شل الإضراب الذي دعت إليه النقابة الوطنية للتعليم العالي أمس الثلاثاء، ويستمر على مدى 3 أيام، الجامعات المغربية. وحمل المكتب الوطني لنقابة الجامعيين مسؤولية ما اعتبره تدهورا للأوضاع داخل مؤسسات التعليم العالي للوزارة الوصية، بسبب رفضها المستمر للحوار. وأبت معظم المركزيات النقابية، التي شاركت في جولات الحوار الاجتماعي مع الحكومة، إلا أن تجعل من شهر ماي الجاري شهرا للاحتجاج والتوترات الاجتماعية بامتياز، على إثر الحركة غير المعتادة التي أطلقتها هذه النقابات، سواء من خلال الإضراب القطاعي الوطني الذي دعت إليه أربع نقابات يوم 13 ماي الجاري أو الإضراب العام الذي انفردت بالدعوة إليه نقابة الأموي يوم 21 ماي الجاري. واعتبر عدد من المهتمين والمحللين الاجتماعيين تنامي الحراك الاجتماعي إنذارا حقيقيا بتدهور الأوضاع الاجتماعية بالمغرب. وأوضح أحمد شراك، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب ظهر المهراز بفاس، أن اشتداد حدة المسألة الاجتماعية في المغرب راجع إلى عدة عوامل في مقدمتها تدني الأجور وغلاء المعيشة وغلاء العقار وتفشي البطالة وغيرها من القضايا التي تراكمت وشكلت دافعا قويا حدا بالنقابات، باعتبارها الناطق باسم الشغيلة المغربية، إلى أن تطلق هذه الحركية الاحتجاجية في إطار إضرابات منظمة ومطالب محددة. وأبرز الخبير الاجتماعي أن الدينامية الجديدة لهذه النقابات لا يمكن عزلها عن محطة الانتخابات القادمة، باعتبار أن كل واحدة منها تريد تحسين شروطها لخوض هذه الانتخابات. وبخلاف التوجس الذي ينتاب عددا من المهتمين بكون الدعوة إلى إضراب عام لا تخلو من مخاطر وإمكانية وقوع انتفاضات شعبية، على غرار ما وقع في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، نفى شراك، في تصريح ل«المساء»، أن تؤدي هذه الحركة الاحتجاجية إلى انتفاضة اجتماعية، طالما أن هناك تأطيرا نقابيا يقف وراءها، معربا عن اعتقاده باستحالة أن تخرج عن الحدود المسطرة لها، وحتى إن وقعت بعض الانفلاتات فإنها ستبقى محدودة. لكن عبد السلام أديب، الناشط النقابي بالاتحاد المغربي للشغل، لا يشاطره الرأي، ويشير إلى كون أي إضراب عام لا يخلو من مخاطر، وأن الانتفاضة الشعبية يمكن أن تقع في رمشة عين، مبرزا، في تصريح ل«المساء»، أن الأزمة العامة التي يعيشها المغرب دليل على الأزمة العامة التي يعيشها الرأسمال الدولي بسبب غياب الأمن الغذائي وارتفاع فاتورة البترول. من جانبه، اعتبر محمد بنجلون الأندلسي، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن الإضرابات التي دعت إليها عدد من النقابات لا يمكن عزلها عن موعد الاستحقاقات الانتخابية القادمة، مشيرا في تصريح ل«المساء» إلى أنه على هذه النقابات أن تتحمل مسؤوليتها في ما ستؤول إليه الأمور، مضيفا، في السياق ذاته، أن بعض هذه النقابات، التي لم يسمها، ينتظر الفرصة لينقض على الوضع الحالي ويثبت وجوده، وأن هذه الدينامية الجديدة لا يمكن فصلها عن نتائج الانتخابات الأخيرة لممثلي المأجورين، وأنهم يحاولون عبر الدعوة إلى هذا الإضراب استدراك ما فاتهم. من جهته، أوضح عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل إحدى النقابات الداعية إلى إضراب 13 ماي الجاري، أن دافعهم لإطلاق هذه الحركة الاحتجاجية هو محدودية جواب الحكومة بخصوص المطالب المتقدم بها. وحول التخوف من إمكانية حدوث انتفاضات شعبية جراء تصعيد الاحتجاجات، أبرز العزوزي، في تصريح ل«المساء»، أنه قبل احتفالات فاتح ماي هذه السنة تم التعبير عن نفس التوجس لكن النقابات أبانت، فيما بعد، عن مسؤوليتها والتزامها، ومرت تلك الاحتفالات في جو من الانضباط.