أثارت ظروف وفاة محمد فاضل إسماعيل ممثل الانفصاليين في العاصمة البريطانية، ظلالا من الشكوك حول ما إذا كانت وفاته طبيعية. وترجح أن الأمر قد يتعلق بعملية تصفية تحمل بصمات جزائرية.و كان محمد فاضل قد غادر الجزائر يوم الجمعة 03 ماي الماضي إثر مناقشات حادة مع مسؤولين جزائريين وبعض الانفصاليين التقسيميين، أبانت عن الموقف الصارم والغاضب من اقتراح الجزائر لخيار التقسيم. وأضافت هذه المصادر أن عبارات غاضبة فاه بها قد تكون وراء تصفيته، وهي عبارات كانت توحي باحتمال اتخاذه قرارا بالإعلان عن انشقاقه. هذا وتطالب أسرة المرحوم بإجراء تحقيق حول الظروف الغامضة للوفاة وإجراء الطب الشرعي البريطاني لتشريح الجثة.وقد وردت معلومات تشير أن السيد أحمد عطاف سفير الجزائربلندن قام بمناورات للحيلولة دون إجراء التشريح. وقد اهتمت وسائل الإعلام الوطنية والدولية بالموضوع، فأوردت إذاعة لندن تناوله من قبل جريدة الشرق الأوسط التي أشارت إلى الظروف الغامضة للوفاة ونقلت عن أخيه إبراهيم أنها كانت مفاجئة ولا يزال يلفها الغموض مضيفا أن شقيقه وجد ميتا بمكتبه في لندن غداة عودته من مخيمات تندوف التي قضى فيها 12 يوما، ولم يستبعد فرضية اغتيال أخيه. وفي إسبانيا وجهت العصبة الإسبانية لحقوق الإنسان طلبا إلى الحكومة البريطانية لتوضيح ملابسات موت محمد فاضل إسماعيل، وقالت وكالة أندلوسيا برس إن العصبة تساءلت عن ظروف وفاته بعدما كان في مواجهة مع قيادة تيندوف بسبب لقاء مرتقب مع جمعية مغربية في باريس. وعلقت جريدة العلم في مقال لها أن المثير هو بعض المعطيات التي بدأت تظهر، ففاضل إسماعيل كان في مخيمات تندوف أسبوعين قبل وفاته، وجرت بينه وبين القيادة بزعامة المدعو محمد عبد العزيز مواجهة قوية حول مستقبل الحركة والأشخاص الموجودين في المخيمات. وعرف عن فاضل معارضته الشديدة لتقسيم الصحراء، وأكد ضرورة الرهان على الحل الثالث كمخرج للنزاع مؤقتا في أفق العمل على تهييء الاستفتاء الموالي لتطبيق الحل الثالث أو البقاء نهائيا ضمن السيادة المغربية، وهذا الطرح لم ترتح إليه قيادة البوليساريو التي اعتبرته يميل إلى الطرح المغربي. وكانت جبهة البوليساريو تتخوف من إمكانية عودة محمد فاضل إلى المغرب كما فعل بعض الزعماء التاريخيين للحركة. وتعزز هذا التخوف بعدما علمت هذه القيادة باجتماع مرتقب بين ممثلين عن منتدى الديمقراطيين المغاربة في الخارج وبعض أعضاء البوليساريو برئاسة محمد فاضل في مدينة باريس خلال الأسابيع القليلة المقبلة في محاولة لفتح حوار بين المجتمع المغربي وبعض ممثلي البوليساريو وخاصة المثقفين منهم من أجل الوصول إلى اتفاقيات معينة تساعد على وضع حد لهذا النزاع الذي امتد أكثر من 25 سنة، وقد عارضت قيادة البوليساريو هذا الاجتماع ويرتكز البعض على هذا الرفض لمحاولة تفسير الموت المفاجئ لمحمد فاضل إسماعيل بما يفيد اتهام البوليساريو بتصفيته. وكان إسماعيل فاضل ولد في المغرب وتلقي تعليمه فيه وحصل على الإجازة من كلية العلوم القانونية والاقتصادية بالرباط ولازال والداه وأخوه يعيشون في المغرب. ومن جهتها قالت جريدة الأحداث المغربية في تقرير مطول إنه لم يكن توزع قيادة جبهة البوليساريو بين اتجاهين يحكمهما تصوران لقضية الصحراء المغربية يخفى على المتتبعين، منذ أن أعلنت الجزائر التي كانت إلى وقت قريب تتدثر بستار دفاعها عن حق الشعوب في تقرير المصير، عن مقترحها الداعي إلى تقسيم الصحراء المغربية، لكن عثور رجال السكوتلانديار بحي بريكستون بلندن يوم سادس ماي على جثة فاضل إسماعيل أحد قياديي جبهة البوليساريو ووزيرها في الإعلام السابق وممثل الجبهة في لندن يؤشر على أن الصراع داخل قيادة الجبهة أخذ منحى أخطر في منحدر تصفية المعارضين. ويبدو واضحا أن كل المؤشرات والمعطيات الخاصة بالوضع الصحي لفاضل إسماعيل، واسمه الحقيقي محمد فاضل ولد إسماعيل ولد السويح، وكذا علاقته بالعناصر القيادية داخل جبهة البوليساريو التي تتلقى أوامرها من جنرالات الجزائر، فضلا عن قناعاته الشخصية وتصوراته حول كيفية إيجاد مخرج للازمة المفتعلة حول الصحراء المغربية تثير الشكوك حول ظروف وفاة محمد فاضل وعلاقتها وبأجهزة تابعة لقيادة البوليساريو الممالثة للجنرالات الجزائريين، وكذا صلتها بالأجهزة التابعة لهؤلاء. فقد وقعت الوفاة مباشرة بعد عودة محمد فاضل من زيارة للجزائر استغرقت 12 يوما، يكون قد أبلغ خلالها قيادة البوليساريو والجنرالات في الجزائر انتقاداته الشديدة واعتراضه القاطع على الأطروحة الجزائرية بتقسيم الصحراء المغربية. وتؤكد شهادة ذويه، خاصة عمه سيدي محمد السويح الذي هاتفه قبل وفاته بقليل هذه المعطيات، فقد صرح للأحداث المغربية أن العائلة تعتبر الوفاة غامضة، وقد بعثنا من لاس بالماس، حيث تقيم زوجته الحالية وأبناؤه، بشقيق المرحوم سلامة إسماعيل لتفحص الجثة كما طلبنا من السلطات البريطانية أن بتعث بالتقرير الصحي للعائلة في المغرب مادام والد المرحوم ووالدته لازالا حيين يرزقان في مدينة العيون المغربية وأفاد سيدي محمد السويح أن الفقيد الذي لم يكن من الذين يخضعون لقيادة الجزائر تحدث إلى عمه في موريتانيا منذ أيام وكان في صحة جيدة. وقال السويح أن الفقيد كان قد عبر له رفضه لفكرة التقسيم موضحا أنه سيختار رفقة مجموعة من الأطر، الاتفاق الإطار وسيلتحقون بالمغرب إذا اختار الآخرون فكرة التقسيم. ويزكي هذا الطرح اشتداد بين قيادة البوليساريو على مشارف انعقاد الأمانة العامة للجبهة، خلال الأيام القليلة مما أجبر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على القيام بمبادرة صلح بين محمد عبد العزيز وأيوب الحبيب، أحد قيادي البوليساريو لكن يحتمل أن وفاة تصفية فاضل إسماعيل، أحد أكبر منافسي محمد بن عبد العزيز، كانت الوسيلة الوحيدة المتبقية أمام خصومه لجعل الأمانة العامة لجبهة البوليساريو بين يدي محمد عبد العزيز وضمان مساندة تامة لأطروحة التقسيم. وذكرت جمعية الصحراء المغربية، في بلاغ لها أنها راسلت الوزير الأول البريطاني وشرطة العاصمة البريطانية بلندن وسنفير بريطانيا في المغرب، لكي يمنعوا ترحيل جثمان فاضل إسماعيل إلى الجزائر كما تسعى إلى ذلك جبهة البوليساريو إلى أن يفتح تحقيق ويجري تشريح لجثمان الراحل علما أنه عبر لأحد أقاربه قبل وفاته عن خشيته على حياته نظرا للخلاف الذي أصبح يشتد بينه وبين قيادة البوليساريو، عقب التحول الذي عرفه ملف الصحراء المغربية عندما طرحت القيادة الجزائرية مقترح التقسيم، وطالبت الجمعية بأن يواري جثمان الفقيد فاضل إسماعيل، الذي درس في ثانويات تزنيت ومراكش وحصل على الإجازة في الاقتصاد من الرباط في بلاده الأم، أرض وطنه، الأرض المغربية قرب ذويه الذين لازالوا يعيشون بمدينة العيون. ولم يستبعد داهي أكاي أحد مؤسسي البوليساريو نتيجة تصفية حسابات بين قيادات المرتزقة وقال الداهي في اتصال هاتفي مع جريدة الصباح إن الجبهة تشهد حاليا نزاعا شديدا في صفوف قيادييها بين من سماهم أبناء الوطن والذين ينحدرون من الجزائر. وأوضح أكاي أن فاضل وهو من أبناء قبيلة تكنة لم يكن يقبل فكرة تقسيم الصحراء ورجح أن تكون آراءه هذه المناوئة لقيادة بالجبهة لها ولاء لجنرالات الجزائر السبب في وفاته. وطالب أكادي بتشريح جثته لتبين أسباب الوفاة الحقيقية. ونقلت الصباح عن عبد الله الغيلاني وزير الصحة السابق في لابوليساريو الذي عاد أخيرا إلى المغرب أن محمد فاضل إسماعيل لم يكن يعاني من أي مرض وكان يتمتع بصحة جيدة وفق ما ظهر عليه خلال آخر لقاء جمعه به في لاس بالماس بالجزر الخالدات وذكر الغيلاني في حوار تنشره الصباح لاحقا أن محمد فاضل يعتبر من الشخصيات المناوئة لزعيم جبهة البوليساريو كما أنه اتخذ في الآونة الأخيرة العديد من الخطوات التي أنبت عليه صقور الجبهة الموالي للجنرالات في الجزائر، وما يثير الشكوك حول وفاة إسماعيل يقول عبد الله الغيلاني أنه كان على معرفة وثيقة بما يجري في مخيمات تندوف بالإضافة إلى توفر على عدد من الأسرار المهمة سواء المتعلقة بطبيعة علاقات الجبهة بالجنرالات في المؤسسة العسكرية الجزائرية أو ما يتصل بحجم ثروة حجم محمد عبد العزيز المراكشي عبر العالم. إعداد وتحقيق شكار هشام/العيون