إن الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان وقد نهج المشرع سياسة جديدة في التعامل مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وجعلها مرجعا أساسيا لتعديل القانون الداخلي هي: هل للمواثيق الدولية من قوة إلزامية؟ وما هو موقع السيادة الوطنية من المواثيق الدولية؟ وما هي آليات تدخل لجان الأممالمتحدة؟.. إن الجواب عن هذه الأسئلة يحسم الجدل القائم والعلم الغائب لدى الكثير في شأن تأثير المواثيق الدولية على القانون الداخلي وهل لها من قوة إلزامية؟ القوة الإلزامية إن الرأي السائد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يتضمن أي إلزام في المسألة، فصرح روزفالت بأن مشروع الإعلان لا يعتبر معاهدة ولا اتفاقا دوليا ولا يتضمن أي التزام قانوني، فهو مجموعة من المبادئ العامة أو فلسفة حقوق الإنسان، وهو تفسير لميثاق الأممالمتحدة. وتشكل بنوده واجبات أدبية لا تلزم المخاطب بأي التزام قانوني، وهي مثل عليا كما أكدت عليها الديباجة، وهي لا تتضمن إجراءات التوقيع ولا الانضمام ولا طريقة التعديل ولا شروط النفاذ كما هو الشأن بالنسبة للاتفاقيات الدولية. أما من حيث العهدين الدوليين الصادرين في 16/12/1966 في شأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يرى الأستاذ ميكو أنهما يشكلان المصدر العام لحقوق الإنسان. فالقوة الإلزامية هي أدبية لأنها لا تتضمن أي جزاء عند المخالفة، فهي عهد وليست اتفاقا. موقع السيادة الوطنية من المواثيق الدولية؟ وبعبارة أخرى ما موقع السيادة الوطنية من الاتفاقيات الدولية؟ وهل من حق الاتفاقيات الدولية التدخل في الاختصاص الوطني ؟ استنتج البروفسور زويك بأن الحد الفاصل لمعرفة ما إذا كانت المسألة تدخل في الاختصاص الوطني أم لا، تتمثل في وجود اتفاقيات دولية تفرض التزامات على الدول المعنية إذ لا يمكن بتاتا إدخال الاختصاص الوطني في مسائل نظمت باتفاقيات دولية. وذهب معهد القانون الدولي في قراره المؤرخ في 29 ابريل 1954 المتعلق بتحديد الاختصاص الوطني وآثاره في مادته الثالثة إلى أن إبرام التزام دولي في نقطة تندرج في مجال الاختصاص الوطني يقضي إمكانية الدفع بعدم الاختصاص من أحد الطرفين لأنه مسالة ترجع إلى تأويل هذا الالتزام أو تطبيقه. وإن كانت الاتفاقات لا تلزم الأطراف بتطبيق مقتضياتها لأنها من صميم الاختصاص ويدخل في إطار السيادة الوطنية، فإن المغرب أبدى تحفظات في شأن تطبيقات اتفاقية حقوق الطفل، وذلك في شأن بعض البنود، منه التحفظ التالي: إن المملكة المغربية المتضمن دستورها لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية، تتحفظ على أحكام المادة الرابعة عشرة التي تعترف للطفل بالحق في حرية الدين نظرا لأن الإسلام دين الدولة المادة 34 تتعهد الدول الأطراف بحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي ولهذه الأغراض تتخذ الأطراف بوجه خاص جميع التدابير الملائمة الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف لمنع : 1 حمل أو إكراه الطفل على تعاطي أي نشاط غير مشروع (مع العلم بأن تأخير سن الزواج بالنسبة للطفل وخاصة الأنثى هو نوع من أنواع حمل الطفل على تعاطي نشاط جنسي غير مشروع) أما في شأن الاتفاقية المناهضة لجميع أشكال التمييز ضد المرأة أبدت الحكومة تحفظها على المادة الثانية في قولها: تعرب حكومة المملكة المغربية عن استعدادها لتطبيق مقتضيات هذه المادة شريطة ألا تخل بالمقتضيات الدستورية التي تنظم قواعد توارث عرش المملكة المغربية. 2 ألا تكون منافية لأحكام الشريعة الإسلامية، علما بأن بعض الأحكام الواردة في مدونة الأحوال الشخصية التي تعطي للمرأة حقوقا تختلف عن الحقوق المخولة للرجل لا يمكن تجاوزها وإلغاؤها وذلك نظرا لكونها منبثقة أساسا من الشريعة الإسلامية التي تسعى من جملة ما تسعى إلى تحقيق: التوازن بين الزوجين حفاظا على تماسك كيان الأسرة. كما تحفظ المغرب على الفقرة الرابعة في المادة الخامسة عشر في قوله: تصرح المملكة المغربية بأنه لا يمكن لها الالتزام بمقتضيات هذه الفقرة وبخصوص تلك المتعلقة بحق المرأة في اختيار محل إقامتها وسكناها إلا بقدر ما تكون هذه المقتضيات غير منافية للمادتين 34 و36 من مدونة الأحوال الشخصية المغربية. كما تحفظ المغرب على الفقرة الثانية من المادة التاسعة في قوله: تتحفظ الحكومة المغربية على هذه الفقرة نظرا لكون قانون الجنسية المغربية لا يسمح بأن يحمل الولد جنسية أمه إلا في حالة ازدياده من أب مجهول، أيا كان مكان هذا الازدياد أو من أي عديم الجنسية مع الازدياد بالمغرب مع أم مغربية وأب أجنبي يمكنه أن يكتسب جنسية أمه بشرط أن يصرح داخل السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد برغبته في اكتساب جنسية أمه.. على شرط أن لا تكون إقامته بالمغرب عند التصريح اعتيادية ومنتظمة. وتحفظ المغرب على المادة السادسة عشرة والمتعلقة بتساوي الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه، وذلك لكون المساواة من هذا القبيل تعتبر منافية للشريعة الإسلامية التي تضمن لكل من الزوجين حقوقا ومسؤوليات في إطار من التوازن والتكامل وذلك حفاظا على الرباط المقدس للزواج . فأحكام الشريعة الإسلامية تلزم الزوج بأداء الصداق عند الزواج وإعالة أسرته، في حين ليست المرأة ملزمة بمقتضى القانون بإعالة الأسرة. كما أنه عند فسخ عقد الزواج، فإن الزوج ملزم بأداء النفقة، وعلى عكس ذلك تتمتع الزوجة بكامل الحرية في التصرف في مالها أثناء الزواج وعند فسخه دون رقابة للزوج إذ لا ولاية له على مال زوجته. أمام هذه التحفظات هل يحق للأمم المتحدة التدخل في صياغة القانون الداخلي لمطابقته للمواثيق الدولية رغم وجود الخصوصية ؟ اعتبر ميثاق الأممالمتحدة أنه لا يسوغ للهيئة التدخل في الشؤون التي من الاختصاص الداخلي للدول، فلو افترضنا جدلا مصادقة المغرب على الاتفاقيات الدولية بدون تحفظ، فإن المرجعية الدولية لحقوق الإنسان بمواثيقها لا تلزم المغرب بشيء ولكن المغرب نهج نهجا وسطا عبر عن بعد حضاري وهو العمل بالمواثيق الدولية إلا فيما تعارض مع الشريعة الإسلامية. والقول إن المواثيق الدولية تشكل مصدرا رئيسيا في التشريع قول يعوزه الدليل والمنطق القانوني السليم، فان ديباجة الدستور هي تقديم أدبي والتزام معنوي وليس نصا قانونيا ملزما، له جميع مواصفات النص الملزم. ومادام الأمر كذلك هل من صلاحية البرلمان أو الحكومة تغيير الثابت في الدستور؟ ما هي آليات تدخل لجان الأممالمتحدة؟ بمقتضى المادة 68 من ميثاق الأممالمتحدة يختص المجلس الاقتصادي والاجتماعي بإنشاء لجان للشؤون الاجتماعية والاقتصادية، وقد أصدر المجلس قرارا بإنشاء لجنة تتكون من 43 عضوا منتخبة من المجلس لمدة ثلاث سنوات مهمتها مساعدة المجلس في كل ما يتعلق باختصاصاتها في مجال حقوق الإنسان . قرارات قضائية هامة غياب العامل لأداء الصلاة لا يمكن أن يعتبر خطأ تقديم: (- احتجاج العامل على مشغله بقوله لا يمنع من الصلاة الا الفاسقون لا يعد شتما موجها لشخص معين، وبذلك لا يمكن أن يبرر الطرد من العمل. - غياب العامل لأداء الصلاة لا يمكن أن يعتبر خطأ، فضلا عن أن يكون جسيما، لا سيما بعد ثبوت أن إقامة الصلاة كانت أثناء فترة الاستراحة، واحتجاج المشغل بانعدام الإذن مردود). باسم جلالة الملك أصدرت محكمة الاستئناف بالبيضاء بتاريخ 14/6/,95 وهي تبت في المادة الاجتماعية مؤلفة من السادة بهيجة رشاد رئيسا ومقررا ازماني السعدية مستشارا بن كيران سعيدة مستشارا. بين المكتب الشريف للفوسفاط مؤسسة عمومية في شخص ممثلها القانوني (المدير العام) بطريق الجديدة بحضور العون القضائي بوزارة المالية موطنه المختار بمكتب الأستاذ احمد ديدي المحامي بهيئة الدارالبيضاء بوصفه مستأنفا من جهة ومستأنفا عليه فرعيا ودريوة عبد العزيز درب غلف - زنقة ازيلال رقم 29 - الدارالبيضاء 02 موطنه المختار بمكتب الأستاذ عبد اللطيف حاتمي المحامي بهيئة الدارالبيضاء بوصفه مستأنفا عليه من جهة أخرى ومستأنفا فرعيا. بناء على مقال الاستئناف والحكم المستأنف ومستنتجات الطرفين ومجموع الوثائق المدرجة بالملف وبناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته بإعفاء من الرئيس وعدم معارضة الطرفين وبناء على الأمر بالتخلي الصادر والمبلغ إلى الطرفين وتطبيقا لمقتضيات الفصل 134 وما يليه والفصل 328 وما يليه والفصل 429 من قانون المسطرة المدنية. وبعد الاستماع إلى مستنتجات النيابة العامة والمداولة طبق القانون في الشكل: حيث استأنف المكتب الشريف للفوسفاط في شخص مديره بواسطة محاميه بمقتضى مقال مؤدى عنه في 8/8/94 الحكم الصادر عن ابتدائية الحي الحسني في الملف 420/92/2 والقاضي بأداء 17,2618 درهم عن العطلة و 45,1743 درهم عن الإشعار و17,3822 درهم عن الإعفاء و 3000 درهم عن الطرد التعسفي، استأنف دريوة عبد العزيز بواسطة محاميه نفس الحكم. وحيث بلغ الحكم للمستأنف أصليا في 13/7/94 واستأنفه في 9/8/94 في خلال الأمد القانوني. في الموضوع: تتخلص الوقائع في أن دريوة عبد العزيز تقدم في 3/12/92 بمقال عرض فيه أنه عمل منذ 14 يناير 85 لدى المدعى عليه وفي 8/7/92 توصل بإنذار مضمون ناسبا له أخطاء وهمية لا أساس لها. لذلك يلتمس اعتبار الفصل تعسفيا والحكم له بأجرة شهر يونيو 92 : 3500 درهم، وسنة 91 ونصف 92 : 5250 درهم والشهر الثالث عشر 3500 درهم... والتعويض عن الإعفاء 7630 درهم، عن الأخطاء 3 أشهر والطرد 49000 درهم ومساهمات الانخراط في صندوق التقاعد والاقتطاعات لتغطية الخدمات السابقة لفاتح ابريل .94 الإجراءات المسطرية صدر الحكم المستأنف معللا بأن الاحتجاج بأنه لا يمنع من الصلاة إلا الفاسقون لا يشكل شتما موجها لشخص معين، ولا مخولا لاتخاذ عقوبة الطرد، لأنه ليس هناك غياب وترك للعمل لأن وقت الصلاة كان حالا في فترة الاستراحة وقت الغذاء وأكد الشهود أن المدعي رجع لعمله .... وهو الحكم المستأنف. استند المشغل في أوجه استئنافه على أن الحكم جانب الصواب باعتباره العبارات الصادرة من المستأنف عليه لا تكون سبا وأن تغيبه ساعة وخمسة وأربعين دقيقة استوجبه قيامه بالصلاة حين صدر منه كلام بذئ وقبيح يقرر فصلا، فضلا عن تغيبه ساعتين، وليس عشرين دقيقة، حيث إن الأمر يتعلق بأشغال متعلقة بآليات تشغيل الحرارة، وتذويب وتصفية المعادن لها أهمية قصوى، ولو على حساب أداء الصلاة إذ يمكن الأداء من بعد وأن عواقب عدم انجاز العمل في وقت محدد أخطر من تأخير أداء الصلاة لأن هذا التأخير له عذره. وأن صلاة الجمعة لها شروطها ومكانها وهو غير مأذون ليؤم رفاقه. المحكمة لم تتطرق للعقوبات التي بلغت 23 عقوبة بين توقيف وتوبيخ، ويكفي الرجوع للائحة العقوبات المرفقة بمذكرة 25 ماي .93 وبالنسبة للتعويض فإن الأجرة تتعدى 1340 درهم فيما اعتمد الحكم 49,1743 درهم، وهو مبالغ فيه. وأن العطلة توصل بها الأجير مسبقا ومن بيان العطل لذلك يلمس أساس الإلغاء والرفض واحتياطيا فمدة العمل ست سنوات فقط والأجرة 1240 ويتعين خفض التعويضات الثلاثية للحد المعقول وأجاب المستأنف عليه بمذكرة مع استئناف فرعي ملتمسا رد ما جاء في أسباب الاستئناف الحكم المستأنف لكونه يلتمس رفع التعويضات للمقدر المطلوب ابتدائيا وكذلك عن استرجاع المسامحات. وبعد... تبادل المذكرات القضية جاهزة 7/6/95 فأدرج الملف بالمداولة. محكمة الاستئناف حيث أنجز البحث ابتدائيا وتأكد للمحكمة أن الأجير لم يوجه لرؤسائه أي سب أو شتم، وإنما احتج بأنه لا يمنع الصلاة إلا الفاسقون. وحيث من الثابت أن الأجير التحق بعمله بعد الصلاة. والتي أقامها خلال فترة الاستراحة وان تأخره لا يشكل خطا جسيما. إذ لم يغادر الآلات وتركها تعمل للقول بأن حالة الاستعجال والضرورة متوفرة. وإنما كان العمل موقفا خلال فترة الغذاء، وقد أكد العمال الذين كانوا معه أنه لم يتأخر سوى عشرين دقيقة. حيث إنه لا يمكن الاعتداد بالعقوبات السابقة على فرض مشروعيتها عند توفر الخطأ الذي عوقب من أجله الأجير بالطرد. حيث لم يرتكب الأجير أي عمل من شأنه أن يوصف بأنه خطأ فضلا عن القول بأنه جسيم، إذ أن المتعارف عليه تسهيل صلاة يوم الجمعة في بلد مسلم، والاحتجاج بعدم الإذن مردود، فالعرف يغني عنه. وحيث إن الحكم المستأنف معلل بما فيه الكفاية من حيث تصريحه بعدم مشروعية الطرد مما يكون منه مصيبا في منحاه. وحيث نازع المشغل في مدة العمل والأجرة. حيث يتبين بالرجوع إلى المذكرة 25 ماي 93 فقد صرح المشغل أن الأجرة 7 درهم للساعة ولم يدل الأجير بما يثبت خلافه فتكون أجرته الشهرية 62,7 في 208 = 96,1584 درهم. وبإضافة تعويض وقدره 87,138 درهم يكون المجموع 63,1723 درهم حيث إن عقد العمل يؤكد انطلاقته في يناير 85 والطرد وقع في يونيو 92 فيكون الأجير قد أمضى لدى مشغله سبع سنوات وستة أشهر، له عن الإشعار مهلة شهر واحد أي 63,1723 درهم باعتباره عاملا متخصصا. الإعفاء 456 ساعة 63,1723 : 208 456 = 72,3778 درهم حيث لم يدل المشغل بما يفيد استفادة الأجير من عطلته لسنة 91 وما أدلى به صور غير موقع، ولا يتعلق بسنة 91 كما يعترف بأربعة عشر يوما سنة .92 مما يكون معه القدر المحكوم به عن العطلة في محله وينبغي تأييده حيث إن التعويض عن الطرد التعسفي بالنظر لمدة العمل ونوعية الخدمات وكل مبلغ المعطيات الواجب مراعاتها قانونا وعرفا واجتهادا، فان محكمة الاستئناف في مبلغ عشرين ألف درهم. حيث أكد المشغل في ورقة الحساب أن للأجير الحق في استرجاع مبلغ 68,7155 درهم عن استقطاعات التقاعد مما يستوجب إلغاء الحكم فيما قضى به من رفض لها والحكم بها. لهذه الاسباب: إن محكمة الاستئناف وهي تقضي علنيا انتهائيا شكلا: قبول الاستئنافين الأصلي والفرعي وموضوعا: باعتبارها جزئيا، وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب إرجاع اقتطاعات التقاعد والحكم على المكتب الشريف للفوسفاط بأداء مبلغ 68,7155 درهم عنها بتأييده الباقي مع تحديد تعويض الإشعار في 63,1723 درهم والإعفاء 723778درهم والطرد التعسفي 20000 درهم عشرين ألف درهم وصائر المبالغ المحكوم بها على المكتب والمرفوض على الخزينة.