أكد التقرير السنوي الأخير ل"تجمع المدن من أجل البيئة "في الكيان الصهيوني؛ والذي يلخص المعطيات البيئية الخاصة بعام 2009، أن محطة الخضيرة لتوليد الطاقة الكهربائية تعتبر من المصادر الرئيسية للتلويث البيئي في شمال فلسطين. وأشار التقرير إلى أن تلك المحطة العاملة بوساطة الفحم تعد مصدر حزام التلوث الرمادي - الصفراوي الخطير الذي يظهر بين الفينة والأخرى في سماء المنطقة، وقد تبين أن نصف حوادث التلوث التي حدثت العام الماضي في المنطقة، وعددها 510، سببها انبعاث الملوثات من محطة الخضيرة؛ وتتواصل حوادث التلوث المسجلة الناتجة عن عمل تلك المحطة، بسبب انبعاث الغازات والجسيمات السامة. وأضاف أنه بالرغم من كون هذه المحطة قوة نووية عالمية، إلا أن قوات الاحتلال لا تزال تولد معظم طاقتها الكهربائية بطرق بدائية قديمة وخطيرة وملوثة جدًّا للبيئة الفلسطينية، وتحديدًا من الفحم الذي يحرق لتوليد الكهرباء، وتؤدي عملية حرق الفحم إلى انبعاث كميات كبيرة من الملوثات المسببة لأمراض خطيرة وارتفاع نسبة الوفيات في المناطق المحيطة بمحطات الطاقة العاملة على الفحم، فضلاً عن تسببها في ارتفاع نسبة الاحتباس الحراري وبالتالي تسريع التغيرات المناخية التي تشهدها فلسطين. ولطالما تظاهر نشطاء البيئة الصهاينة، وبخاصة من مجموعة "غرين بيس"، أمام محطة الطاقة في الخضيرة التابعة لشركة الكهرباء القطرية الصهيونية، معبرين عن احتجاجهم ضد تلويث الهواء الذي تتسبب فيه مداخن المحطة الكبيرة، التي تنبعث منها الغازات السامة الناتجة عن احتراق الفحم. ووفق التقرير تنتشر الغازات الكربونية الكثيفة السامة المنبعثة من محطة توليد الكهرباء في الخضيرة، إلى مسافة عشرات الكيلومترات هوائيًّا، لتحملها الرياح الغربية إلى بعض قرى غرب وشمال غرب جنين. ويعتقد أن قرية طورة الغربية (شمال غرب جنين) التي تبعد نحو 18 كم هوائي عن محطة الكهرباء، هي من أكثر القرى الفلسطينية تضررًا من الانبعاثات الغازية الصادرة عن تلك المحطة التي يمكن بالعين المجردة مشاهدة مداخنها الكبيرة بوضوح، من أسطح منازل القرية. ومن اللافت أنه، منذ العام 2000، وضعت الأمراض السرطانية حدًّا لحياة عشرات المواطنين في قرية طورة الغربية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها ألف نسمة، والتي تقابل مباشرة مداخن محطة الخضيرة، حيث تعمل اتجاهات الرياح على نقل الغازات إلى أجواء القرية. وقال التقرير إنه بالإضافة لغازات الاحتباس الحراري المنبعثة من محطة الطاقة في الخضيرة، تتدفق من مداخنها أيضًا غازات أكاسيد الكبريت والنتروجين (SO2 وNO2)، الناتجة عن احتراق الفحم؛ لافتة إلى أن هذه الغازات الملوثة للهواء تعد السبب الأساسي لتكون المطر الحامضي، ليس فقط في المحيط المباشر لمحطة الخضيرة، بل وعلى مسافة مئات الكيلومترات بعيدًا عنها، وتتحول تلك الأكاسيد عند اتحادها مع بخار الماء في الجو إلى حامض الكبريتيك وحامض النتريك، فتسقط مرة أخرى على سطح الأرض مع مياه المطر، أو الضباب، علمًا بأن المطر يعدّ حامضيًّا إذا قلت درجة حموضته (pH) عن 5.6. وبالإضافة لمحطة توليد الطاقة في الخضيرة، يوجد في عسقلان محطة أخرى كبيرة "روطنبرغ" تعمل على الفحم أيضًا، وبقرار من وزارة البنية التحتية الصهيونية تعكف سلطات الاحتلال حاليًّا، على إنشاء محطة طاقة ضخمة جديدة في عسقلان، وهي تعد المحطة الثانية في ذات المدينة التي ستعمل على الفحم. وخلال الأعوام الأخيرة، نظمت منظمة السلام الأخضر "غرين بيس" سلسلة احتجاجات ضد إقامة محطة الطاقة الجديدة، باعتبار أن الفحم يسيء جدًّا للبيئة وللصحة العامة، ويزيد كثيرًا الغازات الدفيئة في الجو، فحرق الفحم وتغيير حالته الصلبة إلى الغازية يجعله الوقود الأحفوري الأكثر خطرًا على الإنسان والبيئة والمناخ، علمًا أن عملية الحرق تؤدي إلى انبعاث جسيمات مؤذية يستنشقها الناس، فضلاً عن السُخام الأسود والزئبق الذي يعد سامًّا جدًّا، وبخاصة للأجنة، ويتسبب في أضرار غير قابلة للإصلاح.