وجهت المعارضة السورية انتقادات حادة إلى عمل بعثة المراقبين العرب، واتهمتها ب”التغطية على جرائم النظام”، غداة قرار اللجنة الوزارية العربية مواصلة مهمة لجنة المراقبين ودعمها وإعطائها الوقت لإنجاز مهامها برئاسة الفريق السوداني الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي، الذي تحدث عن تعرضه لمضايقات من قبل النظام السوري ومن المناهضين له على حدّ سواء، مقراً بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان، فيما حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من حرب «دينية» تلوح في سوريا. وقالت جماعة “الإخوان المسلمين” إنه “غدا واضحاً سعي بعثة المراقبين للتغطية على جرائم النظام، ومنحه المزيد من الوقت والفرص لقتل شعبنا وكسر إرادته”، متهمة البعثة ب”حماية النظام من أي موقف جاد للمجتمع الدولي”. وأضافت، في بيان بعنوان “بعثتهم لم تعد تعنينا”: «بعد استرسال الأمانة العربية للجامعة العربية في استرضاء النظام السوري حتى قبل استقبال بعثة المراقبين العرب، تحت شرط وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي جاهر به في مؤتمر صحفي تحت سمع الجامعة العربية وبصرها: (توقيعنا على البروتوكول لا يعني قبولنا بالمبادرة العربية)؛ لم يعد غريباً ولا مفاجئاً أن تخرج علينا بعثة المراقبين العرب بتقريرها الذي خلا من أيّ إشارة إلى مسؤولية النظام عن قتل آلاف السوريين، بمن فيهم مئات الأطفال، وبما في ذلك مسؤولية ذلك النظام عن عجز أولياء الأمور عن دفن جثث قتلاهم!!». وأردفت أنه «لم يعد غريباً ولا مفاجئاً أن تسوي بعثة المراقبين العرب بين الضحية والجلاد، وأن توازي بين آلة القتل الرسمية بيد الوحدات العسكرية النظامية وغير النظامية بدباباتها ومدفعيتها وصواريخها، وبين عمليات فردية للدفاع عن النفس، أقرتها قوانين الأرض وشرائع السماء».. ومن جهتها، وجهت الهيئة العامة للثورة السورية نداء إلى أمين عام الجامعة نبيل العربي والوزراء العرب “نعت” فيه مبادرة الجامعة “بعدما عجزت لجنتها عن وضع الأمور في نصابها وتسميتها بمسمياتها الحقيقية”. وطالبت ب”إعلان فشل” المبادرة، و”تحويل الملف إلى مجلس الأمن”. واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن “وجود المراقبين بالشكل والطريقة الموجودين فيها خدمة للنظام السوري”. واقتحم المعارض محمد مأمون الحمصي قاعة مؤتمر صحافي عقده رئيس الوزراء القطري والعربي، مردِّداً “تسقط الجامعة”، في وقت بحث أمين عام الجامعة مع وفد من الهيئة التنسيقية للثورة السورية الأوضاع ونتائج اجتماع اللجنة العربية، وأوضح المسؤول الإعلامي بالهيئة عبد العزيز الخير أنه تم التطرق إلى مهمة المراقبين، وكيفية تعزيزها وما حققته من نتائج إيجابية، وتقديم مقترحات لتعزيز عملها وتحسين المناخ السياسي تجاه مساعي الجامعة. وقال “إن مشاركة الأممالمتحدة في تعزيز البعثة فكرة مبكرة وسابقة لأوانها، وتفتح الباب للتدويل، ونحن حريصون على أن يظل الملف في إطار عربي” . تدويل الملف في غضون ذلك، اعتبر المجلس الوطني السوري، أحد أكبر أطراف المعارضة السورية، في بيان أن العمل الذي قام به فريق المراقبين العرب في سوريا حتى الآن يمثل “خطوة إلى الوراء في جهود الجامعة العربية”، وطالب برفع الملف السوري إلى مجلس الأمن لتكليفه العمل على تطبيق المبادرة العربية، وبإقامة منطقة حظر جوي في الأجواء السورية. وأعلن المكتب الاعلامي للمجلس “أن التقرير الأولي بشأن عمل المراقبين لا يعكس حقيقة ما اطلع عليه المراقبون ووثقوه من أحداث ووقائع”، وأعرب عن الشعور ب”خيبة الأمل من حالة البطء والارتباك التي تسود تحركات الجامعة حيال التطبيق الواضح لبنود المبادرة العربية التي تنص صراحة على سحب القوات العسكرية إلى ثكناتها والإفراج الكامل عن المعتقلين والسماح بالتظاهرات السلمية ودخول المراقبين والإعلاميين”. وفي تعليق على مضمون التقرير، قال المدير التنفيذي للمكتب الإعلامي للمجلس الوطني السوري محمد سرميني ل»الشرق الأوسط»: «مطلبنا أن تقدّم الجامعة العربية طلباً إلى مجلس الأمن الدولي لتبني الشروط الأساسية في المبادرة العربية، وذلك وفق الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، لفتح المجال للاستعانة بالخبرات الدولية المتقدمة في هذا المجال». وشدّد على أهمية «ألا يتم تأجيل قرار اللجنة الوزارية المسؤولة عن الملف السوري لحين انتهاء فترة عمل بعثة المراقبين بهدف دفع النظام للالتزام بالبروتوكول ما أمكن، وردعه عن ممارساته اللاإنسانية بحق أبناء شعبنا، إذ إنه يحاول كسب الوقت لجرّ البلاد إلى نزاع طائفي يسعى إليه بكل الوسائل»، معتبراً أن «إعطاء النظام مزيدا من الوقت يضعنا جميعا أمام واقع يجب التعامل معه بالحسم اللازم والسرعة الممكنة، حفظا على الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها». وأعلنت مجموعات بعثية في “بيانها رقم واحد”، الذي صدر في لندن، ولم يحمل تواقيع، “انقلابها على حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا والانضمام إلى الشعب ضد السلطات”. اتهام "الجامعة" من جهته، اعتبر المعارض السوري المعروف محيي الدين اللاذقاني في تعليقه على تقرير لجنة المراقبين العرب في سورية «أن هذا ما كان يريده النظام السوري من مسؤول الجرائم في دارفور»، في إشارة إلى الفريق أول محمد أحمد الدابي رئيس بعثة المراقبين العرب في سورية. وقال إن «النظام السوري كان يريد من الدابي أن يقول إن هناك أسلحة وعنف من الطرفين، وبالتالي النظام السوري يسحب بعض مسؤولياته عن القتل الحاصل في الشوارع». وأشار اللاذقاني في حديثه لقناة «العربية» إلى أن الدابي مدد عمل البعثة بتصريحاته الصحافية قبل أن يصل تقريره إلى الجامعة العربية ومكتب الأمين العام. وأضاف اللاذقاني أن «الأمين العام للجامعة نبيل العربي كان منذ أسبوع يسعى إلى تأجيل مناقشته للتقرير حتى 19 من الشهر الجاري، وكأن الشارع السوري بحاجة للمزيد من الدماء». ووصف الجامعة العربية بأنها شريك أساسي في القتل قائلاً: «أي تمديد لمهلة الجامعة العربية دون الاستعانة بالأممالمتحدة، ودون الاستعانة بمن يستطيع تنفيذ هذا القرار فهو مشارك في الدم السوري». واعتبر أن نبيل العربي ليس أكثر من سكرتير إداري لوزراء الخارجية العرب، و»كان عليه أن يطلب دعوة عاجلة للمجلس الوزاري حتى يتخذ مثل هذه القرارات». وأضاف: «أما أن يجعل من نفسه وصياً على الشعب السوري والقتلى يتزايدون يومياً ويسقطون بالعشرات، فهذه مسألة مرفوضة تماماً، وغير مقبولة، ويجب ألا يتم السماح بها لا شعبياً ولا سياسياً لا في سورية ولا في أي مكان بالعالم». بدوره، اعتبر رئيس تنسيقيات الثورة السورية، الدكتور محمد رحال، أنّ «بعثة المراقبين العرب هي جزء من المؤامرة الكبيرة على الشعب السوري، وما نطالب به اليوم هو لجنة تقصّي حقائق عربية ودولية، أمّا إرسال لجنة مراقبين غير مؤهلين ومن دون صلاحيات فلا جدوى منها، لأنه لا يجوز الاكتفاء بوضع منظار والمراقبة». ولفت إلى أنه «لا يمكن لبعثة المراقبين، بوضعها الحالي، أن تتوجه إلى أي مكان، إذ إنها لجنة مراقبة وهي مرَاقَبة في الوقت عينه، في حين أنه من حق لجنة تقصٍّ للحقائق، على غرار تلك التي أرسلت إلى العراق، أن تفتش في كل خرم إبرة في سورية». تحذير تركي دولياً، حذر أردوغان من نشوب “حرب أهلية وحرب ديانات” في سوريا. وقال في مؤتمر صحافي إن “تطورات الوضع هناك تدفع في اتجاه حرب أهلية، حرب عنصرية، وحرب ديانات ومجموعات. لا بد لهذا أن يتوقف”. وأضاف، «ينبغي لتركيا أن تقوم بدور قيادي هنا لأن الوضع الحالي يمثل خطراً على أنقرة». وتحجم تركيا عن القيام بأي عمل عسكري منفرد في سوريا، لكنها تخشى احتمال أن يتصاعد القتال هناك ويتحول إلى صراع طائفي إقليمي أوسع نطاقا. ولم يذكر أردوغان الذي دعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى التنحي وفرض عقوبات على دمشق الخطوات التي يمكن لأنقرة ان تتخذها لمنع تدهور الوضع في سوريا إلى حرب أهلية. وطرحت أنقرة فكرة إقامة «منطقة عازلة» داخل الأراضي السورية إذا أدى القتال إلى نزوح اللاجئين بأعداد كبيرة إلى أراضيها، الأمر الذي قد يعرض أمنها لخطر مباشر. لكنها قالت: إنها ستسعى للحصول على موافقة الأممالمتحدة على مثل هذه الخطوة إذا قررت القيام بها. ويخشى كبار مسؤولي وزارة الخارجية التركية أيضا أن تتحول سوريا إلى خط مواجهة جديد في التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران. بدوره، دعا وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو المعارضة السورية إلى مواصلة تحركاتها ضد النظام “بالسبل السلمية”، خلال لقاء عقده الأحد الماضي مع وفد من المجلس الوطني السوري. وحذر من احتمال نشوب حرب باردة طائفية في المنطقة، مشيراً إلى أن إثارة التوتر بين السنة والشيعة سيكون انتحاراً للمنطقة برمتها. وجددت فرنسا دعوتها إلى تعزيز مهمة المراقبين من حيث أعضائها وقدرتها على تقييم تنفيذ المبادرة العربية من دون أن يتمكّن النظام السوري من عرقلة عملها، ودانت تفجير دمشق. قتلى جدد ميدانيا، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 22 شخصا قُتلوا، أول أمس، برصاص الأمن خلال الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام في عدد من المدن. وأفاد ناشطون بأن قوات الأمن أطلقت نيران الرشاشات الثقيلة على منطقتي الحميدية والصابونية في حماة كما شنت حملة اعتقالات في البوكمال شرقي البلاد. وأشارت المعارضة إلى أن من بين القتلى سيدتين وطفلا وثلاثة جنود منشقين، وأضافت أن تسعة منهم قضوا تحت التعذيب. وفي هذه الأثناء، أشارت الهيئة العامة للثورة السورية إلى أن بلدة مضايا بريف دمشق تعرضت لقصف مدفعي من مدرعات الجيش. وقد أظهرت صور بثها ناشطون على الإنترنت رتلا من الدبابات يقتحم مضايا، صباح أمس، مصحوبا بعربات مدرعة. وكانت قوات الجيش قد قصفت عدة منازل في بلدتيْ مضايا والزبداني ليل الاثنين بالأسلحة الثقيلة ومدافع الهاون، مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وجرح آخرين، بعضهم في حالة حرجة، وذلك إثر انشقاق قام به عساكر في المنطقة، كما تعرض محيط مسجد البراق للقصف. وفي مدينة سراقب بإدلب، أطلقت الدبابات النار بشكل كثيف على مفرق الترنبة، وفي حمص قصف حي عشيرة بالآلات الثقيلة وهدمت قوات الأمن خمسة منازل، بحسب الهيئة العامة للثورة السورية. وفي الأثناء، تعرضت سيارة لمراقبي جامعة الدول العربية في سوريا لإطلاق نار بمدينة حمص خلال عودتهم إلى دمشق. ولم يصب أحد بأذى لكن السيارة تعطلت بالكامل. فنانو الحرية وفي الشأن السوري أيضا، أعلن عدد من الفنانين السوريين عن تأسيس تجمع لمساند ثورة الشعب السوري اطلقوا عليه التجمع من أجل الحرية. وتلا المسرحي السوري رمزي شقير خلال مؤتمر صحفي عقد في تونس على هامش أيام قرطاج المسرحية البيان التأسيسي للتجمع. ووقع على البيان عدد كبير من الفنانين والمبدعين السوريين منهم الفنانة مي سكاف والمخرج هيثم حقي والمخرجة أمل حويجة والممثلة فدوى سليمان.