أول الرواة هم الصحابة رضوان الله عن جميعهم، فهم حَمَلة الشريعة والمبلغون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم خريجو التربية النبوية السديدة، شهد الله لهم بالخير ورضي عنهم في آيات عديدة كقوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، وكقوله: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا) الآية، وكقوله: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُّوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ). قال ابن جماعة(733ه) في "المنهل الروي": "الصحابة كلهم عدول مطلقا لظواهر الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به، بالشهادة لهم بذلك، سواء فيه من لابس الفتنة وغيره". وقال ابن حجر(852ه) في "الإصابة": "اتفق أهل السنّة على أنّ الجميع عدول، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة." وقال ابن كيكلدى(761ه) في "تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة": "والذي ذهب إليه جمهور السلف والخلف، أن العدالة ثابتة لجميع الصحابة رضي الله عنهم، وهي الأصل المستصحب فيهم، إلى أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد منهم لما يوجب الفسق مع علمه، وذلك مما لم يثبت صريحاً عن أحد منهم بحمد الله، فلا حاجة إلى البحث عن عدالة من ثبتت له الصحبة ولا الفحص عنها، بخلاف من بعدهم. وهذه المسألة عظيمة الجدوى، والحاجة إليها ماسة في أصول الدين وأصول الفقه جميعاً". ثم قال بعد كلام: " وأما في أصول الفقه: فلأن الصحابة نقلة الشريعة، ولم تصل إلى الأمة إلا من جميعهم، فمتى تطرق الطعن إلى أحد منهم حصل التشويش في أصول الشريعة ولم يبق بأيدينا والعياذ بالله متمسك بشيء منها وتوجهت المطاعن لأهل الزيغ والشبه في الدين، وأدى ذلك إلى الانحلال بالكلية". قلت: فحذار أيها المسلم من الطعن في الصحابة كما يفعل الشيعة والعلمانيون.