دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى"إيجاد عقد اجتماعي جديد ينبثق عن تشاور واتفاق بين الحكومة والشركاء الاجتماعيين" لأن "الإقلاع الاقتصادي لن يأخذ وتيرته القصوى بدون توفير المناخ الاجتماعي المشجع على الاستثمار والتشغيل". وأشار جلالة الملك في خطاب وجهه إلى الأمة اليوم الجمعة بمناسبة عيد العرش أن هذا العقد الذي ينبغي أن يأخذ "صيغة ميثاق" يجب أن "يرتكز على مجموعة تدابير شمولية ومتكاملة تتضمن الالتزام بسلم اجتماعية". وأكد جلالة الملك في هذا الصدد على ضرورة أن يتم تعزيز إصلاح مدونة الشغل بتنظيم حق الإضراب "لوضع حد لممارسته غير المقننة التي تزج بالاقتصاد الوطني في دوامة الإضراب العشوائي الذي يفضي إلى الإضراب المضاد عن الاستثمار والنفور منه". كما أعرب جلالة الملك عن تأييده لتوسيع الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية كما دعا إلى"مكافحة كل أشكال الفقر والإقصاء" و"ترسيخ التضامن بين الأجيال باتخاذ التدابير اللازمة والمستعجلة لإنقاذ مستقبل أنظمة التقاعد قبل فوات الأوان". وأكد جلالة الملك كذلك على ضرورة توفير شروط الحياة الكريمة بإيجاد سكن محترم للمواطنين والقضاء على أحياء الصفيح وعلى السكن غير اللائق. وفي هذا الإطار أكد جلالة الملك أن حرصه على الحفاظ على التوازنات الكبرى تعزيزا للثقة والمصداقية اللتين يحظى بهما المغرب لدى شركائه، من مؤسسات مالية دولية ومستثمرين، في ظرفية دولية صعبة، "لا يعادله إلا تأكيدنا لأهمية البعد الاجتماعي ولتعبئة المصادر الوطنية لتمويل مشاريعنا التنموية على غرار صندوق الحسن الثاني للتنمية، والتعريف بما يضمنه المغرب من شروط الاستقبال والجاذبية للمقاولات التي تبحث عن محيط ملائم للاستثمار". واعتبر جلالة الملك في هذا الصدد أن بناء اقتصاد عصري يتطلب "الإسراع باستكمال مختلف البنيات التحتية، ولا سيما منها الشبكات الطرقية، سواء لفك العزلة عن العالم القروي أو إنجاز البرنامج الوطني الطموح للطرق السيارة وخصوصا منها الرابطة بين شمال المغرب وجنوبه (طنجة - أكادير) عبر مراكش وبين شماله الغربي وشرقه ( فاس - وجدة)عبر تازة". وأشاد جلالة الملك في هذا الباب "بالنهج القويم الذي يسير عليه إنجاز المشروع الكبير لطنجة المتوسط" الذي يعتبره جلالته "نموذجا يحتذى" مؤكدا أن هدف جلالته من ذلك تمكين كل جهات المملكة "من الاستثمار الأمثل لمؤهلاتها الغنية في مجال التنمية الجهوية والاندماج في النسيج الاقتصادي الوطني، مما سيعمق انتماء المغرب لفضائه الأورومتوسطي، ولمحيطه المغاربي والإفريقي والعربي، حتى يصبح قطبا محوريا وشريكا فاعلا في المبادلات الدولية، مندمجا في الاقتصاد العالمي". واعتبر جلالة الملك أن "التأهيل الشامل لاقتصادنا الوطني لن يتم إلا باستراتيجية ناجعة لتنمية" العالم القروي "الأكثر معاناة من العجز الاجتماعي". وقال إن الأمر يتعلق ب"تحويل القطاع الزراعي التقليدي إلى فلاحة عصرية ومنتجة" وهو ما يتطلب "نهج سياسة فلاحية جديدة توطد ما حققه المغرب من تجهيزات ومنجزات وتعتمد الاستثمار الأمثل لخصوصيات تربة كل جهة للرفع من الإنتاجية في الزراعة والصناعات الفلاحية الأنسب لمؤهلاتها وثرواتها الطبيعية، مستشعرين مدى إكراهات البيئة وندرة الموارد المائية وزحف التصحر". وشدد جلالة الملك في هذا الإطار على الأهمية التي يوليها لإصلاح القطاع العمومي الذي "لم يصل بعد إلى تحقيق التطلعات الكاملة لمواطنينا والاستثمار الأمثل لكل القدرات التي يزخر بها" المغرب. ولتجاوز هذا الوضع أكد جلالته على ضرورة "إصلاح التدبير العمومي وعصرنة أجهزة الدولة وعدم تمركزها باعتماد خطة طموحة وجريئة لتحديث القطاع العام وإيجاد إدارة ذات موارد بشرية مؤهلة قائمة على الاستحقاق والجاذبية والتنافسية وترشيد الإنفاق العمومي وتخليق الحياة العامة". وبخصوص موضوع الهجرة ذكر جلالة الملك بأنه دعا منذ اعتلائه العرش إلى نهج "سياسة جديدة (...) تساير التحولات البنيوية المتسارعة التي تعرفها جاليتنا بالخارج وتستجيب لتطلعات مختلف أجيالها وطموحاتها لتنمية المغرب وتحديثه وإشعاعه الخارجي". وأوضح جلالة الملك أن هذه السياسة "سياسة شمولية متعددة في أبعادها المؤسسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، متكاملة ومتناسقة في عمل الأجهزة المكلفة بها، متنوعة في صيغ مشاركة جاليتنا بالخارج في كل مجالات الحياة الوطنية". وقال جلالته في هذا السياق "إننا بصدد دراسة أفضل السبل لضمان مشاركة ناجعة وذات مصداقية لجاليتنا بالخارج في كل مؤسسات وفضاءات بناء المجتمع الديمقراطي التنموي" مؤكدا حرص جلالته على أن يتم ذلك "في إطار من التشاور المثمر". للإطلاع على النص الكامل للخطاب الملكي : http://www.map.co.ma/mapara/depeches/juiller/SM/discour.htm