عبر البرفسور "راجماهان غاندي" حفيد الزعيم الهندي المهاتما غاندي، عن ألمه للواقع الذي يعيشه الفلسطينيون، مؤكدا أن الاستيطان وجدار الفصل العنصري والطرق غير الشرعية كلها تلغي أي حديث إسرائيلي عن رغبة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وتحدث غاندي الذي بدأ أمس الأحد جولة في عدة مناطق بالضفة الغربيةوالقدسالمحتلة، عن انطباعات مؤلمة وقاسية شاهدها بأم عينه في القدس وبيت لحم والخليل ورام الله. وقال غاندي في مؤتمر صحفي عقده برام الله الاثنين :" إن زيارته لفلسطين تعد تجربة ثمينة جداً"، مشددا على أنه و بالرغم من المستوطنات والجدران فإن "فلسطين بلاد جميلة جميلة جميلة". وأقر غاندي بأن ما شاهده من مستوطنات وجدران وطرق غير الشرعية تبدو أكبر مما اعتقده يوما، مبينا أنه لا يوجد للعالم فكرة حقيقية عن المعاناة التي يواجهها الفلسطينيون. وتطرق غاندي لانطباعاته بعد زيارته لبيت لحم والخليل وبلعين ونعلين ومخيمات اللاجئين في العروب والدهيشة، قائلا إنه اكتشف أن المقاومة السلمية (غير العنيفة) أقوى وأوسع مما اعتقد ومما يعتقد الجميع. وشدد غاندي على ضرورة الاستمرار في العمل على تحسين الواقع الصحي والتعليمي للناس جنبا إلى جنبا مع النضال الفلسطيني ضد الاحتلال. غير أنه عبر عن ذهوله مما وصفه ب" قوة معنويات الناس" الذين قابلهم، مؤكداً أن لديهم المقدرة على الضحك والاستمتاع بالحياة بالرغم من الصعوبات والآلام. وتطرق غاندي في حديثه إلى سياسة بلاده الهند تجاه القضية الفلسطينية، موضحا أنها تشهد تراجعاً خطيراً، وعلى الرغم من أن الهند تدعم بثبات التحرر الفلسطيني لكن هذا الدعم لم يعد قويا كما كان في السابق، على حد تقديره. وعلى نمط مقولة القائد الإفريقي نيلسون مانديلا بإن تحرير جنوب إفريقيا لن يكتمل ما لم تتحرر فلسطين، قال غاندي:" وكذلك تحرير الهند وباكستان يبقى ناقصا بدون تحرير فلسطين". من ناحيته، رحب رئيس أساقفة سبسطية الأب عطا الله حنا بضيف فلسطين، مبينا أن غاندي يحمل قيم كثيرة تذكر بشعوب ناضلت من اجل حريتها وكرامتها واستقلالها فكان لها ما أرادت، ولكن بعد أن قدمت الكثير من الدماء والشهداء والتضحيات الذين سقوا فداءً عن وطنهم وقضيتهم. واستعرض حنا الإجراءات الإحتلالية التي شهدتها مدينة القدسالمحتلة أمس حيث احتفلت الطائفة المسيحية بعيد الفصح والقيامة. وقال حنا : " إن القدس تحولت في أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق إلى ثكنة عسكرية، ونصبت الحواجز في كل مكان ومنع الاحتلال ليس فقط الفلسطينيين المسيحيين من الوصول إلى كنيسة القيامة، بل حتى الحجاج الأجانب الذين وصلوا إلى كنيسة القيامة ". وأشار الأب عطا لله حنا إلى هذه الإجراءات هي ذاتها التي تطبق على المسلمين الذي يمنعون من الوصول إلى المسجد الأقصى. وكشف حنا عن قرارات احتلالية جديدة تقضي بمنع رجال دين مسلمين وشخصيات إسلامية من الوصول إلى باحات المسجد الأقصى، في الوقت الذي تتحدث فيه حكومة الاحتلال عن الحقوق والحريات الدينية. وقال حنا :" إن "إسرائيل" تحرم شعبا بأكلمه من الوصول إلى مدينته المقدسة التي يعتبرها عاصمته وقبلته وحاضنة مقدساته، وهناك جيل كامل في كل المناطق لم يشاهدوا القدس إلا عبر وسائل الإعلام". وأضاف " يريدوننا أن ننسى القدس وان نقتلعها من وجداننا وهويتنا، لكن نقول القدس لشعب فلسطين وللأمة العربية بمسيحيها ومسلميها، ولن نقبل بتسخير الدين اليهودي لأهداف غير إنسانية واستيطانية احتلالية عنصرية ". ووجه الأب حنا رسالة للبرفيسور غاندي باسم القدس، قال فيها: " نحن نتوق للحرية ولليوم الذي تزول الجدران والحواجز، ولكن لا يمكن أن يكون هناك سلام أو أن تزول الحواجز الموجودة بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلا بزوال الحواجز على الأرض كي يتمتع شعبنا بالحرية التي يريدها ويتمناها ". وطالب الأب عطا الله حنا المجتمع الدولي بالتدخل لتوفير حماية للشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وغزة المحاصرة. من ناحية أخرى، تحدث الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية النائب مصطفى البرغوثي عن أهداف زيارة غاندي، مبينا أن ذلك يأتي من أجل الإطلاع على الحقيقة عن قرب ومعرفة ما يجري في أرض فلسطين. وبين البرغوثي أن أهم ما في زيارة غاندي هو أنها تشكل خطوة كبيرة في اتجاه تعزيز حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني وخصوصا في بلدين هامين لهذه الحركة، هما: الهند التي تمثل قوة صاعدة على النطاق العالمي بأسره ووسط تزايد في العلاقات السياسية والعسكرية بين الهند و" إسرائيل "، وأيضا في الولاياتالمتحدة حيث يعمل غاندي محاضرا واحدة في أهم الجامعات الأمريكية. واطلع غاندي بالأمس على معاناة الفلسطينيين بفعل الاستيطان والحواجز وجدار الفصل العنصري في مدينة الخليل التي زار الحرم الإبراهيمي فيها ومخيم العروب للاجئين الفلسطينيين. كما زار غاندي مدينة بيت لحم ودخل كنيسة المهد في عيد الفصح، واطلع على حجم الاستيطان المنتشر في تلك المناطق وخاصة مجمع عتصيون الاستيطاني ومستعمرة جبل أبو غنيم ومستعمرة حقل الرعاة في بيت ساحور ومخيم الدهيشة للاجئين. واطلع غاندي على معاناة الفلسطينيين بسبب مستعمرة بسغوت (جبل الطويل) شرق مدينة البيرة، كما زار قريتي نعلين وبلعين واطلع على تجربتهما في المقاومة الشعبية. ومن المقرر أن يزور اليوم مدينة القدسالمحتلة. وأوضح البرغوثي الإستراتيجية الفلسطينية التي تنفذها المبادرة الوطنية في مواجهة الاحتلال، مبينا أنها تسعى لانتزاع زمام المبادرة من المحتلين عبر استنهاض المقاومة الشعبية في كل مكان واستنهاض أوسع حركة تضامن دولي مع الفلسطينيين، ودعم صمود الناس الذين يعانون في الخليل والقدس وكل مناطق الجدار، جنبا إلى جنب مع جهود استعادة الوحدة الوطنية. وقال البرغوثي : " إن هذه الإستراتيجية تجسد مبادئ ثلاثة من عظماء البشرية هم: " المهاتما غاندي الذي علمنا كيف الإنسان الذي لا يملك أسلحة ينتصر على حاملي السلاح، والثاني مارتن لوثر كنج المناضل ضد العنصرية ونيلسون مانديلا الذي حقق هذه المبادئ في جنوب أفريقيا ".