إن إيماننا بالكتب السماوية هو تحقيق لأحد أركان الإيمان؛ وبدونه لا يصح إيمان المسلم؛ والكتب السماوية هي مظهر عناية الله بالبشرية؛ ومظهر ربوبية الله لخلقه وربنا تبارك وتعالى أنزل إلينا كتباً؛ وأمر رسله بتبليغ تلك الكتب؛ وعلى المسلم أن يؤمن بالكتب السماوية إجمالاً؛ بمعنى أنه يعتقد أن الله أنزل كتباً سماوية على الناس تعرفهم به سبحانه؛ وتعلمهم كيف يعبدونه؛ فالله سبحانه وتعالى أنزل القراّن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ وأنزل من قبله كتباً ... كما يجب على المسلم كذلك أن يؤمن بما جاء في الشرع الشريف من أخبار عنها؛ فيؤمن أن الله أنزل علي إبراهيم عليه السلام صحفاً؛ كما قال تعالى: «إن هذا لفي الصحف الاولى، صحف ابراهيم وموسى»سورة الأعلى 19-18. ونؤمن كذلك أن الله كتب لسيدنا موسى في الألواح من كل شيء؛ قال تعالى:»قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي فخذ ما ءاتيتك وكن من الشاكرين(144) وكتبنا له في الالواح من كل شىء موعظة وتفصيلا لكل شىء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين»سورة الاعراف145-144؛ ونؤمن كذلك أن الله أنزل على داود -عليه السلام- الزبور؛ قال تعالي: «وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيئين على بعض وءاتينا داود زبورا»سورة الإسراء:55؛ ونؤمن بأن الله أنزل علي عيسى بن مريم عليه السلام الإنجيل؛ قال سبحانه: «وقفينا على ءاثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة، وءاتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين»سورة المائدة:46. فالمسلم يؤمن بأن الله أنزل على إبراهيم عليه السلام صحفاً؛ وكذلك أنزل علي موسى عليه السلام التوراة وألقي إليه الألواح ؛ وأنزل على داود عليه السلام الزبور؛ وأنزل على عيسى عليه السلام الإنجيل؛ ولا يكذب باسم كتاب أنزله على أحد الأنبياء ولا يصدقه؛ طالما أنه لم يرد في شرعنا الشريف نبأه؛ ولا يعتقد أن الله قد حفظ هذه الكتب؛ وأن فيها تشريعاً يصلح للمسلمين وذلك لأمرين: الأمر الأول: أن هذه الكتب لم يذكر الله لنا حفظها حتّى الآن؛ بل ذكر ربنا أن بني إسرائيل حرفوها لا سيما أن الكتب المذكورة كلها قبل القراّن كانت في بني إسرائيل. قال الله تعالى عن بني إسرائيل: «فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون» سورة البقرة:78. ويقول سبحانه مخاطباً المؤمنين: «أفتطمعون أن يومنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون» سورة البقرة74. الأمر الثاني: أنها حتى إن كانت موجودة وباقية بغير تحريف؛ فإن القراّن يهيمن عليها وينسخ العمل بها. «وأنزلنا اليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق، لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فى ما ءاتاكم فاستبقوا الخيرات الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون»سورة المائدة50. ومما سبق نخلص إلى أن المسلم يؤمن بالكتب السماوية إجمالاً؛ ويؤمن تفصيلاً بما ذكر منها في مصادر شرعنا الشريف إيمان تصديق بإنزال هذه الكتب علي هؤلاء الأنبياء؛ ولكن لا يتبعها لما لحقها من تحريف وتبديل من قبل البشر كما سلف. أما القراّن فيؤمن به ويتبعه ؛ لأنه كلام الله الأخير إلى البشرية؛ فلا ناسخ له؛ ولا مرد له.