يشكل مؤتمر الأممية الاشتراكية الذي سينعقد بالمغرب امتحانا حقيقيا لهذه الهيئة وحول دعاواها والشعارات التي ترفعها.فمن المفروض كما صرح السفير الفلسطيني في المغرب السيد أبو مروان لجريدة "الجمهور" في عددها 103 أنه "إذا كانت الأممية الاشتراكية حركة سياسية وإنسانية وفي مستوى القرن الواحد والعشرين فيجب عليها ألا تقبل مشاركة حزب العمل الإسرائيلي الذي يقتل الفلسطينيين". غير أن هذا المؤتمر يشكل امتحانا أكبر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يقود ما يسمى ب "حكومة التناوب" خاصة، وأن هذه الحكومة قد أصرت على أن تتصدر مسيرة الشعب المغربي ليوم 7 أبريل 2002، مسيرة التضامن مع انتفاضة الأقصى المباركة، وكانت الجماهير الشعبية التي حجت إلى مدينة الرباط في المسيرة قد أجمعت على التنديد بالجرائم الصهيونية التي خططها السفاح شارون (حزب الليكود) ونفذها اليعازر وزير الحرب الصهيوني، وسوق لها سياسيا وديبلوماسيا بيريز، وكلا هذين الأخيرين من الحزب العمالي الاشتراكي وهو صديق وزميل للاشتراكيين المغاربة في الأممية الاشتراكية. وكان البيان الصادر عن المسيرة التي حرص اليوسفي وأعضاء حكومته على تصدرها قد أكد على قطع كل أشكال العلاقات مع الكيان الصهيوني، وكل أشكال التطبيع، وعلى فضح المطبعين، حيث قال بالحرف: >يطالب الدول العربية والإسلامية بقطع كل العلاقات مع الكيان الصهيوني ومقاومة كل أشكال التطبيع، ومقاطعة البضائع الأمريكية، وفضح المطبعين<. يذكر أنه قبل ثلاثة أسابيع من مسيرة الرباط التي حرص رموز الاتحاد الاشتراكي والحكومة على أن يكونوا في مقدمتها، وأن يقرصنوها في ندوة صحافية نظمتها الأغلبية باسم الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، وهو ما احتج عليه رئيسها آنذاك، كانت قد انعقدت كل في من تل أبيب ورام الله لجنة الشرق الأوسط للأممية الاشتراكية، وذلك بتاريخ 14 و15 مارس 2002 حيث جلس ممثل للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو السيد عبد الحميد بلقاضي إلى جانب عدة شخصيات اشتراكية عالمية إلى جانب زعامات حزب العمل الصهيوني، ومنها مجرم الحرب والمسؤول التنفيذي عن المجازر الأخيرة بنيامين بن إليعازر وشيمون بيريز، إلى جانب زعامات من حزب ميريتز على رأسها بوسي ساريد. يذكر أن الوفد الصهيوني في مؤتمر الاشتراكية يعد من أكبر الوفود حيث سيكون ممثلا بكل من حزب العمل وحزب ميريتز. ويقود حزب العمل وزير الحرب الصهيوني بين إليعازر، ووزير الخارجية بيريز، وعضوية كل من رعان كوهن، وكوليت أفيتال، وأبراهام هاتزامري، وإفرايم سنيح، وإيستر هيرلتز، ويوناإياهاف، وغالب ماجدالا، وعارك حداد، ونوريت يارديني، وإيتزشاني، وإيران موزيل، ويوسي ساريد وعضوية كل من مونيكابولاك، وناعومي شازان وروايلين ولطيف دوري وأرييح شايبر. تجدر الإشارة إلى أن حزب العمل مسؤول عن كثير من المجازر والمذابح كما كان مسؤولا عن تقديم التغطية السياسية والدبلوماسية لها، فقد أصبح من الثابت أن مذبحة ديرياسين التي نفذها مناحيم بيغين الليكودي كانت جزءا من مخطط عام اتفقت عليه جميع التنظيمات الصهيونية.كما أن حزب العمل هو المسؤول عن مذبحة قانا التي وضعت في لبنان في إطار ما سمي بعملية عناقيد الغضب، حيث قصفت القوات الصهيونية مقرات للقوات الأممية كان حوالي 800 من اللبنانيين قد احتموا به وأدى ذلك القصف إلى مقتل 250 بالإضافة إلى عدد من العسكريين اللبنانيين والسوريين كما بلغ عدد الجرحى 368 من بينهم 359 مدنيا، وتيتم في هذه المجزرة أكثر من 60 طفلا. وتقع مسؤولية مذبحة الحرم الإبراهيمية أيضا على حزب العمال، فهي التي سلحت المستوطنين، كما أن القوات العسكرية الصهيونية في ظل الحكومة الحالية هي التي سمحت بدخول المستوطن اليهودي باروخ غولدشتاين إلى الحرم الشريف ببندقية حيث حصد عدة أرواح من المصلين. ثم هناك المذبحة الأخيرة التي نفذتها القوات الصهيونية التي تشتغل تحت إمرة بن اليعازر والتي أدت إلى سقوط مئات الشهداء، وقامت فيها القوات الصهيونية بعد منع الصحافيين وطواقم الإسعاف في الدخول بإعدامات ميدانية ودكت فيها عشرات من المنازل على أصحابها، وشغلت القوات الصهيونية عدة شاحنات لنقل جثامين الشهداء حيث دفنوا في مقابر جماعية في "إسرائيل". ذلك هو حزب العمل صديق الاشتراكيين المغاربة في الأممية الاشتراكية وذلك هو سجله الإجرامي فهل سيتخذ الاشتراكيون المغاربة موقفا واضحا يرتقي إلى مستوى ادعاءاتهم بالغيرة على القضية الفلسطينية؟ هل سيلتزمون بالبيان الصادر عن مسيرة الرباط التي أدانت كل أشكال التطبيع، خاصة وقد كانوا حريصين على تصدر مسيرة نصرة الشعب الفلسطيني، وحريصين على السيطرة على الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني؟