أولا: شمول الشريعة الإسلامية تتميز الشريعة الإسلامية عن باقي الشرائع بشمولها لسائر مناحي حياة الإنسان المختلفة والمتعددة، حيث استوعبت الزمن كله، والحياة كلها، وكيان الإنسان كله، فلم تغادر هذه الشريعة الغراء صغيرة ولا كبيرة، ولا قليلة ولا جليلة، إلا أحاطتها بسياج محكم متوازن من الأحكام والمبادئ الأخلاقية، لن تجد فيها عوجا ولا أمتا، إنها تتسع لحياة الإنسان كلها، وتتناولها من كل أطرافها، ومختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وغيرها من الجوانب. إنها شريعة مستقرة ومستمرة مهما مر عليها من العصور والأزمنة؛ والسر في ذلك أن الله أراد لها هذا الأمر، وأنها تملك من الخصائص التي تجعلها صالحة لحياة الإنسان، مهما ترقَّت الحياة وتطورت. يقول الله سبحانه:}ما فرطنا في الكتاب من شيء{ سورة الأنعام: 39. ما فرطنا: «أي ما أهملنا ولا أغفلنا في اللوح المحفوظ شيئا من الأشياء، بل جميع الأشياء صغيرها وكبيرها، مثبتة في اللوح المحفوظ على ما هي عليه، فتقع جميع الحوادث طبق ما جرى به القلم. وذهب أبو حيان أن المراد بالكتاب: القرآن الكريم، وقال تعالى: }أكملت لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا{سورة المائدة: 04. أكملت لكم دينكم: «وذلك بتمام النصر، وتكميل الشرائع الظاهرة والباطنة، الأصول والفروع، ولهذا كان الكتاب والسنة كافيين كل الكفاية في أحكام الدين أصوله وفروعه، وقال تعالى: }قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا{سورة الأعراف: 158، وعلى الإجمال، تشير الآيات الكريمة إلى أن شريعة الله كاملة، تامة ، شاملة لجميع مناحي الحياة الإنسانية، وأنها تضمنت كليات تجمعت فيها كل جزئيات الحياة الدنيوية والأخروية، وأنها خير لجميع أجناس هذا الكون وكائناته. ثانيا: العقيدة الإسلامية عقيدة شاملة العقيدة الإسلامية عقيدة شاملة من أي جانب نظرت إليها؛ فهي توصف بالشمول، باعتبار أنها تفسر كل القضايا الكبرى في هذا الوجود؛ القضايا التي شغلت الفكر الإنساني، ولا تزال تشغله، وتلح عليه بالسؤال، وتتطلب الجواب الحاسم الذي يخرج الإنسان من الضياع والشك والحيرة، وينتشله من متاهات الفلسفات والنحل المتضاربة قديما وحديثا : قضية الألوهية، الكون، الإنسان، النبوة، المصير...إلخ. فإذا كانت بعض العقائد تعنى بقضية الإنسان دون قضية الألوهية والتوحيد، أو بقضية الألوهية دون قضية النبوة والرسالة، أو بقضية النبوة، دون قضية الجزاء الأخروي، فإن عقيدة الإسلام قد عنيت بهذه كلها، وقالت كلمتها فيها، بشمول واضح، ووضوح شامل. وتوصف العقيدة الإسلامية بالشمول كذلك، لأنها لا تجزئ الإنسان بين إلهين اثنين: إله الخير والنور، وإله الشر والظلمة كما كان في المجوسية، أو بين الله والشيطان الذي سمي في الأناجيل باسم رئيس هذا العالم، واسم إله هذا الدهر، وانقسم العالم بينه وبين الله، فله مملكة الدنيا، ولله ملكوت السماوات فيوشك أن يكون عمله في نظر المسيحية مضارعا لإله الظلام في المجوسية. إن الشيطان في نظر الإسلام، يمثل قوة الشر لا مراء في ذلك، ولكنها قوة لا سلطان لها على ضمير الإنسان، إلا سلطان الوسوسة والإغراء والدعوة إلى الشر وتزيينه في الأنفس، فهذا مبلغ كيده وجهده، وهو كيد ضعيف أمام يقين المؤمنين المعتصمين بالله المتوكلين عليه. يقول الله تعالى على لسان الشيطان نفسه في مخاطبة من أغواهم: }وما كان لي عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم{سورة إبراهيم 24. ويقول سبحانه في مخاطبة الشيطان : }إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا{سورة الإسراء: 65. ويقول سبحانه: }إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون{سورة النحل: 100. ويقول عز وجل أيضا: }إن كيد الشيطان كان ضعيفا{سورة النساء 75.