اعتبر عبد الكريم برشيد الكاتب المسرحي ، أن أصل الفن الحقيقي ينبع من الجمال ويقوم على أساس أخلاقي وتربوي بالدرجة الأولى، وأن أي إبداع فني صادق يكون مستخلصا من جمال الكون في كل تجلياته ومجسدا لعظمة الخالق في مخلوقاته. وقال المؤلف في حوار أجراه مع جريدة "هسبريس" الإلكترونية متحدثا عن مكانة الأخلاق في الفن: "... أما الأخلاق، باعتبارها جماليات رمزية ومعنوية، فإنه لا يمكن أن يتحقق الفن الحقيقي بدونها، لأنها جوهر هذا الفن وروحه، أما اللا أخلاق فما هي إلا القبح في درجته المعنوية، والأصل في القبح أنه عدو الحياة، وبالتالي فهو عدو الفن الجميل. ويرى برشيد أن كثيرا من المقولات المتداولة حاليا في الأدب والفن، من مثل الطابوهات و"نهاية الكتابة" و"قتل الأب"، هي مقولات مقتبسة من الثقافات الأخرى، وهي منتزعة انتزاعا من سياقاتها الخاصة، فهي أساسا ترجمة، والأصل في أية ترجمة أن بها خيانة، ولهذا فإنني أتحفظ كثيرا على مثل هذه المقولات التي قد تكون مجرد موضة أدبية أو فنية لا أقل ولا أكثر. وعليه، يضيف برشيد في نفس الحوار، فإن المطلوب هو إيجاد مفاهيم من داخل هذه الثقافة العربية وليس من خارجها، وإذا تأملنا اليوم ثقافتنا العربية الإسلامية، في عهودها الزاهرة، فإننا سنجد أنها قد كانت دائما متحررة سياسيا واجتماعيا ودينيا، وأنها كانت متسامحة مع الشعراء ومع الفقهاء والمفكرين، وهذا ما يفسر وجود أبي نواس بكل مجونياته، ووجود أبي العلاء المعري بكل جرأته الفكرية، ووجود ابن حزم في كتابته عن الحب والمحبين...". وأوضح المسرحي فيما يروج عن القيود التي يفرضها الفن الملتزم على حرية العمل الإبداعي، أن الفن له قواعد وضوابط تؤطره وتضعه ضمن سياقه الطبيعي الذي يميزه وينتقي العميق من السطحي فيه والهادف من التافه، وأن الفن رسالة تحوي القيم الإنسانية والفكرية وتحقق المتعة بدون التنازل عن ما هو أخلاقي، وفي المقابل فإن كل فن لا يرتكز على هذه الضوابط هو تهريج وإسفاف وصفه ب" الشعوذة الفنية " والدجل الإبداعي". وأضاف الأديب فيما يخص مكانة الفن الملتزم داخل ثنائية المتعة والإفادة، أن لا وجود لفن بدون متعة وجاذبية فنية ولا وجود لمتعة مجانية في الفن تخلو من الموضوع والبعد والسياق. وحرص الكاتب المسرحي في حواره على توجيه الفنان الملتزم لضرورة التحلي بشروط العمل الفني الحقيقي والمتجلية في توفر الأهلية والمصداقية ومقاربة الواقع بكل ثوابته ومتغيراته والمزاوجة بين التنظير والممارسة والحقيقة والخيال، إلى جانب التسلح بالثقافة والبحث العلمي الذي يعتبر أساس كل عمل إبداعي ناجح.