أكدت أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الانسان أن دعوة جلالة الملك محمد السادس لإصلاح القضاء تشكل «إشارة قوية» لمنظمات المجتمع المدني للعمل من أجل المساهمة بشكل أكبر في عملية النهوض بقطاع القضاء. وقالت بوعياش في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن إصلاح القضاء الذي دعا اليه جلالة الملك في خطابه الى الأمة بمناسبة الذكرى ال56 لثورة الملك والشعب، يشكل أيضا دعوة من جلالته لهذه المنظمات لمواصلة عملها في ميدان رصد وملاحظة وتتبع القضايا المرتبطة بقطاع القضاء. وأضافت أن خطاب جلالة الملك الذي يكتسى رمزية ودلالة كبيرتين، يستجيب لتطلعات المنظمات غير الحكومية في مجال إصلاح القضاء، مؤكدة أن هذه المبادرة الملكية الجديدة التي ستنبثق عنها بدون شك قرارات وآليات تعزز سيادة القانون، وتضمن تمثيلية وازنة للنساء في هذا المسار، تهدف الى ترسيخ مسار المساواة بين الجنسين الذي انطلق قبل عدة سنوات. وقالت رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الانسان إن إعمال الاصلاح الذي دعا اليه جلالة الملك، يستدعي منذ الآن الانخراط في تعزيز شروط المحاكمة العادلة وتكريس سيادة القانون ومساواة المواطنين أمامه، مسجلة أن ترسيخ المسار الديموقراطي مرتبط أيضا بسلطة القضاء ونزاهته. وبخصوص الهيئة الاستشارية القارة التي أعلن جلالة الملك عن عزمه إيجادها لتمكين القضاء من الانفتاح على محيطه، شددت أمينة بوعياش على أنها تشكل خطوة لدعم عمل المجلس الاعلى للقضاء، ومساندة الاصلاحات المرتقبة لقطاع القضاء. وكان جلالة الملك قد دعا في خطابه الحكومة الى بلورة مخطط متكامل ومضبوط لاصلاح القضاء . بدوره سجل الأستاذ الجامعي محمد الإدريسي العلمي مشيشي أن إصلاح القضاء، الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس يوم الخميس في خطاب إلى الأمة بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك والشعب «سيمكن بالتأكيد من الارتقاء بالقضاء». وأشاد العلمي مشيشي، الأستاذ والباحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، بما تضمنه خطاب جلالة الملك الذي دعا إلى بلورة مخطط متكامل، ومضبوط يجسد العمق الاستراتيجي لإصلاح القضاء. وأكد أن إصلاح القضاء يعد قاطرة ومحركا ديناميكيا يجر معه عددا من الإصلاحات الأخرى، مبرزا أن الأفكار التي عبر عنها جلالة الملك في خطابه السامي بخصوص إصلاح القضاء تعد «مصادفة للصواب، وتأتي في الصميم لتفعيل المبادئ» الهادفة للارتقاء بمستوى القضاء. وأشار إلى أن الخطاب الملكي تميز بإلحاحه على ارتباط القضاء على المستوى الروحي بمؤسسة إمارة المؤمنين، موضحا أن الفقه الإسلامي ينص على أن من بين واجبات والتزامات أمير المؤمنين، المهام المتعلقة بالقضاء. وأضاف العلمي مشيشي الذي شغل في السابق منصب وزير العدل، أن القضاء يرتبط بالمؤسسة الملكية، في استقلال عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. وكان جلالة الملك قد دعا في خطابه، إلى إصلاح القضاء الذي تتمثل محاوره الأساسية في تعزيز ضمانات استقلال القضاء، وتحديث المنظومة القانونية، وتأهيل الهياكل والموارد البشرية، والرفع من النجاعة القضائية، وترسيخ التخليق، وحسن التفعيل، معلنا عزم جلالته «إيجاد هيأة استشارية قارة، تعددية وتمثيلية، تتيح للقضاء الانفتاح» على محيطه. عبد الله ساعف الأستاذ جامعي ورئيس مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أكد أن خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى56 لثورة الملك والشعب، يعد دفعة قوية لإصلاح القضاء وتحديثه وفق خطة عمل دقيقة بمحاورها وميكانيزماتها ومرجعياتها. وأوضح الأستاذ ساعف أن هذه الخطة " تشكل منظورا جديدا يقطع مع الممارسات السلبية ويسهم في انفتاح الجهاز القضائي على محيطه الاجتماعي والاقتصادي». وأبرز أن المنهجية التشاورية لإصلاح القضاء والتي توقف عندها جلالة الملك، تعد من مكتسبات المرحلة خلال السنوات الأخيرة، باعتبار أن التشاور أداة حقيقية لتكريس فعالية الإصلاحات وتقوية تأثيرها على الواقع. وأشار إلى أن الخطاب الملكي أكد أيضا أن مقاربة إصلاح القضاء «تحتاج إلى دراسة شاملة لا يمكن اختزالها في الجهاز القضائي فقط، بل يجب أن تراعي مفهوم العدل بأبعاده الشمولية، من أجل إصلاح العدالة وليس فقط أجهزته ومؤسساته التقنية»، مضيفا أن جلالة الملك شدد أيضا على أن فكرة إصلاح القضاء لا يمكن عزلها عن المساطر الصرفة، بل في اهتمامها الكبير بالوسائل البديلة مثل الوساطة والمصالحة والتحكيم. وأشار إلى أن الخطاب الملكي أكد كذلك على أن عملية تخليق القضاء مسألة في غاية الأهمية لأنه لا يمكن تصور إصلاح القضاء خارج مناخ أخلاقي معين يرسخ مفهوم الإنصاف، ويولي اهتماما كبيرا لقيم النزاهة وإعطاء الكرامة للقاضي، والتعفف والترفع عن جميع الأشياء التي من شأنها ثني العدالة عن الاضطلاع بوظائفها الحقيقية.