أكد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن الزيادة في أسعار البنزين والغازوال والفيول الصناعي، التي أقرتها الحكومة مؤخرا، تندرج في سياق إصلاح صندوق المقاصة بهدف ضبط مخصصاتها قصد توجيهها للفئات الفقيرة، مؤكدا خلال استضافته أول أمس الأربعاء في برنامج خاص بثته القنوات الوطنية، قناتا «الأولى» و»الثانية» و»قناة العيون الجهوية»، أن الفئات الفقيرة والتي جاء الصندوق لمساعدتها، تستفيد ست مرات أقل من الفئات الميسورة.وقلل بنكيران من الزيادات المرتقبة على مواد الاستهلاك، وأوضح أن حجم الزيادة عن كل كيلوغرام من الخضر أو الفواكه تم نقله عبر مسافة 1000 كيلومتر لن تتجاوز 6 سنتيمات، وفي مجال النقل أوضح أن رحلة بين مدينة الرباط وسلا مثلا لن تكلف أزيد من 20 إلى 30 سنتيم زيادة عن كل رحلة. و فيما يتعلق بأسعار الخضر والفواكه شدد بنكيران على أنها لن تعرف هي الأخرى زيادات معتبرة، وأعطى عدة أمثلة من عدد من المدن من خلال جدول لأسعارها في السوق أول أمس. وأعلن بنكيران أن الحكومة تلتزم بالمراقبة الصارمة لأن «هناك من يستغل فرصة الزيادة في أسعار المحروقات بهدف الزيادة، بشكل غير معقول، في أسعار النقل والبضائع «، مؤكدا استعداد الحكومة للقيام بإجراءات لفائدة مهنيي النقل العمومي ونقل البضائع تدريجيا وباتفاق مع النقابات. وقدم رئيس الحكومة، مقارنة في سياق حديثه عن أثمنة المحروقات في العالم، مؤكدا أن المغرب يوجد في قائمة الدول العالمية الأقل سعرا بالنسبة للبنزين، حيث «تجاوزنا فقط كل من الأردن وأرمينيا ولبنان وباكستان وجورجيا بأقل من 1.30 أورو للتر، فيما المغرب 1.36 أورو».وأوضح بنكيران في ذات السياق أن سعر هذه المادة الحيوية مرتفع في بعض البلدان المجاورة مقارنة مع المغرب، فموريتانيا مثلا تبلغ سومة البنزين فيها 1.40 أورو، وإسبانيا 1.75 أورو، فرنسا 1.94 أورو، وبريطانيا تصل إلى 2.09 أورو للتر، أما الكازوال، يضيف رئيس الحكومة فالمغرب ثالث أقل بلدان العالم سعرا بعد ادربيجان والأردن.وشدد بنكيران على أنه «لم يكن أمامنا غير خيار الزيادة في المحروقات، وطبعا يمكن أن نعتبر زيادة درهمين في البنزين مرتفعة، لكن رغم ذلك فصندوق المقاصة يدفع للمواطنين، 2.63 درهم رغم الزيادة الأخيرة عوض 3.63 قبل الزيادة، والكازوال تدفع فيه الدولة 3.68 درهم بعد الزيادة و4.68 درهم قبل الزيادة، رغم أن المقاصة وضعت لتساعد الطبقات الفقيرة». وقال بنكيران إن الإصلاحات التي قررت الحكومة القيام بها «ضرورية وإن كانت مكلفة»، مضيفا أن الهدف هو تمكين الفئات المستضعفة (أرامل ومطلقات ومعاقون ومسنون وغيرهم) من الدعم المباشر وذلك شريطة توفرهم على حساب بنكي أو بريدي إضافة إلى البطاقة الوطنية، مستشهدا في هذا السياق بتجارب عدد من البلدان مثل أندونيسيا والبرازيل وذكر رئيس الحكومة بأن صندوق المقاصة، الذي خصص له خلال هذه السنة 32.5 مليار درهم، يساهم في دعم عدد من المواد الأساسية منها الدقيق بملياري درهم والسكر ب 4 ملايير درهم وغاز البوتان ب12 مليار درهم وكذا في دعم المحروقات، موضحا أن الزيادة لم تتقرر إلا في ثلاثة أنواع من هذه المحروقات، مؤكدا «أننا استهلكنا حوالي 80 في المائة، من الاعتمادا للصندوق إلى حدود الآن، وبالتالي فإن 20 في المائة مما تبقى ستكفي فقط إلى منتصف شهر يوليوز، بمعنى آخر يشرح بنكيران «أن منتصف شهر يوليوز المقبل سيكون صندوق المقاصة بدون أي درهم»، وبالتالي تنقصنا 26 مليار درهم لإتمام السنة، على أساس أننا نستهلك 3 مليار درهم كفرق بين مواد كالبوطاكاز التي تساهم فيها الدولة بحوالي 100 درهم، حيث أن تكلفتها الحقيقية هي 140 درهم، والزيادة في السكر التي تكلف حوالي 5 مليار درهم في السنة، أما الكازوال فهو يكلف 14 درهم، وبالتالي فالدولة تدفع فيه 4 دراهم للتر. بنكيران قال إنه «كان أمامنا أمرين للتغلب على هذه الأزمة، وهما ترك الأثمنة كما هي عالميا، وهذا كانت ستكون له أثار كارثية على المواطنين»، وإما أن ننقص اعتمادات الاستثمار، بما يوازي 26 مليار درهم، وهذا إجراء سيربك البنية الاقتصادية للبلاد، يقول بنكيران، لأن الاقتصاد المغربي مبني على هذه الاستثمارات، مؤكدا أن السعر المرجعي للبترول كان 100 دولار للبرميل، وهو الآن أزيد من 117 دولار، موضحا أنه عوض ان نستهلك 3 مليار درهم مع الزيادة الأخيرة اصبحنا نستهلك 6مليار درهم أما الخيار الثاني حسب رئيس الحكومة، فهو مرتبط بالمس بالحوار الاجتماعي والذي خصصت له 13 مليار درهم، وهذا سيربك الأجور والاتفاقيات السابقة مع النقابات، لكن يضيف بنكيران «قلنا إن هذا أمر لم يكن ممكنا».واعتبر رئيس الحكومة أن قرار الزيادة في المحروقات يأتي في مناخ أزمة عالمية صعبة، وأن مستقبل الاقتصاد المغربي سيكون مهددا في حال عدم اتخاذ هذا الإجراء، موضحا أن العجز في الناتج الداخلي الخام سيصل في هذه الحالة نسبة 7،5 بالمائة، مع ما يعنيه ذلك من تضرر المكانة الاقتصادية للبلاد، وبالتالي سيكون الاقتراض بشروط صعبة، وسننافس الاقتصاد الوطني عن طريق شركات البنوك، وسنفقد استقلاليتنا الاقتصادية وبالتالي ستصبح الشروط قاسية. وشدد بنكيران على أن الحكومة تعمل على تسهيل الاستثمار من خلال إجراءات الثقة لتشجيع المستثمرين المغاربة والأجانب ، مذكرا، في السياق ذاته، بلقاءاته مع مسؤولي الاتحاد العام لمقاولات المغرب وبعدد من المستثمرين الأجانب الذين أبدوا استعدادهم للاستثمار في المغرب.وبخصوص موضوع التوظيف المباشر في الإدارة العمومية، جدد رئيس الحكومة التأكيد على ضرورة اجتياز مباريات الولوج، معربا عن استعداد الحكومة لقبول حضور ممثل عن تنسيقيات الأطر المعطلة المطالبين بالتوظيف المباشر خلال المباريات في حال قبولهم لذلك. وذكر بتشكيل الحكومة للجنة لمتابعة ملف التشغيل تحت رئاسة وزير الدولة عبد الله بها، موضحا أنه تم وقف مباريات التشغيل في انتظار خلاصات هذه اللجنة.