في الوقت الذي تحشد فيه "روماالجديدة" جنودها وعتادها لتوجيه ضربة عسكرية للعراق، تحت ذريعة نزع أسلحته النووية المدمرة، وللسيطرة على منابع النفظ وإعادة رسم الخريطة السياسية بالمشرق الإسلامي، تواصل دولة العدو الصهيوني جرائمها الخطيرة ضد الشعب الفلسطيني وأرض الرباط والأقصى الذي بارك الله حوله وأسرى إليه بعبده محمد صلى الله عليه وسلم ليلا من المسجد الحرام. الولاياتالمتحدة في الجهة الشرقية من أرض الرسالات بعساكرها الذين تجاوزوا المئتي ألف والكيان الصهيوني بأسلحته النووية وغير النووية في الجهة الغربية، وبذلك توشك الكماشة الكبرى على بلاد الأنبياء والرسل بفكيها المفتوحين أن تعصر المنطقة عصرا وتفجرها تفجيرا. فليست دولة العدو الصهيوني وحدها التي أسست بنيانها وعدوانها على أساطير وخرافات وأطماع فحسب، بل إن دولة الولاياتالمتحدة أيضا مندفعة منذ مدة وراء أساطير وخرافات وأطماع لا تقل خطورة وإرهابا عن نظائرها الصهيونية. ففي فلسطينالمحتلة، وبعد إعادة انتخاب مجرم الحرب السفاح أرييل شارون رئيسا للوزراء في الحكومة الصهيونية، تسارعت وتيرة المطالبة بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه، كما اشتدت الحملات الإعلانية من قبل أحزاب ومؤسسات صهيونية للمطالبة بسرعة تنفيذ الهدم والبناء، وقد أصدرت مؤسسة الأقصى لرعاية المقدسات الإسلامية تقريرا يوم الخميس الماضي وحصلت "التجديد" على نسخة منه، اعتبرت فيه أن اعتداء السفاح شارون على المسجد الأقصى منذ عامين، وتعامله الوحشي مع الانتفاضة وإعادة انتخابه كانت من العوامل التي دفعت الصهاينة إلى المضي قدما نحو تجسيد أساطيرهم وأحلامهم على أرض الواقع. (انظر التفاصيل في الصفحة الخامسة). يحدث هذا في وقت ينشغل فيه العالم بقضية العدوان الأمريكي على الشعب العراقي، ولذلك يستغل الصهاينة هذا الانشغال وينتهزون الفرصة لإمضاء الخطوة الأخيرة. الأمريكان من جهتهم، وبعد صعود اليمين المسيحي المتطرف، يمضون اليوم إلى المشرق الإسلامي وفق نبوءات وخرافات بتأسيس إمبراطورية أمريكية لا نظير لها، تعلو وتكبر على إثر معارك مدمرة وحروب قوية بالمنطقة يكون المسيح المنتظر(عليه السلام) بطلا قائدا فيها، ويقود جموع المسيحيين الأمريكيين ليقضي على الأشرار. وتظهر استطلاعات للرأي أن مزيدا من الأمريكيين يعتقدون ذلك على ما تنقله "غريس هالسل" في كتابها المثير"يد الله". ويتولى كهنة الإنجيل الأمريكي تحريض الناس على ذلك، مثل "جاك فان إيمب" الذي يقدم برنامجا أسبوعيا تنقله أكثر من تسعين (90) محطة تلفزيونية وثلاثا وأربعين (43) محطة إذاعية، ومثل تشالز تايلور الذي يبث برنامجه عن (نبوءات الكتاب المقدس) عبر أكثر من عشرين محطة وعبر الأقمار الصناعية، وشتيوارت ماك بيرني وتشال سميت وراي برد بيكر، وبول كراوش وجيمس ، ولويس روبرتسون وآخرون. الصهاينة ينتظرون "مشيحا مرسلا" يقودهم بعد بناء الهيكل، والمسيحيون الأمريكيون المتطرفون ينتظرون "مسيحا منزلا" يقودهم للانتصار في معارك ياجوج وماجوج وهارماجدون، ومعظم الدول الإسلامية لا تنعقد قممها إلا بشق الأنفس ولا تتوحد كلمتها حتى يلج الجمل في سم الخياط، وتقمع وتختطف وتعتقل وتحاكم - بتهمة الإرهاب وقانون مستورد بسرعة مدهشة- تحت الضغط الأمريكي القاهر. فهل أوشكت أرض المحشر والنبوات على الانفجار الكبير والاشتعال الضاري؟ كل المؤشرات اجتمعت لتؤكد أن زلزالا ضخما يوشك أن يهز المنطقة كلها، ويقلب أوضاعها، ويغير أوضاع العالم على آثار ذلك، فماذا نحن فاعلون؟