على هامش حفل افتتاح قسم الترويض الطبي وتوزيع كراسي متحركة وعكاكيز، الذي نظمته جمعية أبي شعيب الدكالي للأشخاص المعاقين بقرية حد أولاد افرج بإقليم الجديدة بتاريخ 8 7 ,2004 التقت التجديد الفنان التشكيلي حميد الشرقاوي، الفاقد خلقة لكلا ذراعيه، والذي استطاع أن يروض رجله اليمنى لتنوب عن يديه المبتورتين في قضاء جميع أغراضه، بل وفي تشكيل لوحات فنية تبهر الناظرين، فكان معه الحوار التالي: بداية نرحب بكم على صفحات التجديد، ونطلب منكم تعريفا موجزا بشخصكم. الاسم الكامل: حميد الشرقاوي، من مواليد مدينة زاكورة سنة ,1964 من أسرة تتكون من أب وأم و4 إخوة و3 أخوات، أسكن الآن بمدينة سلا، متزوج، وأب لطفل وطفلة، لم ألتحق بالمدرسة بسبب إعاقتي، إلا أنني تلقيت معارفي الأولى وتعلمت فك الحروف في الكتاب القرآني (المسيد). كيف حدثت إعاقتك وما مدى تأثيرها في حياتك الخاصة؟ إعاقتي ليست طارئة، ولم تنتج عن حادثة، وإنما خلقت وولدت من غير ذراعين، ومنذ طفولتي وأنا أروض رجلي للنيابة عن يدي اليمنى واليسرى وقد استطعت أن أفعل بها كل شيء، أما عن آثار الإعاقة على حياتي، فأنا لا أعاني من مركب نقص رغم ذلك والحمد لله، وإيماني بالله وبقدره قوي.. تزوجتَ رغم هذا النوع من الإعاقة، ألم تجد صعوبة في إيجاد من تقبل الحياة والعشرة معك؟ أبدا، تقدمت بطلب الزواج من عائلة تعرفت عليها، فقبلوا، وقبلت الزوجة، وهي منذ زواجنا سنة 1999 تعاملني معاملة حسنة، ونعيش حياة طبيعية هادئة من غير مشاكل في بيت متواضع مستقل بمدينة سلا، وقد رزقت منها بولد ذكر وأنثى.. ألا تحتاج لزوجتك في قضاء أغراضك، وفي أكلك وشربك ولباسك؟ أنا تعودت منذ طفولتي على الاعتماد على نفسي حتى لا أكون ثقلا على أحد، وقد استطعت تمرين رجلي وأصابع رجلي لفعل كل شيء: الكتابة، الأكل، الشرب، رفع كؤوس المشروبات إلى فمي، والغسل والوضوء (فأنا مصلي والحمد لله) واللباس وسائر الأشياء، ولا أحتاج لإعانة زوجتي إلا إذا كنت مستعجلا.. ألاحظ من خلال لوحاتك الجميلة التي تنجزها بريشة تمسكها بأصابع قدمك اليمنى أن لك موهبة رفيعة، كيف بدأت الرسم، وهل تتلمذت على يد أحد الفنانين المعروفين؟ بدأت الرسم منذ طفولتي كتعويض عن عدم التحاقي بالمدرسة مثل أقراني آنذاك، فقد بدأت الرسم بقلم الرصاص أمسكه بأصابع الرجل اليمنى، وأرسم على الورق الأبيض، وكانت موهبتي تتحسن وتصقل تدريجيا وتلقائيا، ولم يسبق لأي أستاذ، أو موجه أو فنان أن وجهني أو علمني، وإنما كنت عصاميا، وقد انتقلت من الرسم بقلم الرصاص على الورق إلى الصباغة بالريشة على الثوب الملتصق على الخشب منذ خمس سنوات، وإعاقتي لم تحل دون موهبتي. هل شاركت في معارض وطنية أو دولية مثل سائر الفنانين الموهوبين باعتبار لوحاتك تستحق العرض والاقتناء؟ نعم، شاركت في أكثر من 15 معرضا بالمغرب فقط منها: ثلاث مرات بقاعة باحنيني بالرباط، وبمهرجان الطفولة والشباب، ومهرجان الموسيقى والشباب وبمعرض بمسرح محمد الخامس سنة ,1988 وفي مهرجان لكتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين بحديقة الجامعة العربية بالدار البيضاء بتاريخ 4 3 2004 ويمعرض جماعي شارك فيه فنانون كبار... كم عدد اللوحات التي أنجزتها، وهل تجد هذه اللوحات إقبالا من الجمهور؟ عدد اللوحات التي أنجزتها بالصباغة فاقت 100 لوحة، والإقبال عليها لا يرقى إلى مستوى طموحي، والسبب سعر اللوحات الذي يبدو مرتفعا لفئة كبيرة من الجمهور التي تعودت على الأسعار الرخيصة، ولا تعرف القيمة الحقيقية للأعمال الفنية، ورغم ذلك فقد استطعت تسويق الكثير من اللوحات والتي وصل الكثير منها إلى دول أوروبا وأمريكا والخليج العربي عن طريق سياح اقتنوها. هل لك مورد قار للعيش، أم أنك تعتمد فقط على مداخيل لوحاتك؟ لا، ليس لي أي مورد للعيش، وإنما أعتمد على ما تدره علي اللوحات التي أبيعها وبما أن الإقبال على الأعمال الفنية عموما ضعيف، فإني أعاني كثيرا في التعامل مع مصاريف الحياة وتكاليفها، ورغم أنني منخرط في مجموعة من الجمعيات بمدينة سلا والدار البيضاء، إلا أنني لا أتلقى أي دعم من هذه الجمعيات وأنا أفكر في تأسيس جمعية تجمع الفنانين التشكيليين المعاقين. في ختام هذا الحوار الشيق، هل لك من نداء تبعثه أو طلب تطلبه؟ في البداية أتوجه بآيات الشكر والثناء إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي استقبلني بالمهرجان الثاني بالدار البيضاء، الذي نظمته كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين، كما أشكر أصدقائي وجيراني الذين يقدمون لي الكثير من المساعدات، وأتوجه إلى الوزارة المعنية بالمعاقين طالبا منها تقديم مساعدة حقيقية لي ولأمثالي من المعاقين المحتاجين. أجرى الحوار: المصطفى الناصري