أكدت جماعة ''الإخوان المسلمون'' بمصر أنها أزيلت تقريبا من مجلس الشعب في الانتخابات ''المزورة'' التي أجريت الأحد الماضي، والتي أنهت تقريبا المعارضة للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه الرئيس المصري حسني مبارك في المجلس تمهيدا لحياكة انتخابات الرئاسة التي ستجرى العام المقبل. ولم ينجح أي من مرشحي جماعة ''الإخوان'' وعددهم 130 في الجولة الأولى التي جرت المنافسة فيها على 508 مقاعد، بحسب محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المكونة من 85 نائبا في البرلمان المنتهية ولايته. وقال ''كان هناك تزوير وقدمنا شكوى في إجراء الاقتراع''، مشيرا إلى خسارته في محافظة المنيا جنوبي القاهرة التي فاز فيها بعدد 35 ألف صوت في انتخابات عام 2005 مقابل 12 ألف صوت لأقرب منافسيه. وقال الكتاتني ''البعض سيدخل جولات إعادة لكن ما فيه مرشح واحد من الإخوان فاز في الجولة الأولى''. وكان محللون توقعوا أن تدفع الحكومة جماعة الإخوان إلى هامش العمل السياسي بجميع الوسائل الممكنة القانونية وغير القانونية قبل انتخابات الرئاسة التي من المرجح أن يكون الرئيس المقبل مقبول أمريكيا وصهيونيا. وجددت جماعة ''الإخوان المسلمون'' اتهاماتها لوزارة الداخلية بالتزوير والتدخل السافر في العملية الانتخابية، وقالت إن الداخلية قامت بالتعاون مع الحزب الوطني الحاكم واللجنة العليا للانتخابات بتزوير نتائج الاقتراع في العشرات من الدوائر الانتخابية ''بعد يوم انتخابي حفل بالتزوير والتسويد ومنع الناخبين من الاقتراع والاعتداء على المرشحين وأنصارهم''، مشيرة إلى أنه في ظل هذا المشهد لم ينجح أي من مرشحي الجماعة البالغين 130 مرشحًا، فيما يخوض 17 مرشحا منهم فقط الإعادة. لكن مصادر ب''الإخوان'' أكدت أن ''الجماعة'' تدرس الانسحاب من جولة الإعادة لعدم وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات. وستجرى جولة الإعادة في الخامس من دجنبر الجاري. في المقابل، أعلن ''الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم'' في مصر، أول أمس، ''اكتساحه'' للانتخابات البرلمانية ب''فوزه'' في معظم الدوائر، وأكد أن جميع وزرائه المرشحين قد ''فازوا''. ودعا المرشد العام للجماعة محمد بديع كل من ''شهد جريمة التزوير ألا يكتمها وينقلها للجميع''، مشيرا إلى أن جماعته قامت بجمع وتوثيق تقارير بالتجاوزات التي حدثت في الانتخابات. وبرر قرار جماعته بخوض الانتخابات بأنه استهدف ما وصفه ''العمل على فضح النظام الحاكم''، مؤكدا أن النظام المصري ''أضر بنفسه وببلده وبسمعته''. وهدد بديع بأن جماعته ستقوم برفع جميع الانتهاكات إلى جميع وسائل الإعلام والمؤسسات القانونية المحلية والعالمية، نافيا عنها الاتهامات بارتكاب أعمال عنف، متهمًا في المقابل الحزب الوطني الحاكم بالعجز عن المنافسة الشريفة في الانتخابات، وقال: ''كنا نتمنى أن تكون هذه الانتخابات نزيهة، ولكن الحزب الوطني مزور وفاسد ومفسد ويلوث سمعة الأفراد والمؤسسات''. واعتبر مرشد الإخوان أن جماعته حققت كل أهدافها من خوض الانتخابات، مشيرا إلى المسيرات التي نظمتها الجماعة وضمت الآلاف من أعضائها ''في حين لا يستطيع مرشحو الحزب الوطني تجميع العشرات خلفهم''، مؤكدا استمرار جماعته في الملاحقة القانونية المحلية والعالمية للتزوير الذي جرى في الانتخابات. وأكدت منظمة ''هيومن رايتس ووتش'' أن الانتخابات التشريعية المصرية ''لم تكن حرة''. وأشارت المنظمة في تقرير أصدرته، أول أمس، إلى أن الانتخابات اتسمت ''بتقارير عن منع مؤيدي المعارضة من دخول اللجان الانتخابية والتعرض لأعمال العنف''. وأضافت أن هناك تقارير عن ''مخالفات لا حصر لها. منها أعمال اعتقال ومضايقات بحق الصحافيين. وحرمان مندوبي مرشحي المعارضة من دخول 30 لجنة انتخابية زارتها هيومن رايتس ووتش في شتى أنحاء مصر، مع انتشار ادعاءات كثيرة بأعمال تزوير لأصوات الناخبين''. وأكد نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة ''جو ستورك'' أن ''السلطات وعدت بالسماح للمجتمع المدني المصري بمراقبة الانتخابات دون الحاجة لمراقبين دوليين. لكن للأسف، فإنه تم استبعاد مندوبي المعارضة والمراقبين المستقلين على نطاق واسع من دخول لجان الانتخابات. بالإضافة إلى تقارير العنف والتزوير. كل ذلك يوحي بأن المواطنين لم يتمكنوا من المشاركة في انتخابات حرة''. وأضاف ''ستورك'' في مؤتمر صحافي عقده صباح أول أمس عدة منظمات حقوقية ودولية أن ''السلطات تبدو مسؤولة عما حدث'' من أعمال ''بلطجة'' خلال الانتخابات، مشيرا إلى أن مندوبي ''هيومن رايتس ووتش'' الذين قاموا بجولات حول مراكز الاقتراع ''رأوا رجال شرطة بزي مدني يقولون لبلطجية أن مهمتهم انتهت عند أحد مكاتب الاقتراع ويطلبون منهم الانتقال إلى مركز انتخاب آخر''. وكان القيادي البارز في جماعة ''الإخوان المسلمون'' عصام العريان قد أكد أن ''الانتخابات باطلة والتزوير واضح''، مشيرا إلى أنه تم التلاعب حتى في نتائج فرز الصناديق. وقال ''طوال الليل هناك تغييرات مستمرة في النتائج التي تعلنها اللجان العامة في الدوائر. بمعنى أنه يتم إعلان نتيجة ثم تغييرها وضباط الشرطة هم الذين يعطون التعليمات بشأن كيفية خروج النتائج''. وكان الإخوان قد شاركوا بقرابة 130 مرشحا في الانتخابات. وفي العام 2005 حقق ''الإخوان'' اختراقا غير مسبوق بحصولهم على 20% من مقاعد البرلمان، وهو فوز أجمع المحللون على أنه يرجع إلى إدارة القضاة للعملية الانتخابية. غير أن تعديلا دستوريا أجري في العام 2007 ألغى إدارة القضاة للعملية الانتخابية وقضى بأن يتولى موظفون رئاسة لجان الاقتراع على أن يكون دور القضاة الإشراف العام على سير العملية الانتخابية. من جهته، اعتبر مدير مركز القاهرة لحقوق الانسان بهي الدين حسن في المؤتمر الصحافي أن ''ما حدث (الأحد) ليس انتخابات، إنها فوضى وبلطجة وعنف''. وفي سياق متصل أكد حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان إن نسبة المشاركة في الانتخابات هي في حدود 10% ، في حين تحدثت الصحف الحكومية المصرية عن نسبة تصل إلى 25%. ويعزف المصريون عادة عن المشاركة في الانتخابات اقتناعا منهم بأن نتائجها محسومة سلفا لصالح الحزب الوطني. وبينما أشادت الصحف الحكومية، أول أمس، ب''هدوء'' ما أسمته ''عرس الديموقراطية''، فإن الصحف المستقلة تحدثت عن عمليات ''تزوير''. وعنونت صحيفة ''الجمهورية'' أن ''صوت الجماهير أفسد محاولات تشويش عرس الديموقراطية''. غير أن صحف (الشروق) الجديد و(الدستور) و(المصري اليوم)، الصادرة أول أمس الاثنين، فضحت جريمة التزوير التي قادها الحزب الوطني الحاكم، وجهازه الأمني ضد مرشحي الإخوان والمعارضة؛ حيث أبرزت صحفية (الشروق) أول شهادة قضائية من المستشار وليد الشافعي المشرف على الانتخابات بدائرة البدرشين التي تم تزوير الانتخابات فيها ضد مرشح الإخوان م. رزق حواس، الذي تعرض لتجاوزات أمنية فادحة، عقب ضبطه وقائع تزوير في لجنة بالدائرة. وأوضحت أن معركة الجولة الأولى انتهت بوفاة 4 واعتقال 186 من الإخوان المسلمين، وضمان الوزراء مقاعدهم، فيما فضحت الصحيفة تزوير الانتخابات في دائرتي الساحل والمعهد الفني، بعد مغامرة قامت بها أسماء بدوي الصحفية ب(الشروق) التي تمكنت من التصويت لصالح د. يوسف بطرس غالي وزير المالية، رغم عدم قيدها بالجداول الانتخابية. ونقلت الجريدة عن القاضي المتقاعد إسماعيل بسيوني رئيس نادي قضاة الإسكندرية السابق والمقرَّب من الحكومة، قوله إن: ''الحكومة زوَّرت الانتخابات لصالح حزبها مبكرًا''، مضيفًا أن اللجنة العليا للانتخابات انحازت للحزب الحاكم منذ البداية، وضربت بالأحكام القضائية عرض الحائط. وقالت الصحيفة تحت عنوان: ''ضرب الإخوان وغياب الأحزاب'' إن مراقبين رصدوا أعمال العنف من قِبَل مرشحي الحزب الحاكم، والعودة إلى الصناديق الخشبية في الانتخابات، مؤكدةً أن هواتف اللجنة العليا للانتخابات مرفوعة من الخدمة، مشيرةً إلى حدوث معارك بين بعض مرشحي الحزب الحاكم وسيطرة ''البلطجة'' على المشهد الانتخابي. ووصفت جريدة (الدستور) ما حدث الأحد الماضي بأنه ''مأتم الديمقراطية في يوم دموي''، مؤكدةً أن الآلاف يشعلون النار في لافتات الحزب الحاكم، ويهتفون ضد الحزب؛ بسبب التزوير الفاضح الذي شهدته أسوأ انتخابات برلمانية تشهدها مصر بحسب تعبير الجريدة. وأكدت أن الأمن المركزي أغلق الشوارع المؤدية إلى اللجان، وأن ''بلطجية'' الحزب الوطني طاردوا الناخبين بالأسلحة البيضاء، مشيرةً إلى حدوث عمليات تصويت جماعي في محافظة الإسكندرية، ومنع الأمن والبلطجية الناخبين من دخول اللجان في بعض الدوائر. واتفقت جريدة (المصري اليوم) مع (الدستور) و(الشروق)؛ حيث فضحت ممارسات التزوير الحكومية في محافظات مصر، إلا أنها أبرزت بالصور قصة الناخب الغامض الذي أدلى بصوته في أكثر من لجنة انتخابية. وركزت (المصري اليوم) على انتهاكات الحزب الحاكم في الإسكندرية، ومنها منع مندوبي مرشحي الإخوان وتسويد البطاقات في دائرتي المنشية والجمرك، فيما أبرزت إطلاق نائب الوطني أحمد أبو حجي الرصاص داخل لجنة انتخابية؛ احتجاجًا على رفض توكيلات مندوبيه في سوهاج..