يحذر الدكتور عبد القادر طرفاي الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب من المبادرة التي تقدم عليها وزارة الصحة بمحاولة تغيير القانون المنظم لمهنة الطب، وخاصة البند المتعلق بحيازة رأسمال المصحات الخاصة، إذ تسير الوزارة في اتجاه فتح المجال أما أصحاب رؤوس الأموال ليستثمروا بفتح المصحات الخاصة في الوقت الذي يحصر القانون المنظم لمهنة الطب إمكانية ذلك فقط للأطباء. هذا وقد نظمت وزارة الصحة أول أمس الأحد ورشة دراسية في الموضوع بمقر هيئة الأطباء بالرباط وجاء على لسان رئيس الهيئة ووزيرة الصحة أن المقترح يأتي في سياق الاستجابة لمتطلبات التقدم التكنولوجي وتوفير خدمة صحية ممتازة. وأكدت وزيرة الصحة في تصريح للقناة الثانية أن إمكانيات فتح المصحات تتعذر على الأطباء ولو بالاقتراض مما يطرح دخول المستثمرين في المجال. وشدد عبد القادر طرفاي، وهو أيضا رجل القانون الباحث في قانون الصحة، في حديث ل ''التجديد'' أمس على خطورة البمادرة المذكورة لأنعكاساتها السلبية المتعددة وذكر منها تعرض صحة المواطنين للخطرعلى اعتبار أن المستثمر سيكون دافعه هو الربح، وسوف يستقر في المناطق الآهلة بالسكان. وهذا سيزيد من تأزيم الفوارق القائمة الآن بين الجهات، ويستبعد أن يستثمر الخواص في المناطق النائية مما يفند مزاعم تحسين الخدمات، كما سيتم اختيار الحالات المربحة، وهذا يتنافى مع أخلاقيات الطب، هذا في الوقت الذي تؤكد أدبيات منظمة الصحة العالمية على الدول أن تقوم بمجهودات لتمويل المؤسسات الصحية ضد الاستثمارات التجارية. وأضاف طرفاي أن في المبادرة خطر على''التغطية الصحية'' وعلى المهنيين، إذ ستظهر، حسب قوله، فئة الأطباء الأجراء، التي تسير وفق أهواء المستثمرين في اختيار الخدمات المربحة وهذا ما يهدد أخلاقيات المهنة إذ سيصبح الطبيب خاضعا لصاحب رأس المال. وعدد طرفاي ضمن سلبيات المبادرة أنها خطرا على مشروع تعميم التغطية الصحية الذي مرت عليه خمس سنوات ولم يتم بعد تعميمه. وأضاف طرفاي أن المستثمر سيضغط بكل إمكاناته ليستفيد من امتيازات التمويل من صناديق التغطية الصحية بكل أنواعها نظرا لكون 90 من المصاريف التي تؤديها هذه الصناديق يستفيد منها القطاع الخاص، فيما يقتصر القطاع العمومي على 10 في المائة وهو ما يسيل لعاب المستثمرين للاستفادة من مصاريف الصناديق المذكورة. وأشار طرفاي إلى أن المبادرة أيضا تشكل خطورة على وضعية الصحة العمومية التي ستبقى متدهورة لصالح المستثمرين كما هو الشأن بالنسبة لقطاع التعليم لما أصبح في أيدي المستثمرين الخواص، مشيرا في الوقت ذاته إلى فشل التدبير المفوض في قطاع الصحة لبعض الخدمات من قبيل النظافة والطبخ والحراسة التي أثبتت حسب المتحدث فشلها. وسجل كل من بوعزة الخراطي رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك، والبروفسور محمد أحسين الكاتب العام للجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلك، ورئيس جمعية حماية المستهلك والبيئة بالقنيطرة، على الوزارة تهميش جمعيات حماية السمتهلك في النقاش الدائر حول تغيير القانون المنظم لمهنة الطب رغم أهمية الموضوع بالنسب للمستهلك المغربي، وأكد المتحدثان في تصريحين ل ''التجديد'' أنه لم يتم إشراك أي جمعية من جمعيات حماية المستهلك في الموضوع. وأبدى الخراطي تخوفه من تغير الخطاب بعد تغيير القانون لصالح المستثمرين، مشيرا إلى أن التجربة التي ستكون الأولى من نوعها في المغرب يجب أن يتوفر لها دفتر تحملات، وهو ما يستبعده نظرا للفقر والأمية المنتشرين في المغرب. وشدد أحسين من جانبه على الحرص على صحة المستهلك عند الإقدام على أي مبادرة مهما كانت، فإذا كانت المبادرة ستعفي المستهلك من تكاليف السفر خارج الوطن من الاستشفاء بإمكانيات متطورة فهذا جيد، لكن أن يسيطر هاجس الربح على صحة المواطن فهذا مرفوض من جمعيات حماية المستهلك.