تشن صحافة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هذه الأيام حملة مسعورة على حملة «ائتلاف الخير» مستعينة بأسلحتها المعروفة، أي الكذب والتضليل والافتراء وقلب الحقائق والتأويل المغرض... ظاهر هذه الحملة الغيرة على الشعب الفلسطيني وباطنها تصفية حسابات سياسية مع حزب العدالة والتنمية الذي أصبح غصة في حلق بعض الجهات المتصهينة داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. ونقول بعض الجهات، لأننا نعلم أن في الاتحاد الاشتراكي مناضلين شرفاء وغيورين على قضية فلسطين. حملة صحافة الاتحاد الاشتراكي لم تخف تلك الدوافع السياسية حينما فتئت تربط حملة «ائتلاف الخير» ب"حزب العدالة والتنمية"، وحينما ادعت تارة أن الأموال التي تجمع تذهب كما قالت إلى «الجيوب المعلومة والمغرب على أربعة أشهر من الحملة الانتخابية»، وحينما افترت (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) أن "البعض قد أصبح ثريا على حساب الشعوب المقهورة»، وحينما تساءلت بخبث: «ماذا فعلوا بالحلي التي هي من ذهب.. هل ذوبوها في الجيوب أم حولوها إلى مكان معلوم؟". والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: لماذا هذا السعار الذي أصاب فجأة بعض الأقلام الصغيرة والتافهة والتي تظن أن نظم بعض الكلمات وترديد بعض الترهات والتفاهات كفيل بأن يجعل الليل نهارا، والنهار ليلا، ويجعل الكاذب صادقا والصادق كاذبا والخائن أمينا والأمين خائنا؟؟.. لماذا كل هذا السقوط الخلقي والفكري والاعتقاد بأن بعض السجع الشبيه بسجع الكهان وبعض التمتمات الشبيهة بتمتمات العرافات قادرة على قلب الحقائق وتضليل الرأي العام، خاصة وأن بيوت الكهنة الجدد بيوت من زجاج، ومن كان بيته من زجاج فلا يرمي بيوت الناس بالحجر؟؟... كي نفهم أبعاد هذه الحملة المسعورة ودلالتها وجب أن نضع القارئ الكريم في سياقها العام وهو ما يقتضي التذكير بهذه الوقائع: 1 الواقعة الأولى هي المسيرة الشعبية ليوم 7 أبريل 2002 التي خرج فيها ملايين المغاربة للتعبير عن مساندتهم للشعب الفلسطيني في انتفاضته المباركة. ورأينا كيف سعت الحكومة إلى الركوب على المسيرة المذكورة وتصدرها ضدا على اتفاق مختلف مكونات الساحة المغربية التي تنشط وتتعاون مع الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني قبل أن يجري تأميمها، كانت المسيرة قد رفعت مطالب وشعارات واضحة وعلى رأسها رفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني في حين أن الحكومة غارقة فيه إلى النخاع بل إنها تصدت من خلال أغلبيتها إلى كل المقترحات التي كانت تستهدف إقرار قانون يمنع الاستيراد والتصدير من وإلى الكيان الصهيوني، وكانت الجماهير في المسيرة قد رفعت شعارات مضادة لوجوه حكومية وحالت دون تصدرها لواجهة المسيرة. 2 الواقعة الثانية تتعلق بالمؤتمر السادس للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني (ورقم 6 في تسلسل المؤتمرات أصبح رقما له دلالته لارتباطه بالفبركة، وبالطبخ والانزالات والانقسامات)، ومعلوم أن المؤتمر المذكور قد أدى إلى تمزيق وحدة الجمعية المغربية بعد انسحاب عدة مكونات، وإقصاء أخرى، وإلى تدجين الجمعية من خلال بسط سيطرة الأحزاب الحكومية و"توزيع" العضوية في مكتبها الجديد، على أساس كوطا بين أحزاب الكتلة وهو ما اعتبرته عدة فعاليات سياسية منسحبة من المؤتمر تخريبا للإجماع الذي اجتهدت الجمعية سابقا في محاولة لبنائه حول القضية الفلسطينية، وكانت مؤشرات ذلك التخريب قد ظهرت سواء خلال مسيرة 7 أبريل أو بعدها مباشرة حينما ركبت أحزاب الأغلبية على المسيرة ونظمت بذلك ندوة صحافية باسم الجمعية دون علم مكتبها ومسؤولها الأول آنذاك الأستاذ خالد السفياني. 3 الواقعة الثالثة: وهي استضافة الاتحاد الاشتراكي لمؤتمر الأممية الاشتراكية التي يعتبر حزب العمل الصهيوني عضوا فيها، والذي سيمثل فيه بمجرم الحرب بيريز،، والمجرم بن إليعازر المسؤول الأول التنفيذي عن الحملة الإرهابية التي يقودها شارون ضد الشعب الفلسطيني، ومن المعلوم أن هذه الاستضافة قد شكلت إحراجا كبيرا للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كما تشكل اختبارا حقيقيا للجمعية المغربية لمساندة الشعب الفلسطيني في شكلها المؤمم وما إذا كانت ستسير على نهجها السابق في التعبير عن المواقف الحقيقية للشعب المغربي الرافض لكل أشكال التطبيع أم ستتحول إلى وسيلة لتبرير المواقف الرسمية للحكومة وللحزب النافذ فيها. الرئيس الجديد للجمعية في خروجه الأول غير الموفق علق موقف الجمعية بموقف السلطة الفلسطينية، كما أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يتهرب لحد الساعة من اتخاذ موقف سياسي واضح من الموضوع حيث قال مصدر من المكتب السياسي على ما نقلته صحيفة الجمهور في عددها ليوم أمس «لم نستدع أحدا والنظام الداخلي للأممية الاشتراكية لا يعطينا هذا الحق، ذلك أن الحزب المضيف لا يستدعي الأحزاب والأعضاء في الأممية الاشتراكية»، بينما هناك عدة مواقف ممكنة أقلها الإعلان عن رفض استقبال مجرمي الحرب الصهاينة ومنع دخولهم إلى المغرب، ومطالبة الأممية لاشتراكية برفض قبول مشاركة الوفد الصهيوني وهو ما عبر عنه أبو مروان السفير الفلسطيني في المغرب حين قال: «إذا كانت الأممية الاشتراكية حركة سياسية وإنسانية في مستوى القرن الواحد والعشرين فيجب عليها ألا تقبل مشاركة حزب العمل الاسرائيلي الذي يقتل الفلسطينيين» (الجمهور العدد 103). ونحن هنا نكتفي بتذكير الاشتراكيين المغاربة الذين سكتوا عن هذه الفضيحة الكبرى ويسعون إلى التغطية عليها بإثارة حملة تشكيك في حملة التبرعات الشعبية الله يعلم لفائدة من نذكرهم بما جاء في افتتاحية لهم بتاريخ 1996/12/16 تحت عنوان "مقاومة التطبيع". «والواقع أن مواجهة لا تكمن فقط في تجميد وإرجاء العلاقات الديبلوماسية مع دويلة إسرائيل في انتظار استتباب السلام بالشرق الأوسط ولكن هذه المواجهة هي عمل يهم عدة جوانب وميادين ترتبط بالاقتصاد وبالإعلام والثقافة وغيرها من المجالات التي تشهد اختراقات صهيونية بدون أن تكون الأمة العربية في مستوى الرد والتحدي بسبب تشرذمها وإغراقها في خلافات ثنائية أو ثلاثية على حساب التضامن العربي الحقيقي» فسبحان مبدل الأحوال. 4 الواقعة الرابعة تتعلق باشتداد الخناق على الحكومة من جراء تصاعد الحركات الاحتجاجية التي لم يعد يجدي معه الكذب الحكومي على الشغيلة المستعينة بالآلة الإعلامية، وقد رأينا كيف جن جنون الإعلام الحكومي حينما تمسكت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم باضرابها ليومي 15 و16 ماي 2002 بعد الاتفاق المهزلة التي حاولت تلك الصحف تسويقه والذي تبين بالملموس أنه لا يسمن ولا يغني من جوع، وكيف افتضحت الحكومة حين ادعت كذبا، حين أصدرت بيانا منفردا تعلن فيه أنه تم التوصل مع الأساتذة الأطباء إلى اتفاق لإنهاء إضرابهم المفتوح، وكيف كان رد الفعل إعلان الأطباء الأساتذة عن استمرار الإضراب والتهديد بمقاطعة الامتحان إلى أن اضطرت الحكومة مرغمة على الجلوس إلى مائدة المفاوضات... وهذا غيض من فيض. كان إذن لابد للحزب النافذ في الحكومة ولصحافته من قضية تنقذ بها ماء الوجه فاهتدت إلى الأسلوب النازي القائل: اكذب.. اكذب.. حتى يصدقك الناس فركبت من جديد مركب "الغيرة على الشعب الفلسطيني" ولو كانت كذلك لما أجهزت على الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، وادعت الغيرة على أموال المغاربة التي تجمع لفائدة «ائتلاف الخير»، ولو كانوا صادقين لحافظت حكومتهم على أموال الشعب بدل إنفاقها في المؤتمرات التطبيعية والتوظيفات الحزبية المشبوهة والمهرجانات الخليعة. أما بالنسبة "لائتلاف الخير" فهو ائتلاف نبيل، يعمل لأهداف نبيلة ،والقائمون عليه ناس نبلاء، لا يحتاجون لشهادة وتزكية صحيفتي "الاتحاد الاشتراكي" و"الأحداث المغربية"، وحسابه حساب مفتوح يمكن أن يطلع عليه أي مواطن ويتأكد هل صرف منه سنتيم واحد منذ سنة 1996 إلى اليوم، والافتراءات التي نقلتها تلك الصحافة وكذبتها التوضيحات التي صدرت من الدكتور الخطيب والأستاذ عبد الإله بنكيران وكذبها أيضا توضيح السفارة الفلسطينية، ويكفي أن تثبت كذبة واحدة على هذه الصحافة كي تنهار كل افتراءاتها وما أكثر كذب تلك الصحافة. ونختم بدعوة كتبة أولئك الصحف إلى أن ندعو جميعا على الكاذبين تأسيا بدعوة القرآن إلى المباهلة التي وردت في قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين). همسة أخيرة إلى صحافة "الاتحاد الاشتراكي" :إنه بعد ما قالته من افتراءات كثر الاستفسار عن "ائتلاف الخير" من المواطنين الذين يميزون بين الصادقين والكاذبين وبين الأمناء والخائنين، من أجل التبرع لفائدة حسابه رغم أنف الحاقدين، فلتستمر حملة مساندة الشعب الفلسطيني والتبرعات لفائدة "ائتلاف الخير". أبو صلاح