في الطريق إلى تهويد القدسالمحتلة وإفراغها من أهلها، تتعدد أوجه تضييق الاحتلال على المواطن المقدسي لثنيه عن مواصلة نضاله وصموده، وأمام هذه الأشكال المتعددة يعاني الفلسطينيون في المدينة المقدسة من مظاهر مختلفة من المعاناة. وأشارت إحصائيات جديدة إلى أن 86% من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر، وأن نسبة البطالة ارتفعت إلى 40% بين الرجال و85 %بين النساء، إضافة إلى مجموعة من النتائج التي تؤكد أن المقدسيين يتعرضون لمضايقات مستمرة لا تتوقف عند مجالات معينة وإنما تمتد لتشمل كافة مظاهر الحياة. وفي هذا التقرير تحاول "فلسطين" أن تحصر بعض أوجه المعاناة الناجمة عن الاحتلال.. سياسات عامة المنسق الإعلامي في مؤسسة الأقصى محمود أبو عطا قال ل"فلسطين": "إن المقدسيين يعيشون حياة اجتماعية واقتصادية صعبة جدا، يعانون فيها من ارتفاع نسبة البطالة ومحدودية مجالات العمل وانخفاض الأجور لأي مجال يعمل فيه المواطن المقدسي إلى جانب الآثار السلبية التي خلفها بناء الجدار على التبادل التجاري مع الضفة والاستثمار وقطع أوصال المدينة"، مشيرا إلى أن الأوضاع ازدادت صعوبة منذ اندلاع الانتفاضة الثانية. وأشار أبو العطا إلى وجو سياسات إسرائيلية عامة وشاملة يجري تطبيقها بشكل تدريجي ويتوزع تنفيذها على الدوائر الإسرائيلية، مضيفا: "يضيقون على سبل العيش والتطور والبناء في القدس، حتى أن المنطقة الصناعية الوحيدة يوجد إخطارات لإخلائها وتحويلها لمناطق سكنية وقد تصبح جزءاً من الكلية العسكرية". وأكد أن هذا التضييق ومنع التقدم يرافقه فرض ضرائب باهظة وإعاقة لمجالات الحياة الأخرى، الأمر الذي ينتج عنه تراجع في الاقتصاد. وأوضح أن كل ذلك يخلّف آثارًا سلبية على الحياة الاجتماعية في القدسالمحتلة، من بينها تسرب الطلبة من المدارس وتراجع التعليم، وزيادة عمالة الأطفال والتسبب بالمشاكل الأسرية، إلى جانب هجرة العقول والكفاءات إلى خارج القدس في بعض الأحيان. ويرى أبو عطا أن الهدف من هذه الممارسات يتمثل في الضغط على المقدسيين اقتصاديا ونفسيا لتهجيرهم من المدينة، والحيلولة دون مواصلة النضال المشروع ضد سياسات الاحتلال بسبب انشغال المواطنين بتأمين أساسيات الحياة. وانتقد ضعف الدعم العربي والإسلامي للمقدسيين من أجل تعزيز صمودهم، داعيا إلى تكثيف الدعم المالي والاقتصادي لأهالي القدس لتمكينهم من الصمود في بيوتهم والمحافظة على مقدساتهم الإسلامية والمسيحية. وسائل التضييق من جهتها، قالت المدير التنفيذي لجمعية سيدات البلدة القديمة وفاء الطويل: "إن المقدسيين يحيون أوضاعا صعبة للغاية يعانون فيها من غلاء المعيشة، حيث ارتفاع أسعار الخضروات والمواد التموينية وكذلك قيمة استئجار المنازل، إلى جانب ضريبة "الأرنونة" المتراكمة عليهم". وأضافت ل"فلسطين": "الأوضاع في المدينة مأساوية للغاية، فالتعليم سيئ جدا، والفلسطينيات اللواتي تعود أصولهن إلى الضفة الغربية ممن تزوجن من مقدسيين لا يحصلن على أي حقوق، ودخل المواطن المقدسي بسيط وأقل كثيرا من غيره". وأكدت الطويل أن أشكال التضييق تتطور باستمرار، ومن هذه الأشكال التي ظهرت مؤخراً قيام الجماعات اليهودية المتطرفة بوضع شهادات على المحال الإسرائيلية تحمل عبارة "نظيفة من العرب"، ولا يحصل على هذه الشهادة سوى المتاجر التي لا يعمل فيها فلسطينيون. ونجم عن هذا التضييق في المدينة المقدسة _بحسب الطويل_ لجوء المقدسيين إلى السكن في الضفة الغربية بدلا من القدسالمحتلة بسبب انخفاض قيمة استئجار البيوت، إضافة إلى تشوه ثقافة الطفل المقدسي مما يجعله أكثر عرضة للتشتت والانحراف مستقبلا. وأمام هذه الصعوبات في الحياة، ليس هناك من يساعد أهل القدس على الصمود كما توضح الطويل، مؤكدة: "كافة الجهات متفقة على القدس وتساهم بتشريد سكانها وخروجهم منها".