صادق مجلس الأمن خلال لقائه أمس الخميس بنيويورك، كما كان منتظرا، على تمديد جديد لولاية بعثة الأممالمتحدة بالصحراء المغربية، مينورسو، لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في شهر أكتوبر المقبل. وكشفت مصادر مطلعة، بموازاة ذلك، عن أن مجلس الأمن توصل خلال لقاء تم أول أمس الأربعاء، وبعد مشاورات ماراطونية، إلى مشروع قرار لا يلغي خطة التسوية التي اقترحها جيمس بيكر، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، التي رفضها المغرب بشكل قاطع، في حين قبلت بها الجزائر والبوليزاريو. ويدعو مشروع القرار الأطراف المعنية: المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، إلى العمل مع الأممالمتحدة وإلى العمل في اتجاه الموافقة على خطة السلام. كما نصت الفقرة الأولى من المشروع، حسب ما أعلنت عنه جريدة الشرق الأوسط في عددها ليوم أمس الخميس، على استمرار مجلس الأمن في تقديم الدعم القوي للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان ولممثله الشخصي جيمس بيكر، موازاة مع دعم خطة السلام لتحديد مصير سكان الصحراء المغربية كحل سياسي على أساس الاتفاق بين الطرفين(المغرب والبوليزاريو). وجدد مشروع القرار دعوته جبهة البوليساريو لإطلاق سراح ما تبقى لديها من الأسرى المغاربة تنفيذا للقانون الإنساني الدولي. كما دعا الطرفين معا إلى الاستمرار في التعاون مع لجنة الصليب الأحمر الدولية لحل مصير أسرى الحرب. من جانب آخر، وفي سياق تفاعلات قضية الصحراء المغربية، انتهت أمس الخميس، 31 يوليوز، الرئاسة الشهرية الإسبانية لمجلس الأمن دون أن تحقق، كما كان متوقعا، أدني تطور إيجابي في ملف الصحراء، يأخذ بعين الاعتبار مصالح المملكة ووحدتها الترابية. وفي سياق المواقف السلبية لحكومة خوسي ماريا أثنار من الوحدة الترابية للمملكة، كشفت مصادر إعلامية من داخل إسبانيا، قبل يوم واحد فقط عن انتهاء رئاستها لمجلس الأمن لتتولاها بعدها الجمهورية السورية، عن أن وزيرة الخارجية الإسبانية، آنا بالاسيو، استقبلت، في لقاء وصف بالسري، زعيم جبهة انفصاليي البوليزاريو محمد بن عبد العزيز، وجرى اللقاء يوم الثلاثاء الماضي بمدريد، خصص لبحث التطورات الأخيرة في قضية الصحراء المغربية. وقد أثار ذلك اللقاء استياء مغربيا بالغا، ووصفته بعض المصادر السياسية بأنه عمل عدائي ضد المغرب، خاصة وأن المواقف العملية لرئيس الحكومة الإسبانية أثنار تؤكد حقيقة الكيل بمكيالين في طريقة تدبير ملف الصحراء المغربية، قبل أن تتولى إسبانيا رئاسة مجلس الأمن ثم خلالها. بل إن الدوائر السياسية في المغرب يغمرها إحساس بأن مدريد تراهن على انفصال الصحراء المغربية، أكثر من قيامها بدور وسيط، وأنها تستغل الدعم الذي قدمته إلى الولاياتالمتحدة في حرب الخليج لتشكيل جبهة موحدة مع واشنطن في مجلس الأمن الدولي. وأضافت المصادر نفسها أن اللقاء الذي تم كان بطلب من جبهة البوليزاريو، وحضرته وزيرة خارجية إسبانيا بصفتها رئيسة لمجلس الأمن، كما شكل اللقاء نفسه أول مرة يستقبل فيها مسؤول حكومي إسباني رفيع المستوى، من حجم وزيرة الخارجية، زعيم انفصاليي البوليزاريو، بعدما كانت اللقاءات السابقة تقتصر علي مسؤولين دبلوماسيين من مستوى أقل. ويأتي لقاء أنا بالاثيو وعبد العزيز، بحسب رأي الباحث في العلاقات المغربية الإسبانية حسين مجدوبي، ليلقي الكثير من التساؤلات حول الدور الغامض الذي تقوم به مدريد لصالح البوليزاريو، حيث لا تخفي دعمها الكامل لمشروع الحل الثالث الذي تقدم به جيمس بيكر، والذي ينص علي الحكم الذاتي للصحراويين ما بين أربع وخمس سنوات، متبوعا بإجراء استفتاء تقرير المصير:إما بالبقاء في بلدهم الأصلي المغرب، أو الانفصال، وهو المشروع الذي قبلت به البوليزاريو والجزائر ورفضه المغرب. وأوضح حسين مجدوبي أن سفير إسبانيا في الأممالمتحدة، إنوسينسيو أرياس سبق له أن أكد لأسبوعية إسبانية أن الأممالمتحدة تعتبر أن جيمس بيكر يعمل بجدية ومنطق في قضية الصحراء المغربية، وهو ما يعني دعما مباشرا وواضحا لمخطط الحل الثالث . وبدوره كان نائب رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي قد أوضح مؤخرا أن بلاده تعتبر مشروع جيمس بيكر متوازنا، ويساهم في حل النزاع . وفي موضوع الموقف الإسباني من الصحراء المغربية، كشفت بعض التحاليل السياسية عن أن إسبانيا لعبت دورا رئيسيا وكبيرا في التطورات الجارية التي تستهدف الوحدة الترابية للمملكة، سواء المتعلقة بتقديم مقترح مخطط التسوية، أو بإقناع جبهة البوليزاريو بقبوله. وأفادت جريدة القدس العربي في وقت سابق أن إسبانيا هي التي كانت ستتولي تقديم المقترح المذكور إلي مجلس الأمن، لكنها فضلت في آخر المطاف أن تقوم واشنطن بذلك بدلا عنهالسببين، يعود أولهما إلى حرص مدريد على تفادي المزيد من المشاكل مع المغرب، خاصة وأن ملف الصحراء المغربية سبب الكثير من الأزمات الدبلوماسية بين البلدين. ويعود ثانيهما إلى أن تقديم واشنطن للمقترح سيحظى باهتمام دولي أكبر كما ستأخذه الأطراف المعنية باهتمام بالغ لكونه صادر عن أكبر قوة في العالم. وكان المغرب قد أعرب أول أمس الأربعاء في نيويورك عن رفضه لمشروع خطة السلام التي اقترحها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء ،جيمس بيكر، واعتبر أنها تتعارض مع مصالحه الوطنية الحيوية ومع السلم والأمن في منطقة المغرب العربي، مسجلا من خلال موقفه الذي تلاه رئيس مجلس الأمن عند افتتاح جلسة مشاورات المجلس بخصوص هذا المشروع المتعلق بقضية الصحراء أن المغرب لا يمكنه أن يقبل خطة سلام لم تتح له الفرصة لمناقشتها، سواء مع المبعوث الشخصي لكوفي عنان، جيمس بيكر، أو مع الأطراف الأخرى. وأمام هذه السلوكات الإسبانية المستفزة للشعور المغربي، عبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون، محمد بن عيسى، عن خيبة أمل المغرب من موقف إسبانيا بصفتها رئيسة لمجلس الأمن الدولي، إلى حدود أمس الخميس، اتجاه قضية الصحراء المغربية لكونها لعبت دور الحكم والطرف المتحيز في الوقت الواحد. وقال بن عيسى في تصريح لصحيفة الشرق الأوسط، نشرته أمس الخميس في الوقت الذي كنا نعمل جاهدين وبصدق على إعادة بناء الثقة بين الحكومتين، وتوثيق عرى التعاون والشراكة بين البلدين والشعبين الجارين، فاجأتنا رئاسة مجلس الأمن بموقف معاد للمصالح العليا للمملكة المغربية ومصالح إسبانيا ذاتها في المغرب. وذكر وزير الشؤون الخارجية والتعاون بأن كل المجهودات الصادقة التي قام بها المغرب لتوضيح موقفه من مشروع خطة جيمس بيكر والاتصالات المكثفة التي تمت بينه وبين وزيرة الخارجية الإسبانية، أنا بالاثيو، لشرح مؤاخذات المغرب على مشروع التوصية المعروض للتشاور بين أعضاء مجلس الأمن، لم تأخذها إسبانيا بعين الاعتبار، سواء كدولة، أو كرئيسة لمجلس الأمن خلال شهر يوليوز المنصرم. وعبر محمد بن عيسى عن أسفه لكون دور إسبانيا كرئيسة لمجلس الأمن، خلال يوليوز الماضي، لم يكن دورا بناء، إذ لعبت دور الحكم والطرف المتحيز في الوقت الواحد وأوضح بن عيسى أن وزيرة الخارجية الإسبانية كانت قد التزمت علنا باعتماد الحكومة الإسبانية موقفا بناء ومحايدا، لكننا لاحظنا، مع الأسف، أن هذا الموقف غير بناء وغير محايد ولا يخدم بتاتا مصالح البلدين والأمن والاستقرار في المنطقة. وكشف بن عيسى عن أنه نبه نظيرته الإسبانية في مكالمة هاتفية أجراها معها الثلاثاء الماضي إلى الآثار السلبية على العلاقات بين البلدين نتيجة دعم إسبانيا لمشروع خطة جيمس بيكر الذي رفضه المغرب، لأنه يتعارض مع مصالح العليا ويمس بمقومات سيادته، إضافة إلى كونه غير قابل للتطبيق لأسباب موضوعية، سواء من حيث المبدأ أو من حيث التنفيذ الفعلي على أرض الواقع. عبد الرحمان الخالدي