أعلام مغاربة يحيى بن يحيى الليثي (152 234 ه) راوي موطأ الإمام مالك نسبه وطلبه للعلم يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس (بكسر الواو؛ ويزاد بعد السين الأخيرة نون، فيقال: وسلاسن، ومعناه بالبربرية: سيدهم) الليثي بالولاء، أبو محمد الاَندلسي القرطبي، المالكيّ، مغربي الأصل، من قبيلة مصمودة. ولد سنة اثنتين وخمسين ومائة (152 ه). تردد يحيى على عدد من الشيوخ بالأندلس فسمع من: زياد بن عبد الرحمان المعروف بشبطون +الموطأ؛، ويحيى بن مضر القيسي. ثم رحل إلى الشرق، وهو ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع من مالك الموطأ، ومن القاسم بن عبد اللّه العمري، وسفيان بن عيينة بمكة، وتتلمذ على الليث بن سعد بمصر، وغيرهم. ثم عاد إلى الاَندلس، فاشتهر بها وذاع صيته، وانتهت إليه الرئاسة بها، وكان أحمد بن خالد يقول: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة وعظم القدر وجلال الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى. وروى عنه: ابنه عبيد اللّه، ومحمد بن العباس بن الوليد، وبقيّ بن مخلد، ومحمد بن وضّاح، وآخرون. دور يحيى في نشر المذهب المالكي كان المذهب الأوزاعي هو السائد في الغرب الإسلامي، خصوصا بالأندلس، ثم بدأ التحول عنه إلى المذهب االمالكي على يد زياد بن عبد الرحمن (شبطون)، ثم تلاه تلميذه يحيى بن يحيى الليثي، وكان يفتي برأي مالك إلاّ في مسائل قليلة خالفه فيها وانتشر به المذهب هناك. لكون يحيى الليثي المرجع الأول في تعيين القضاة وعزلهم، ولحظوته عن الأمراء استطاع أن يمكن للمذهب المالكي في الأندلس، ولهذا نجد ابن حزم الاَندلسي يقول: مذهبان انتشرا في مبدأ أمرهما بالرئاسة والسلطان، مذهب أبي حنيفة... ومذهب مالك بن أنس عندنا في بلاد الاَندلس، فإنّ يحيى بن يحيى كان مكيناً عند السلطان، مقبول القول في القضاة، فكان لا يلي قاض في أقطار بلاد الاَندلس إلاّ بمشورته واختياره، ولا يشير إلاّ بأصحابه ومن كان على مذهبه، والناس سراع إلى الدنيا، فأقبلوا على ما يرجون بلوغ أغراضهم به، على أنّ يحيى بن يحيى لم يل قضاء قط ولا أجاب إليه، وكان ذلك زائداً في جلالته عندهم وداعياً إلى قبول رأيه لديهم. راوي الموطأ تعد رواية يحيى بن يحيى الليثي للموطأ أشهر الروايات وأكثرها تداولا في العالم الإسلامي، حتى أصبحت المقصودة عند الإطلاق، قال المقري في نفح الطيب: وروايته هي المشتهرة، حتى غدت إن أهل المشرق الآن يسندون الموطأ من روايته كثيرا مع تعدد رواة الموطأ. ورواية يحيى بن يحيى الليثي من آخر الروايات التي عرضت على مالك رضي الله عنه. فقد كان مالك يتناول كتابه بالنقص والتقديم والتأخير، والتبديل، فكانت بذلك أرجح. وكان المترجم ممن اتّهم بحادثة الربض التي ثار فيها أهل قرطبة على الحكم ابن هشام سنة (198 ه)، ففرّ إلى طُلَيْطِلة، ثم استأمن، فكتب له الحكم أماناً، فعاد إلى قرطبة. توفّي سنة (234 ه)، أربع وثلاثين ومائتين، في قرطبة.