زوبعة وراء زوبعة يطلقها في وجه حزب العدالة والتنمية، خصومه في حرب ضروس، عبر الإعلام ومن خلال نشر الوشايات والكذب والافتراء، وتأويل تصريحات قياداته ولي أعناقها؟ خصوم كان الأصل فيهم أن يكونوا له منافسين في الميدان ديمقراطيا وحداثيا، لا مصارعين على حلبة ما يملكونه ويوجهونه من وسائل إعلام؟.. لا لشيء إلا لأنه يخالفهم الرأي، مع أنهم لايملون من ترديد شعارات احترام حرية التعبير، وحق الاختلاف والتعدد والديمقراطية وما إلى ذلك من القيم النبيلة التي حولها البعض إلى شعارات يرددونها في المحاضرات والمهرجانات الجماهرية والمؤتمرات الحزبية و يدبجون بها المقالات والحوارات...ويكفرون بها عند الممارسة؟ ويبقى السؤال المطروح لماذا اتخذت جهات حزبية سياسية وجمعوية حزب العدالة والتنمية هدفا لحرابها. فمرة توجهها له كحزب في مواقفه واختياراته، ومرة توجهها لتجربته في تسيير الشأن المحلي ومرة لأداء فريقه البرلماني في مجلس النواب. ما هي الأسباب الحقيقية لهذا الهجوم بلاحدود. زوابع لا تنتهي ومآل واحد كثيرة هي الزوابع التي قامت حول حزب العدالة والتنمية خاصة بعد أحداث 16 ماي الإرهابية، التي سعى الاستئصاليون إلى استغلالها من أجل تشويه مواقفه، ومحاصرته بل إلغاء وجوده من الساحة الحزبية والسياسية، رغم أنه كان من بين أول المنددين والمستنكرين لتلك الأحداث، غير أن ذلك السعي خاب بفضل حكمة التدخل الملكي، وفطنة الشعب المغربي، وكذلك رزانة قيادة الحزب وكياستها في تدبير الأزمة. وفي ذلك المناخ دخل الحزب الانتخابات الجماعية، وفي ظل عدد من الاكراهات بما فيها مشاركته المحدودة، حصل على نسبة من الأصوات والمقاعد التي مكنته من الحصول على موقع متميز في عدد من الجماعات المحلية سواء من موقع المسير من قبيل مدينة تمارة ومكناس والقصر الكبير وخنيفرة، أو مشاركا في التسيير كما هو الحال في الدارالبيضاء ومدن أخرى في أو ضمن المعارضة، كما في مدينة القنيطرة وغيرها. خصوم الحزب وليس منافسوه بكل أسف لم يستسيغوا فشلهم في التشويش على مسيرته، فراحوا يتحينون الفرص لتوجيه ضربات له وإن كانت خارج أعرافرياضة الملاكمة فضلا عن أعراف العمل السياسي والحزبي بمفهومه النبيل والشريف، كالضربات من تحت الحزام وفي هذا السياق نسوق بعض الأمثلة وهي على الشكل التالي: 1 توظيف مقال رأي: الركوب على مقال رأي نشر في جريدة >التجديد< حول ظاهرة التسونامي، للهجوم على الحزب مع العلم أنه لا يتحمل مسؤولية الجريدة ولا تصدر باسمه، ولا تعبر عن مواقفه، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بذلك المقال، الذي استغلته جمعيات ورقية و أطراف لا تخفي نزعتها الاستئصالية اتجاه الحزب، استطاعت أن تشرك معها قناة يمولها الشعب هي القناة الثانية في تهجم على الحزب وتشويه مبادئه ومواقفه، الأمر الذي دفع هذا الأخير إلى توجيه شكاية للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري في الموضوع انتهت بالحكم على القناة الثانية بمخالفة قواعد المهنة والتحيز الواضح، ولصالح الحزب بحق الرد والتوضيح. 2 تزوير استقالة: واقعة تزوير استقالة عبد العالي أبو الربيع رئيس مقاطعة سيدي البرنوصي وعضو حزب العدالة والتنمية، بحيث استيقظت ساكنة المقاطعة في يوم من أيام شهر نونبر الماضي على خبراستقالة رئيسها من مهامه، وتفاجأ المعني للمؤامرة التي يرغب مدبروها في إرباك مسيرة مستشاري الحزب في المقاطعة، وهي الاستقالة المزورة والمصححة الإمضاء مؤرخة بتاريخ 14 نونبر 2005 و موجهة إلى عامل مقاطعات سيدي البرنوصي، والغريب العجيب أنها مرفقة بما سمي بتوضيح يزعم أن قرار توزيعها وإرسالها اتخذه مجموعة من الإخوة في حزب العدالة والتنمية بعد أن قاموا بسرقتها من الرئيس في أحد الاجتماعات الحزبية خوفاً من عدم إرسالها بالمرة من لدن أبو ربيع وأن توزيعها يرمي فضح استقالة الرئيس وفضح كل من يساهم في انتشار المفاسد الاجتماعية. حيث تضمنت الرسالة المزورة، شرحا لأسباب هذه الاستقالة المزعومة، مجملة إياها في العجز عن التصدي للفساد، وذاكرة لمجموعة من الأسماء اتهمتها بانعدام الضمير الأخلاق، وبالظلم والارتشاء. والحاصل أن رئيس المقاطعة لم يقدم استقالته، وعد الوثيقة المزورة مكائد خبيثة من لدن جهات تريد الاصطياد في الماء العكر، وما هي إلا أيام حتى ألقت الضابطة القضائية بعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي على الجاني ( متصرف مساعد بالمقاطعة بالمقاطعة الحضرية 52 ) الذي اعترف بكونه مزور الاستقالة، وهو الآن بيد العدالة لتقول كلمتها فيه، ولتكشف خيوط المؤامرة والواقفين وراءها. ويبقى السؤال الملح عند كثيرين هو كالتالي: هل يكون من وراء تدبير هذا التزوير أهداف سياسية تروم النيل من سمعة الحزب؟ 3 الافتراء على رئيس مجلس بلدية خنيفرة: استغلت عدد من الجمعيات بمدينة الخنيفرة بالتحالف مع مستشارين جماعيين معارضين مادة صحفية أنجزتها أسبوعية لوجورنال (عدد 234) حول التجربة الجماعية للحزب تضمن تصريحا للحسن شكيرا رئيس المجلس البلدي للمدينة المذكورة حول تسيير الشان المحلي، فنسبوا له كلاما حول واقع الدعارة في المدينة قاله الصحافي، فراحوا يؤلبون عليه الساكنة، وخططوا لمسيرة ضد الرئيس، مسيرة كانت عدد الشعارات التي رفعت فيها ضد حزب العدالة والتنمية ورئيس المجلس أكثر من عدد الحاضرين فيها، فضلا عن الذين انسحبوا من المسيرة بعدما اكتشفوا هراء تلك الجمعيات ومن شايعها. والغريب أن الصحفي المعني وبكل شجاعة مهنية تحمل مسؤوليته وكتب بأسود على أبيض توضيحا يقول فيه بأن شكيرا بريء مما نسب إليه، وأن منظمي المسيرة ومروجي الكذبة ( جمعيات و أحزاب وصحف ) لهم حسابات سياسية مع الرجل صفاوها معه (والعبارة لي) بأسلوب لا يليق. ورغم ذلك لم يمتلك خصوم الحزب كما هي العادة دائما الجرأة السياسة والمهنية الإعلامية للإعلان أمام الملأ بأنهم أخطأو، وتقديم الاعتذار للساكنة، وفي كل الأحوال فهي في غنى عن ذلك لأنها لم تخرج في المسيرة رغم تطبيل وتزميربيان اليوم وصوت الناس وبعض كتاب الأحداث المغربية وغيرها، وعارفة بالبير وغطاه وجربت من يسمون أنفسهم بالمعارضين والديمقراطيين داخل المجلس وخارجه، ماذا فعلوا بالمدينة لما كانوا في التسيير، ولما فشلت مؤامرتهم، عادوا من جديد لحبك مسرحية جديدة تجميد العضوية والأنشطة داخل المجلس ومراسلة الجهات الوصية للمطالبة باستقالة شكيرا ولوطارت معزة. 4 تشويه مواقف فريق العدالة والتنمية: كثيرة هي مواقف الفريق التي شوهها خصوم الحزب وإعلامهم بشراسة، وأحيانا بعدوانية غريبة تشق الصدور وتقرأ النوايا، ونكتفي هنا بموقفين الأول لما استنكر مشاركة الوفد الاسرائيلي وحضوره البرلمان المغربي كما استنكرته هيئات سياسية وجمعوية، بحيث بلغ الأمر ببعضهم وعلى صفحات جرائد جبهة العداء للحزب وخاصة بيان اليوم وأختها باللغة الفرنسية، إلى اعتبار موقف الفريق المذكور لعبا بالنار وشرعنة لعمل إرهابي ضد المغرب، وما إلى ذلك مما يعده العقلاء عبثا ضدا على الإرادة المعبر عنها شعبيا ورسميا من رفض للتطبيع مع الكيان الصهيوني ما لم يتراجع عن همجيته وما لم يسترجع الشعب الفلسطيني حقوقه كاملة. والثاني لما عبر بشكل حضاري عن احتجاجه على الإقصاء الإعلامي الذي يطال البرلمان وأنشطته بشكل عام، و المعارضة بشكل خاص، ولما احتج على العلاقة غير المتوازنة بين الجهاز التنفيذي والمؤسسة التشريعية، أو على ما يصفه البعض باستهتار الحكومة بالمؤسسة التشريعية من خلال حمل الشارات . بحيث رفض إعلام الديمقراطيين جدا ذلك الأسلوب، وراحوا يؤولونه بسوء نية، حتى تفتقت قريحة أحدهم بالزعم أن اختيار اللون الأصفر للشارة فيه إشارة إلى حزب الله وما إلى ذلك من هلوسات وهتير، وكأن الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا وكل حكام مقابلات كرة القدم في العالم وهم برفعهم بطاقة إنذار صفراء في وجه اللاعبين، يعلنون عضويتهم في حزب الله اللبناني، ومنهم من اعتبره سلوك ديماغوجي وتسخين انتخابي وهلم جرا، غيرأن ذكاء المغاربة وفطنتهم كفيلان بتمييز الغث من السمين. عليهم لا لهم يعتبر كثير من المتتبعين للمشهد السياسي والحزبي المغربي، أن حزب العدالة والتنمية ربما يعاني من تشويشات وإزعاج تلك الزوابع التي تثار ضده، لكن حقيقة الأمر أنه سرعان ما تخدمه تلك المشوشات ويستفيد منها، فيما تعود آثارها سلبا على من أطلقوها بعكس مقصودهم تماما، إذ يقوون من شعبيته ويجلبون له أنصار جدد وربما ببينة وبقناعة أقوى، فعلى سبيل المثال حملة التسونامي ربح فيها الحزب حق الرد فيما بدا محرك الحملة في وضع لا يحسد عليه، حتى إن حكم المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري اعتبر تصريحاته أحد أخطاء القناة الثانية وعدم موضوعيتها لما سمحت له بإطلاق الكلام على عواهنه في حق هيأة سياسية دون أخذ رأيها بعين الاعتبار، وكانت فضيحة بجلاجل على عدم مهنية التحقيق الإخباري الشهيرالذي بثته القناة يوم 11 يناير 2005، إذ جاء في أول قرار يصدره المجلس يوم الإثنين فاتح فبراير 2005 أنه كان على المسؤولين عند تناولهم للمواضيع التي من شأنها إثارة المنازعات داخل المجتمع، خاصة في البرامج التي تعطى فيها الكلمة للضيوف، والحرص على تناولها بما يلزم من الاتزان والرزانة والصرامة مع السهر على التقيد بتعددية التعبير عن مختلف تيارات الفكر والرأي، وبناء على ذلك أمر القناة بتمكين حزب العدالة والتنمية من حق الرد ، وعلل المجلس الاعلى للاتصال السمعي البصري قراره بأن التحقيق الإخباري المشتكى منه تضمن على لسان أحد المستجوبين اقحاما صريحا للحزب المشتكي الذي لم يدع أي ممثل له التعبير عن وجهة نظر حزبه. معتبرا أن ما ورد في بداية التحقيق على لسان معد البرنامج من كون صحيفة التجديد مقربة من حزب العدالة والتنمية، من شأنه أن يخلق لدى النظارة التباسا يمكن أن يضر بالحزب المشتكي. وفي خنيفرة، وبعد أن كشف الصحافي صاحب التحقيق زيف داعاة مسيرة التضليل، احتجاجا على رجل لم يقل ولم يتمنى لمدينته إلا الخير، زاد الناس تعاطفا مع الحزب، وفي مقاطعة البرنوصي ومباشرة بعد انتشار خبر القبض على مزور الاستقالة المزعومة، تقاطر على مقر حزب العدالة والتنمية بالمقاطعة عشرات من المواطنين للتعبير عن إدانتهم لذلك السلوك، بمن فيهم عائلة الجاني وأصهاره وجيرانه خصوصا، الذين أعربوا عن إعجابهم بالحزب وكذا عن أسفهم لما حدث، مطالبين أعضاءه بالكتابة الإقليمية الأخذ بعين الاعتبار وضعية المتهم العائلية كونه رب أسرة. حزب العدالة والتنمية ضحية أنشطته يرجع المتتبعون الحملات المتوالية على حزب العدالة والتنمية وفريقه البرلماني وتجربته في تسيير الشأن المحلي إلى ثلاثة عوامل أساسية، يمكن اختصارها، كما يلي: 1 إن خصوم الحزب من الأحزاب السياسية وبعض الجمعيات ذات المرجعية اليسارية والعلمانية المتطرفة بالأساس، وما يدعمها من تغطية إعلامية موازية، يفتقدون أخلاق المنافسة السياسية، وبتعبير قيادي في الحزب لاخلاق لهم، كما يفتقدون للقاعدة الشعبية التي تشاطرهم نفس الأفكار، بحيث ظهر في عدد من المحطات أن خصوم الحزب والمتهجمين عليه، هم بالأساس كائنات إعلامية وتلفزية أكثر من أي شيء آخر، من قبيل الوقفة التي نظمها بعضهم أمام مقر جريدة >التجديد< ركوبا على مقال حول كارثة تسونامي، حيث كانوا بضع عشرات، فيما حضر مناصرو الجريدة وبدون تعبئة بالمئات، لكن القناة الثانية في تغطيتها أظهرت العشرات وغضت الطرف عن المئات لأنها كانت يومئد في مهمة سياسية وليس إعلامية. 2 إن حزب العدالة والتنمية يؤدي ضريبة عدم اشتغال كثير من الأحزاب السياسية بالشكل المطلوب من حيث التواصل وتأطير المواطنين بشكل مستمر، والنزول عندهم ومعايشتهم وهمومهم عن قرب، وباختصار القيام بدورها الدستوري وتفعيله على أرض الواقع، بدل الاكتفاء بالظهور فقط في المواسم الانتخابية، والمناسبات والحوارات والتصريحات التلفزية، ذلك أنه في ظل فضاء حزبي شبه جامد على مستوى المدن والجهات، تبدو أنشطة الحزب المذكور وكأنها دائما من زاوية العقلية الحزبية الضيقة حملات انتخابية مستمرة. والحاصل أنه في حالة تحمل كل الأحزاب السياسية مسؤوليتها الدستورية، والاشتغال باستمرار في الميدان ، ستبدو وتيرة أنشطة حزب العدالة التنمية عادية، ولن تثير أي مشكلة طالما أن الجميع يتحرك، ويتنافس على توفر بيئة سياسية سليمة، وصناعة جيل مواطن فاعل وإيجابي، منتج لما يخدم البلد ويبنيها بشكل ديمقراطي وحضاري، بدل سيادة عقلية ما انديرو خير ما نوافقو عليه أو نخليو اللي اديروا. 3 إن استطاعة أعضاء الحزب تقديم الجديد، رغم محدوديته أحيانا يثير خصومه السياسيين، وربما يفقدهم صوابهم، خاصة عندما تتحدث عنه الصحافة، من قبيل ما كانت تحدثت عنه أوجوردوي لوماروك من حسن التنظيم والانضباط...، ومن قبيل ما ذهبت إليه أسبوعية لوجورنال في تحقيقها حول تسيير عمداء المدن المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية في عددها الصادر بتاريخ 1610 دجنبر ,2005 والذي خلص إلى كون مناضلي الحزب يجعلون من نزاهتهم العنصر الأساسي المركزي في عملهم السياسي، ويكشفون عن واقعية (براغماتية) عجيبة في مجال القيم الاجتماعية، وإذا كانت هناك ميزة يعترف لهم بها أشد معارضيهم، فهي الاستقامة، وكذا أسلوب اشتغال الحزب بنظام المراقبة الجيد لأشغال منتخبيه، وهذا الكلام وغيره بالطبع لا يخدم توجه خصوم الحزب، فيعملون على التشويش عليه بل خوض الحرب ضده بتحريف الحقائق والافتراء، واستباحة كل محرم ما دامت السياسة عندهم لا تلتقي مع الأخلاق.