كشف موقع ''ويكيليكس'' وثائق جديدة حول الصحراء المغربية، أهمها ثلاث رسائل مصدرها السفارة الأمريكية في الرباط، تتعلق بالغضب المغربي من إبعاد المبعوث الأممي السابق بيتر فان فالسوم، كما تكشف عن تصور المبعوث الحالي كريستوفر روس لعملية بناء الثقة، وهي تدابير تبدأ بتجديد الاتصالات المباشرة كما كان الملك الحسن الثاني يفعل، وإبعاد خليهن ولد الرشيد، وطرح ''كردستان العراق'' من بين النماذج الممكنة لتنزيل الحكم الذاتي في الصحراء، منبها المسؤولين المغاربة إلى أن الهدف ينبغي أن يكون هو جذب البوليساريو لحل سياسي. ففي رسالة بعثت بها السفارة الأمريكية في الرباط إلى وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن، مؤرخة في 6 أبريل 2009، استبقت زيارة وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري إلى أمريكا حاملا رسالة من الملك محمد السادس إلى الرئيس باراك أوباما أشهرا قليلة بعد انتخابه رئيسا لبلاده، ولإجراء محادثات مع هيلاري كلينتون، بخصوص حقوق الإنسان في الصحراء وآفاق حل النزاع، وتضيف الرسالة أن هذه الجولة تشمل الصين وفرنساوروسيا وإسبانيا وبريطانيا. ومعلوم أن شهر أبريل هو الذي يناقش فيه مجلس الأمن قضية الصحراء والتمديد لبعثة المينورسو، وكانت الإدارة الأمريكيةالجديدة بصدد بلورة موقف جديد لها بخصوص النزاع. تقول الرسالة إن وزير الخارجية المغربي يريد من أمريكا أن تدعم موقف المغرب بخصوص عدم توسيع صلاحيات المينورسو لمراقبة حقوق الإنسان، وإقناعها بأن الحل النهائي للنزاع يمرّ عبر التقدم في العلاقات بين المغرب والجزائر، منبهة إلى أن لا أحد يعرف كيف يمكن التوصل إلى اتفاق مغربي جزائري في ظل رفض الاخيرة. وتوصي السفارة الأمريكية في الرباط الإدارة الأمريكيةالجديدة في ما يخص الاستجابة للمطالب المغربية بأن تتبنى موقفا يتكون من العناصر التالية: إصدار بيان قوي يدعم الوصول إلى حل سياسي للنزاع. والتأكيد على أهمية الحكم الذاتي كحل محتمل للتفاوض، والتأكيد على ضرورة تحسين العلاقات المغربية الجزائرية. والتنبيه إلى أهمية تعزيز وبناء الثقة بين أطراف النزاع من خلال النهوض بحقوق الإنسان في الإقليم. والانفتاح على المعارضة السياسية المتمثلة في بوليساريو الداخل. ودعوة المغرب إلى معاقبة أو إبعاد المسؤوليين المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان. كما توصي الرسالة بالإصغاء إلى المخاوف المغربية من الجزائر وحث هذه الأخيرة على الاستجابة أكثر للمطالب المغربية. وتطرقت الرسالة إلى الجمود الذي شهدته 2008 بسبب الموقف الذي عبّر عنه بيتر فان فالسوم، المبعوث الأممي السابق، والذي اعتبر فيه أن استقلال الصحراء غير واقعي، وكشفت لأول مرة أنه في أبريل 2008 تم طرح مشروع قرار يمدد للمينورسو سنة واحدة، وافقت عليه الولاياتالمتحدة كما وافق عليه أعضاء مجلس الأمن، بما فيهم روسيا، لكن فرنسا، الحليف التقليدي للمغرب، رفضت. وأكدت أيضا أن عدم التجديد لبيتر فان فالسوم من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بسبب رفض الجزائر والبوليساريو التعامل معه، أغضب المغرب غضبا شديدا. ومع مجيء روس تخلى عن عبارة سلفه ''غير واقعي''، كما يعتقد روس أن أحد العوامل الاستفزازية الذي قام بها المغرب للبوليساريو تعيينه ولد الرشيد رئيس الكوركاس ضمن الوفد المغربي المفاوض، معتبرة أنه يسيطر على شريحة كبيرة من الصحراويين، لكنه لا يحظى بالشعبية. وفي رسالة أخرى للسفارة الأمريكية من الرباط إلى وزارة الخارجية وسفارات أمريكية أخرى، مؤرخة في 27 فبراير 2009، تكشف فيها موقف المغرب من المبعوث الأممي الجديد كريستوفر روس، وتتحدث عن جولته إلى المغرب ودول المنطقة، وعن الموقف المغربي وعن أفكار روس التي طرحها على المسؤولين المغاربة. وتكشف الوثيقة أن روس كان مهتما ببناء الثقة بين طرفي النزاع، واقترح على الطرف المغربي تجديد الاتصالات المباشرة بين المغرب والبوليساريو كما فعل الملك الحسن الثاني من قبل، وإبعاد خليهن ولد الرشيد من الوفد المفاوض، وأكد للمسؤولين المغاربة أن يكون هدفهم جذب البوليساريو إلى حل سياسي، وأثار معهم فكرة أن الحكم الذاتي له صور عديدة، منها حالة كردستان العراق. وفي رسالة ثالثة مؤرخة في 5 شتنبر 2008، مصدرها السفارة الأمريكية في الرباط، موضوعها غضب المغرب من عدم التجديد لبيتر فان فالسوم مبعوثا أمميا إلى الصحراء، وتقول الرسالة إن مسؤولا في وزارة الخارجية المغربية، أبدى غضب المغرب الشديد من إبعاد فالسوم، واعتبر إبعاده فيه ''سوء نية'' تقصد إلى وقف التقدم الذي حصل في مفاوضات مانهاست، وخاصة استنتاجه بأن مطلب الاستقلال ''غير واقعي''.