يرتبط دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ ارتباطا وثيقا بتبني حوالى 28 قانونا قبل نهاية الفترة التشريعية المقبلة. كما يرتبط أيضا بتأسيس عدد من المجلس والمؤسسات في سياق إعادة هيكلة بنية الدولة في المغرب. ويمكن في هذا الصدد، إعطاء قراءات متعددة لنص دستور فاتح يوليوز 2011، باعتبار أن اختلاف التأويلات بخصوصه شيء حتمي. فنص الد ستور يؤكد، في حالة تبني تأويلات ديمقراطية للنص، على دسترة مجموع السلط ويسهر على إعادة توزيع الاختصاصات بين المؤسسة الملكية والسلط الأخرى بشكل ينحو بقوة نحو الديمقراطية. إن دستور 2011 ينص في مقتضياته على كل العناصر التي تضمن ديمقراطية تشاركية، مع الحرص على الأدوار الجديدة المنوطة بالمجتمع المدني. كما أن هذا الدستور الجديد يؤسس للمبادرة الشعبية على المستوى التشريعي أوعلى مستوى القضاء الدستوري. كما أنه يحمل كذلك تغييرات في اتجاه فصل السلط، ونظام حكومة تتمتع باختصاصات واسعة تنتسب إلى الأغلبية، ومجال تشريعي موسع، ومراقبة برلمانية تعتمد على الحكامة الجيدة. في دستور 1962و1970و1972 كان النص على قوانين تنظيمية تهم أساسا: المحكمة العليا للعدل، وتركيب المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط، وتنظيم الغرفة الدستورية وقواعد سيرها، وشروط وإجراءات ممارسة حق الاضراب، وقواعد سير مجلس الوصاية، وعدد النواب وطريقة انتخابهم وشروط القابلية للانتخاب وموانعه، ونفس الشأن بالنسبة لمجلس المستشارين، والشروط التي يتطلبها إصدار قانون المالية. وفي دستوري 1992و1996 تم التنصيص، بالإضافة إلى جل القوانين التنظيمية السالفة الذكر هناك الاشارة إلى: قانون تنظيمي يتعلق بقواعد تنظيم وسير المجلس الدستوري، والإجراءات المتبعة أمامه خصوصا ما يتعلق بالآجال المقررة لعرض مختلف النزاعات عليه، وقانون تنظيمي يحدد تركيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتنظيمه وصلاحيته وطريقة تسييره. وقانون تنظيمي يحدد طريقة تسيير لجان تقص الحقائق. أما دستور2011 فنص على إصدارعدد من القوانين التنظيمية منها: قانون تنظيمي يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية،وقانون تنظيمي يحدد صلاحيات وتركيبة وكيفيات سير المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية،كما نص ذات الدستور على تفعيل قانون تنظيمي يحدد القواعد المتعلقة بتأسيس الأحزاب السياسية، وقانون تنظيمي يحدد كيفية تقديم المواطنين والمواطنات ملتمسات إلى البرلمان، عبر ممثليهم، وقانون تنظيمي يحدد لائحة المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية التي يعين فيها الملك بوظائفها السامية بواسطة ظهائر موقعة بالعطف من طرف رئيس الحكومة وداخل المجلس الوزاري. كما أن الوثيقة الدستورية تنص على قانون تنظيمي يحدد القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، وحالات التنافي مع الوظيفة الحكومية، وقواعد الحد من الجمع بين المناصب، والقواعد الخاصة بتصريف الحكومة للأمور الجارية.وفيما يخص القضاء، هناك الاشارة إلى قانون تنظيمي يحدد النظام الاساسي للقضاة . وقانون تنظيمي يحدد انتخاب وتنظيم وسير المجلس الاعلى للسلطة القضائية، والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة، ومسطرة التأديب. و قانون تنظيمي يحدد قواعد تنظيم المحكمة الدستورية. كما نص دستور 2011 على تأسيس عدد من المجالس والمؤسسات. وقوى من صلاحيات مؤسسات موجودة وهي: مجلس وطني للغات والثقافة المغربية.الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، مجلس استشاري للأسرة والطفولة، مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي،الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، مجلس أعلى للأمن،مؤسسة الوسيط، مجلس الجالية المغربية بالخارج، مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي. كما نص دستور 2011 على تقوية صلاحيات عدد من المؤسسات الموجودة كالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، المجلس الأعلى للحسابات، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مجلس المنافسة. فهل تؤدي معركة تنزيل مقتضيات دستور 2011 إلى تغيير بنية الدولة في اتجاه مزيد من دمقرطة الحياة السياسية بالمغرب؟ لنقف في هذه الزاوية على جزء من هاته المعركة التي تنتظر مختلف الفاعلين من خلال تناول القوانين التنظيمية والمؤسسات التي نص دستور 2011 على إحداثها خلال الولاية التشريعية المقبلة. سنتناول أهم الأوراش المرتبطة بتفعيل مقتضيات الدستور الذي تبناه المغاربة بأغلبية كبيرة. ذلك أن معركة تنزيل وتفعيل المقتضيات الدستورية تبقى أشد ارتباطا بالمعركة السابقة التي كان أبرز عنوانها: نحو إقرار دستور ديمقراطي.