لقد تضافرت الأدلة والبراهين على تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل وغيرها من الكتب المتقدمة، والآيات القرآنية كثيرة في ذلك منها: قوله تعالى: }قل من انزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا...{ سورة الأنعام:92. وقد أخذ التحريف في هذه الكتب صورًا شتى، وقد ذكر منها القرآن بعض الصور، مثل: إخفاء الآيات. قال تعالى: }يأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير{ سورة المائدة: 16. التأويل الخاطئ للآيات. قال تعالى: }وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب، ويقولون هو من عند الله، وما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون{ سورة آل عمران: 77. نقل الآيات من أماكنها. قال تعالى: }من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا{ سورة النساء: 45. إضافة شيء ليس من الكتاب. قال تعالى: «ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون، فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون»سورة البقرة: 78-77. الكذب والتكذيب. قال تعالى: }قل فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون{ سورة آل عمران: 94-93، وقال تعالى: }ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون{ سورة آل عمران: 77. التعطيل. المقصود به تعطيل أحكام التوراة والإنجيل وعدم إقامتها والعمل بها. قال تعالى: }ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون{ سورة المائدة: 68، توضح هذه الوسائل وغيرها مما ذكره القرآن الكريم الطرق التي تحوّلت بها التوراة والإنجيل وغيرها من كتب إلهية سماوية إلى كتب بشرية خطها رجال الدين من اليهود والنصارى بأيديهم. ومن أدلة التحريف في التوراة الحالية والأناجيل الأربعة الباقية، ما ورد فيها من وصف لا يليق بجلال الله وكماله، كوصفهم إياه بالحزن والأسف والندم وعدم علمه بعواقب الأمور وغير ذلك مما يتنافى مع كمال التقديس والإجلال لمقام الألوهية، وتعديهم أيضا على مقام النبوة والرسالة من خلال وصفهم لأنبيائهم بأبشع الأوصاف مما يتنافى مع عصمة الله لهم. ويبقى القرآن الكريم هو السبيل الوحيد الذي نتعرف به على التعاليم الإلهية الصحيحة، فهو الكتاب الذي حُفِظَت أصوله، وسلمت تعاليمه، وتلقته الأمة عن طريق أمين الوحي جبريل عليه السلام الذي نزله على الرسول، والحق سبحانه وتعالى هو من تكفل بحفظه. قال سبحانه: }إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{ سورة الحجر: 9. وهذا الأمر الذي لم يتوفر لكتاب غيره، بالإضافة إلى أنه يشتمل على أسمى المبادئ والمناهج والنظم. وفيه كل ما يحتاجه الإنسان من العقائد والعبادات والآداب والمعاملات، وصلاحه لكل زمان وكل مكان، وهو كفيل بأن يخلق فردًا مسلمًا وأسرة فاضلة، ومجتمعًا صالحًا، فمن حكم به عدل، ومن قال به صدق، ومن سار على نهجه هداه الله إلى صراط مستقيم، قال تعالى: }قد جاءكم من الله نور وكتب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم{ سورة المائدة18-17.