● ما هي تداعيات رفع المغرب تحفظه على المادتين التاسعة والسادسة عشرة من الاتفاقية الدولية الخاصة بمحاربة كل أشكال التمييز ضد المرأة؟ ●● تحفظات المغرب على بعض مواد الاتفاقية، ثم التعبير عنها وقت انضمام المملكة في 21 يونيو 1993 وبالنسبة للفقرة الثانية من المادة التاسعة تحفظ المغرب لكون قانون الجنسية المغربية آنذاك لم يكن يسمح بأن يحمل الولد جنسية أمه، إلا في حالات خاصة، إلا أن الفصل 6 من قانون الجنسية الجديد الصادر في أبريل 2007 يعطي الحق للمرأة المغربية في منح جنسيتها لأبنائها، وبالتالي فإن رفع التحفظ على الفقرة الثانية من المادة التاسعة في محله، ومنسجم مع ما أعلنته الرسالة الملكية الموجهة إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر 2008 من رفع التحفظات التي أصبحت متجاوزة «بفعل التشريعات المتقدمة التي أقرتها بلادنا» أما بالنسبة لتحفظ المملكة المغربية على المادة 16 من الاتفاقية فإن الأمر يختلف تماما، لأن المغرب تحفظ على هذه المادة – التي تضع مبدأ التساوي الآلي بين الرجل والمرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية - وبرر تحفظه بكون المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، تعتبر منافية للشريعة الإسلامية، المبنية على التوازن والتكامل حفاظا على رباط الزواج المقدس. فبعض بنود المادة 16 لم يكن للمغرب أن يتحفظ عليها أصلا، كالحق في الاسم العائلي والمهنة والوظيفة، والحق في الذمة المالية، فكل هذه الحقوق تتمتع بها المرأة المغربية المسلمة حتى قبل انضمام المغرب إلى الاتفاقية. أما باقي بنود الاتفاقية فإن منها ما يقتضي التفسير والتوضيح، ومنها ما هو معارض للشريعة الإسلامية، بل وفيه حيف على الزوجة فيما لها من حقوق على الزوج، وبذلك فإن رفع التحفظ عن هذه البنود مناف حتى لروح الاتفاقية، لأن فيه مساس بحقوق مكتسبة للزوجة. وستكون لهذا الأمر تداعيات سلبية لا محالة، إذ لا الشريعة الإسلامية تغيرت، ولا الاتفاقية تغيرت وسيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل مواجهة هذا الوضع، والتوفيق بين مضمون المادة 16 ومقتضيات مدونة الأسرة ذات الصلة. ● البعض يرى أن رفع التحفظات سيفتح الباب لتطبيق بنود الاتفاقية التي ستضمن المساواة المطلقة بين الجنسين في الحقوق والواجبات طبقا للقوانين الدولية، ما تعليقكم؟ ●● حق المرأة في المساواة مع الرجل فيما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية حق مشروع، وعلينا أن نناضل ونعمل من أجله لأن المرأة تمثل نصف المجتمع، والاتفاقية تعني بمجالات شتى مازال على المغرب أن يبذل فيها مجهودات استثنائية لفائدة المرأة كالتعليم والصحة بالخصوص، والمشاركة في تدبير الشأن العام، وحماية المرأة من كل أنواع الاستغلال الجنسي، والتمييز في العمل والأجر، وتعديل الأنماط الاجتماعية التي تهمش المرأة وما إلى ذلك. أما رفع التحفظات فيما يخص العلاقات المترتبة عن الزواج التي يطبعها التكامل والتوازن فإنه لن يحقق أي مكسب إيجابي للمرأة، بل ستكون له تداعيات على كيان الأسرة وحميمية العلاقة الزوجية. ولا يمكن أن نحقق المساواة الآلية بين الجنسين على حساب نظامنا الأسري، وعلى حساب ما للزوجة من حقوق لا يتمتع بها الزوج كالصداق والنفقة، والإسكان، ومتعة الطلاق، وأجرة الرضاع وأجرة الحضانة، وحق الحضانة على الأطفال، وعلى حساب ما هو ممنوع في الإسلام كزواج المسلمة بغير المسلم وحق التبني. وتحفظ المغرب على المادة 16 لم يأت استثناءا، بل إن الكثير من الدول الإسلامية وغير الإسلامية التي لها نظام الأحوال الشخصية يخضع لتعاليم دينية، قد تحفظت على هذه المادة. وما تفرضه علينا الشريعة الإسلامية وتلتقي فيه مع القوانين الدولية، مع وجوب الاعتراف بحق السبق للدين الحنيف، هو أن نكرم المرأة، ونرفع من مستواها الاجتماعي والثقافي حتى تمارس كل الحقوق والوجبات المرتبطة بالمواطنة. أما ما هو من صميم هويتنا الإسلامية، وخصوصياتنا الحضارية فلا تعارض فيه مع فلسفة حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا، وهو وسيلتنا إلى الارتقاء إلى العالمية من دون أن نفرط في نموذجنا المتميز. ● لم يتم إشراك المجلس العلمي الاعلى في هذا الموضوع الحساس ما قراءتكم لهذا الأمر؟ ●● لا أعلم ما هي الجهات التي تم إشراكها أو تلك التي كان لها دور في رفع التحفظات، لأن هذا الأمر طبعه تكتم كبير، ولم يتم إعلانه رسميا من لدن الحكومة المغربية لا قبل 8 أبريل 2011 ، تاريخ رفع التحفظات، ولا بعده. وموقف المجلس العلمي الأعلى معبر عنه في البلاغ الذي أصدره في هذا الموضوع يوم 17/12/2008 والذي أدعو جريدة التجديد إلى إعادة نشره نظرا لما له من أهمية. والآن، وقد رفع التحفظ على المادة 16، فمن واجب المجلس العلمي الأعلى أن يعبر عن رأيه في الموضوع، وهذا ما ننتظره منه، لربما يساعدنا على تصحيح المفاهيم وإعادة الطمأنينة إلى القلوب.