تسارعت بعد إعادة انتخاب أرئيل شارون رئسا للوزراء في الحكومة الإسرائيلية وتيرة المطالبة بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه. كما اشتدت الحملات الإعلانية من قبل أحزاب ومؤسسات إسرائيلية للمطالبة بسرعة تنفيذ هذه المطالبة. ووجه الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1948م نداء لعلماء الأمة للاجتماع ونقل الموقف إلى الشعوب الإسلامية في كل مكان. اعتلاء التطرف فقد اعتبرت مؤسسة الأقصى لرعاية المقدسات الإسلامية في تقرير صدر عنها الخميس 20-2-2003م وحصلت (التجديد) على نسخة منه أن دخول أريئيل شارون زعيم حزب الليكود اليميني للمسجد الاقصى في 28/9/2000 وتدنيسه لساحات المسجد, ثم عودته إلى الساحة السياسية الإسرائيلية والعالمية بقوة في انتخابات 2001 وانتخابه رئيسا للحكومة الإسرائيلية، وتعامله مع انتفاضة الأقصى والشعب الفلسطيني بالقمع والقتل والحصار وهدم للبيوت، كان من الأسباب الرئيسية لانتصار حزب الليكود اليميني في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة ومضاعفة قوته من 19 إلى 38 مقعد في الكنيست الإسرائيلية من اصل 120 مقعد. استثمار التطرف وأكدت المؤسسة أن هذه الأمور وغيرها دفعت مجموعة من الحركات والتنظيمات والشخصيات اليهودية إلى استثمار نتيجة هذه الانتخابات من أجل تحقيق هدف قديم متجدد ألا وهو هدم المسجد الاقصى وقبة الصخرة وبناء الهيكل المزعوم مكانهما. ووثقت المؤسسة نماذج من الحملة الدعائية المكثفة للتنظيمات الإسرائيلية بعد إعلان نتيجة الانتخابات وانتصار اريئيل شارون التي تدعوه إلى السماح لليهود بدخول المسجد الأقصى, مشيرة إلى نداءات من حركات يهودية تدعو إلى تفجير المسجد الاقصى وبناء الهيكل الثالث فورا. نشرات ولوحات وذكرت المؤسسة عددا من النماذج الإعلانية التي تدعو لهدم المسجد الأقصى. وتضمن النموذج الأول توزيع نشرة إعلامية بملايين النسخ عبر الصحف العبرية تحمل اسم "جبل الهيكل–قلب الامة" ظهر على غلافها الرئيسي منظر لقبة الصخرة وساحات المسجد الأقصى وحائط البراق داخل نجمة داوود السداسية باللون الذهبي والأزرق, علما أن لهذه الألوان والتصاميم قصد من قبل الناشرين. وتضمنت النشرة أيضا ست فقرات مدعومة بالصور تتحدث عن بناء الهيكل الأول والثاني وخرابهما, وأن حائط المبكى وجبل الهيكل هو قبلة اليهود في كل مكان, وعن احتلال اليهود للقدس الشرقية ودخولهم المسجد الأقصى في سنة 1967م. وتدعي النشرة الإعلامية أن اليهود ومنذ سنتين (بداية انتفاضة الأقصى) يمنعون من المكان ويقوم المصلون المسلمون بإلقاء الحجارة على المصلين في حائط المبكى. وتوجه في فقرتها الأخيرة نداءا وطلبا فوريا بالسماح لليهود بالدخول إلى جبل الهيكل –المزعوم- وفتح الأبواب على مصراعيها للزائرين اليهود. وتستنتج مؤسسة الأقصى من هذه النشرة أنها تريد توجيه رسالة مفادها: "آن الأوان لدخول المسجد الأقصى والسماح لليهود بإقامة الهيكل الثالث هناك". ويتضمن النموذج الثاني نشر عشرات اللافتات الكبيرة في مداخل المدن اليهودية تحمل نفس الصور والمضمون. وسائل الإعلام أما النموذج الثالث من الحملة الدعائية فيتضمن نشر إعلان ملون على صفحة كاملة في الصحف العبرية قريب جدا من صياغة النشرة الإعلامية سالفة الذكر, مع إضافة لجملة:" إن نداءنا هذا يأتي عشية تركيب حكومة جديدة في إسرائيل". كما بثت الإذاعة الإسرائيلية نفس الإعلان السابق عشرات المرات يوميا. وقد وقعت كافة الإعلانات السابقة بما يسمى " مجلس قلب الأمة " الذي يضم شخصيات فكرية , أدبية , سياسية , عسكرية , علمية وتجارية في إسرائيل. مشاهد من القناة 10 ولم يكن الإعلام المرئي بمنأى عن هذه الحملة الدعائية. فقد أعدت القناة "10" في التلفاز الإسرائيلي تقريرا خاصا ومفصلا حول استعداد بعض المنظمات اليهودية لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث وعلاقة ذلك بنتيجة الانتخابات الإسرائيلية. ورصدت مؤسسة الأقصى مشاهد ومواقف مختلفة تدل على المساعي الحثيثة لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل، ومنها مشهد لمهرجان " الأقصى في خطر " في أم الفحم الذي تقيمه الحركة الإسلامية سنويا, حيث أبرز التلفاز هتافات المشتركين وهم يرددون "بالروح بالدم نفديك يا أقصى" تبعه مباشرة مشهد لمجموعة من الشباب اليهود يغنون ويرقصون ويرددون هتاف " فليتفجر ... فليتفجر ... فليتفجر المسجد " ويقصدون بذلك المسجد الأقصى. ملايين اليهود على استعداد أما المشهد الثاني فهو لمدير الأوقاف في المسجد الأقصى, عدنان الحسيني وهو يطل من مكتبه على ساحات المسجد الواسعة المغروسة بالزيتون مع تعليق الصحفي بالقول :" ملايين من اليهود على استعداد لدفع الكثير بغية الوقوف مكان الحسيني ولو ليوم واحد, فهناك الكثير من اليهود يؤمن بأن في هذا المكان بالضبط كان موقع الهيكل, وانه لا بد من بناء الهيكل هنا". ويتضمن المشهد الثالث مقابلة مع باروخ مارزل – مرشح في قائمة حيروت اليمينية المتطرفة, التي نقصها أصوات قليلة لاجتيازها نسبة الحسم ودخول الكنيست الإسرائيلي _ يقول فيها: " في اليوم الذي سيتفجر فيه المسجد, حينئذ سيعرف هؤلاء الذين طلب منهم إعطاء الموافقة لدخول المسجد ورفضوا , انهم هم الذين يتحملون مسؤولية تفجير المسجد" ويضيف: "إذا استمرت جهودنا وإصرارنا على بناء الهيكل فانه سيبنى في نهاية المطاف". المشهد الرابع هو لرئيس حركة أمناء جبل الهيكل المدعو جدعون سلمون وهو يقول: "إننا ندعو اليوم أريئيل شارون رئيس الحكومة بالصعود إلى جبل الهيكل على رأس مجموعة مختارة من الجيش وضرب الأعداء وتحرير جبل الهيكل". وفي المشهد الخامس تشير مؤسسة الأقصى إلى الكشف عن إعداد خرائط مفصلة "لمذبح الهيكل" قدمت لبلدية القدس من قبل البرفوسور دانيئيل ميخلسون – جامعة بار إيلان وعضو حركة صندوق الهيكل – وتنتظر هذه الخرائط سلسلة من النقاشات والدراسات لإعطاء الموافقة والبدء بتنفيذها. كما كشف النقاب عن معرض سري يمنع الدخول إليه وتصوير محتوياته، يقوم عليه "معهد أبحاث الهيكل" يضم هذا المعرض مجسما للهيكل مكان الأقصى , والأدوات التي ستستعمل خلال بناء الهيكل والمذبح. وأشارت مؤسسة الأقصى النقاب عن تلقي "معهد أبحاث الهيكل" الذي تقوم عليه جمعيات يهودية الدعم من الحكومة الإسرائيلية مباشرة, حيث تم دعم هذه الجمعيات خلال سنوات 1998-2002 بمبلغ 2.3 مليون شيقل (دولار واحد=4.85شيقل) من قبل وزارتي التربية والأديان الإسرائيلية. تفجير.. وأضافت المؤسسة أن أرييه عميت _ قائد شرطة منطقة القدس سابقا صرح أنه " في الأشهر الأخيرة دخلت عدة مجموعات وتنظيمات يهودية تحت منظومة وسقف واحد يصب ويركز عل هدف واحد أسميه " جبل البركان – جبل الهيكل ". ويضيف " يكفي يهودي واحد ينجح بعملية تفجير واحدة داخل المسجد ليجر وراءه أحداثا جساما وعظيمة جدا ". وتقتبس المؤسسة من مذكرة " المسجد الأقصى هو الهدف" لكرمي جيلون وآساف حيفتس – من رجالات المخابرات الإسرائيلية البارزين "الدعوات المتكررة من قبل جماعات بناة الهيكل تجعل من المسجد الأقصى هدفا لعملية تفجيرية على يد يهود, وهذا الأمر أن حصل سيؤدي الى حرب شاملة تهدد كيان ومستقبل دولة إسرائيل". وأكدت المؤسسة أن التصريحات لأعضاء التنظيمات اليهودية لا تتوقف وأنها تدور حول "القضية قضية وقت , وانه عاجلا ام أجلا سيهدم المسجد ونبني الهيكل مكانه". مناشدة للعلماء من جانبه أكد الشيخ رائد صلاح – رئيس الحركة الإسلامية ورئيس مؤسسة الأقصى التي كان لها دور بارز في الكشف المتواصل عن مخططات هذه التنظيمات اليهودية أن الدعوة إلى بناء هيكل مزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك هي محل إجماع قومي وديني لدى كل مكونات المجتمع الإسرائيلي. وناشد كل علماء المسلمين المشهود لهم بالثقة إلى عقد اجتماع طارىء فورا للتباحث حول المخاطر التي تهدد المسجد الأقصى المبارك, ثم نقل ثمرة اجتماعهم الطارىء الى شعوب المسلمة والعربية كي تتحرك وتأخذ دورها في هذا الوقت بالذات الذي لا بديل له إلا الندامة الخاسرة. وأضاف في تصريح صحفي أن نداءات هدم الأقصى ليست من فراغ بل لها أرضية منتشرة في المجتمع الإسرائيلي, والبعض يخفي ما في صدره انتظارا للوقت المناسب الذي يظنه فرصة لتنفيذ مآربه على حساب المسجد الأقصى المبارك. وشدد على أن موضوع بناء الهيكل وهدم الأقصى لا تختلف فيه حكومة إسرائيلية عن أخرى، بل كلها في جملتها أطلقت تصريحات على لسان رؤسائها أو وزرائها تعبر عن مكنون هذه النداءات الإسرائيلية الداعية إلى بناء هيكل على حساب المسجد الأقصى المبارك. ولم يستبعد صلاح أن تستغل إسرائيل انشغال العالم بقضية العراق لأحداث تغيرات جذرية في المسجد الأقصى. وحذر من أن السماح بهدم الأقصى وبناء الهيكل "سيقود المنطقة بأسرها إلى انفجار كبير لا يعلم نتائجه إلا الله سبحانه وتعالى، لان المسجد الأقصى المبارك ليس قضية فلسطينية فحسب بل هو قضية مليار ونصف مليار مسلم وهؤلاء جميعا يضعون المسجد الأقصى في المرتبة الأولى في سلم اهتماماتهم في هذه الأيام". تكثيف التواجد الإسلامي وحول سبل التصدي للمخططات الإسرائيلية قال صلاح أن مؤسسة الأقصى التي يرأسها تحرص على تكثيف تواجد آلاف المصلين يوميا في المسجد الأقصى المبارك من خلال مسيرة البيارق التي تنظمها, وإحياء المسجد الأقصى المبارك بدروس العلم والإفطارات والدورات الإرشادية وغيرها. وطالب صلاح الأمة الإسلامية والعالم العربي على صعيد الحكام والعلماء والشعوب أن يأخذوا دورهم قبل أن تقع كارثة قد تصدم الجميع ولن ينفع الندم عندها. فلسطين – عوض الرجوب