أكد رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أن محاولات إعادة الفلتان إلى قطاع غزة باءت بالفشل الذريع، وأن الأجهزة الأمنية التي تمكنت من إعادة الاعتبار للأمن الشخصي والجماعي لأبناء قطاع غزة لا يمكن أن تسمح بفقدانه مرة أخرى تحت أي مسمى كان . وأوضح رئيس الوزراء خلال مقابلة مع " المركز الفلسطيني للإعلام " الإثنين (25/4) أن قطاع غزة يعيش منذ عدة سنوات حالة من الاستهداف المركّز والمتنوع والمعقد والمركب، وذلك أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا وفكريًا، ومن العديد من الأطراف على رأسها الاحتلال الصهيوني وأعوانه، مشيرًا إلى أن هذه المحاولات تتحطم أمام صمود ووعي الشعب والحكومة والقوى الحيّة؛ السياسية والمجتمعية . وشدد هنية على حرص حكومته على إتمام مصالحة فلسطينية شاملة وواضحة وتحقق الشراكة الحقيقية بعيدًا عن سياسات الإقصاء والتهميش . مؤكدًا على أن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى حالة من الإجماع الوطني على استراتيجية جديدة تضمن له الحقوق وتحافظ على ثوابته . وبين هنية استراتيجية العلاقة مع مصر، قائلاً : " مصر بالنسبة لنا وبالنسبة للأمة هي التاريخ والجغرافيا والقوة البشرية، والثقافية، والفكرية، والسياسية، والإعلامية، والعسكرية، والأمنية، والاقتصادية ". وأكد استعداد الحكومة الفلسطينية للتعامل بإيجابية مع أي دور مصري في ملف المصالحة، وقال: " نرى في مصر بأنها الدولة الأم والكبرى، وأن دورها في المصالحة الفلسطينية مهم ومطلوب، والحكومة ستتعامل بإيجابية مع أي دور وتحرك مصري لإنجاح المصالحة ". وفيما يلي نص المقابلة كاملة : - في ضوء حادثة مقتل المتضامن الإيطالي، وعودة الحديث عن محاولة إحياء الفلتان الأمني بغزة، ووجود جماعات متطرفة .. ما هي قراءتكم لهذا الحدث؟ لقد أكدنا أن الحادث كان استثنائيًا، ولم يمثل الشعب الفلسطيني ولا ثقافته ولا دينه، ونستطيع القول أن كل محاولات إعادة الفلتان الأمني بقطاع غزة باءت بالفشل الذريع، وأن الأجهزة الأمنية التي تمكنت من إعادة الاعتبار للأمن الشخصي والجماعي لأبناء غزة لا يمكن أن تسمح بفقدانه مرة أخرى تحت أي مسمى كان. ونؤكد في السياق ذاته، أن قطاع غزة يعيش منذ عدة سنوات حالة من الاستهداف المركّز والمتنوع والمعقد والمركب، وذلك أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا وفكريًا، ومن العديد من الأطراف على رأسها الاحتلال الصهيوني وأعوانه، لكن محاولات الاستهداف هذه تتحطم أمام صمود ووعي الشعب والحكومة والقوى الحيّة؛ السياسية والمجتمعية . كما أن الحكومة تبذل أقصى جهودها لعدم تكرار هذه الحوادث، التي تأتي خروجًا عن السياق العام لحالة الهدوء والأمن والنظام في قطاع غزة، ولقد أكدنا مرارًا وتكرارًا أن هذه تصرفات وحوادث تصب في مصلحة الاحتلال سواء قصد من يقف وراءها أم لم يقصد، ونحن نراهن على وعي شعبنا وإيمانه وتلاحمه مع حكومته وقيادته لصد مثل هذه الحوادث . - ما هي رؤيتكم للمصالحة في ضوء الجدل الذي تمخض عقب دعوتكم عباس لزيارة غزة والأهداف منها، وفي ظل أحاديث عن لقاءات غير معلنة مع حركة فتح؟ المصالحة بالنسبة لنا مبدأ وإستراتيجية، وذهبنا بعيدًا من أجل إنجاحها، وتوفير مناخات صالحة لإتمامها، وستبقى كذلك ولن نفقد البوصلة، ونجاح المصالحة يتطلب من كل الأطراف ذات العلاقة أن تبادر بخطوات إيجابية بنفس الدرجة لتكون النتائج مرضية ومقبولة، وهذا حتى اللحظة مفقود عند الإخوة في حركة فتح التي لم تتخذ خطوات ميدانية، ولم تُهيئ المناخات وتُعطي بوادر حسن نية تشجع على المصالحة . ونحن نؤكد من جديد أننا نسعى لمصالحة جدية وحقيقية؛ لضمان نجاح كامل، وحتى لا يُصدم الشعب الفلسطيني والأمة بالشكليات والمظاهر والشعارات ثم تكون الانتكاسة كما حدث في اتفاقات سابقة، والمطلوب من أي مصالحة أن تكون شاملة وواضحة، وتحقق الشراكة الحقيقية بين كل البرامج والأطراف على الساحة، بعيداً عن السياسات القديمة التي تكرس الإقصاء والتهميش . بالإضافة إلى أن المصالحة تتحقق حين يتحرر القرار الفتحاوي من الضغوط الدولية والأمريكية، والإيمان بأن منهج المفاوضات العقيم فشل، وأن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى حالة من الإجماع الوطني على استراتيجية جديدة تضمن له الحقوق وتحافظ على ثوابته . وبالنسبة لنا فإننا ما زلنا نرى في مصر الدولة الأم والكبرى، وأن دورها في المصالحة مهم ومطلوب وسنتعامل بإيجابية مع أي دور وتحرك مصري لإنجاح المصالحة. - بعد التصعيد الصهيوني الأخير على غزة الذي كاد يتحول إلى حرب عدوانية جديدة، هناك من يتوقع تصعيدًا جديدًا بعد انتهاء فترة الأعياد الصهيونية .. هل هذه التوقعات في محلها؟ وكيف تتعاطون معها؟ وما هي رؤيتكم لحالة التباين بين الفصائل على التهدئة؟ لا ثقة بالاحتلال . نحن لا نثق به، ونتوقع منه الأسوأ دائمًا، وقوات الاحتلال تمارس اعتداءات عدوانية يومية بحق أبناء شعبنا، وتحاول تغيير قواعد اللعبة .. لكن شعبنا الفلسطيني ومقاومته تدرك هذه الألاعيب وتقرأ جيدًا رسائله الدموية والهمجية . ولا أتصور أن صمود الشعب ومقاومته والصبر والحنكة في إدارة الصراع غائبة عن الاحتلال، فهو يدرك أن الشعب الفلسطيني لن يسكت ولن يقبل أن يُؤذى لوحده وهذا عهد قد ولّى . ولا شك أن الاحتلال يمارس حربًا نفسيةً وإعلاميةً متواصلة من أجل نشر الرعب والذعر بين صفوف المواطنين، ويعتمد على التضليل والكذب والإشاعات والدعاية السوداء، لكن هذا بات مكشوفًا ومعروفًا وشعبنا تمرس عليه، ولم تعد تنطلي عليه مطلقا . ونحن كحكومة نرعى أي اتفاق وتوافق تُجمع عليه فصائل المقاومة، وأعتقد أن فصائل المقاومة وصلت إلى درجة عالية جدًا من الوعي والاستشعار الكبير بمصلحة المواطنين، وتملك من القدرة والحكمة في إدارة مقاومتها ونستطيع القول أن البندقية الفلسطينية مبصرة وواعية ومسؤولة، وتدرك جيدًا ما تريد، وتعرف طريقها، ووصلت إلى مرحلة الرشد . - من الواضح أن العلاقة مع مصر بقياداتها الجديدة آخذة في التطور لشكل وواقع مختلف عن السابق .. ما هي رؤيتكم لهذه العلاقة؟ وماذا نريد من القيادة المصرية الجديدة؟ قلنا إن علاقتنا مع مصر استراتيجية، وننظر إليها بشمولية وكلية وليست بالمواقف المتفرقة والأحادية.. فمصر بالنسبة لنا وبالنسبة للأمة هي: التاريخ والجغرافيا والقوة البشرية، والثقافية، والفكرية، والسياسية، والإعلامية، والعسكرية، والأمنية، والاقتصادية ... وإن الاستقرار والازدهار والتقدم والتطوير في مصر له آثاره الايجابية علينا كشعب مجاور لا يتنفس إلا من الرئة المصرية، وعليه فإن الشعب الفلسطيني ينتظر المزيد من الخطوات المباشرة نحو فك الحصار عنه، وإعادة الإعمار، وتسهيل حركة المسافرين من وإلى غزة عبر معبر رفح الحدودي، وتزويد قطاع غزة بالحاجات الأساسية من الكهرباء والغاز الطبيعي والوقود ومواد البناء. - البعض وضع زيارة عباس الأخيرة لمصر في إطار التحريض على تنامي العلاقة مع حركة " حماس ".. ما رأيكم في ذلك؟ إن كل محاولات التحريض علينا - وهي كثيرة - باءت بالفشل، وارتدت إلى نحور أصحابها .. ولا أعتقد أن القيادة المصرية تخضع لأي تحريض من أحد ضد أحد، ونحن نتوقع ونتأمل مواقف متقدمة إيجابية مصرية نحو ترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة الشراكة الحقيقية . - ملف شاليط ما يزال عالقًا وسط تضارب الأنباء عن توقف الوسيط الألماني لصالح دخول وسيط أوروبي جديد .. ما هي حقيقة هذا الأمر؟ وما الذي يعيق الصفقة حتى الآن؟ موضوع المفاوضات بين الفصائل المقاومة والاحتلال حول تبادل الجندي شاليط بالأسرى الفلسطينيين هو شأن فصائلي لا علاقة للحكومة فيه، لكننا نؤيد ونشجع صفقة مشرفة تؤدي إلى إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين بسجون الاحتلال .