أبدى المحامي مصطفى الرميد رفضه الشديد لاستضافة بلاده لوفد من حزب العمل الإسرائيلي, في إطار مؤتمر الاشتراكية الدولية, الذي أقيم في مدينة الدارالبيضاء المغربية, يومي 31 ماي والأول من يونيو الحالي, نافيا أن تكون الاحتجاجات, التي نظمها حزبه, ضد استضافة هذا الوفد, حملة انتخابية مبكرة, مشددا على أن ذلك تعبير عن رفض مبدئي لوجود "سفاحين وقتلة" في المغرب. وقال رئيس فريق حزب العدالة والتنمية الإسلامي, بمجلس النواب المغربي, إن رفض استقبال "إسرائيليين أيديهم ملطخة بدماء الفلسطينيين", لا صلة له بالانتخابات, وأن الحزب كان يرفض وجود هذا الوفد, سواء كانت في البلاد انتخابات أم لم تكن.وشدد المحامي الرميد, على أن كل الفصائل الإسلامية في المغرب, بما فيها تلك التي ترفض المشاركة في الانتخابات, أعربت عن رفضها لاستقبال الوفد الإسرائيلي, مضيفا أن مجموعات يسارية, ينتمي بعضها إلى حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم, وسائر الشعب المغربي, متبرمة من وجود هذا الوفد في البلاد.واعتبر المحامي الرميد, في حوار ساخن مع وكالة "قدس برس" أن تجربة اليسار المغربي في الحكم تجربة فاشلة, وأنها لم تحقق شيئا, لا على صعيد الحريات والحقوق, ولا على صعيد تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي, مرجعا بعض التحسن الحاصل على الصعيد السياسي والحقوقي, إلى وجود الملك الجديد محمد السادس, لا إلى الحكومة التي يقودها الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي.ونفى الرميد أن تكون بلاده مهددة بالسير في الطريق, الذي صارت فيه الجزائر, مؤكدا أن حزبه لا يستهدف الحصول على فوز كاسح في الانتخابات القادمة, وأن تعقيد الساحة السياسية المغربية, والقوانين الانتخابية في البلاد, لا تسمح لأي قوة سياسية بالهيمنة على المشهد السياسي لوحدها في أي انتخابات. ورد الرميد بقوة على حجج المتخوفين من فوز إسلامي كاسح في الانتخابات القادمة, مؤكدا أن على هؤلاء أن يحمدوا الله, لأن التيار الإسلامي المغربي يرفض العنف, وأن المشاركين منه في السباقات الانتخابية, لا يعمدون إلى الشعارات البراقة, والوعود الخلابة, التي تستقطب أوسع القطاعات الشعبية, مبديا قلقه من أن تكون هذه التخوفات مبررات لحصول تزوير في الانتخابات القادمة, ومؤكدا أن حزبه يعرف جيدا تحديات الواقع المغربي والإقليمي والدولي وتعقيداته, وأنه يرفض الانجرار إلى وضع يقود البلاد إلى الفوضى وغياب الاستقرار, وهو الوضع الذي يمكن أن يكون التيار الإسلامي أول ضحاياه, حسب قوله. وفي ما يلي نص الحوار الذي أجراه (نور الدين العويديدي) من أسرة "قدس برس" في لندن, مع المحامي مصطفى الرميد رئيس الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي: شهد البرلمان المغربي مجادلات حادة بينكم وبين نواب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية, بشأن موضوع استضافة إسرائيليين في مؤتمر الاشتراكية الدولية, الذي يستضيفه الاتحاد.. هل يعني أنكم بدأتم حملة انتخابية مبكرة, من هذه الزاوية المحرجة لخصومكم؟ أولا فمعارضة ورفض حضور الوفد الصهيوني للمغرب, لا يقتصر علينا كحزب, وإنما يشمل جميع فئات التيار الإسلامي, سواء منه الذي يشارك في المؤسسات المنتخبة, أو الذي يقاطعها, ويرفضها بشكل جذري. وأشير هنا إلى أن جميع الحركات الإسلامية, بدون استثناء, وقعت بيانا ترفض فيه دخول الصهاينة إلى المغرب. وبالتالي فإن الحديث عن أن الموضوع يكتسي طابع حملة انتخابية قبل أوانها, ليس له من أساس. وثانيا لو أنك خرجت إلى الشارع المغربي, وتحدثت إليه بخصوص هذا الموضوع, فستجده رافضا بإطلاق, مشاركة أي وفد صهيوني, في أي مؤتمر في المغرب. وبالتالي فموقفنا لا يعدو أن يكون استجابة لمواقفنا المبدئية في الموضوع, والأمر يمكن للمتتبع أن يتأكد منه, من خلال مواقفنا عبر الأعوام الماضية, وهو أيضا يعبّر عن موقف أغلب المكونات السياسية, ومكونات المجتمع المدني في البلاد. عفوا ولكن أنتم تعلمون أن الاتحاد الاشتراكي ليس هو الذي وجه الدعوة لحزب العمل الإسرائيلي, وإنما الدعوة جاءت من الاشتراكية الدولية, وهو مجرد مضيف.. فكيف تحملونه وزر شيء ليس مسؤولا عنه؟ أتصور أن الحسّ السياسي والإنساني, لو كان متوفرا بالشكل المطلوب, لدى الاخوة في الاتحاد الاشتراكي, لكانوا اعتذروا عن استضافة مؤتمر الاشتراكية الدولية من أساسه, لأنه لا يعقل أن يقال بأن الاشتراكية الدولية, هي التي قامت بتنظيم هذا المؤتمر, وأن الاتحاد الاشتراكي لا دخل له.. لا. هو له دخل من جانبين: من جانب أنه الحزب المضيف, وبإمكانه أن يعتذر, مادام أن صهاينة مجرمي حرب مسؤولين عن إراقة دماء فلسطينية طاهرة سيحضرون, وثانيا هو مسؤول من جانب آخر, وهذا هو ما طرحناه نحن في البرلمان. فالكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي هو في نفس الوقت رئيس الحكومة المغربية. ومن المعلوم أنه بالنسبة لدخول البلاد لأشخاص أجانب, فالدولة لها دور إيجابي أو سلبي في الموضوع, وبالتالي نحن عندما تقدمنا بمساءلة السيد عبد الرحمن اليوسفي أمام البرلمان لم نسائله ككاتب أول, وإنما بوصفه وزيرا أول, مسؤولا عن الإدارة المغربية, ومسؤولا عمّن يدخل إلى البلاد ومن يخرج منها. وبالتالي من هذا الجانب, كان ينبغي على الحكومة في شخص الوزير الأول, أن تقرر منع هؤلاء المجرمين, من دخول البلاد. وأنا أتساءل, على سبيل الافتراض لا غير, هل يمكننا نحن في حزب العدالة والتنمية أن ننخرط في أممية إسلامية, ونستدعي أي جهة, حتى ولو كان الأمر يتعلق ب(أسامة) بن لادن, أو غيره من الشخصيات المطلوبة محليا أو دوليا.. الواقع أن الوزير الأول يتحمل مسؤولية وجود الصهاينة في بلادنا, إذا ما حضروا, وبالتالي تصبح مسؤولية الاتحاد الاشتراكي مزدوجة, من جهة هو الحزب المضيف, ومن جهة ثانية هو الحزب الحاكم, فلذلك ينبغي أن يتصرف بأي صفة, سواء كانت صفة حزبية أو حكومية, ليمنع هؤلاء المجرمين من الحضور. عفوا ولكن هل من دلالة سياسية لإشارتكم لابن لادن في هذا الموضع؟ - لا.. أنا فقط أردت أن أقول إنه ليس بإمكان أي طرف سياسي أن يستدعي أيا كان, والدولة تبقى متفرجة.. هذا هو الذي قلت.. قلت إذا كان بإمكان الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أن يستدعي وفدا صهيونيا, ودون أن تتدخل الدولة, ممثلة أيضا في شخص الوزير الأول, فهل بإمكاني أنا أيضا أن استدعي أي شخص, حتى ولو كان - فرضا - أسامة ابن لادن, ويحضر دون مشاكل مع الدولة المغربية.. هذا باختصار ما أردت أن أقول. فالإشارة إلى ابن لادن واضحة, وهي تستهدف بيان أنه ليس بإمكان أي تيار أن يستدعي أيا كان, وإنما الدولة, هي التي تقرر من يدخل البلاد, ومن تمنعه من الدخول إليها. وبالتالي فالوزير الأول السيد عبد الرحمن اليوسفي كان عليه أن يحترم مشاعر المغاربة, ويمنع دخول هؤلاء السفاحين. عفوا ولكن ربما يكون من المصلحة عدم ترك الاشتراكية الدولية, وهي منظمة ذات أهمية في العالم, للإسرائيليين يصولون ويجولون فيها. فإذا قاطعتها كل الأحزاب الاشتراكية العربية, أو لم تستضف اجتماعاتها, بسبب مشاركة حزب العمل الإسرائيلي, فهذا يتركها للإسرائيليين وحدهم, يصنعون الرأي العام فيها, دون أي تأثير عربي.. أليس كذلك؟ يا سيدي, ومتى كان هناك تأثير عربي على الاشتراكية الدولية؟ ومتى كان هناك تأثير عربي على السياسة الدولية. فأنت تعلم بأن أعلى مستويات القرار في العالم, وهو مجلس الأمن, قد اتخذ قرارا بانتداب لجنة تقصي حقائق, وحين رفضها الصهاينة حلّت.. فإذن ماذا تتصور أن نغنم من وجودنا في الاشتراكية الدولية, فتفرض علينا حضور سفاحين قتلة إلى بلادنا؟. أنا أتصور أن أي قرار لابد أن نتحمل نتائجه, ولابد أن نوازن فيه بين النتائج, وأن نوازن بين أن يحضر وفد الكيان الصهيوني إلى البلاد, وأيديه لازالت ملطخة بالدم الفلسطيني, وبين أن نمنع حضور هؤلاء الصهاينة, وبالتالي نخسر موقفا مؤقتا, لكن سنربح موقفا مبدئيا.. القضية في رأينا هي قضية مبدئية, لا يمكن أن تتم فيها المساومة بخسارات مؤقتة وزائلة.وأعتقد أن العالم حينما يرى أن حزب الاتحاد الاشتراكي يعتذر عن استضافة الأممية الاشتراكية, لهذا السبب سيحترم هذا الحزب, والشعب أيضا سيحترمه, والأمة ستحترمه.. أما أن يخرج اليوسفي معنا في مسيرة الثلاثة ملايين, احتجاجا على جرائم الصهاينة, وبعد ذلك يتم استقبال الصهاينة في بلادنا, فأي مصداقية ستكون للطبقة السياسية المغربية؟ وأي مصداقية لهذه المسيرات, إذا لم يكن لها تأثير على أصحاب القرار السياسي؟ لكن حدة التوتر بينكم وبين الاتحاد الاشتراكي, سواء في البرلمان, أو من خلال وسائل إعلام الطرفين, لا تعكس فقط الاحتجاج على وجود الوفد الإسرائيليين, من جملة الوفود الحاضرة, وربما تعني أن حرارة الحملة الانتخابية قد بدأت بشكل مبكر في المغرب, إذ يبدو الجدل حادا جدا, بحيث لا يكفي حضور الإسرائيليين لتبريره.. فما تقولون في ذلك؟ يمكن أن يكون هذا من جانبهم.. أما من جانبنا فالقضية مبدئية.. أتتصور أنه لو لم تكن هناك انتخابات أننا سنسكت؟ هذا مستحيل. وأما عن حدة الصراع والتدافع بيننا وبينهم, فلكوننا موجودين في المؤسسات جميعها, ويقع فيها احتكاك, كما وقع في البرلمان. وثانيا كما تعلم, فلهم إعلامهم ولنا إعلامنا, وبالتالي فالصراع يبدو وكأنه بيننا وبينهم فقط, ولكن يوم الجمعة الأخير من ماي قررت جميع الحركات الإسلامية أن تخرج في وقفة احتجاجية على حضور الوفد الصهيوني, وقد علمنا أيضا أن مجموعة من الجماعات اليسارية قامت بنفس الدور, ونفس العمل, أي أنها خرجت للشارع لكي تحتج, وأنا أؤكد لك أن الشعب يرفض هذا, وبإمكانكم أن تتأكدوا من ذلك, وأيضا فالكثير من الأخوة الاتحاديين يرفضون, ولكن لا حول لهم ولا قوة. وبالتالي فالحديث عن الانتخابات, وإقحامها في الموضوع, أعتقد أنه تقزيم لمواقف مبدئية. وبصراحة أنا متضايق من طرح الموضوع الانتخابي في هذه القضية, وكأننا أمة ليست لها مبادئ, وليست لها قضايا, وينبغي أن تكون هناك انتخابات, حتى نحتج على حضور وفد صهيوني.. هذه والله إذا كانت وصحت مهزلة عظمى, وأقول خيانة كبرى, أن نحتاج إلى أن تكون هناك انتخابات لنحتج على حضور وفد صهيوني إلى بلادنا. لنشرّح قليلا علاقتكم بالحكومة المغربية, فأنتم تبنيتم في أول تشكيلها سياسة المساندة النقدية.. فما الذي تغيّر حتى انتقلتم من ذلك الموقع إلى موقع المعارضة الشرسة لحكومة اليوسفي؟ لا ليست معارضة شرسة, وإنما هي معارضة قلنا نصوحة وقلنا بناءة.. أنت تعلم أنه كانت هناك معطيات كثيرة تفرض علينا أن نكون معارضة نقدية أو مشروطة, كما صرّحنا. وبالطبع, أهم ما فيها أننا أردنا أن تنجح التجربة.. تجربة التناوب, وتجربة الانفراج السياسي الواقع في البلاد, وأردنا أيضا أن نعطي الدلالة على أننا كتيار إسلامي, سيشارك لأول مرة في المؤسسات المنتخبة, أن يكون إيجابيا, وأن يتعاطى بنفس إيجابي مع جميع الأطراف السياسية.. فليس لهذا الطرف مواقف مسبقة من هذا الطرف أو ذاك. ولكن معطيات سنتين وزيادة من حكم الاشتراكيين وحلفائهم, أقنعتنا بأن لا جدوى من الإبقاء على المساندة.. لماذا؟ لأنه بالنسبة إلينا هناك محظورات, وهي أولا المس بالهوية الإسلامية, وقد فعلوها, وثانيا أننا كنا نريد لهم أن يحققوا أقصى ما يمكن من الانفراج على المستوى الحقوقي والسياسي, وأقول إنه في هذا الموضوع لم يتحقق شيء ذو بال, وإذا تحققت أشياء فتحققت بفضل دور الملك الجديد.. والمسألة الثالثة أن تكون مردودية حكمهم مردودية إيجابية على صعيد معيشة الناس, وهذه لم يقع فيها أي شيء إيجابي, إن لم أقل بأنه وقعت تراجعات..فتقويمنا للأداء الحكومي في تلك المرحلة جعلنا نعيد النظر في موقفنا. وبالطبع لا يمكن أن نوقع على بياض لهذا الطرف أو ذاك.. ينبغي أن تكون هناك معطيات تجعلنا نديم البقاء على موقف المساندة, وإذا لم تكن هناك نتائج إيجابية, فلا شك أنه من الواجب أن نغيّر مواقفنا, وهذا الذي فعلناه. هل تعنون بقولكم هذا أن تجربة اليسار المغربي في السلطة قد فشلت؟ نعم فشلت.. نعم فشلت, ويمكن أن تتأكدوا من هذا في جميع الميادين وعلى كل المستويات, سواء بالنسبة لمستوى معيشة الناس, أو مستوى الأرقام ذات الدلالة على الوضع الاقتصادي, الذي كان هشا وازداد هشاشة, مع وجود هؤلاء الأخوة. لنبحث المسألة الانتخابية, ولكن هذه المرة بمعزل عن حضور الإسرائيليين إلى بلادكم, فيبدو أن فشل تجربة اليسار, كما كنتم تقولون الآن, يؤهلكم بشكل تلقائي, خاصة في ظل غياب معارضة أخرى قوية, لتحقيق نتائج كبيرة في انتخابات الخريف القادم, فهل تعدون أنفسكم لفوز من هذا القبيل؟ وماذا تنوون فعله عندئذ؟ لا.. نحن لا نرى أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة فوز قوي للتيار الإسلامي, وإنما سيكون هناك تقدم ملموس, وهذا هو الذي نقدر أنه سيكون, ونحرص على أن لا نتجاوزه. هل تعنون بذلك أنكم تنوون الترشح في مواطن محدودة دون أخرى, تجنبا لإشكاليات سياسية داخلية وخارجية؟ لا.. النظام الانتخابي الحالي, الذي يقوم على اللائحة لن يفرز فوزا قويا أو كاسحا لأي طرف, مهما كانت قوته, فضلا عن أن النظام الحزبي من خلال الممارسة الجديدة, والتعاطي الجديد مع موضوع تأسيس الأحزاب, فيه انفراج كبير, أدى إلى ميوعة كبيرة, وهذان الأمران كفيلان بأن يجعلا من حضورنا, ومن حضور أي طرف آخر, حضورا, حتى لو كان فيه تقدم, إلا أنه سيكون تقدم محدود, ولن يؤدي إلى أي اكتساح, أو تحقيق أغلبية مطلقة. إذا تحسن موقعكم الانتخابي, هل تنوون المشاركة في الحكومة القادمة؟ - موضوع المشاركة في الحكومة لا نطرحه الآن, وليس مطروحا على جدول أعمالنا.. نحن نقول هذا الموضوع نتركه إلى ما بعد الانتخابات. وبالطبع فأي حزب يشارك في العملية الانتخابية, فهو يتقدم ببرنامج سياسي اقتصادي اجتماعي للشعب, على أساس أنه إذا كتب له النجاح, فإنه سوف يحاول يجعله يرى النور. وبالتالي مطلوب من أي حزب أن يضع نصب عينيه أنه في الإمكان أن يتحمل مسؤولية الحكم, وينبغي أن يعدّ العدة لذلك.ولكن بالنسبة إلينا, فالأمر مرهون بجملة معطيات دولية وإقليمية ومحلية, ولذلك نحن لسنا متسرعين, ونرى أن هذا الموضوع ينبغي أن يناقش بعد أن تكون معطيات الساحة السياسية متوفرة بعد الانتخابات. هل تتوقعون أن تجري مساندتكم من قبل بعض فصائل الحركة الإسلامية الأخرى, التي لم تندرج في المؤسسات الرسمية؟ لا نتوقع ذلك, وأقصى ما نطلب أن لا يكون هناك تشويش من بعض الأطراف الإسلامية. لأن أي تشويش من قبلها سوف يؤدي إلى المس بالهيئة الناخبة, التي تتعاطف مع التيار الإسلامي عموما.وأنا أقصد هنا أن أي حديث عن أن المشاركة غير مشروعة من الناحية الإسلامية, أو أي حديث عن أن مشاركة الإسلاميين ستؤدي إلى إضعاف للتيار الإسلامي, أو أي شيء من مقولات التشكيك في مشاركتنا, قد تؤدي إلى توطين البلبلة داخل الصفوف المتعاطفة معنا, وهو ما سيضعفنا.. وبالتالي فأقصى ما نطلبه هو أن يخلّوا بيننا وبين الناس. عفوا أتعنون بكلامكم السابق أنكم لم تنجحوا حتى الآن في تأصيل المشاركة في مؤسسات الدولة شرعيا, وتأسيسها فكريا, وأن تكون لكم قاعدة انتخابية ثابتة وغير متذبذبة, لا تخشون على ولائها لكم؟ يا أخي الكريم أنتم تعرفون أن القضية حساسة, ونحن بالطبع الحركة الوحيدة التي تشارك, وهناك مجموعة من الحركات تقاطع, وبالطبع مفاهيم المقاطعة هي مفاهيم استقرت منذ سنوات, ونحن نحاول أن نغيّر هذه المفاهيم, وأن نبيّن جنايتها على العمل الإسلامي, وهذا يتطلب مزيدا من الوقت.وللأسف هناك أمور تزكي هذه المقاطعة في الواقع, فنحن في دولة, الأطراف المشاركة, كانت دائما تشتكي من نتائج العملية الانتخابية, والظروف التي تمر فيها هذه العملية, وأيضا الجميع يشتكي من المؤسسات القائمة, ويطرح التساؤل عن مدى جدواها, وهذا يطرح أكثر من علامة استفهام لدى الإسلاميين وغيرهم, حول جدوى مشاركتنا, وجدوى مشاركة الآخرين.وبالتالي فإنه مهما حاولنا أن نقدم من المسوغات, ومهما حاولنا أن نؤصل, فلابد أن تكون هناك عوامل مساعدة لتأصيلنا ولتقعيدنا. وهذه العوامل هي نجاح المؤسسات في القيام بدورها, واحترام السلطات العمومية لهذا الدور, وما إلى ذلك, وهذه أمور لم تتوفر بعد, للأسف, بالشكل الكافي. من أكبر مبررات الدعوة للمقاطعة هي في العادة الحديث عن التزوير.. فهل تخشون من حصول تزوير في الانتخابات القادمة؟ وزير الداخلية الحالي شخصية معروفة باستقامتها ونزاهتها, وهو أكد لي شخصيا, كما أكد للكثيرين, بأن الملك كلّفه بمهمة أساسية, وهي أن يسهر على تنظيم انتخابات نزيهة. وأنا أؤكد لك أخي الكريم أن جميع المعطيات السياسية تؤكد أن البلاد سوف تتقدم نسبيا في موضوع نزاهة الانتخابات, لكن من السابق لأوانه القطع بأن الانتخابات ستكون نزيهة بإطلاق.أنا أعتقد أن السلطات العمومية لن تلجأ إلى التزوير كآلة لضبط الساحة السياسية, وإنما الذي سيقع, كما وقع في كثير من الأحيان, هو عدم احترام أطراف حزبية وأطراف سياسية لتعهدها بالممارسة الانتخابية النظيفة.وتعرفون أن أسوأ ما صارت تحفل به الانتخابات المغربية هو استعمال المال الحرام بكثافة وبقوة, وفي هذا الصدد اتخذت مجموعة من الإجراءات التشريعية, تستهدف الحد من تأثير المال. وفي هذا الإطار كان هناك تغييران أساسيان: الأول هو اعتماد الانتخاب باللائحة, مع النسبية, ثم ثانيا التصويت بورقة فريدة, حتى لا يتيسر للمفسدين التأثير بالمال على إرادة الناخبين. يذهب بعض المحللين إلى التعبير عن خشيتهم من أن يتكرر سيناريو الجزائر في المغرب, في الانتخابات القادمة.. فهل هذا التخوف مشروع؟ لا هذا التخوف ليس له ما يبرره إطلاقا. فخطابنا خطاب واقعي, وبالتالي نحن لا نمارس خطابا نستهدف به جذب الناخبين بقوة, ولا نقدم لهم الوعود الحالمة, ولا ندّعي أننا سوف نقيم على الفور, وفي الوقت القريب, شريعة الله.. ومثل هذه الشعارات التي تجذب بقوة الشارع إلى أي هيئة, فنحن نتجنبها. وثانيا الساحة السياسية المغربية صارت لها مجموعة من العناصر, أشرنا لها آنفا, تحول دون أن تنفرد أي قوة بالساحة السياسية. وأؤكد لكم أن جميع المعطيات تسير في هذا الاتجاه. وأؤكد لكم, كما أكدنا مرارا, أنه لو فرضنا أنه كان لدينا من القوة ما يجعلنا نكتسح الساحة, فإن لدينا من التجارب, ومن المعطيات, ما يجعلنا نرفض أن نقع في هذا المطب, الذي يمكن أن يؤدي بالبلاد إلى اللااستقرار, وأيضا يمكن أن نكون نحن أول ضحاياه. ولكن إذن ما مبرر حديث بعض المحللين والمراقبين في الداخل والخارج عن قلق داخل الجيش المغربي, من تنامي الظاهرة الإسلامية في البلاد, ومن كونها يمكن أن تكرر السيناريو الجزائري في الانتخابات القادمة, أو التي تليها؟ الظاهرة الإسلامية موجودة في البلاد, كما هي موجودة في أي بلد آخر. وعلى هؤلاء أن يحمدوا الله على أن في البلاد تيارات إسلامية ترفض العنف, سواء منها من شارك في المؤسسات المنتخبة, أو من قاطعها.والذي يشارك فهو يستحضر جميع الأسباب والمعطيات, التي تفرض عليه أن يكون واقعيا أكثر من اللازم, بالتالي فإن الذين يتحدثون عن التخوفات أو ما يشبهها, على خلفية الانتخابات المقبلة, فهؤلاء مغرضون, يريدون أن يخيفوا القائمين على الأمر, حتى يبرروا وجودهم, أو يمكن أن يطرحوا مثل التخوفات, حتى يبرروا أي تزوير محتمل, ونحن نرى أن هذه المخاوف ليست مشروعة إطلاقا, وإنما قد تكون وراءها أهداف سيئة. سيرة ذاتية - الاسم: مصطفى الرميد - من مواليد مدينة الدارالبيضاء المغربية، عام 1959. - متزوج وأب لثلاثة أطفال. - حاصل على الإجازة في العلوم القانونية من كلية الحقوق بالدارالبيضاء عام 1980. - حاصل على شهادة التخرج من دار الحديث الحسنية شعبة الفقه وأصوله عام 1982. - عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية. - رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب. - عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب. - عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح. - عضو المؤتمر القومي الإسلامي ببيروت. - مدير جريدة /الصحوة/ سابقا. - يعمل في سلك المحاماة منذ عام 1984. أجرى الحوار: نورالدين العويودي