نظمت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية، يوم الأحد 22 أبريل 2012 بالرباط، يوما دراسيا حول «تعديل النظام الأساسي للحزب» وذلك «اعتبارا من كون النظام الأساسي لأي حزب سياسي هو الوثيقة الحزبية الثانية من حيث السمو بعد البرنامج». وقد ارتأت اللجنة التحضيرية حسب أرضية اليوم الدراسي، والحزب يتهيأ لتنظيم مؤتمره الوطني السابع المقرر يومي 14 و15 يوليوز المقبل، أن تعقد هذا اليوم من أجل مدارسة أهم التوجهات التي ينبغي أن تؤطر تعديل النظام الأساسي للحزب، بما سيمكن الحزب في النهاية من ملاءمة نظامه الأساسي مع مقتضيات الدستور وقانون الأحزاب. ومع وضعه الحالي كحزب يباشر تدبير الشأن العام من موقع القيادة، خاصة على مستوى بنيته القيادية وإدارته المركزية، فإن اليوم يهدف إلى تطوير بنيات الاستقبال لاستيعاب المنتسبين من كل الفئات وتجاوز المعوقات الذاتية على هذا المستوى، وتعزيز ديمقراطيته الداخلية وتقوية دور مؤسساته الرقابية، إضافة إلى معالجة ما أبانت التجربة الحاجة إلى إصلاحه.وأكدت أرضية اليوم الدراسي أن «النظام الأساسي يعتبر الأول في تراتبية النصوص القانونية التي تؤطر الفعل السياسي لأي حزب، وقد تولى حزب العدالة والتنمية حسمها في مؤتمره الوطني الإستثنائي المنعقد يوم 23 يوليوز 2006، ملاءمة قانونه الأساسي مع القانون 36.04 المتعلق بالأحزاب السياسية بعد صدوره سنة 2006. الحزب ووفقا للأرضية اليوم الذي حضرته «التجديد»، تولى مراجعة نظامه الأساسي في مؤتمره الوطني السادس المنعقد يومي 19 و20 يوليوز 2008، اعتبارا لكون المؤتمر الوطني هو المختص بمراجعة وتعديل النظام الأساسي للحزب، بموجب المادة 25 من النص الحالي. بها: قوانين الحزب تبقى خاضعة للمراجعة قال عبد الله بها رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السابع لحزب العدالة والتنمية، إن اليوم الدراسي ينظم في سياق كون الحزب لأول مرة يقود الحكومة إضافة إلى الاستحقاقات الانتخابية، والاستعداد للمؤتمر الوطني للحزب. نائب الأمين العام لحزب المصباح، قال خلال كلمته الافتتاحية، إنه بعد نقاش عميق «رفعنا تحدي عقد المؤتمر في وقته المحدد 14 -15 يوليوز المقبل»، مشيرا أنه كان يفترض من المؤتمر أن يكون تنظيميا وانتخابيا وإشعاعيا نظرا للظرفية التي يعيشها لكن يؤكد نائب الأمين العام «هذا لا يمنعنا من إخضاع قوانيننا للمراجعة، ومن ذلك تعديل قوانين الحزب ومن بينها النظام الأساسي». وأشار بها إلى أن «أعمال اليوم الدراسي مهمة جدا لأنها ستبين لنا ما إذا كان النظام الأساسي للحزب الذي يعتبر دستور الحزب يحتاج للتعديل أم أنه مازال صالحا للمرحلة الحالية والمقبلة». بن عبد الصادق: نحن في العدالة والتنمية لا نترشح للمسؤوليات من جانبه قال محمد بن عبد الصادق، رئيس اللجنة القانونية للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، في كلمة افتتاحية له أننا «نحن في العدالة والتنمية لا نترشح للمسؤوليات، موضحا أن اليوم الدراسي، يأتي من أجل مناقشة ومقاربة كيفية مراجعة هذا النظام على ضوء المستجدات الواردة في الساحة السياسية وعلى ضوء القانون التنظيمي للأحزاب السياسية. بن عبد الصادق أوضح أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السابع للحزب ارتأت أن تعالج موضوع مراجعة النظام الأساسي للحزب بمقاربة تشاركية واسعة تشمل جميع هيئات وجهات الحزب، مبينا أن الهدف المرجو من هذا اليوم الدراسي هو الوصول إلى نظام أساسي يلبي جميع الحاجيات المطلوبة ويكون في مستوى الحجم السياسي لحزب العدالة والتنمية. سليمان العمراني: اختيارات الحزب وأهدافه ظلت ثابتة منذ 2004 قال سليمان العمراني نائب رئيس اللجنة التحضيرية، إن اختيارات حزب العدالة والتنمية، وأهدافه ظلت ثابتة منذ 2004 مؤكدا أن هدف الحزب هو الإسهام في تنظيم المواطنين وتمثيلهم. وأوضح المسؤول التنظيمي للحزب أن دعم دولة الحق والقانون وتعزيز الاختيار الديمقراطي في إطار المرجعية الإسلامية للمملكة وثوابتها ومؤسساتها، يشكلان إحدى الثوابت التي ظل الحزب يناضل من أجلها، إضافة إلى إسهامه في ترسيخ ثقافة الوسطية والاعتدال. العمراني قال ضمن مداخلته التي عنونها ب»تطور النظام الأساسي منذ المؤتمر الوطني الاستثنائي المنعقد في يوليوز 2006»، إن الحزب سيعمل على صيانة الوحدة الوطنية شعبا وأرضا وتفعيل وحدة المغرب الكبير ودعم التوجهات الوحدوية بين الشعوب العربية والإسلامية، مع مناصرة الشعوب المستضعفة والقضايا العادلة. إلا أن العمراني ختم مداخلته بعدة أسئلة قال عنها إنها للمقاربة، من قبيل ما هي الإعتبارات المتحكمة في تطور اختيارات النظام الأساسي؟ إضافة إلى ثبات نظام الحزب منذ أكثر من 10 سنوات؟ وأي بناء تنظيمي لحزب يقود تدبير الشأن العام بمرجعية دستور جديد وفي سياق وطني وإقليمي متميز بقوة التدافع؟ حامي الدين: مع دستور 2011 أصبحت الأحزاب السياسية تتمتع بمكانة مركزية اعتبر عبد العلي حامي الدين أن الأحزاب السياسية لم تكن لها في دستور 1996 تلك المكانة التي تجعلها فاعلا أساسيا داخل النظام السياسي والمؤسساتي للبلاد، بحيث اقتصر ذكرها في الفصل الثالث إلى جانب النقابات والجماعات المحلية والغرف المهنية، أي أن «الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثيلهم، ونظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع». (الفصل 3 من دستور 1996). وأوضح عضو الأمانة العامة لحزب المصباح أنه مع دستور فاتح يوليوز 2011 أصبحت الأحزاب السياسية تتمتع بمكانة مركزية في النظام السياسي والمؤسساتي المغربي، مشيرا أن الارتقاء بتنظيم الأحزاب السياسية بواسطة قانون تنظيمي يعكس المكانة الجديدة التي أصبحت للأحزاب السياسية مع الدستور الجديد، وهو ما سينعكس على المقتضيات القانونية المؤطرة للأنظمة الأساسية للأحزاب السياسية.أستاذ العلوم السياسية، قال إن المقتضيات المتعلقة بالانخراط في الأحزاب السياسية أو الانسحاب منها، لم تعرف أي جديد يذكر، بحيث نصت المادة 19 على ما يلي:»يمكن للمواطنات والمواطنين، البالغين سن الرشد، الإنخراط بكل حرية في أي حزب سياسي مؤسس بصفة قانونية...و»تعمل الأحزاب السياسية على اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بتيسير وتشجيع الانخراط في صفوفها».وخلص حامي الدين في مداخلته التي اختار لها عنوان «المقتضيات الدستورية والقانونية المؤطرة للأنظمة الأساسية للأحزاب السياسية»، أننا أمام أجهزة جديدة ينبغي استحداثها لتحقيق الملاءمة مع القانون التنظيمي الجديد المنسجم بدوره مع المقتضيات الدستورية الجديدة. عبد الصمد السكال يقدم قراءة في بعض التجارب الحزبية المتقدمة قدم عبد الصمد السكال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، ثلاث نماذج لأحزاب سياسية قال عنها إنها متقدمة وهي تجربة التجمع من أجل حركة شعبية (فرنسا)، الحزب الاشتراكي (فرنسا)، حزب العدالة والتنمية (تركيا). وخلص السكال في مقاربته لتجارب هذه الأحزاب إلى كونها اعتمدت منطق الترشح للمسؤوليات، مع خاصية بالنسبة لحزب العدالة والتنمية التركي الذي يعتمد الترشح والترشيح. نقطة أخرى أثارت السكال داخل هذه التجارب وهي المرتبطة، باعتماد التيارات (les mouvements) والطروحات (les motions) المتعلقة بالسياسة العامة للبلد كأساس للإختيار باعتماد التمثيلية النسبية المرتبطة بعدد الأصوات التي حصلت عليها مختلف المشاريع أو الطروحات في الهيئات المركزية بالنسبة للأحزاب الفرنسية وجل الهيئات المجالية (الفدرالية بالأساس بالنسبة للحزب الاشتراكي الفرنسي). وعن الأهمية المعطاة لتجديد النخب وتعزيز تمثيلية النساء، فقد أوضح السكال أن تجارب الأحزاب أشارت إلى أن ثلث المرشحين للهيئات على الأقل من الجدد +40% على الأقل من المناصب للنساء بالنسبة للحزب الاشتراكي الفرنسي، والمناصفة بالنسبة للتجمع من أجل حركة شعبية. هذا وأكدت تجارب هذه الأحزاب وفقا للسكال دائما على الأهمية البالغة لمسألة العضوية في الأنظمة الأساسية، ومن ذلك نظام أساسي مفصل ويغطي مجمل القضايا بما فيها مساطر اختيار مختلف المرشحين للإستحقاقات الإنتخابية باستثناء حزب التجمع من أجل حركة شعبية. وفي معالجتها لحالات التنافي قال السكال إنه «باستثناء الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي يعتمد التنافي بين رئاسة المجالس المنتخبة ورئاسة الهيئات الحزبية التنفيذية فإن هذه المسألة غير حاضرة عند الحزبين الآخرين. أحمد بوز: غياب التنصيص على التصويت المباشر في مقابل سيادة آلية التزكية إلى أي حد يوفر النظام الأساسي لحزب العدالة والتنمية إمكانية التدبير الديمقراطي لشؤون هذا الحزب؟ كانت هذه هي الإشكالية تناولها أحمد بوز: أستاذ جامعي (كلية الحقوق السويسي)، خلال تقديمه ل «قراءة نقدية في النظام الأساسي للحزب» وأثار بوز أربع ملاحظات حول النظام الأساسي للحزب قال عنها إنها مداخل لفهمه أولها، أن المدخل القانوني إذا كان محددا في مقاربة قضية الديمقراطية داخل حزب ما، فإنه ليس المحدد الوحيد، فإلى جانبه تطرح مداخل أخرى. ثاني الملاحظات التي سجلها بوز وهي أن الدراسة القانونية لحزب ما، كحزب العدالة والتنمية، لا ينبغي أن تنحصر في النظام الأساسي، بل يجب أن تمتد لتشمل مجموع الترسانة القانونية المنظمة لهذا الحزب (القانون الداخلي، الأنظمة الخاصة ببعض القطاعات الموازية من قبيل الفريق البرلماني ...). أما الثالثة فإن الديمقراطية داخل حزب ما ترتبط بتفاعل عوامل داخلية، تتعلق بالحزب نفسه، مع خارجية تتعلق بالبيئة القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتحرك فيها هذا الحزب أو ذاك. اختلاف التصورات حول مفهوم الديمقراطية الداخلية، بحسب بوز هي أن اختلاف المرجعيات الفكرية والإيديولوجية..، لا يمنع من القول بوجود بعض المؤشرات التي تقاس بها مدى ديمقراطية حزب ما. وهذه المؤشرات حسب أستاذ العلوم السياسية المتعلقة بالحزب الديمقراطي يحصرها بعض الباحثين في (طبيعة «السلطة» ونمط توزيعها داخل الحزب، طبيعة العلاقة بين قيادة الحزب وباقي الأعضاء، أنماط التفاعلات داخل النخبة الحزبية وطريقة إدارتها، العضوية في الحزب والشروط المطلوبة فيها والحقوق والإلتزامات المترتبة عليها، وضعية بعض الفئات ذات الوضع الخاص داخل الحزب، نظرة الحزب للآخر..) وفي قراءته للنظام الأساسي لحزب المصباح قال بوز «من الواضح أنه ينص، في ديباجته، على «اعتماد الديمقراطية الداخلية في اتخاذ القرارات والتكليف بالمسؤوليات ووضع الرؤى والبرامج وفي التداول على المسؤولية ...». إلا أنه اعتبر الكيفية التي يحاول بها إفراغ هذه الديمقراطية في مواده المختلفة تثير بعض الملاحظات. وسجل بوز في هذا الاتجاه، ما قال عنه تضخم صلاحيات الأمانة العامة، معتبرا أن مركزية الأمين العام في القرار الحزبي، بالشكل الذي يجعلنا أمام نظام رئاسي واضح حيث تدخل الأمانة العامة كجهاز تنفيذي في المجلس الوطني كجهاز تقريري (تشريعي). وأوضح نفس المتحدث ما اعتبره تحكم الأمانة العامة في عمل الجهاز التحكيمي، بالشكل الذي قد يجعلها حكما وخصما في نفس الوقت. وعن أسلوب اختيار مرشحي الحزب لاحظ الباحث في العلوم السياسية غياب التنصيص على التصويت المباشر في مقابل سيادة آلية التزكية، وهو ما يعني حسبه غياب الحق في الترشيح المباشر إضافة إلى تدخل الأمانة العامة لإعادة النظر في قرارات الترشيح التي تمت بالانتخاب. ملاحظات عامة أجملها بوز على النظام الأساسي لحزب المصباح أورد فيها، إغفال الحديث عن حالات التنافي في المسؤوليات الحزبية والمسؤوليات السياسية. وإغفال تنظيم الحالة الانتقالية المترتبة عن إقالة الأمين العام. كما أشار بوز إلى أنه ليست هناك مقتضيات تتعلق بوضعية «الحزب المشارك في الحكومة»، وبصفة خاصة وضعية الأمين العام كرئيس للحكومة.