تنطلق بعد غد الأربعاء 26 فبراير بالرباط فعاليات "موعد الاستثمار العربي" المنظم من طرف مديرية الاستثمارات الخارجية التابعة للوزارة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والشؤون العامة وتأهيل الاقتصاد. ويروم "موعد الاستثمار العربي"، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من تأكيد التوجهات السياسية والاقتصادية المشتركة بين الدول العربية، وتفعيل آليات التعاون بينها، علاوة على تجاوز معوقات الاستثمارات العربية البينية، إن على المستوى البنيوي أو القانوني أو السياسي أو الاجتماعي سعيا نحو تكوين منظومة اقتصادية عربية والترويج للاستثمار العربي في العالم العربي، بالإضافة إلى إسهام المغرب في تدعيم التعاون العربي البيني. ويعتزم المغرب جعل "موعد الاستثمار العربي" كمبادرة دورية في إطار الجهود العربية الرامية إلى تحقيق الانسجام بين التوجهات السياسية للدول العربية في إرادة بلورة التقارب بخصوص مجالات التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة، خاصة في مجالي الشراكة والاستثمار، استنادا إلى المبادرات التي عرفها العمل العربي المشترك خلال السنوات الأخيرة (الحفاظ على دورية انعقاد القمة العربية، استئناف عدد من لجان اتحاد المغرب العربي لأنشطتها، انعقاد المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية خلال شهر شتنبر 2002)، واعتبارا لأهمية العلاقات السياسية القوية والخصوصيات الثقافية والحضارية المشتركة، فضلا عن الإمكانيات الاقتصادية التي تتوفر عليها دول المنطقة. وتسجل الورقة التقديمية لهذه التظاهرة العربية عدم التناسب بين مستوى العلاقات العربية سياسيا ودبلوماسيا مع مستوى العلاقات العربية الاقتصادية، ويعكس ذلك حسب الورقة من حهة ضعف الاستثمارات العربية البينية التي لم تتجاوز سقف 2,5 مليار دولار سنة 2001 وهو ما لا يمثل سوى 0,34% من مجموع الاستثمارات الخارجية، ومن جهة ثانية، ضعف تدفق الاستثمارات الخارجية في اتجاه البلدان العربية والتي بلغت 6,02 مليار دولار فقط مما يعني نسبة لا تتجاوز 0,18% من إجمالي الاستثمارات الخارجية المباشرة. وتؤكد الورقة التقديمية على الأهمية القصوى للاستثمارات في دعم الاقتصاد الدولي باعتبارها تشكل قطب الرحى إلى جانب التجارة الخارجية رغم الآراء المتباينة حول الأهمية الاستراتيجية للاستثمارات الخارجية في توفير شروط التنمية بالنسبة لاقتصاديات الدول النامية. وتقول الورقة "إن منطق المصالح المشتركة الذي أضحى يتحكم في آليات التقارب بين الأقطار، مهما حاولت البلدان العربية إحلاله مرتبة ثانوية في خططها الوحدوية، لم يعد اليوم بالإمكان تجاوزه"، وتضيف "لنا في التاريخ القريب أكثر من مثل على هذا المنحى، وآخرها المشروع الوحدوي الاقتصادي الأوروبي". وتنبه الورقة نفسها إلى أنه في مظل عولمة قوية للاقتصاد لم يعد مجال للحديث عن الدولة القطرية ما لم تبحث لها عن موقع داخل تكتلات اقتصادية يعزر وجودها ويمنحها قوة تفاوضية لكسب رهان التنمية والتقدم. ومن المؤكد جدا أن تسجل تدفقات الاستثمارات الخارجية في اتجاه الدول العربية أدنى مستوىات لها خلال سنة 2002 على خلفية تأثيرات أحداث 11 شتنبر التي زادت من تخوف المستثمر الأجنبي في قدرة الدول العربية على تأمين وضعية مستقرة لإقامة ممشاريع اقتصادية بالمنطقة، فضلا عن احتمال نشوب حرب ضد العراق وما تخلفه من دمار وتخريب للبنيات التحتية بمنطقة الخليج على وجه التحديد، ويعكس الاتجاه التنازلي لهذه التدفقات تسجيل تراجع في حجمها ما بين سنة 2000 ،و2001، حيث قدرت ب 9,5 مليار دولار فقط سنة 2001 أي السنة ثلثها الأخير انفجارات 11 شتنبر بالولاياتالمتحدةالأمريكية. ويفترض في قواعد الاستثمار العربي أن يشكل محطة بارزة في بلورة رؤى واضحة ومقترحات كفيلة بجذب رؤوس الأموال العربية المستثمرة في الخارج لدعم اقتصاديات دول المنطقة وتحسين صورة الاقتصاد بها، والتي تشوبها نقائص عديدة يؤشر لها من جهة بلوغ الفجوة الغذائية العربية حوالي 20 مليار دولار وفقا لتقديرات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية لسنة 2001، ومن أخرى ارتفاع عدد الحاصلين عن العمل إلى حدود 18مليون نسخة من أصل 98 مليون ساكنة نشيطة، وعدد الأفراد الذين يعيشون بدولار واحد فقط إلى 62 مليون (7 ملايين منهم في المغرب)، علاوة على توفير الأجواء المناسبة لتحقيق ذلك عبر استصدار تشريعات تحفيزية على مستوى حرية نقل الأرباح وأخرى قمينة بتجاوز حالة والبيروقراطية والروتين، وارتفاع الضرائب، وسن سياسات نقدية داعمة لذلك، فضلا عن خلق بنيات تحتية كافية لإقامة مشاريع ضخمة، في ظل اقتصاد عالمي متجه نحو الانحدار ومخاوف كبيرة من تمادي الولاياتالمتحدةالأمريكية في تحميل الأرصدة العربية لحجة دعمها ومساندتها لما يسمى ب"الإرهاب". يشار إلى أن حجم الأموال المهاجرة إلى الخارج تقدر ب 800 مليار إلى 2500 مليار دولار أمريكي، منها 600 مليار دولار للسعوديين حسب تقارير لغرف تجارية بالخليج. محمد أفزاز