خلافا لما يعهد من هدوء في الحركة النقابية الاحتجاجية صيف كل عام، يشهد صيف هذه السنة مع بدايته ارتفاعا في حرارة الاحتجاجات والإضرابات في عدد من القطاعات الحيوية كالنقل والأبناك والتعليم وغيرها. ولعل أوسع الاحتجاجات والإضرابات التي من المنتظر أن تشهدها الساحة الوطنية قريبا، هي تلك التي دعت إليها هيأة المتصرفين التابعين للاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكتابة الدائمة للجنة الوطنية للمتصرفين والأطر المماثلة. وستباشر الهيأة سلسلة احتجاجاتها بحمل الشارة الحمراء من السابع من هذا الشهر إلى غاية 29 منه، وكذا خوض إضراب يومي الأربعاء والخميس المقبلين، مع تنظيم وقفة احتجاجية في التاسع من يوليوز الجاري أمام مقر وزارة المالية. وستصعد التنظيمات النقابية ذاتها من سلسلة احتجاجاتها بخوض إضراب وطني في السابع عشر والثامن عشر من الشهر الحالي، مع تنظيم وقفة احتجاجية في اليوم الأول من الإضراب الوطني أمام مقر وزارة المالية، ثم خوض إضراب وطني أيام 24 و25 يوليوز الجاري، مع تنظيم مسيرة وطنية بالرباط يوم 23 من الشهر نفسه تنتهي بوقفة احتجاجية أمام البرلمان. وتأتي هذه السلسلة من الاحتجاجات والإضرابات في أعقاب عدم الاستجابة لمطالب المتصرفين والأطر المماثلة، وفي مقدمتها الحق في قيمة التعويضات نفسها التي منحت للمهندسين وبالمفعول نفسه، حسب ما تؤكده بيانات الهيأة. الحركة الاحتجاجية بداية هذا الصيف شملت أيضا قطاع البنوك، حيث خاض أطر هذه المؤسسات أمس (الخميس) إضرابا عاما عن العمل لمدة 24 ساعة، وذلك بعد التعثر الذي حصل في المفاوضات بين الجامعة الوطنية لمستخدمي الأبناك والمجموعة المهنية لأرباب الأبناك، إذ لم تتوصلا عند آخر اجتماع بين الهيأتين في 27 من الشهر المنصرم إلى تقارب وجهات النظر بخصوص الملف المطلبي لأطر ومستخدمي البنوك، والذي يتضمن بالأساس، إلى جانب الزيادة العامة في الأجور، خفض معدل الفائدة على القروض العقارية والتقاعد التكميلي وتحسين التقاعد النسبي والتغطية الصحية واعتماد التوقيت المستمر وتحيين الاتفاقية الجماعية وتطبيق نظام خاص للتموين وإنعاش وتطوير الأعمال الاجتماعية. ولم يكن قطاع النقل بمنأى عن هذه الحركات الاحتجاجية، وذلك في ظل الإضراب الذي ما زال يتشبث به أرباب وسائقو الشاحنات، والذي رغم تقليل وزير النقل والتجهيز من أهميته بحصره لعدد الشاحنات المضربة في 3000 شاحنة فقط، فإنه، وبحسب المهتمين، كانت له انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني وخسارة مالية قدرها البعض بحوالي 25 مليون درهم يوميا. أما قطاع التعليم، فعلى الرغم من إشراف السنة الدراسية على نهايتها، فما زالت هناك بين الحين والآخر حركات احتجاجية من قبيل الوقفة الاحتجاجية التي ستنظمها الأمانة العامة للجامعة الوطنية للتعليم أمام مقر وزارة التربية الوطنية والشباب يوم الحادي عشر من يوليوز، وذلك احتجاجا على عدم وفاء الوزارة بالتزاماتها تجاه الأسرة التعلمية. كما كان، في هذا الإطار، أساتذة التعليم الإعدادي الذين لم يسبق لهم أن كانوا معلمين قد نظموا أخيرا وقفة احتجاجية أمام مبنى وزارة التربية الوطنية والشباب ردا على سياسة التعتيم التي طالت ملفهم المطلبي المتمثل في الترقية الداخلية بالأساس، وفق بيان صادر عن هذه الفئة المحتجة. ويعرف قطاع اللحوم بدوره إضرابا آخر ينفذه جزارو الجملة بالدارالبيضاء، والذي كان من تداعياته، وفق مصادر إعلامية، أن ارتفعت بشكل مهول أسعار اللحوم، ووصل ثمن الكيلوغرام الواحد إلى 75 درهما، ناهيك عن انتشار الذبيحة السرية في الأحياء القريبة من ضواحي الدارالبيضاء. الحركات الاحتجاجية التي تعرفها الساحة الوطنية هذه الأيام، وبغض الطرف عن تحميل المسؤولية فيها لهذا الطرف أو ذاك، فإن الأكيد أن خسارتها الاقتصادية بليغة، تستوجب بشكل عاجل الانخراط في جو من الحوار الجاد والمسؤول على صعيد جميع القطاعات، من خلال مفاوضات اجتماعية تقرب وجهات النظر وتخلص إلى حلول ملائمة ومعقولة للمشاكل العالقة. يونس البضيوي