج من تفاعل إيجابي وبناء بين أجهزة الأمن والمواطنين، يستشعر المواطن فيها بأن جهاز الأمن يحميه ويحمي حقوقه ويحمي الوطن، وتركيز الأمن على سلاح في يد شرطي أو رجل أمن يعني سياسة القمع، الذي يعني غياب الأمن ولذلك فإن تصوير الأمن بأنه قوة بطش سلطوية هو سياسة خاطئة، فالسلطة بأجهزتها الأمنية إذا خسرت تأييد الشارع خسرت الدولة كلها أمنها، والكثير من الأمثلة قالت أن الفتك بالشارع أدى إلي زوال الحاكم ولنا في الدولة الشيوعية وإيران أمثلة صارخة. الحذر من المرحلة القادمة * يعتقد مراقبون أن حماس ستكون الضحية الأولى لأي اتصالات فلسطينية إسرائيلية وأية تسوية مستقبلية، فكيف تنظرون إلى المرحلة القادمة؟ هذه من الحقائق التاريخية القريبة السابقة، وقد كان يتم ذلك تحت غطاء تحقيق المشروع الوطني ولكن الصورة اليوم اختلفت فالشارع في مجمله أدرك الخدعة الكبيرة المسماة أوسلو ووسائلها ومنها التنسيق الأمني، كما أن قوة حماس التنظيمية والتسليحية باتت عائقا أمام أي محاولة لاستهداف الحركة، نحن ننظر إلي المرحلة القادمة بحذر واستعداد لكل الاحتمالات، لكننا نعمل على إيجاد صيغ وطنية فلسطينية داخلية لا تستدعي أي طرف يؤمن باتفاقيات مع العدو، أن يلجأ إلى مواجهة داخلية فلسطينية، وهو موقف يؤيده الشارع الفلسطيني والكثير من قواعد وقيادات التنظيمات حتى المشاركة في السلطة. العنف سبب الفساد * برزت في الآونة الأخيرة دعوات للإصلاح وجرت أحداث مختلفة استخدم خلالها العنف، كيف تابعت حماس هذه القضية؟ وكيف يمكن أن يحدث الإصلاح الحقيقي حسب رؤيتكم؟ بداية العنف هو أحد أسباب الفساد، فعندما ينسحب السلاح من أي بقعة في أي وطن عن مواجهة العدو ينصرف إلى حل النزاعات الداخلية في حركة أو في دولة فإنها حالة فساد أو ستؤدي إلى فساد ولكن أوجه الفساد المالي والإداري والأخلاقي تعالج في كل المجتمعات بإيجاد صيغ إدارية تعالج الظاهرة كما علاج المرض بتشخيص الحالة ووضع صيغ العلاج ..و لا أعتقد أن أي برنامج للإصلاح يصلح للحالة الفلسطينية بدون الاعتماد على أسس العقيدة الإسلامية.. وهذا أحد أهم اهتمامات حركة حماس منذ نشأتها. الحوار لم ينقطع * إلى أين وصل الحوار الداخلي بين الفصائل الفلسطينية، ولماذا لم تتوصل الفصائل حتى الآن إلى رؤية مشتركة وبرنامج موحد يضمن استمرار المقاومة والحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني؟ الحوار لم ينقطع لتحقيق غايتين في المرحلة الحالية، الأول حل المشاكل اليومية ووضع تصورات جماعية وهذه تؤسس لمنهج الفهم المشترك أو إدراك طرق التفكير والمواقف لكل طرف، والثانية التأسيس للفترة الحرجة التي تنتهي بانتخابات تمثيلية حقيقية للشعب الفلسطيني مرورا بأي انسحاب إسرائيلي يمكن أن يحدث.. وهذه سوف تتحقق إن شاء الله في الأشهر القليلة القادمة وهذه مهمة الحركة الإسلامية بالأساس. المشاركة في الانتخابات * كثر الحديث وطال عن مرحلة ما بعد الانسحاب من غزة، فهل ستشارك حماس في الانتخابات التشريعية والبلدية والأجهزة الأمنية؟ بالنسبة للانتخابات البلدية فحماس ستشارك ولكن بعد وضع كل الضمانات التي تحقق الغايات الكلية ولكن يبدو أن السلطة بدأت تفصح عن نوايا غير مقبولة عندما قررت أن تجري الانتخابات في مناطق تظنها محسوبة لها، وهي تجمعات سكنية غير معروفة، وعدد سكانها قليل جدا وتبتعد عن المدن والبلديات التي تعاني من مشاكل أساسية... أما عن الانتخابات التمثيلية (التشريعية والرئاسية) فالحركة تعمل على إيجاد الوسائل التي تحقق الهدف.. ابتداءا من الاتفاق على السقف السياسي أو الغطاء الذي ستتم تحته الانتخابات .. بحكم ذاتي أم دولة، أم حكومة مؤقتة أم قيادة مؤقتة أم فترة انتقالية ..إلخ. ثم إيجاد الصيغ التنفيذية التي تضمن عدم المساس بالعملية بكاملها حتى لا يحدث ما يمزق الشارع ويهدد وحدته ويدفع باتجاهات سلبية اذا حدثت محاولات لحرف المسار الانتخابي لا قدر الله. أما الأجهزة الأمنية فالأمر مرتبط بطبيعة المرحلة، ففي المرحلة الانتقالية لن تشارك حماس في هذه الأجهزة، لأن الاحتلال قائم والاستهداف مستمر.. أما في حالة تحقيق الصيغة النهائية _ حتى ولو مرحليا _ للوضع السياسي ..مثل تشكيل دولة على أرض تم تحريرها فسيتم فتح باب الحوار حول صيغة الجيش الوطني أو صيغ أخرى. وثيقة شرف * تحدثت بعض وسائل الإعلام عن وجود وثيقة أعدتها الحركة لمرحلة ما بعد الانسحاب، ما هي أهم بنود هذه الوثيقة؟ الحديث دار ويدور حول وثيقة تبدأ فور التوقيع عليها وتنتهي بظهور نتائج انتخابات تشريعية ورئاسية وقد تشمل هذه مرحلة ما قبل الانسحاب وما بعده مباشرة وهذه الورقة تحتاج قبلها إلى ورقة ميثاق شرف يوضح اتفاق الجميع على مبادئ عامة تضبط العلاقة الفلسطينية حول عناوين هامة منها القضية الوطنية والعلاقات الداخلية وبرنامج مشتركة والعلاقات الخارجية وغيرها . و اعتقد أن الأشهر القليلة القادمة ستشهد نشاطا في هذا المجال لأن عرض أي ورقة ودرجة النجاح لتحقيقها يرتبط بعاملين الأول القيمة الحقيقية لما تضمنته الورقة، والثاني هو الزمن الذي تعرض فيه هذه الأفكار ولا اعتقد أن الوقت مناسب في هذه الأسابيع على الأقل. صواريخ القسام * يعتقد البعض أن صواريخ القسام تجلب على الفلسطينيين ضررا أكثر من النفع، فماذا تعني صواريخ القسام بالنسبة لحماس وما هي إيجابياتها؟ وهل تسعى حماس فعلا لتطويرها؟ لا أنكر أن من يؤمن بطاولة المفاوضات كخيار أول وأخير لا يرى أن صواريخ القسام تضر القضية كما يتصورها هو، بل أن إلقاء حجر على الاحتلال يضر أيضا، وهؤلاء باتوا لا يجرأون اليوم على مواجهة الجمهور الفلسطيني أو العربي، ولذلك نسمع عن لقاءات خارج فلسطيني لمجموعات مثل مجموعة جنيف قبلها كوبنهاجن.. ولهؤلاء إن تحدثوا منهجا يستهزئ ليس فقط بصواريخ القسام، كما أسموها ألعاب نارية ولكن حتى بدم الشهداء وعذابات الأسرى وجراحاتهم فمنهم من واجه والد الشهيد ليقول له "من قال لك ابعث ابنك ليستشهد؟". و لكن حماس لها برنامج مقاوم ترى في الصواريخ وفي كل وسائل المقاومة، الحجر والرصاصة والعبوة والصاروخ والعملية الاستشهادية وغيرها، أدوات تتحدد قيمتها الوطنية ليس بحجم ما تحدثه من خسائر في صفوف العدو فقط، ولكن وهذا وهو الأهم الأثر والنتائج التي تحدث في الجانب الآخر.. إن الصمود العظيم للشعب الفلسطيني قد أثر في الجانب المعادي إلي درجة أن مجرما كشارون قرر الإنسحاب من جزء من " أرض اسرائيل " المزعومة، إن المقاومة قد خلقت أثارا في داخل المجتمع الصهيوني والعربي والدولي، وهذا الأثر لا ينكره أحد ولكن العدو وأنصاره حاولوا تفريغ ثمن هذا الأثر في اتجاه الفراغ، ليدفع الاحتلال أبخس الأثمان، وهذا هو تفسير مفاوضات مدريد واتفاقيات أوسلو، وأخرها خارطة الطريق. ولا شك أن نموذج بيت حانون الأخير يستدعي تطوير هذه الوسائل القتالية لتجيب على سؤال الحواجز والموانع والجدران السلكية أو الاسمنتية. إن هذه الصواريخ تخدش بصورة كبيرة نظرية الأمن القومي مثلها مثل العلميات الاستشهادية، إن حروب العدو السابقة كانت كلها خارج حدود الأراضي المحتلة عام 1948 والصواريخ عموما كانت الاستثناء، وأثرها النفسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني على العدو كبير. العمل الإنساني * تشرف حماس على عدد كبير من الجمعيات الخيرية والإنسانية، كيف أثرت الحملة الدولية على ما يسمى "الإرهاب" على عمل الحركة؟ إن إشراف حماس على المؤسسات الخيرية كان ضرورة في بدايته وحتى الآن، ففي البداية كان الاحتلال قد دمر الشرائح الضعيفة وكان لابد من تعويض وبعد تأسيس السلطة قضى الفساد على الكثير من المرافق.. ونجح الصهاينة في تصوير هذه المؤسسات وكأنها أدوات إرهاب.. وحاربت كل من له علاقة بالإسلام، على خلفية صهيونية متطرفة يعتنقها مسيحون من أمثال بوش وبلير وأزنار وبتأجيج من يهود أوروبا .. هذه الإجراءات أثرت على الشرائح الإجتماعية الضعيفة في كل طيف فلسطيني.. ولذلك لم تؤثر على الحركة كتنظيم ولكن على المجتمع الفلسطيني. حماس بخبر * هل من كلمة أخيرة؟ كلماتي الأخيرة هي التأكيد على أن حركة حماس بخير وفضل من الله ..أدت دورها قيادة وعناصر تجاه الوطن والمواطن وضحت بأغلى ما لديها وفازت إن شاء الله برضاه وذهب منا إلى ربه شهيدا ولا يزال أمامها الكثير استكمال التحرير ووضع برنامج الإصلاح موضع التنفيذ والإشراف والمتابعة، وتحمل مطالب الجمهور وتوحد الشارع الفلسطيني .. ومهمات هذه الحركة لن تتوقف بانسحاب جزئي من هنا أو هناك .. إن مهمة حماس الدعوية لن تتوقف بإذن الله..كما أنها لن تسمح لكائن من كان أن يهضم حقها أو يعتدي على أحد.. نحن نعلم أن شرائح كبيرة في المجتمع الفلسطيني والعربي تعلق أمالا كبيرة على الحركة وحماس بعون الله لن تخذلهم وصدق الله العظيم الذي أخبرنا " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ". فلسطين – عوض الرجوب -التجديد